Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأوكرانيون البارعون في التكنولوجيا يساعدون الهاربين من الحرب

أهلاً باللاجئين: تعد أوكرانيا من أهم المراكز التكنولوجية في أوروبا ويقوم المتطوعون بتسخير التطبيقات والمواقع الإلكترونية فضلاً عن وسائل التواصل الاجتماعي من أجل إيصال المواطنين إلى بر الأمان ومساعدتهم على إيجاد ملاجئ يحتمون فيها

فريق السوشيال ميديا التابع للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (رويترز)

بدءاً بخدمة الإقامة "إير بي أن بي (Airbnb) للاجئين"، ووصولاً إلى خدمات سيارات أجرة شبيهة بـ"أوبر" (Uber) من أجل إجلاء الأشخاص، يتعاون الأوكرانيون البارعون في التكنولوجيا لإنتاج مواقع وتطبيقات إلكترونية تساعد الهاربين من الغزو الروسي على إيجاد سيارات تقلهم بعيداً عن الخطر وملاجئ تستقبلهم في كل أرجاء البلاد.

وسخّرت مجموعة من المتطوعين منهم مبرمجون وسياسيون، شبكة الإنترنت - إما عن طريق بناء المواقع من الصفر أو تغيير استخدامات التطبيقات الإلكترونية أو العمل مع شركات نقل الركاب - بُغية مؤازرة المدنيين الذين يعانون حرب فلاديمير بوتين التي دخلت يومها العاشر.

واستفادوا في ذلك من خبرة الشباب في أوكرانيا، التي تعتبر منذ زمن بعيد أحد أهم المراكز التكنولوجية في أوروبا وتضم أكبر قطاعات التعاقد الخارجي [الاستعانة بمصادر خارجية والتعهيد] في مجال تكنولوجيا المعلومات في القارة.

وقال ستانيسلاف خيلوبوتشينكو، مدير مركز اتصالات أوكراني، إنه أنشأ مع أصدقائه موقعاً اسمه "بريخيستوك" (Prykhystok) يشبه خدمة الإقامة "إير بي أن بي أو الاستضافة المجانية (Couchsurfing) للاجئين".

وقال الشاب البالغ من العمر 33 عاماً لـ"اندبندنت"، "عندما اندلعت الحرب، جمعت فريقاً يضم 50 شخصاً من وكلاء خدمة العملاء العاملين لديّ الذين وافقوا على العمل معنا".

وأضاف، "في البداية، اكتفينا بتنسيق أماكن إقامة للاجئين الذين يشقون طريقهم للخروج من أوكرانيا، ولكن مركز اتصالاتنا ينسق الآن معلومات تتعلق بأماكن الحصول على الطعام في خاركيف وشراء الوقود في الجنوب وأي طرق يمكن سلكها من كييف إلى لفيف".

وقام مبرمجون آخرون بتعديل استخدام تطبيقات أقدم من هذه تستند إلى مواقع إلكترونية مثل موقع OPIR.org الذي تأسس خلال الانتفاضة المؤيدة للاتحاد الأوروبي في أوكرانيا في عام 2014 بهدف تنسيق تحركات المتظاهرين، ولكنه يعرض الآن خرائط تفصيلية لكافة الملاجئ والصيدليات والمستشفيات المحلية.

وكان إنشاء موقع "بريخيستوك" فكرة النائبة الأوكرانية هالينا يانتشينكو، وهي أم من كييف، عالقة الآن تحت القصف ومنفصلة عن ولديها بعد أن أرسلتهما إلى منطقة آمنة في الغرب. وتقول إن خمسة آلاف ملجأ في كل أنحاء البلاد موجود الآن على الموقع.

وأضافت السيدة يانتشينكو، "أدركنا أن حجم الكارثة الإنسانية سيكون هائلاً لدرجة أنه سيتخطى قدرة منسق واحد على العمل. ولذلك عملنا على وضع نظام لا مركزي مزود بخط هاتف ساخن لمن لا يمكنهم استخدام هاتف ذكي أو الإنترنت".

في مخيم مؤقت تأسس داخل كنيسة إنجيلية في خميلنيسكي، حيث تتقاطع الطرق على المسار الذي يسلكه اللاجئون في الغرب، التقت "اندبندنت" بعائلات هربت من أكثر المناطق تعرضاً للقصف في البلاد واستخدمت الموقع لإيجاد الملجأ.

أخبرتنا تاتيانا (39 عاماً)، التي كانت تتحضر لقضاء الليلة مع زوجها أندريه وطفليهما على أرض قاعة الكنيسة الرئيسة، "بحثنا على الإنترنت عن مكان نقصده بعد فرارنا من كييف تحت القصف".

"وجدنا الموقع وها نحن هنا". ووفقاً للأمم المتحدة، فرّ عدد هائل يبلغ 1.2 مليون شخص من أوكرانيا في غضون أسبوع واحد منذ أطلقت روسيا أكبر حرب برية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وبحسب تقديرات المنظمة، سوف يحتاج 12 مليون شخص سيبقون داخل أوكرانيا وأربعة ملايين شخص هاربين منها إلى دول الجوار إلى مساعدات إنسانية خلال الأشهر المقبلة، وقد أطلقت تبعاً لذلك نداء طارئاً بغية جمع 1.7 مليار دولار (1.3 مليار جنيه استرليني) لتغطية هذه التكاليف المرتفعة.

وعلى الرغم من وعودها بفتح ممرات إنسانية، لم يهدأ هجوم روسيا على عدة مدن رئيسة في البلاد. وقد طوقت القوات الروسية عدة بلدات كبيرة في الجنوب، من بينها ماريوبول، في محاولة لقطع أوكرانيا عن البحرين الأسود وآزوف.

ويوم السبت، أعلنت موسكو بدء وقف مؤقت لإطلاق النار، لكي يتسنى لسكان ماريوبول وفولنوفاخا مغادرة المدينتين، ولكن السلطات في ماريوبول قالت لاحقاً إن عملية إجلاء المدنيين قد تأجلت لأن القوات الروسية التي تحاصر المدينة لم تحترم وقف إطلاق النار المتفق عليه.

بُعيد الإعلان عن وقف إطلاق النار، صرحت وزارة الدفاع الروسية بأن العدوان الشامل على أوكرانيا سوف يستمر .

وسط هذا الكابوس، يعتمد المدنيون إجمالاً على أنفسهم للوصول إلى المناطق الآمنة، وهذا ما يجعل شبكة الموارد والأدوات الإلكترونية مهمة للغاية.

بعد عملهما بدايةً على "بريخيستوك"، انتقل المبرمجان الإلكترونيان أندريه تاغانسكي (38 عاماً) ويوجين غوساروف، 29 عاماً، في وقت لاحق لعقد شراكة مع تطبيقات تقاسم السيارات وسيارات الأجرة الموجودة "بلا بلا كار" (BlaBlaCar) و"يوكلون" (Uklon) - المنافس الأوكراني لـ"أوبر" - لتنظيم أمور تشارك السيارات للمدنيين الهاربين من مناطق يكاد النزاع يبلغ أشده فيها.

يعرف الرجلان ما معنى أن يكون الإنسان لاجئاً، ليس مرة واحدة فقط، بل مرتين، إذ سبق لهما الفرار من دونيتسك باتجاه كييف في عام 2014، قبل أن يرحلا عن العاصمة منذ أيام قليلة متوجهين إلى لفيف.

لا يزال والدا السيد تاغانسكي عالقين في إيربين في ضواحي كييف، التي تعاني الأمرين من جراء القصف والغارات. وهما يعلمان ما يحتاج إليه الهاربون.

وشرح السيد توغانسكي، "أقنعنا شركة (بلا بلا كار) بالتوقف عن تقاضي عمولتها، وبأن تبعث برسائل نصية لشبكة سائقيها البالغ عددهم 17 ألفاً على جميع الأراضي الأوكرانية وتطلب منهم المساعدة في نقل الأفراد إلى بر الأمان. وفي وقت لاحق، أقنعا شركات التأمين الأوكرانية بإرسال رسائل نصية إلى أكثر من 70 ألف شخص يملكون باصات وناشدناهم الانضمام إلى مبادرة (بلا بلا كار)".

"خلال الأيام الثلاثة الأولى فقط، نقلت (بلا بلا كار) أكثر من 50 ألف شخص باتجاه غرب أوكرانيا، نحو المناطق الآمنة". وسوف يطلقان خلال هذا الأسبوع موقع "أوكرانيا الآن" (Ukraine Now)، الذي يقدم خدمة إلكترونية تتعلق بالملاجئ، وصفاها بأنها شبيهة بـ"الاستضافة المجانية للاجئين"، التي ستستعين بمصادر معلومات خارجية من الجمهور حول الملاجئ الكبيرة والصغيرة التي يمكن أن يمكث فيها الناس في طريقهم إلى خارج البلاد.

وتقول النائبة يانتشينكو، إن موقعها المخصص للملاجئ قد توسع الآن خارج أوكرانيا، نظراً لأن أشخاصاً في الدول المجاورة والقريبة بدأوا أيضاً بفتح منازلهم وكنائسهم ومراكزهم الاجتماعية لاستقبال الأوكرانيين فيما ترتفع أعداد اللاجئين يومياً.

وقالت لـ"اندبندنت" عبر اتصال هاتفي من كييف "نتوقع ظهور موجة كبيرة أخرى من اللاجئين مع اشتداد حدة القتال، ولذلك نوسع مبادرتنا".

وأضافت أنه فيما تساعد التطبيقات والمواقع والمجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي الأوكرانيين يومياً، يحتاج البلد من العالم الخارجي أن يكثف جهوده، ولا سيما أن أزمة اللاجئين ستفاقم الضغوط التي ترزح تحتها الدول الأخرى.

وأضافت السيدة يانتشينكو، "هناك مئات آلاف القصص التي تشبه قصتي، من حيث انفصالي عن أولادي الذين يحتاجون للهرب. هذه ليست كارثة إنسانية هائلة بالنسبة لأوكرانيا فقط، بل بالنسبة لأوروبا كلها".

"جميعنا أوروبيون وعلينا الاتحاد".

تفخر "اندبندنت" بتاريخ من مؤازرة حقوق المستضعفين الذين يواجهون المخاطر، وقد قمنا بحملة "أهلاً باللاجئين" للمرة الأولى خلال الحرب في سوريا في عام 2015. أما الآن، وفيما نجدد حملتنا ونطلق هذه العريضة في أعقاب الأزمة الأوكرانية الممتدة، ندعو الحكومة لبذل جهد أكبر وأسرع في سبيل تأكيد إيصال المساعدات. للمزيد عن حملة "أهلاً باللاجئين"، انقر هنا.

© The Independent

المزيد من تحقيقات ومطولات