Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مياه غزة الملوثة قد تقتل أطفالها

القطاع يعتمد فقط على الخزان الجوفي للاستهلاك على الرغم من عدم صلاحيته

يعد استهلاك الفرد للمياه في غزة الأدنى عالمياً (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

بعد مرور ثلاثة أيام على إصابة الطفل سعيد بالحمى والإسهال، نقله والده إلى المستشفى، ومن خلال الفحص الطبي، تبين أنه مصاب بمرض "الأميبا"، الذي نتج من ابتلاعه المياه الملوثة التي تصل إلى منزله.

حالة الطفل هذه، قد تتكرر كثيراً بين سكان غزة، وقد يكونون عرضة للإصابة بأمراض أخرى، نتيجة شربهم أو استخدامهم المياه التي تصل إلى بيوتهم، وتشكل لهم تلوثاً بطيئاً قد تكون نهايته الموت.

قد تسبب الموت

ويقول مسؤول الاتصال والبرامج في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان محمد شحادة، "نعم، سكان غزة يموتون أيضاً بسبب المياه التي تصل إلى منازلهم، 12 في المئة من إجمالي وفيات الأطفال والرضع داخل القطاع كانت بسبب أمراض معوية ذات صلة بالمياه الملوثة، سواء تلك الخاصة للشرب، أو التي تستخدم للزراعة".

في الواقع، مشكلة المياه في غزة لها بعدان، الأول عدم توافر المياه بالكمية المطلوبة في المنازل، والثاني يتعلق بالجودة، فالمتوفر منها ملوث سواء كان الخاص للشرب أو للاستخدام المنزلي أو للزراعة.

ولسوء حظ سكان غزة، أن 95 في المئة منهم يعانون من مشكلتي المياه المتعلقة بالكمية والجودة، وفي العادة تصل المياه لكل منازل القطاع، مدة سبع ساعات فقط، 25 في المئة تصلهم بشكل يومي، بينما يحصل 56 في المئة منهم عليها كل يومين، وبقية السكان كل ثلاثة أيام.

أصعب التحديات

ومن المفترض ألا يعاني قطاع غزة من مشكلة المياه، بخاصة وأنها تطل على شاطئ ساحلي بطول 41 كيلومتراً، لكنه غير صالح إطلاقاً للتحلية، فبسبب غياب البنية التحتية الملائمة لشبكات الصرف الصحي، تقوم بلديات القطاع بتصريف 108 ملايين لتر مياه إليه.

وتعتمد غزة على مياه الخزان الجوفي أو تلك المشتراة من إسرائيل، ويحتاج القطاع سنوياً أكثر من 300 مليون متر مكعب، لكن هذا العام قد لا يتوفر منها 150 مليون متر مكعب، سيتم استخراجها من الآبار الجوفية إلى جانب تلك الكمية التي توفرها محطات التحلية.

ويقول نائب رئيس سلطة المياه الفلسطينية المهندس مازن البنا، إن واقع المياه ما زال سيئاً بسبب الحصار على غزة، وهذا الملف يعد من أصعب التحديات، بخاصة وأن 97 في المئة من المياه في القطاع غير صالحة للاستهلاك البشري، الأمر الذي يجعل السكان لا يحصلون على مياه آمنة.

الأسر تعتمد على شراء المياه

وبالعادة، تزود بلديات القطاع ومصلحة بلديات الساحل (مؤسسات رسمية) بيوت غزة بالمياه التي تصل إلى الصنابير، لكنها تكون غير صالحة للاستهلاك البشري، لذلك يعتمد السكان في استخدامهم على المياه التي يشترونها.

ويوضح البنا أن 75 في المئة من الأسر تستخدم مصادر مياه محسنة للشرب والاستخدام المنزلي عن طريق شرائها، لافتاً إلى أن السبب في عجز توفيرها من سلطة المياه أو المؤسسات الأخرى هو سيطرة إسرائيل على موارد المياه ومصادرها، وتحكمها في تزويد الفلسطينيين، سواء في قطاع غزة، أو الضفة الغربية.

وانعكس عدم توفر المياه لدى أهل القطاع على مستوى الاستهلاك اليومي الذي تدنى إلى 22 لتراً من المياه العذبة في اليوم، و50 لتراً للاستخدام المنزلي، ويشير البنا إلى أن هذه الأرقام تعد الأدنى عالمياً، فمنظمة الصحة العالمية حددت 150 لتراً للفرد في اليوم، إضافة لذلك، فإن ثمن شراء الماء مرتفع الثمن، إذ يستهلك نحو 10 في المئة من دخل الأسر، بينما أوصت المنظمة الدولية ألا يتجاوز ثلاثة في المئة من إجمالي الدخل.

خزان جوفي ملوث

وعلى الرغم من اعتماد غزة على مياه الخزان الجوفي، إلا أن تلك المياه أيضاً غير صالحة للاستهلاك البشري، ويوضح البنا أن الخزان به مشكلات وملوثات كثيرة، بسبب تسرب المياه العادمة له، فضلاً عن دخول مياه البحر إليه، لذلك عندما نستخرج منه المياه نعمل على إعادة تحليتها من جديد.

وبحسب بيانات سلطة جودة المياه، يوجد في غزة نحو 18 ألف بئر (تابعة لجهات حكومية أو خاصة) تعمل على سحب الخزان الجوفي، يصفها البنا "بالعملية الجائرة"، وتسبب في زيادة التلوث، وتصعّب عملية توفير مياه نقية وصالحة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويوضح البنا أن مياه غزة تعاني من التلوث الشديد، وفيها تركيز الكلوريد مرتفع بنسبة 2000 ميليغرام في اللتر على طول المناطق الساحلية، بينما نسبة النيترات 200 ميليغرم في اللتر، في حين حددت منظمة الصحة العالمية معيار 50 ميليغراماً.

وبما أن غزة تعتمد فقط على الخزان الجوفي في توفير المياه لاستهلاك سكانها على الرغم من تلوثه، فيوجد فيها ثلاث محطات رئيسة تمول من منظمات دولية (بينها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي)، إلى جانب 110 محطات تحلية تتبع لشركات خاصة، تعمل على تنقية المياه المستخرجة من الخزان الجوفي في محاولة لتوفير مياه صالحة للاستهلاك البشري والشرب، لكن يتم بيعها.

ويقول رئيس المعهد الوطني الفلسطيني للبيئة والتنمية أحمد حلس، إن "تلك المياه حتى بعد تنقيتها، غير صالحة للاستهلاك الآدمي (الشرب وطهي الطعام)، إذ يوجد فيها صفر أملاح ومعادن، وفيها مشكلة في الكلور، ومشكلات تلوث بيولوجية تصل إلى 50 في المئة من إجمالي المياه المباعة، ذلك لأن 70 في المئة من محطات التحلية العاملة في غزة غير مراقبة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير