Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تعاني سوق العقارات المصرية الركود؟

خبراء: جهل المستثمرين الجدد وراء أزمات القطاع... و"الفقاعة" المرتقبة لن تحدث

موقع بناء في العاصمة الإدارية الجديدة (أ.ف.ب)

حالة من الضبابية تسيطر على مستقبل القطاع العقاري المصري وسط عزوف من المواطنين عن الشراء، ومن ثم ظهور بوادر ركود، ربما يُدخل القطاع إلى (مرحلة الفقاعة)، التي يخشاها الخبراء العقاريون، والمهتمون بالسوق العقارية.

وتُسهم سوق العقارات بنسبة 16.4% في إجمالي الناتج المحلي، و15% في معدل نمو الاقتصاد المحلي المصري، إضافة إلى أن نحو 70 صناعة أخرى، ترتبط بطريقة مباشرة وغير مباشرة بها.

"اندبندنت عربية" استطلعت آراء الخبراء والمهتمين للوقوف على حقيقة الأمر، لتجيب عن مستقبل سوق العقارات المصرية، في ظل قرارات الحكومة المصرية المرتقبة.

الجميع يترقب
يقول سيف فرج، الخبير في القطاع العقاري، "إن سوق العقارات المصرية دخلت في حالة ركود غير معهودة تدريجياً، تزامناً مع تنفيذ قرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي، (قرار التعويم) في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016".

وأضاف "أن التعويم، ثم سلسلة القرارات، التي اتخذتها الحكومة المصرية مع بدء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي منذ 3 سنوات، أسهمت في ارتفاع أسعار الوقود، وانخفاض القوة الشرائية للجنيه، وهو ما كان له أثر كبير في عزوف نسبة كبيرة من المهتمين عن شراء العقارات من جميع الشرائح".

وأشار إلى "أن الركود بدأ يتصاعد تدريجياً ليصل إلى ذروته حالياً"، مرجعاً ذلك إلى "ارتفاع حالة الترقب والانتظار لدى العملاء والمهتمين انتظاراً لما بعد 30 يونيو (حزيران) الحالي، إذ تتجه الحكومة المصرية إلى اتخاذ قرارات جديدة في برنامج الإصلاح الاقتصادي، تنعكس على أسعار المحروقات الوقود والكهرباء".

وشخَّص فرج حالة القطاع العقاري بأنه "ترقب فقط، فالبائع ينتظر أن يجني أرباحاً أكثر بعد القرارات المتوقعة، والمشتري يترقب كذلك لتقليل تكلفة الشراء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المستثمرون الجدد
المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال السابق والمطور العقاري، قال "إن سوق العقارات في القاهرة وما حولها منذ عشرات السنين تعتمد على شريحتين أساسيتين، أولاهما الطبقة المتوسطة، التي تحتاج إلى عقار بغرض السكن، والثانية فئة المستثمرين الذين يفضلون الاستثمار في العقارات بدلا من ادخار الأموال في البنوك".

وأضاف "أن الفترة الأخيرة شهدت دخول مستثمرين ومطورين عقاريين بكثافة بلغ عددهم نحو 50 مستثمراً جديداً، لا يملكون خبرات كافية في الاستثمار العقاري، وكل ما يميزهم القدرة المالية فقط".

سوء الإدارة
وأشار المطور العقاري إلى "أن هذه الفئة من المستثمرين دمروا السوق العقارية بجهل وعدم دراية، إذ قدموا عروضاً عقارية بالتقسيط على 8 سنوات و15 سنة، وهي مدة كبيرة جداً لا تتناسب مع آليات السوق، فأقصى مدة للتقسيط قبل ذلك كانت عامين أو ثلاثة على الأكثر، وهو ما تسبب في خروج مستثمرين كثر نتيجة الآليات الجديدة، هذا إلى جانب الفوائد المرتفعة لدى البنوك، علاوة على التضخم والغلاء، وانخفاض القدرة الشرائية، التي انعكست على عمليات الشراء والبيع، وتسببت في حالة الركود".

وتوقّع صبور، "فشل التوجه الجديد للمستثمرين قريباً، لعدم قدرتهم على تحقيق مستهدفاتهم، واستكمال مشروعاتهم".

وحول الخوف من "الفقاعة العقارية" أعرب صبور عن عدم قلقه من وقوعها "ليست هناك فقاعة عقارية، لكن ما يحدث هو سوء إدارة للقطاع العقاري، وأتوقع حدوث كارثة وفضائح للمستثمرين الجدد قريباً لعدم قدرتهم على الوفاء أمام العملاء (المتضررين الحقيقيين)".

صعوبة إعادة البيع
نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين وأحد المطورين العقاريين فتح الله فوزي قال "إن أسعار العقارات لن تشهد زيادة كبيرة العام المقبل، وفى حال تحريك أسعار الوقود لن تتخطى الزيادة نسبة الـ10%".

وأوضح "أن السوق العقارية شهدت تباطؤا في الإقبال على عمليات الشراء، فانعكس على تراجع عدد الوحدات، التي تُسلَّم إلى العملاء خلال العام الحالي مقارنة بالسابق".

وأشار نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين إلى "أن معدل التضخم في مصر يتراجع بصورة كبيرة، وهو ما يصب في صالح القطاع العقاري"، مؤكداً أن "العقار هو السلعة الوحيدة التي تحافظ على قيمتها، فضلاً عن أن الدولة تدعم هذا القطاع بصورة كبيرة في الفترة الأخيرة".

وعبّر فوزي عن عدم تخوفه في تحركات السوق العقارية حالياً قائلاً "لا أرى أن هناك ركوداً في السوق العقارية، والطفرات التي تحققها الشركات العقارية المدرجة في البورصة المصرية والأرقام تكشف نمواً في مبيعاتها".

ليس ركوداً
وكشف فوزي، أن "ما يحدث حاليا ليس ركوداً، لكن صعوبة في عملية إعادة البيع في السوق الثانوية، وهنا تظهر معضلة البيع النقدي (الكاش)".

ولفت إلى "أن أسهل عمل في التطوير العقاري بدء مشروع، بينما الأزمة الحقيقية في تسليم وحداته السكنية في مدة قد تصل إلى 5 سنوات، فالمستثمر يبحث عن بيع الوحدة التي حصل عليها بالتقسيط من المطور العقاري بالسعر نفسه (كاش) إلى العميل، وهنا يبالغ في أسعارها، فيعزف العملاء عن الشراء، ومن ثم يحدث الركود".

وحول قوى العرض والطلب في السوق العقارية أشار فوزي إلى "أن حجم ما يُسلَّم من عقارات ووحدات سكنية في مصر سنوياً يبلغ نحو 250 ألف وحدة سكنية، بينها 200 ألف، تنفذها الحكومة المصرية (الإسكان الاجتماعي، ودار مصر، وسكن مصر)، بينما الـ50 ألفاً الأخرى، يشيدها القطاع العقاري الخاص لصالح العملاء، وحجم الطلب لا يقل عن 500 ألف وحدة، وهو ضعف الطلب تقريباً، والخلط هنا يحدث عند المتابعين والخبراء والرأي العام نتيجة بين ما يسلَّم فعلياً، وما يرصد عبر الحملات الإعلانية والدعائية للترويج عن العقارات في مصر".

التعويم نقطة التحول
وكشف مصدر مسؤول بهيئة المجتمعات العمرانية التابعة لوزارة الإسكان المصرية،  أن "زيادة أسعار الوحدات خلال السنوات الأخيرة بشكل تدريجي، بما لا يتناسب مع دخول المواطنين، أدت إلى بطء بيع الوحدات في السوق الثانوية".

وأوضح، أن "نقطة التحوّل في تلك المسألة حدثت عند تحرير سعر الصرف في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، فارتفعت عائدات البنوك إلى 20% لامتصاص السيولة من السوق وإبطاء عجلة التضخم ومحاربة السوق السوداء".

وأشار إلى أن "تحرير سعر الصرف (التعويم)، إضافة إلى ارتفاع أسعار مواد البناء،  والطاقة نحو 200%، والجمارك على الصادرات من بعض مواد البناء، وضريبة القيمة المضافة، جميعها أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات بنسبة 60% في 2017، ثم 40% في 2018، وأثر بالتالي في القدرة الشرائية للمواطن".

ولفت المصدر المسؤول، إلى "أنه في الوقت نفسه كان لتحرير سعر الصرف أثر إيجابي في جذب استثمارات المصريين بالخارج، إذ أصبحت القوة الشرائية للدولار أعلى من نسبة الزيادة في أسعار العقارات، وهو ما خلق فرصة شرائية جيدة بالنسبة إلى هذه الفئة".

وطمأن المهتمين بالشأن العقاري "إن ما تمر به سوق العقارات في مصر ليست فقاعة عقارية، إنما نتيجة لارتفاع أسعار البناء والضرائب المستحدثة، وهذه كلها عوامل من المتوقع أن تتغير في المستقبل القريب، خصوصاً أن الحكومة المصرية تتابع حركة السوق العقارية، وتتخذ قرارات من وقت إلى آخر، آخرها مبادرة البنك المركزي المصري".

وأضاف، "السوق العقارية في مصر تعاني من بعض التحديات حالياً، تكمن في القدرة الشرائية والسيولة، فعلى الرغم من أن المطورين العقارين يقدمون كثيراً من التسهيلات في تسديد الأقساط، فما زالت تعتبر مرهقة للغالبية".

النظام النقدي لا الائتماني
من جانبه أعدَّ المركز المصري للدراسات الاقتصادية دراسة في نهاية أبريل (نيسان) أشارت إلى "أن ما يحمي السوق المصرية حالياً من آثار الركود والفقاعة العقارية هو اعتماد مصر على النظام النقدي، لا النظام الائتماني المتبع في الولايات المتحدة الأميركية أو الصين، علاوة على عدم وجود سوق مخصصة للأسهم العقارية، بخلاف بورصة الأوراق المالية المصرية".

وحدد المركز، ملامح ظهور أو علامة لوجود فقاعة عقارية، قائلاً "إن أهم الملامح زيادة الأسعار بشكل كبير نتيجة التوسع في الاستثمار بالقطاع العقاري، مرتفعاً من 4.2% عام 1999 إلى 13.2% عام 2011، علماً بأن نسبة الاستثمار السكني تمثل 70% من الاستثمار العقاري في مصر".

وكشف "أن القلق من حدوث أزمة فقاعة عقارية في محله، خصوصاً أن هناك تغيرات ديناميكية في السوق العقارية المصرية، إلى جانب ارتفاع نسبة مساهمة القطاع العقاري في الناتج المحلي الإجمالي المصري".

تغيرات ديناميكية
وحول التغير في ديناميكية السوق دللت الدراسة على ذلك في زيادة الطلب على الوحدات الصغيرة، ونقص النقود لشراء الوحدات نتيجة التغيرات الاقتصادية الأخيرة، علاوة على دعم الحكومة كمطور للقطاع العقاري، وارتفاع أسعار الوحدات، وتباطؤ عملية البيع في السوق العقارية أو الثانوية، مؤكدة "أن كل عمليات البيع التي تتم هي عمليات بيع أولية فقط".

وأرجعت الدراسة الأزمة الحالية إلى ما قبل عام 2004، إذ "أكدت أنه في مطلع الألفية الحالية قررت هيئة المجتمعات العمرانية التابعة لوزارة الإسكان المصرية بيع أراضٍ بالمزاد العلني، ثم تضاعفت أسعارها لأربعة أضعاف عام 2004، ثم سمحت الحكومة المصرية في عام 2007 بتملك الشركات الأجنبية العقارات والأراضي اللازمة لنشاطها وعقب القرار ارتفعت أسعار الأراضي في مدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة جنوبي العاصمة، وأسعار الأراضي في مدينة القاهرة الجديدة شمالها بنسبة 130% مقارنة بأسعارها قبل القرار".

توقعات باستمرار التراجع
يذكر أن تقديرات "مؤشر عقار ماب"، الذي يرصد حركة بيع وشراء وأسعار العقارات في مصر شهرياً، أكدت "أن السوق العقارية المصرية شهدت تزايداً في الطلب خلال شهر مارس (آذار) الماضي بنسبة 15٪ مقارنة بشهر فبراير (شباط) من العام نفسه، قبل أن يحدث تراجع في الطلب خلال شهر أبريل (نيسان)، إذ سجل المؤشر تراجعاً بنسبة 4٪ لتصل القيمة في آخر الشهر إلى 2.700 نقطة".

ومن المتوقع "أن يستمر التراجع في الطلب خلال الفترة المقبلة، مع استثناء شريحة المصريين بالخارج، الذين عادة ما يزداد اهتمامهم بالعقارات خلال فترة وجودهم بالبلاد".

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد