شدد المستشار الألماني أولاف شولتز خلال زيارته إسرائيل الأربعاء 2 مارس (آذار)، على أن التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني "لا يحتمل التأجيل أكثر من ذلك".
وقال شولتز خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت الذي تعارض بلاده الاتفاق بشدة، "نتطلع إلى التوصل إلى اتفاق في فيينا، حان الوقت الآن لاتخاذ قرار لا ينبغي تأجيله أكثر من ذلك".
وأعلن أن مجلس الوزراء الإسرائيلي بالكامل وافق على القدوم إلى برلين لإجراء محادثات حكومية، إلا أنه لم يذكر موعداً للزيارة.
لقاء مع لبيد
يجري شولتز أول زيارة له لإسرائيل منذ توليه منصبه، والتي تتزامن مع الهجوم الروسي على أوكرانيا وجهود دولية من أجل إحياء الاتفاق النووي الإيراني.
وزار شولتز النصب التذكاري للمحرقة النازية برفقة بينيت، حيث وضع إكليلاً من الزهر. ويلتقي المستشار الألماني لاحقاً وزير الخارجية يائير لبيد، كما يزور البرلمان الإسرائيلي (الكنيست).
وأتى لقاء شولتز وبينيت اللذين توليا منصبهما حديثاً نسبياً في وقت يشهد العالم أحداثاً متسارعة. وانتخب شولتز لمنصب المستشارية الألمانية في ديسمبر (كانون الأول) 2021، خلفاً لأنغيلا ميركل.
أما بينيت، فأطاح الصيف الماضي رئيس الوزراء السابق والمخضرم بنيامين نتنياهو الذي أمضى حوالى 12 عاماً في هذا المنصب.
إلغاء الحظر
بعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، الخميس الماضي، ألغت ألمانيا الحظر المفروض على إرسال الأسلحة إلى مناطق النزاع، كما أوقفت مشروع خط أنابيب الغاز المثير للجدل (نورد ستريم 2) الذي يربط بين روسيا وألمانيا.
وكان شولتز أعلن استثمار ألمانيا 100 مليار يورو (113 مليار دولار) في سبيل تحديث منظومتها الدفاعية، وتخصيص أكثر من 2 في المئة من إجمالي ناتجها الداخلي للدفاع سنوياً.
منذ بدء النزاع الروسي الأوكراني، حافظت تل أبيب على نهج متحفظ إزاءه، وذلك بسبب علاقاتها الجيدة مع كييف وموسكو.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن بينيت تحفظ على طلب أوكرانيا تزويدها بالأسلحة، لكنه تعهد تقديم 100 طن من المساعدات غير العسكرية.
كذلك أقامت إسرائيل خطاً ساخناً لليهود في أوكرانيا الذين يسعون إلى الهجرة بسبب الحرب.
بينيت "منزعج بشدة"
وتتزامن زيارة المستشار الألماني في وقت تلوح في الأفق احتمالات إبرام القوى الدولية التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، في مقابل رفع العقوبات الدولية عنها.
وانهار الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرم في عام 2015 بعدما انسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب منه. واستأنفت كل من بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وإيران وروسيا في نوفمبر (تشرين الثاني) مع مشاركة غير مباشرة للولايات المتحدة، المباحثات من فيينا في محاولة لإحياء الاتفاق.
وأكد بينيت أنه "منزعج بشدة" من الخطوط العريضة للاتفاق.
قالت إيران يوم الإثنين إن جهود إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 ربما تنجح إذا اتخذت الولايات المتحدة قراراً سياسياً لتلبية مطالب طهران، وذلك مع دخول المفاوضات منذ أشهر في ما وصفها أحد الدبلوماسيين الإيرانيين بالمرحلة الحاسمة.
والمخاطر كبيرة لأن فشل المحادثات المستمرة منذ عشرة أشهر من شأنه أن يحمل مخاطر اندلاع حرب جديدة في المنطقة وفرض عقوبات صارمة إضافية على إيران من قبل الغرب واستمرار الضغط الذي يدفع أسعار النفط العالمية للزيادة وسط توتر قائم بالفعل بسبب الصراع في أوكرانيا.
وحدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية القضايا العالقة المتبقية قائلاً إنها تتعلق بمدى إلغاء العقوبات، وتقديم ضمانات بأن الولايات المتحدة لن تنسحب من الاتفاق مرة أخرى، وحل المسائل المتعلقة بآثار اليورانيوم التي تم العثور عليها في العديد من المواقع القديمة، ولكن غير المعلنة في إيران.
وتقول كل الأطراف المشاركة في المحادثات إنه جرى إحراز تقدم نحو إعادة الاتفاق الذي يحدّ من أنشطة طهران النووية مقابل تخفيف العقوبات، والذي انسحبت منه الولايات المتحدة في عام 2018. غير أن طهران وواشنطن أشارتا إلى استمرار وجود بعض الخلافات الكبرى التي يتعيّن حلها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ثلاث قضايا رئيسة
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة على "تويتر": "انسحبت الولايات المتحدة بالفعل من خطة العمل الشاملة المشتركة. يجب أن نتأكد من أن ذلك لن يتكرر مرة أخرى".
ورمى خطيب زادة الكرة في ملعب البيت الأبيض بقوله، "الاتفاق في متناول اليد إذا حسمت أميركا أمرها... إيران مستعدة، ولكنها لن تنتظر للأبد".
وفي سابق، قال خطيب زادة في إفادة صحافية أسبوعية، "التوصل إلى اتفاق جيد أمر ممكن... لا تزال هناك ثلاث قضايا رئيسة يتعيّن حلها. لم تتخذ أميركا والقوى الأوروبية قرارات سياسية بشأن هذه القضايا الرئيسة".
"ضرورة مُلحّة" لاختتام المحادثات
وشددت فرنسا، الاثنين، على "الضرورة المُلحّة" لأن تثمر المفاوضات الجارية في فيينا بين إيران والدول الكبرى حول البرنامج النووي اتفاقاً "هذا الأسبوع".
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، إن هناك "ضرورة مُلحّة لاختتام المحادثات هذا الأسبوع".
واجتمع كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين، علي باقري كني، الذي توجه إلى طهران الأسبوع الماضي لإجراء مشاورات حول المسودة النهائية للاتفاق، مع إنريكي مورا، منسق الاتحاد الأوروبي بشأن المحادثات النووية مع إيران الذي ينسق المحادثات في فيينا.
أكثر تشدداً
وقال مصدران مقربان من المحادثات في فيينا، إن إيران قدمت مطالب جديدة، مع الاستمرار في الإصرار على المطالب الحالية، ومنها إلغاء إدراج "الحرس الثوري" الإيراني على قائمة الولايات المتحدة للمنظمات الإرهابية الأجنبية.
وقال أحد المصدرين، "موقف إيران بعد زيارة باقري لطهران صار أكثر تشدداً... إنهم يصرون الآن على رفع العقوبات عن الحرس الثوري الإيراني، ويريدون فتح قضايا تم الاتفاق عليها بالفعل".
وسبق أن قالت إيران، إن رفع اسم "الحرس الثوري" من قائمة الإرهاب قيد المناقشة. ولم يرد مسؤولون إيرانيون حتى الآن على طلب للتعقيب.
و"الحرس الثوري" من الفصائل القوية في إيران ويسيطر على إمبراطورية تجارية، بالإضافة إلى قوات مسلحة من النخبة وأجهزة استخبارات. وتسبب تصنيف واشنطن لها منظمة إرهابية أجنبية في 2019 في مزيد من المشاكل للاقتصاد الإيراني المتضرر من العقوبات.
كما تصر طهران على أن تتخلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن مزاعمها بشأن أنشطة طهران النووية، رافضة تأكيد الوكالة العام الماضي أن طهران أخفقت في التفسير الكامل لوجود آثار يورانيوم عُثر عليها في عدة مواقع غير معلنة.
مرحلة حاسمة
في 2018، سحب الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب الولايات المتحدة من الاتفاق، وأعاد فرض عقوبات اقتصادية صارمة، وأدى ذلك إلى خرق إيران للحدود النووية المنصوص عليها في الاتفاق الذي كان يهدف لجعل من الصعب على طهران الحصول على المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية. وتنفي إيران سعيها لذلك.
وقال دبلوماسيون، إن المفاوضات دخلت مرحلة حاسمة، بالنظر إلى سياسة إيران المتشددة في المحادثات ومشاركة الأطراف الأخرى في أزمة أوكرانيا. وقال دبلوماسي إيراني في طهران، "الآن أو لا اتفاق أبداً. إذا لم يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع، فإن المحادثات ستنهار إلى الأبد".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس للصحافيين في واشنطن، "نحن مستعدون للانصراف إذا أبدت إيران عنادا لإحراز تقدم".
وقدم دبلوماسيون روس وصينيون مشاركون في هذه المساعي تقييمات تتسم بالأمل، لكنها غامضة في نهاية المطاف، وذلك بعد مغادرتهم الفندق الفاخر في فيينا الذي نُجري به المحادثات.
وقال المندوب الروسي ميخائيل أوليانوف للصحافيين، "نحن قريبون للغاية، لكن يتعيّن بذل جهود إضافية في الأيام المقبلة"، وتوقع أن تنتهي المحادثات في أوائل مارس (آذار)، لكنه لم يذكر ما إذا كانت ستنجح.
وقال المندوب الصيني وانغ تشون للصحافيين، "يمكن القول إننا رأينا الضوء تقريباً في نهاية النفق".