Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

توجيهات وزير التعليم البريطاني الجديدة حل لمشكلة لا وجود لها أساسا

ليس المعلمون اليساريون هم من يحاول أدلجة الفئات الشابة في البلاد

"من الغريب أن التوازن ينطبق فقط على الأشياء التي تعتبرها الحكومة مثيرة للقلق فيما يبدو، مثل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني" (رويترز)

تعد النصائح الجديدة المتعلقة بتدريس التاريخ ومواضيع سياسية حساسة في المدارس البريطانية أحدث مثال على تدخل الحكومة (في إنجلترا على الأقل) لحل مشكلة غير موجودة بالفعل.

مؤخراً، قال وزير التعليم ناظم زهاوي إنه سيطرح إرشادات جديدة تضمن أن تكون المناقشات المدرسية المتعلقة بالسياسة "متوازنة".

وفقاً لبعض التقارير، كان هناك عدد من "حوادث اليقظة" woke incidents [التوعية حول مسائل التفاوت الاجتماعي والعنصرية والعدالة الاجتماعية] التي وقعت في المدارس، كما لو أننا نتحدث عن تفشي فيروس كورونا أو تسمم غذائي. لكن لم يكن أي من تلك الحوادث بتلك الدرجة من الخطورة. تم تشجيع الطلاب في أحد الفصول الدارسية على كتابة خطاب احتجاج موجه إلى بوريس جونسون حول فضيحة بارتي غيت (حفلات داونينغ ستريت)، كتدريب للطلاب على بناء قضية وتمرين على المساءلة الديمقراطية. لا يمكن للمرء إلا أن يتساءل هنا، هل ستكون الرسالة صادمة للوزراء بهذه الشدة لو كانت موجهة إلى رئيس حزب العمال كير ستارمر؟ على كل حال، السلطة في يد جونسون، وبالتالي لن تكون الكتابة إلى ستارمر مجدية على القدر نفسه. يستطيع الأطفال الصغار في السادسة من العمر التعبير عن ذعرهم من رئيس الوزراء أو إعجابهم به، تماماً كأولئك الذين هم في الستين من العمر. يحق لهم أن تكون لهم آراؤهم الخاصة.

وبغض النظر عن التركيز المزدري الذي يُصب الآن بخبث على كلمة "يقظة"، والتي يتجاوز معناها قليلاً الكياسة والأخلاق الحميدة، يوجد بالفعل إطار توجيهي يشمل مثل هذه القضايا إن تطلب الأمر. إن الواجب الملقى على عاتق المدارس والمعلمين بأن يكونوا غير متحيزين هو واجب راسخ ويتم التقيد به على نطاق واسع، ولا يوجد سبب يستحق إثارة قلق الأهالي حول كيفية التعامل مع مثل هذه القضايا. إنها "حرب ثقافية" أخرى أثارتها حكومة تمر في أزمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يدور قسط كبير من إرشادات وزير التعليم حول موضوع "التوازن". إنها كلمة غير مؤذية. عندما يتم تطبيق التوازن في المكان الصحيح، فإنه ضروري لتحفيز النقاش وتفهم الآخر. على كل حال، من الغريب أن التوازن ينطبق فقط عى الأشياء التي تعتبرها الحكومة مثيرة للقلق على ما يبدو، مثل الإمبراطورية البريطانية، والشخصيات الوطنية مثل ونستون تشرشل، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

على كل، تخيلوا لو طُلب من المدارس الألمانية التزام "التوازن" في مسألة ألمانيا النازية. أو توجيه أوامر للمدارس الإيطالية بالإشارة إلى أن موسوليني هو من كان وراء الدقة في مواعيد القطارات إلى جانب استخدام الغاز السام أثناء الحرب غير المبررة على الحبشة التي وقعت بين عامي 1935 و 1936. قولوا لي الآن كيف يمكننا تحقيق مطالب وزارة التعليم وتطبيق "التوازن" على ما سمعناه عن الانتفاضة الهندية عام 1857 ومجزرة جليانوالا باغ التي شهدتها مدينة أمريتسار الهندية عام 1919 في ظل حكم الإمبراطورية البريطانية؟ هل يعني ذلك إعطاء حصة قصيرة مبهجة حول الفوائد المفترضة للقهر القسري في شبه القارة الهندية، مثل نشر اللغة الإنجليزية وإنشاء نظام سكك حديدية بديع وتعريف السكان على لعبة الكريكيت؟ محاولة التعامل بـ "توازن" مع الفظائع هي محاولة في غاية الغباء. ينطبق الشيء نفسه على تشرشل. ليست هناك حاجة إلى قيام المدرسين بتهميش الأحداث المخزية التي شهدها حكمه، والتي هي حقاً كثيرة كفاية. يجب أن يتعلم التلاميذ جميع الجوانب، وأن يكوّنوا آراءهم الخاصة، أو أن يتم تشجيعهم على محاولة القيام بذلك.

الأحداث والشخصيات والقادة والاختراعات والاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية والحروب والإضرابات والانتخابات والمذابح والمجاعات والإعدامات والحضارات بأكملها هي أمور معقدة، ويجب أن يعكس التاريخ هذه الحقيقة وأن هناك دائماً أكثر من جانب واحد لأي قصة أو للسياق الذي تُروى به. إذا كان الطلاب مهتمين بأسباب تشكل حركة ”حياة السود تَهُم“ Black Lives Matters، فلا يمكننا أن نكتفي بالقول إن المتظاهرين ماركسيون.

بعيداً جداً عن المعلمين "اليساريين" الذين يحاولون أدلجة [وغسل أدمغة] شباب الأمة، فإن الدوائر اليمينية في الأوساط السياسية والإعلامية هي العازمة على إخضاع تدريس التاريخ لدعايتها كما يبدو. إنها ترغب في مساواة تاريخها الجيد من خلال الثناء على الإمبريالية البريطانية (وبالتالي العنصرية بالضرورة) والرأسمالية والإذعان السياسي والاجتماعي، والتقليل من أهمية النضال الطويل من أجل تحقيق العدالة العرقية والحقوق المتساوية لأبناء مجتمع الميم (وبالتالي إحياء المادة 28 المشينة من قانون الحكم المحلي التي كان معمولاً بها لغاية عام 2003 والتي تنص على أنه لا يجوز للسلطات المحلية الترويج للمثلية الجنسية عن قصد أو نشر مواد بقصد تعزيز المثلية الجنسية أو الترويج  لتدريس ما يؤدي إلى القبول بالمثلية الجنسية كعلاقة أسرية مُدّعاة في أي مدرسة حكومية). لسوء الحظ، فإن إرشادات الحكومة المتعلقة بالتاريخ،  ليست تاريخية إلى حد بعيد.

© The Independent

المزيد من تحلیل