Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من يضع العصي في عجلة انتخابات كردستان؟

الخلافات بشأن القوانين تهدد بالتأجيل... ومراقبون يرون أن الأحزاب تخشى الاقتراع

جانب من جلسة سابقة لبرلمان إقليم كردستان في أربيل (أ ف ب)

تواجه الانتخابات النيابية في إقليم كردستان العراق احتمالات التأجيل، إثر استمرار الخلافات بين الكتل النيابية على الصيغة القانونية لمفوضية الانتخابات، وإجراء تعديل على قانون الانتخابات، فيما تتبادل القوى السياسية الاتهامات حول الطرف الذي يضع العصا في عجلة الاستحقاق الانتخابي.

وكان رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني حدد الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل موعداً لإجراء الانتخابات البرلمانية في الإقليم، أعقبه إعلان للحكومة عن تخصيص الأموال المطلوبة لإجرائها في موعدها، لكن مفوضية الانتخابات أعلنت أنها لا تملك "الشرعية القانونية" للمضي بالإجراءات والاستعدادات لحين تشريع قانون جديد للمفوضية، أو التجديد للمفوضية السابقة عبر البرلمان.   

توجس من توجه الناخب

مراقبون للشأن الكردي يشيرون إلى أن حالة من الحذر تسود مواقف معظم القوى الكردية من خوض الانتخابات البرلمانية الكردية المقبلة، على ضوء ما أفرزته الانتخابات الاتحادية الأخيرة من تراجع في عدد الأصوات ونسبة مشاركة ضيئلة لم تتجاوز 40 في المئة، في مؤشر على غضب عام لدى الناخبين من سوء الأوضاع المعيشية، مع استمرار الأزمة الاقتصادية والخلافات السياسية، وتشير البيانات إلى أن الحزبين الحاكمين في الإقليم "الديمقراطي" بزعامة مسعود بارزاني و"الاتحاد الوطني" بزعامة بافل طالباني، خسرا مجتمعين نحو 700 ألف صوت، على الرغم من احتفاظهما بأغلبية المقاعد التي ينافس عليها الأكراد.

أما حركة "التغيير" المشاركة في الائتلاف الحكومي للحزبين في الإقليم، فخرجت خالية الوفاض دون فوز بأي مقعد، وتمكن حزب "الاتحاد الإسلامي" ذو التوجه الإخواني، من الفوز بأربعة مقاعد، وحصلت "جماعة العدل" الإسلامية على مقعد وحيد، فيما حققت حركة "الجيل الجديد" المعارضة، التي يتزعمها رجل الأعمال شاسوار عبد الواحد، مكاسب لافتة بحصولها على تسعة مقاعد.

مدير إعلام برلمان الإقليم سامان أحمد بكر، حذر من "احتمال تأجيل الانتخابات النيابية في حال فشل الكتل في تفعيل مفوضية الانتخابات قبل الأول من أبريل (نيسان) المقبل، داعياً إياها إلى بذل مزيد من الجهود للتوصل إلى اتفاق، وقال: "مضى شهر كامل على إعلان رئاسة الإقليم موعد إجراء الانتخابات، ووجهت المفوضية لغاية الآن ثلاثة كتب رسمية إلى البرلمان للبدء بالتحضيرات اللازمة، إلا أن الكتل على الرغم من عقدها عديداً من الاجتماعات فشلت في التوصل إلى اتفاق لإعادة تفعيل المفوضية".

بدورها، أعلنت سكرتيرة هيئة رئاسة البرلمان، منى قهوجي، أنه في حالة إجراء أي تعديل على قانون الانتخابات، فإنه من شبه المستحيل إجراءها في موعدها المحدد، منوهة بأن المفوضية لم تعد لها شرعية قانونية، وعليه يتطلب تشكيل مفوضية جديدة، ومن الأهمية أن تُمثل فيها الأقليات بصيغة عادلة.

الوقت ينفد

من جهته، لفت الناطق باسم مفوضية الانتخابات، شيروان زرار، إلى حاجة المفوضية لستة أشهر على الأقل، للبدء بما يلزم من التحضيرات والإجراءات للانتخابات، وأن أي تقليل من تلك المدة سيؤثر سلباً على سير العملية الانتخابية وشفافيتها، مضيفاً أنه في حالة عدم توصل الكتل النيابية إلى اتفاق بأسرع وقت قبل نهاية الشهر الجاري، فإن المفوضية لن تتحمل التبعات وأي تأخير قد يحصل لإجراء الانتخابات، وستعلن موقفها في حينه، مبيناً أن "المفوضية منذ عام 2019 أرسلت ثلاثة كتب رسمية إلى رئاسة البرلمان، طالبت فيها بتجديد الثقة للمفوضية الحالية أو انتخاب أخرى جديدة قبل الأول من أبريل المقبل، وإلا سنواجه عقبات قانونية". 

وتتألف المفوضية الحالية من 9 أعضاء، وفق الثقل النيابي لكل حزب 3 أعضاء من الحزب الديمقراطي، واثنان من "الاتحاد الوطني" ومثلهما لحركة "التغيير"، وعضو من "الاتحاد الإسلامي" وآخر من "جماعة العدل" الإسلامية، فيما توفي أحد الأعضاء، وتفرغ عضو آخر للعمل في مجلس الوزراء.

اتهامات بالتأجيل

الناطق باسم الحكومة، عادل جوتيار، قال خلال حلقة نقاشية حول الانتخابات عقدت في أربيل، إن "رئيس الحكومة مع إجراء الانتخابات في موعدها، وتوفير كل الدعم المالي واللوجيستي لإنجاحها، والموازنة المطلوبة متوفرة، لكننا بانتظار ما ستؤول إليه النقاشات والتفاهمات بين الكتل النيابية حول ما يتعلق بمصير مفوضية الانتخابات"، نافياً ما أُشيع عن رغبة الحكومة في التأجيل، مؤكداً أنها طلبت من منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها القيام بمهام المراقبة على العملية.   

رئيسة برلمان كردستان، ريواز فائق، أكدت من جهتها أن "الأجواء السياسية التي تسود منذ بداية الدورة البرلمانية الحالية تختلف كلياً عن المراحل السابقة، إذا لم نحظ باستقرار ولم نكن موفقين فيها، وربما جزء من الأسباب يتعلق برئاسة البرلمان، وأنا شخصياً مستعدة لتحمل المسؤولية وإعطاء الإيضاحات"، وأضافت "اليوم هناك رأيان حول ما يتعلق بقانون الانتخابات، قسم يتمسك بالإبقاء على الدائرة الانتخابية الواحدة، وآخر مع اعتماد نظام الدوائر المتعددة، والأغلبية تؤيد إجراء تعديلات على القانون لتقسيم الإقليم إلى أربع دوائر، والبعض يقترح أن نبدأ بتفعيل الموفضية قبل تعديل قانون الانتخابات، وآخرون يرون العكس".

وانتقدت فائق المفاهيم السائدة حول النظام الديمقراطي والنيابي في العراق بخلاف الأنظمة البرلمانية الحقيقية المتطورة، قائلة إن "من يقرر فعلياً في هذه الأمور هي القوى السياسية، وكل كتلة نيابية تحتاج لقرار يصدر عن حزبها، من دون ذلك يصعب التوصل إلى اتفاق"، ولفتت إلى أن "المفوضية ليست مؤسسة قانونية فقط، بل لها بعد سياسي، ويتوجب ليس فقط تفعيلها، بل إعادة تأسيسها".    

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


توافق وتعارض

رئيس كتلة الحزب "الديمقراطي"، أكبر الكتل النيابية، زانا ملا خالد، كشف أن هناك 11 كتلة من مجموع 16، تؤيد إجراء الانتخابات في موعدها دون تأجيل، قائلاً، "كتلتنا مع عدم التأجيل، ولن نستخدم خيار الأغلبية لتمديد هذه الدورة النيابية"، مبيناً أن "المراسيم والقرارات الخاصة بالموعد وتوفير الدعم المالي واللوجيستي قد صدرت، ما تبقى هو حل المشكلة المتعلقة بقانونية عمل المفوضية".

وتؤيد كتلة حركة "التغيير" المشاركة في الحكومة موقف الكتلتين المعارضتين "الاتحاد الإسلامي" و"جماعة العدل الإسلامية" لإجراء تعديلات على قانون الانتخابات "بحيث يُحول الإقليم إلى أربع دوائر انتخابية، مع إعادة توزيع المقاعد المخصصة للأقليات بموجب نظام الكوتا البالغة 11 مقعداً، وفق العدد السكاني".

وشدد رئيس كتلة "جماعة العدل" عبد الستار مجيد، على "أهمية إجراء الانتخابات في موعدها، لكن شريطة إجراء تعديل على قانون الانتخابات، لتجنب ما كنا نعاني منه في الانتخابات السابقة من عمليات تزوير"، وحذر من أن "استمرار الخلافات دون التوصل إلى حلول بشأن المفوضية، سيؤدي حتماً إلى تأجيل الانتخابات". 

في المقابل، ترفض كتلة "الديمقراطي" التي تحظى بالأغلبية النيابية "تقليص عدد مقاعد كوتا الأقليات"، وترى أنه "مع إجراء أي تعديل على قانون مفوضية الانتخابات سيكون من الصعب على المفوضية الجديدة أن تؤدي واجباتها وإجراءاتها خلال المدة المتبقية قبل حلول موعد الانتخابات"، كما ترفض الكتلة مطالب تقسيم الإقليم إلى أربع دوائر انتخابية، لأن من شأن ذلك أن يعمق الانتماء المناطقي، وأعلن الناطق باسم الكتلة، بيشوا هورامي، أن "الخيار المقبل في حال عدم التوصل إلى حلول، سيكون التوجه لتفعيل مفوضية الانتخابات السابقة".

"غياب الإرادة"

وقالت خديجة عمر، عضوة اللجنة القانونية النيابية عن كتلة "الديمقراطي"، إن "الاجتماعات ستستمر بين الكتل، وكتلة الديمقراطي تؤيد حل الإشكالية المتعلقة بالمفوضية بأية صيغة كانت، لكن ما زلنا نواجه عقبات للتوصل إلى اتفاق نهائي، ولا يبدو أن هناك رغبة جدية لحسم الخلافات" مضيفة "الذين يضعون العقبات ويتهربون من الاتفاق، حصلوا في الانتخابات الاتحادية الأخيرة على أصوات قليلة، وإلا فإن مشكلة المفوضية ليست بذلك المستوى الذي يستدعي كل هذا التأخير، إما إعادة تفعليها أو تشكيل أخرى جديدة، ونحن مع كلا الخيارين".

وصرح الباحث السياسي، جمال بيره، أن هناك تأثيراً مباشراً للخلاف الدائر بين الحزبين الحاكمين في الإقليم حول منصب رئاسة الجمهورية، على الأوضاع السياسية والإدارية في الإقليم، معتبراً ذلك أحد أسباب التلكؤ في إعادة صياغة نظام الانتخابات وهيكل المفوضية، الذي يطالب به حزب طالباني، بينما يرفضه حزب بارزاني. وأضاف أن هناك سبباً آخر مهماً تخشى منه القوى السياسية، وهو الاستياء الشعبي المتصاعد من التدهور في المستوى المعيشي والخدمات وارتفاع أسعار المواد الغذائية، ومن تأخر صرف الرواتب، مستدركا "من الطبيعي أن نجد خشية لدى الأحزاب المتنفذة في الإقليم من إجراء الانتخابات في هذا التوقيت الذي قد لا يصب في صالحها"، ونوه بيرة إلى أن "الانتخابات تحتاج إلى مبالغ مالية هائلة، ومطالبات بوضع إجراءات مشددة لمنع عمليات التزوير، لكن هذا المسعى صعب المنال، في ظل عدم وجود مراقبة تحت إشراف دولي حقيقي".

المزيد من الشرق الأوسط