Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأردن يحذر من "استهداف خارجي" وأطراف تطالب بتحديد تلك الجهات

البعض يعتبر أن المسألة برمتها مجرد واجهة للتهرب من الأزمات الداخلية والإخفاقات والاستحقاقات المقبلة

العاهل الأردني خلال زيارته وحدات عسكرية (اندبندنت عربية - صلاح ملكاوي)

يعيد الأردن إظهار رواية "الاستهداف الخارجي" كلما تعرضت الجبهة الداخلية في البلاد إلى التصدع. فعلى نسق واحد وخلال الساعات القليلة الماضية، خرج معظم مسؤولي الدولة الأردنية من الصف الأول بخطاب واحد مفاده "نحن مستهدفون بسبب مواقفنا".

ووسط مطالبات بالمصارحة والمكاشفة، يرد منتقدون على هذه التصريحات الرسمية بضرورة الإعلان عن الجهات أو الدول التي تستهدف الأردن، فيما يعتبر طرف آخر أن المسألة برمتها مجرد واجهة للتهرب من الأزمات الداخلية، والإخفاقات والاستحقاقات الديمقراطية، التي يتطلع لها الأردنيون في المرحلة المقبلة.

كرة ثلج تتدحرج

بدأت القصة بالأزمة التي عرفت باسم "تسريبات بنوك سويسرا"، وورود اسم العاهل الأردني ضمن قائمة حسابات بنكية مليونية، ما تسبب في جدل جديد حول ثروة الملك عبد الله الثاني في الخارج، رد عليه الديوان الملكي باعتبارها حملة مضللة هدفها التشهير والتشويه.

تزامنت هذه الأزمة مع تصريحات صادرة عن رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة خلال زيارته الأخيرة إلى القاهرة، قال فيها إن "الأردن ومصر يتم استهدافهما من قوى الشر المؤدلجة بالسوداوية على خلفية تمسكهما بمواقفهما الثابتة تجاه القضايا الوطنية والقومية".

وفي الوقت ذاته كشفت السلطات الأردنية للمرة الأولى عن اختراقات للأمن السيبراني في المملكة، تُدار من قِبل منصات وحسابات وهمية ومن خلال 40 دولة ضد الأردن.

من يستهدف من؟

وتعتقد الحكومة الأردنية "بوجود تشابك غير بريء بين استهداف العاهل الأردني بتسريبات مالية للمرة الثانية خلال عام، والطموح السياسي الذي يتصدره معارضون أردنيون في الداخل والخارج على أمل إحداث تغييرات داخلية"، بخاصة بعد فشل الديوان الملكي في احتواء هذه الأزمة إعلامياً.

الأمر الذي دفع رئيس الحكومة الأردنية بشر الخصاونة مجدداً إلى إطلاق تصريحات تتحدث عن استهداف "ممنهج" للأردن وقيادته بين فترة وأخرى، عبر "تسريبات وفبركات".

وقال الخصاونة "لا يليق بنا أن نخاطب من يختبئ خلف فبركات وتسريبات وأغراض مشبوهة، إنما خطابنا هو خطاب الحقيقة أمام الكذب والافتراء، والوضوح أمام محاولات التَّدليس". واصفاً ذلك بأنه "إفلاس أخلاقي وسياسي يستهدف المواقف المشرِّفة للأردن والملك عبد الله الثاني إزاء القضايا الوطنية والقومية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية".

غير أن كرة الثلج هذه بدأت بالتدحرج نحو تطورات غير متوقعة، أولها خروج شخصيات رسمية وازنة من طراز رئيس الوزراء السابق عبد الرؤوف الروابدة منتقداً الأداء الرسمي ومحذراً بسوداوية من "القادم".

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تعداه إلى وزير سابق وهو أمجد المجالي الذي ينتسب لعشيرة وعائلة عرفت دائماً بالولاء للنظام الأردني.

المجالي دعا من منزله إلى تشكيل لجنة إنقاذ وطني، وتنفيذ اعتصام مفتوح، على وقع دعوات أخرى يتصدرها المعارض البارز ليث شبيلات لتحريك "مسيرة مليونية"، تحت لافتة إعادة أموال الدولة المنهوبة.

الملك: لن نقف مكتوفي الأيدي

وانخرط العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بشكل مباشر في مواجهة هذا "الاستهداف"، عبر تصريحات قال فيها إن الأردن سيؤمن حماية الحدود والدفاع عنها بكل قوة وعزيمة، مضيفاً "لن نقف مكتوفي الأيدي أمام أي تنظيم أو جهة تهدد أمننا وحدودنا".

وأعاد الملك عبد الله الثاني الحديث عن الالتزام بمسار التحديث السياسي وتعزيز دور الأحزاب، قائلاً "لن نسير خطوة للأمام وخطوتين للوراء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشدد الملك الأردني على المضي بمسيرة الإصلاح من دون أن تثنيه أصوات المشككين، مشيراً إلى دور الأردن في حماية المقدسات والدفاع عن القضية الفلسطينية، مضيفاً "لولا الأردن لكان الوضع مختلفاً تماماً".

ويستحضر العاهل الأردني لاءاته الثلاث، في كل مرة يتم فيها التشكيك في حكمه أو مواقفه السياسية. وهي اللاءات التي أطلقها عام 2019 في وجه جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، وقال فيها عبارته الشهيرة "كلا للتوطين، كلا للوطن البديل، والقدس خط أحمر".

تحطيم رمزية الحكم

ويؤكد الكاتب ماهر أبو طير أحد الصحافيين المقربين من القصر الملكي الأردني، أن الملك عبد الله الثاني بخلاف ما هو متوقع، غير قلق من تسريبات البنوك السويسرية، ومطلع تماماً على أسرار ودوافع الأطراف التي حركت هذه القضية.

ويعتقد أبو طير أن القصة أعقد بكثير من حسابات مصرفية تم تسريبها، وأن الأمر عبارة عن مشهد مركب تتداخل فيه قوى متعددة، وتتشارك في شبكة واحدة.

ويضيف "قصة استهداف الأردن، على صحتها، قد لا تقنع البعض، لأن البعض يقول لك إن الأردن يرضي الأميركيين والإسرائيليين، فلماذا يستهدفونه أصلاً، لكن البعض لا يعرف أن الأردن رفض تمرير قضايا كثيرة، وهو على الرغم من علاقاته الدولية، ومرونته في التعامل مع معادلات قائمة، فإنه بقي رافضاً تمرير مخططات محددة، فكان الرد بمحاولة خلخلة استقرار الأردن، وتحطيم رمزية الحكم، في نظر الناس".

جذور قصة الاستهداف

قصة الاستهداف قديمة، فالأردن الرسمي على قناعة تامة بأن المملكة كانت مستهدفة من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بسبب مواقف الملك عبد الله الثاني الرافض لما يسمى "خطة السلام".

ويقول بشر الخصاونة رئيس الوزراء الأردني في مقابلة سابقة مع "اندبندنت عربية" "للأسف، كنا هدفاً للطاقم العامل مع الرئيس ترمب في تلك المرحلة"، والسبب هو مواقف الملك عبد الله الثاني التي "عاكست اتجاهات طاقم ترمب وحكومة بنيامين نتنياهو حينها".

ووصف الخصاونة تلك المواجهة السياسية الخلفية مع طاقم ترمب وصهره، جاريد كوشنر، بأنها كانت صعبة ومعقدة، مضيفاً أن بلاده استُهدفت سياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً، حتى وصل الأمر إلى محاولات لعزل الأردن.

ويقول إن السبب الرئيس لاستهداف الأردن من قبل الإدارة الأميركية السابقة هو "ملف القدس والوصاية الهاشمية عليها". وإن الاستهداف كان من طاقم ترمب بينما ظلت العلاقة مع المؤسسات الأميركية جيدة جداً.

المزيد من متابعات