Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الناس العاديون تركوا لمصيرهم في شرق أوكرانيا مع زيادة القصف

يتبادل الجيش والقوات الانفصالية الاتهامات بشأن الهجمات الفتاكة فيما يعرب قادة غربيون عن قلقهم بشأن عمليات كاذبة تدبرها روسيا

جنود أوكرانيون يختبئون في ملجأ خلال قصف قرية "نوفولوهانسك"  (أسوشيتدبرس)

بدأ القصف في الساعة الثالثة وأربعين دقيقة من بعد الظهر، وأخذت قذائف الهاون تنهمر على بلدة "نوفولوهانسك" الحدودية الصغيرة. تعرّض أحد الجنود لإصابة خطيرة فيما لقيَّ اثنان آخران مصرعهما خلال ذلك اليوم على طول هذا الجزء من إقليم "دونباس". إنها منطقة واجهت وابلاً من القذائف بشكل متواصل في الأيام الثلاثة الأخيرة.

وجاء تزايد الهجمات وسط إدعاءات متكررة من قِبَلْ قيادة الانفصاليين في "الجمهوريتين الشعبيتين"، وهما "دونيتسك" و"لوغانسك"، أن الحكومة الأوكرانية بدعم من الغرب، توشك أن تشن هجوماً عليهما. وزُعم أن القصف قد حصل في مناطق انفصالية، وأعلنت السلطات فيهما عن عمليات إجلاء عامة للسكان إلى روسيا بسبب التهديد المتصاعد المفترض.

وطبقاً للولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاؤهما الغربيون، تشكّل هذه التحركات، جزءاً من "عملية كاذبة" تُعد ذريعة لفلاديمير بوتين كي يغزو أوكرانيا بعدما حشد قوة يتراوح عديدها بين 130 و150 ألف جندي على الحدود.

في المقابل، يصرح جو بايدن إنه مقتنع بأن بوتين قد اتخذ القرار لإصدار الأوامر بعمل عسكري. وقد ذكر يانس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) إن "كل الدلائل تشير إلى أن روسيا تخطط لهجوم شامل على أوكرانيا."، وزعم بوريس جونسون أن روسيا "تخطط  لأكبر حرب في أوروبا منذ 1945".

وجاء الهجوم على بلدة "نوفولوهانسك" على طول "خط المراقبة" الذي يفصل بين المناطق الانفصالية وبقية أوكرانيا، فيما رافق دينيس موناستيرسكي وزير الداخلية الأوكراني، مجموعة من الصحافيين إلى الخط الأول كي يشاهدوا ما يرى الأوكرانيون أنها عمليات خرق فاضحة لوقف إطلاق النار مِنْ قِبَل موسكو.

 ومع بدء القصف، ركض الوزير الذي كان يرتدي لباس الميدان العسكري، ومرافقوه العسكريون، ومسؤولوه والصحافيون، بحثاً عن مكان يحتمون به. ولم يُصبْ أيٌّ منهم.

ولاحقاً، ذكر موناستيرسكي أن "ما حصل نموذج عمّا يضطر عامة الناس في هذه المنطقة على تحمّله يومياً." وأضاف، "الروس يختلقون القصص الكاذبة، ويقومون في الوقت نفسه بعمليات قصف من هذا النوع".

وبيّن موناستيرسكي أنه "أصيب بصدمة" لأن الروس يقومون بمثل هذا الهجوم مع أنه كان مقتنعاً بأنهم يعرفون أن وسائل الإعلام الدولية موجودة في البلدة. واعتبر أن "هذا يدل على أنهم وقحون، فهم لا يبالون بالرأي الدولي على الإطلاق".

وشعر ضابط شاب بالدهشة من دهشة وزير الداخلية. وتساءل "إنهم قد قتلوا صحافييهم في روسيا، فلماذا يجب عليهم أن يقلقوا بشأن صحافيين أجانب". ولدى سؤال هذا الضابط عن الصحافيين الذين جرى قتلهم في أوكرانيا، أجاب، "لقد قتلهم الروس أو عملاؤهم"، قبل أن يضيف، "بيد أن هناك بعض الأشخاص السيئين هنا أيضاً، ومن الممكن استعمال هؤلاء من قِبَل الروس، وهذا هو السبب الذي يجعلنا قلقين حيال ما يمكن أن يحصل هنا، إن هذا زمان خطير جداً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان الجنديان اللذان قُتلا يوم السبت الماضي هما أنطون سيدوروف،35 عاماً، وهو أب لثلاث بنات، ودينيس كونونيكو، 34 عاماً، الذي كان لديه ابن صغير. وذكرت القوات المسلحة الأوكرانية أن سقوط قذائف الهاون والـ"هاوتزر" [مدفع هاون من العيار الثقيل] قد تسبب بمقتل هذين الجنديين.

ويُشار إلى أن الكابتن سيدروف قد اشتهر في أوساط العامة بعدما لحّنَ أغنية بعنوان "أُخوة في السلاح" عن مآسي الحرب، وأداها بالروسية على شاشة التلفزيون. وأدان قائده البريغادير جنرال ميخائيل دراباتي، وهو نائب قائد عمليات القوات المشتركة في المنطقة، هذا "العدوان الذي لا مبرر له"، لا سيما أنه أدى الى خسائر في الأرواح.

وبحسب البريغادير جنرال دراباتي، فُقِدَ "عشرات" الرفاق منذ بدء حرب الانفصاليين في 2014. وأضاف، "إنك تقبل على مستوى معين أن زملاءك الجنود سيتعرضون إلى إصابات أو يموتون في الحرب أحياناً. ولكن، أنت تفكر على مستوى إنساني في موت شخص كأنطون سيدوروف لديه زوجة وأطفال صغار، خلال ما يفترض أن يكون وقفاً لإطلاق النار، فتشعر عندها بالحزن وببعض الغضب".

ولفت البريغادير جنرال دراباتي إلى أن تعنت روسيا هو السبب في ما يجري حالياً. وأردف، "إنهم يرعبون أبناء شعبنا ويحملونهم على مغادرة ديارهم والتوجه إلى روسيا ويقولون إننا نخطط لهجوم كبير. هل ترى جيشاً كبيراً على هذا الجانب من الحدود يخطط لشن هجوم؟ لا. إن هذا كله يتعلق بروسيا، نحن نقاتل روسيا. ويبدو أن روسيا تخطط لشن هجوم".

ويوم الأحد الماضي، دعا ديفيد أراخاميا، وهو نائب عن حزب "خادم الشعب" الذي ينتمي إليه الرئيس فولوديمير زيلينسكي، إلى وقف آخر لإطلاق النار. وجاء هذا النائب الذي كان يجادل ضد احتمال حصول غزو أو حتى توغل روسيين، إلى الخط الأول للجبهة. وأعرب عن اعتقاده بأن ما يجري غير متكافئ بما في ذلك الحرب النفسية من قبل موسكو .

وألقى أراخاميا باللوم على منظمات أجنبية، بما فيها بعض وسائل الإعلام، لنشرها "أنباء كاذبة بشكل سافر" بخصوص تحذيرات حول الصراع، وعقد مقارنة بينهم وبين مروّجي الدعايات الروسي. وأضاف، "عبارة الذعر من الأزمة ستختفي في وقت قريب".

وفي أعقاب زيارته للخط الأول [على الجبهة مع الانفصاليين]، أوضح أراخاميا إنه بات الآن أكثر اقتناعاً بـ"50 في المئة" بأن الوضع كان خطيراً جداً. إلا أنه أراد أن يشير إلى أن عائلته جاءت من أبخازيا، وهي المنطقة التي انفصلت عن جورجيا بعد التدخل الروسي، وكان يعرف "كيف تسير هذه الأشياء". وأضاف إن زوجته وأطفالهما كانوا في كييف وسيبقون هناك. وكذلك رأى أن العاصمة "لن تتعرض للهجوم".

وبالنسبة إلى سكان "نوفولوهانسك"، فإن ما وقع يوم السبت قد صار حدثاً يحصل بانتظام. لقد أرادت تيتيانا أوميلشينكو، 46 عاماً، وهي أم لثلاثة أطفال، أن تشير إلى أن "الوضع يحظى بالدعاية لمجرد أن هذا السياسي هنا وثمة صحافيون أجانب هنا". وتابعت، "لقد عشنا 8 سنوات من العنف، الذي هدأ قليلاً مدة من الزمن لكنه ازداد سوءاً الآن. نحن نسمع الروس وجميع القادة الأجانب يهددون بعضهم بعضاً، بيد أن الناس العاديين هم الذين تُركوا كي يُعانوا".

وتابعت أوميلشينكو "لدينا أقارب في "دونيتسك" ممن هربوا لأنهم يعتقدون أنه ستكون هناك حرب، وكذلك أخذ الناس هنا يشعرون الآن بالذعر أيضاً". ووفق كلماتها، "لقد ظننا أن هناك أشخاصاً دوليين ممن يفترض بأنهم قادرون على إيقاف القتال، لكن ما الذي حصل لهم؟".

في سياق متصل، أفاد مراقبون من "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا" بأن ما يزيد على 1500 انتهاك لوقف إطلاق النار [سُجّل] يوم السبت الماضي، وهو الرقم الأعلى من غيره بشكل كبير هذا العام. ومع حلول وقت الغداء يوم الأحد الفائت، ذكرت القيادة المشتركة للقوات الأوكرانية أن عدد الجنود الذين تعرضوا لإصابات قد ارتفع إلى خمسة جنود، فيما أطلقت المدفعية قذائفها على 10 بلدات وقرى تسيطر عليها أوكرانيا. وقد علَّقَ أحد حواجز التفتيش السبعة [عند المعابر المؤدية إلى] أراضٍ في "دونباس"، عملياته بسبب القصف العنيف.

في سياق متصل، ذكر انفصاليون من "الجمهورية الشعبية" في "لوغانسك" أن اثنين من المدنيين قد قُتلا بالقرب من قرية "بيونيرسكوي" حين تعرضت لهجوم أوكراني، وهو ادعاء نفته القيادة المشتركة للقوات.

في تطوّر متصل، حمّلت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة الروس مسؤولية تزايد الانتهاكات. وقد سحبت الدولتان قوات لهما كانت تنهض بمهمات المراقبة، وعملتا على نقل سفارتهما إلى مدينة "لفيف" الواقعة في غرب أوكرانيا، وكذلك أبلغت رعاياهما بوجوب مغادرة البلاد.

وبعد هجوم "نوفولوهانسك"، سُئِلتْ إيرنيا فيريشوك، نائبة رئيس الوزراء لشؤون إعادة دمج الأراضي المحتلة مؤقتاً، عن مدى ضرورة أن تترك أميركا وبريطانيا كوادرها مع "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا".

وأجابت، "نعم. نحن نرغب في بقاء شركائنا الدوليين معنا بغية التأكد من كيفية خرق الروس لما وافقوا عليه". وأضافت فيريشوك، "نطلب من جميع شركائنا في "منصة النورماندي" [مجموعة اتصال دولية أنشئت من أجل النزاع في أوكرانيا] أن يعاينوا ما تفعله روسيا. نحن نواجه وقتاً صعباً للغاية. ونحن في حاجة إلى أصدقائنا".

*نشررت اندبندنت هذا التحقيق في 21 فبراير قبل 3 أيام من الغزو الروسي

© The Independent

المزيد من تقارير