Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خوف الغرب يقوي بوتين الخائف من صدام مع "الناتو"

"حذّر جورج بوش الابن بوتين من صدام مع أميركا خلال غزوه جورجيا عام 2008، فامتنع الرئيس الروسي عن احتلال العاصمة تبليسي"

منذ الحشد الروسي على حدود أوكرانيا، وقادة الحلف يكررون التأكيد أن "الناتو" ليس جزءاً من الصراع (أ ب)

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي صارح شعبه بالحقيقة: باب "الناتو" مغلق أمامنا، ولكن كان عليه أن يدرك ذلك قبل الاصطدام بجدار الغزو الروسي لبلاده من جهة، وحدود الدعم الأميركي والأوروبي من جهة أخرى. كما كان على قادة "الناتو" الذين كشفوا خطط الغزو الروسي قبل بدئه، أن يبحثوا في رد استراتيجي، لا مجرد رد فعل، على مخاطر واضحة أمامهم: وصول الرئيس فلاديمير بوتين عبر اجتياح أوكرانيا إلى الحدود مع "الناتو" في بولندا ورومانيا والمجر، بداعي القلق الأمني الروسي حيال اقتراب حلف شمال الأطلسي من حدود بلاده. فمنذ الحشد الروسي على حدود أوكرانيا، وقادة الحلف يكررون التأكيد أن "الناتو" ليس جزءاً من الصراع، ولن يدخل في مواجهة مباشرة مع قوة نووية. والحجة هي خطر التورط في حرب عالمية ثالثة. حتى عند مراقبة الحشد الروسي قبل الاجتياح، فإن قادة "الناتو" تجاهلوا الجزء الثاني من معادلة الخوف من حرب عالمية: الجزء المتعلق بروسيا مقابل الجزء المتعلق بالغرب. هم أدركوا استراتيجية روسيا التي سماها ماتيو كرونينغ، نائب مدير مركز "سكوكروفت" للدراسات الاستراتيجية "التصعيد لمنع التصعيد"، غير أنهم رفضوا إلحاح زيلينسكي في المطالبة بمنطقة حظر جوي فوق أوكرانيا لسببين: أولهما أنها تعني صداماً مباشراً مع الروس. وثانيهما أن موسكو قادرة على ضرب أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى ودقيقة، كما فعلوا في قصف القاعدة العسكرية في الغرب قرب الحدود مع بولندا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا، بل إن الغرب الأميركي والأوروبي الذي أرسل الأسلحة والمساعدات إلى الجيش الأوكراني المقاوم للغزو الروسي تجاهل الرد على سؤال طرحه كروتينغ: ألا يخاف بوتين بدوره من الاصطدام بالحلف الأطلسي النووي أيضاً؟ الخبير الاستراتيجي الأميركي أعاد التذكير بأن الرئيس جورج بوش الابن حذّر بوتين من صدام مع أميركا خلال غزوه جورجيا عام 2008، فامتنع الرئيس الروسي عن احتلال العاصمة تبليسي. والرأي الذي دافع عنه هو: "يكفي أن يقول الغرب: نحن قادمون، فابتعدوا من طريقنا. غرب أوكرانيا منطقة آمنة، وقواتنا ستقدم المساعدات الإنسانية، من دون حاجة إلى إطلاق النار على أحد، ولن يكون بوتين غبياً إلى درجة أن يخوض معركة حاسمة مع (الناتو)". فالكل يعرف أنه لا أحد يريد الصدام الواسع، لا الغرب ولا روسيا، ولا الصين طبعاً. ذلك أن أقوى سلاح في ترسانة بوتين هو خوف الغرب من الصدام. فهو رفض مجرد التلويح به أو إظهار الاستعداد له. وهو عكس ما فعله الرئيس جون كينيدي خلال أزمة الصواريخ السوفياتية في كوبا، بحيث اضطر خروشوف إلى التراجع ضمن صفقة مع أميركا: سحب الصواريخ في كوبا مقابل التوقف عن أي مسعى لإسقاط نظام كاسترو، وسحب صواريخ أميركية من تركيا. والوقائع العملية، خارج التفكير النظري، لا تزال طرية في سوريا. حين قرر الرئيس باراك أوباما قصف أهداف في دمشق بعد أن تجاوز النظام "الخط الأحمر" الأميركي واستخدم الأسلحة الكيماوية، أصدر الكرملين بياناً خلاصته "لسنا معنيين". وعندما تراجع عن القرار وقدم له الوزير لافروف لعبة اسمها نزع الأسلحة الكيماوية لدى النظام السوري، أقدم بوتين على الانخراط العسكري المباشر في حرب سوريا إلى جانب النظام. وحتى اليوم، فإن التنسيق بين الجنرالات الروس في سوريا والأميركيين شرق الفرات حال دون أي صدام أميركي - روسي. لا، بل إن القوات الأميركية قصفت مجموعة من مرتزقة "فاغنر" المدعومة من موسكو، وأوقعت أكثر من مئة قتيل بينها، لأنها تقدمت نحو منشأة نفظية شرق الفرات، فلم تحرك روسيا ساكناً.
لكن حرب أوكرانيا مستمرة بوحشية من دون التأثر بما يدور في المفاوضات الروسية - الأوكرانية، وكل ما يقال عبر الهاتف بين بوتين وماكرون وشولتز، وما في محادثات الوفود الزائرة لموسكو مع الثعلب لافروف.

المزيد من آراء