Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل دخلت أوروبا وبريطانيا في أزمة طاقة بالفعل؟

زيادة هائلة في أسعار الغاز الطبيعي بسبب الحرب في أوكرانيا

دول القارة الأوروبية بحاجة لإعادة ملء مخزوناتها الاحتياطية من الغاز الطبيعي (رويترز)

تضاعفت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا في الأسبوع الماضي وحده، إذ وصل سعر الغاز في التعاقدات الآجلة للشهر المقبل في تعاملات الجمعة إلى 204.32 دولار للميغاواط/ ساعة في بورصة هولندا لعقود الغاز. وكانت العقود في التعاملات، التي تعد المؤشر القياسي على أسعار الغاز الطبيعي، قد وصلت إلى أعلى مستوى لها الخميس عند 221 دولاراً للميغاواط/ ساعة، ذلك مع زيادة المخاوف من تعطل إمدادات الغاز الروسي لأوروبا.

وكانت بعض التقارير قد ذكرت أن انسياب الغاز الروسي عبر خط أنابيب "يامال" توقف بالفعل، هذا في الوقت الذي تزيد فيه الضغوط على الدول الأوروبية للحد من وارداتها من الغاز الطبيعي من روسيا. ولا تتعلق مشكلة أوروبا بارتفاع الأسعار للاستهلاك حالياً فقط، بل إن دول القارة الأوروبية بحاجة لإعادة ملء مخزوناتها الاحتياطية من الغاز الطبيعي التي سحبت معظمها منذ الصيف الماضي.

وتواجه أوروبا أزمة طاقة منذ نهاية صيف عام 2021 لأسباب عدة تشابكت معاً، في مقدمتها ارتفاع أسعار النفط والغاز والفحم نتيجة زيادة الطلب العالمي في عام التعافي الاقتصادي من أزمة وباء كورونا، إضافة إلى استمرار بعض اختناقات سلاسل التوريد التي بدأت في عز أزمة وباء كورونا عام 2020، وأيضاً ضعف الاستثمارات في مجالات الاستكشاف والإنتاج لمصادر الطاقة التقليدية من نفط وغاز وفحم.

تزامن ذلك مع تغيرات مناخية في النصف الثاني من العام الماضي أدّت إلى ضعف الرياح أو سكونها تماماً في بعض المناطق، ما عطل إنتاج الطاقة الكهربائية من توربينات الرياح على اليابسة وفي البحر، إضافة إلى تعطل بعض محطات توليد الكهرباء بالطاقة النووية، إذ توقفت أكثر من أربعة مفاعلات في فرنسا، بينما خرجت ثلاثة مفاعلات في ألمانيا من الخدمة.

واضطر كثير من الدول لإعادة تشغيل محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم، والتي كانت تستعد لإخراجها من الخدمة في إطار الالتزام بأهداف مكافحة التغيرات المناخية، حيث الانبعاثات الكربونية من الفحم أعلى بكثير من تلك من النفط والغاز.

مشكلة الغاز الطبيعي

ومشكلة سوق الغاز الطبيعي أن أغلب التعاقدات لدى الدول المنتجة والمصدرة مع عملائها من الدول المستهلكة هي عقود متوسطة وطويلة الأجل، تمتد أحياناً لسنوات طويلة، بالتالي فإن كمية الغاز الطبيعي في السوق العالمية المتاحة للبيع الفوري ليست كبيرة، إضافة إلى أن التداول الفوري يعني شراء الغاز على الناقلات في الأغلب، وهو في هذه الحالة "غاز طبيعي مسال" أعلى تكلفة في الإنتاج بالتالي أعلى سعراً.

وبحسب بيانات "البنية الأساسية للغاز" في أوروبا التي نشرتها وكالة "رويترز"، فإن القارة الأوروبية ستخرج من فصل الشتاء هذا ولديها 259 تيراواط/ ساعة من الغاز الطبيعي، وهو معدل أقل بكثير من المتوسط السنوي لخمس سنوات عند 315 تيراواط/ ساعة في العام.

وسيكون على الدول الأوروبية شراء الغاز للتخزين لفصل الشتاء المقبل بالأسعار الحالية، وهي مضاعفة، فضلاً عن أن استهلاك الغاز، سواء لتوليد الطاقة أو في المنازل والمصانع، بدأ بالفعل يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج وزيادة معدلات التضخم بشدة في اقتصادات دول أوروبا وبريطانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هناك أيضاً ارتباط أسعار الغاز الطبيعي طردياً مع أسعار النفط. ومع الزيادة المستمرة في أسعار النفط في السوق العالمية منذ بدء الحرب في أوكرانيا، تواصل أسعار الغاز الطبيعي الارتفاع. فروسيا هي أكبر مصدر للغاز في العالم، ولديها أكبر احتياطي مثبت من الغاز الطبيعي. ومن شأن العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على روسيا أن تجعل تصديرها للغاز أصعب بكثير، وهو ما يتخوف منه المستثمرون في السوق فيضاربون على ارتفاع الأسعار أكثر.

وبدأ كثير من المشترين للغاز الروسي يتوقفون عن الشراء بالفعل خوفاً من وقوعهم تحت طائلة العقوبات الأميركية والأوروبية الأخيرة. ويقول توم روجرز، من شركة "آي سي أي أس" التي تتابع أسعار الغاز الطبيعي، في مقابلة مع صحيفة "التايمز" البريطانية: "تحاول السوق أخذ عاملين مهمين في الاعتبار لأنهما يؤديان إلى ارتفاع الأسعار، وهما احتمال توقف الإمدادت الروسية وتأثير ذلك على السوق، سواء أكان التوقف نتيجة عطل التوريد نتيجة الحرب في أوكرانيا (التي يمر عبرها بعض الغاز الروسي إلى أوروبا) أو نتيجة تشديد العقوبات على روسيا، واحتمال توقف تلك الإمدادات تماماً".

أزمة بريطانيا

وتشكل واردات الغاز الطبيعي المسال من روسيا ما نسبته 4 في المئة من استهلاك بريطانيا من الغاز الطبيعي. وعلى الرغم من أنها نسبة ليست كبيرة، فإن أزمة الطاقة في بريطانيا التي تتصاعد منذ العام الماضي تجعل أي تراجع في تلك الواردات مؤثراً بشدة في سوق الطاقة البريطانية.

لذا ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في سوق الجملة في بريطانيا، الجمعة، مع رفض العاملين في مرفأ في مقاطعة كنت يوم الجمعة، تفريغ ناقلتين تحملان الغاز الطبيعي المسال إلى بريطانيا. ومع رفض العاملين في جزيرة "غاين" تفريغ الناقلتين تضامناً مع أوكرانيا، تركتا المرفأ بحمولتيهما من الغاز الطبيعي المسال إلى وجهة أخرى، ولذلك وصل سعر الغاز الطبيعي في بريطانيا في آخر تعاملات الأسبوع إلى أكثر من 6.6 دولار (5 جنيهات استرلينية) للوحدة الحرارية. وهكذا يكون سعر الغاز الطبيعي في بريطانيا الآن أعلى مما كان عليه قبل عام بنحو 12 ضعفاً على الأقل.

ويزيد ذلك من الضغط الهائل على المستهلكين العاديين في بريطانيا، الذين يستعدون لزيادة فواتير الطاقة للمنازل بأكثر من 925 دولاراً (770 جنيهاً استرلينياً) مطلع الشهر المقبل، وذلك عندما يطبق القرار الأخير لهيئة تنظيم سوق الطاقة في بريطانيا (أوفجيم) برفع سقف الأسعار بنسبة 54 في المئة. وكانت "أوفجيم" قد رفعت ذلك السقف من قبل وبدأت تطبيقه في أول أكتوبر (تشرين الأول) 2021. ويتوقع أن ترفع السقف مجدداً قبل فصل الشتاء المقبل هذا العام، في ظل استمرار تضاعف أسعار الغاز الطبيعي.

اقرأ المزيد