Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حيتان الشواطئ الإيرلندية ضحايا للتدريبات البحرية الروسية

تشريح جثثها النافقة يكشف عن تعرضها لضربات في الرأس

جرفت الأمواج حوت كوفييه ذي المنقار على شاطئ باليبونيون الإيرلندي (غيتي)

قال الخبراء إن التدريبات البحرية الروسية قد تكون سبب عدد من وفيات الحيتان خلال الآونة الأخيرة، ويوم الأحد 20 فبراير (شباط)، تم العثور على حوت كوفييه ذو المنقار المعروف عنه بأنه يغوص في أقصى الأعماق، مغموراً على شاطئ باليبونيون في إيرلندا، ويأتي هذا الجنوح في أعقاب اكتشاف اثنين من حيتان العنبر أحدهما جنح إلى شاطئ ماغيري الإيرلندي والآخر في مالين هيد شمال إيرلندا، بحسب صحيفة "ذا تايمز".

جمع عالم الأحياء البحرية شون أوكالاغان عينات من الحوت المنقار الإثنين، وقال إن جيفة الحيوان ظهرت عليها علامات كدمات حول الرأس، وأشار إلى أن توقيت الجنوح كان "مصدر قلق".

وقال عالم الأحياء "لقد تم دفع النشاط العسكري إلى خارج المنطقة الاقتصادية الخالصة الإيرلندية، لكنهم ما زالوا يفعلون ذلك. كانت المشكلة لا تزال قائمة وستكون أبعد ما تكون عن البحر، وبالطبع فعندما تكون أبعد في البحر ستستغرق هذه الحيتان وقتاً أطول للجنوح. إن أنثى الحوت التي أنظر إليها الآن نفقت قبل أسابيع قليلة".

أعماق البحار

وأضاف، "إذا رأينا مزيداً من هذه الحيتان التي تغوص في أعماق البحار تجنح للشواطئ نافقة وفي حال سيئة، فسيصبح الأمر أكثر ريبة".

وقال أوكالاغان إن التدريبات كانت ستسبب اضطراباً للحيوانات وتخيفها. وتابع، "طغت ضوضاء لم تعتد هذه الفصيلة من الحيوانات عليها، وبالتالي فمن المحتمل أنها قوية للغاية على آذانها". وأضاف، "الضجيج الناتج من إطلاق صاروخ وضرب هدف سيكون له تأثير ضار هائل على أي شيء في المنطقة المجاورة له، وهذا هو مصدر القلق ولكن لا يمكننا أن نؤكد ذلك على وجه اليقين".

وقالت ضابطة السلاسل في مجموعة الحيتان والدلافين الإيرلندية (IWDG)  ستيفاني ليفيسك، إن المجموعة يجب أن "تنتظر وترى أعداد الجنوح التي ستحدث خلال الأسابيع المقبلة قبل أن يتضح الاتجاه السائد".

وأضافت أن أنواع الحيتان التي تغوص في الأعماق من المرجح أن تتأثر بالتدريبات البحرية الروسية الأخيرة، وأن مزيداً من هذا النوع من الجنوح للحيتان سيكون بمثابة "علم أحمر ويوحي بوجود صلة".

وقالت، "السبب في أننا نشعر بالاندهاش في هذا التسلسل الكامل للأحداث هنا هو أن التدريبات البحرية كانت ستؤثر بشكل خاص في الأنواع التي تغوص في الأعماق، فإذا كان الحوت على عمق ثلاثة كيلومترات يصطاد الحبار ثم حدث هذا التشويش فسيصعد بسرعة كبيرة وتصم آذانه".

وأضافت ليفيسك، "من الصعب حقاً معرفة ذلك في الوقت الحالي، ومن المبكر جداً الجزم بذلك، لكنه بالتأكيد شيء أراقبه عن كثب".

وقالت إن فحصاً مفصلاً بعد النفوق يتضمن أخذ عينات من الجلد وفحصها بحثاً عن سموم كان مطلوباً لتحديد سبب نفوق الحوت، ولكن في هذه الحال يبدو أن الحوت قد مات منذ فترة طويلة جداً لإجراء فحص قاطع.

وتابعت، "مع الحيتان المنقارية ما نود أن نفعله بشكل مثالي هو النظر إلى الأذنين، نقوم بإزالة الأذنين وفي الواقع لا يمكنك فعل ذلك إلا في غضون ساعات بعد نفوق تلك الحيوانات، وإذا كانت هناك أي صدمة صوتية فيمكنهم معرفة ذلك من خلال النظر إلى الأذنين".

وقالت ليفيسك إنه نظراً إلى أن الحوت يغوص في أعماق البحار فإن الانسداد الغازي الناجم عن تشكل فقاعات الهواء في الأعضاء يمكن أن يكون سبب وفاته.

وتابعت، "في حال الغوص من المفترض أن تنظم صعودك ونزولك حتى يتمكن جسمك من التكيف مع التغيير في الضغط، وإذا فعلت ذلك بسرعة كبيرة فستحصل على الانحناءات، والأمر نفسه ينطبق على الأنواع التي تغوص في الأعماق وهذا شيء آخر كنا نبحث عنه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أكثر من 100 حالة نفوق خلال عام واحد

ويمكن للصيادين صيد الحيتان والدلافين في الشباك وإعادتها إلى البحر بعد نفوقها، ويعرف هذا بالصيد العرضي، وهو سبب آخر محتمل لنفوق الحيوان، وفقاً لليفيسك، وقالت إن الوفيات الطبيعية كانت أيضاً محتملة.

بشكل منفصل، زاد عدد حالات نفوق الحيتان والدلافين الإيرلندية التي تقطعت بها السبل إلى أكثر من 100 بين عامي 2020 و2021، ووفقاً لأرقام المجموعة فقد تم تسجيل 392 حالة نفوق لحيتان تقطعت بها السبل في العام الماضي مقارنة بـ 290 خلال الأشهر الـ 12 السابقة. وقالت ليفيسك إن هناك رقماً قياسياً من 14 حوتاً من حيتان "المنك" تم الإبلاغ عنها العام الماضي، وفي المتوسط يتم الإبلاغ عادت عن ستة.

وتعتقد ليفيسك أن الإغلاق عام 2021 خلال فترة ذروة الجنوح كان أحد أكبر أسباب الزيادة في جنوح الحيتان، وقالت إنه في عام 2021 كنا في حال إغلاق وكانت فترة ذروة الجنوح، لذلك كان الجميع في الخارج لمشاهدة الحيتان والدلافين النافقة، والأشهر التي شهدت أكبر قفزة لجنوح الحيتان هي الممتدة بين فبراير ومارس (آذار) 2021.

جنوح الحيتان والدلافين

وقال تقرير لـ "ناشيونال جيوغرافيك" نُشر في مارس 2021، إنه في كل عام تطفو آلاف الحيتان والدلافين والحيوانات البحرية الأخرى على الشواطئ حول العالم، وتحدث هذه الظاهرة التي تسمى الشواطئ أو الجنوح بين الحيوانات السليمة وتلك المصابة أو الميتة التي تدفعها الرياح إلى الشاطئ، وفي بعض الأحيان تقوم مجموعة من الحيوانات البحرية بالنزوح للشاطئ معاً في ما يعرف باسم السلاسل الجماعية، وفي أحيان أخرى قد تشهد المنطقة عدداً غير عادي من الجنوح على مدى فترة زمنية.

وفي المملكة المتحدة سجل برنامج التحقيق التابع لجمعية علم الحيوان في لندن (CSIP) أكثر من 12 ألف حوت عالق منذ العام 1990، وكان هناك جنوح لأكثر من 300 حوت "ساي" في منطقة باتاغونيا جنوب تشيلي عام 2015، أو سلسلة من الحيتان المنقارية التي انجرفت إلى الشاطئ في غوام بين عامي 2007 و2019، وتظهر أن هذه ظاهرة عالمية، وعند أي جنوح يمكن إرجاع السبب إلى عدد من العوامل.

وقال مدير وحدة البحث والإنقاذ في الحيتان (مؤسسة خيرية اسكتلندية لحماية البيئة البحرية) كيفن روبنسون لـ "ناشيونال جيوغرافيك"، إنه "من المحتمل أن يكون هناك العديد من الأسباب التي تفسر سبب جنوح الحيتان والدلافين بدءاً من السواحل المربكة وانتهاء بالتهديدات التي يشكلها البشر".

وتجعل التضاريس الساحلية ونطاقات المد والجزر بعض المناطق بمثابة مصائد للثدييات البحرية، ويحدث الجنوح الجماعي بانتظام في أماكن مثل في نيوزيلندا وسواحل بحر الشمال وكيب كود شرق الولايات المتحدة. ويوضح منسق السلاسل في مخطط الجنوح للحيوانات البحرية الاسكتلندية نيك دافيسون أن هذه المناطق ضحلة جداً بحيث لا تستطيع الحيتان التنقل فيها لأن قدرتها على تحديد الموقع بالصدى مصممة للمياه العميقة، وأثناء دورة المد والجزر يمكن أن تنحسر المياه كيلومترات عدة في بضع دقائق فقط، مما يعني أنه يمكن صيد بعض الحيوانات البحرية.

وتوضح دارين غروفر من مشروع "جوناه" أنه إذا لم تلاحظ الحيوانات أنها تتحرك في المياه الضحلة فقد يتسبب ذلك في حدوث مشكلات عندما يتحول المد.

البشر جزء من المشكلة

البشر أيضاً جزء من المشكلة، فعوامل عدة مثل الصيد والتلوث وضربات السفن وغيرها تعد مسؤولة عن العديد من الإصابات والوفيات اللاحقة التي تؤدي إلى جنوح الثديات مثل الحيتان والدلافين، كما أن التشابك في خطوط الصيد هو السبب الرئيس لوفاة الحيتان. ويعزو روبنسون الصيد إلى الانقراض الوظيفي لدلفين "بيجي" وانقراض الـ "فاكويتا" الوشيك، كما يحرم الصيد الجائر الحيتان من مصادر طعامها الرئيسة مما يؤدي بها إلى المغامرة في المياه الساحلية أو مياه المد والجزر للصيد.

بعض الأسباب الأخرى لنفوق الثديات البحرية هو التلوث، إذ تشق جميع المواد الكيماوية طريقها في النهاية إلى المحيط وتسبب مشكلات دائمة، ويقول مدير المشروع في "سي آي إس بي" روب ديفيل إن هناك أدلة على أن الحيوانات المريضة لديها مستويات أعلى من الملوثات الكيماوية مقارنة بالحيوانات السليمة، على الرغم من صعوبة إثبات السببية، وفي الوقت نفسه يمكن أن يضر التلوث البلاستيكي أيضاً بهذه الحيوانات من خلال التشابك أو الابتلاع أو تلوث الجسيمات البلاستيكية الدقيقة المتراكمة في أجسامها.

وأخيراً فإن احتمال أن تصطدم بها سفينة عابرة يمثل مشكلة، لا سيما للأنواع بطيئة الحركة مثل الحيتان الصائبة المهددة أكثر من غيرها بالانقراض في شمال المحيط الأطلسي، ويمكن أن تسبب الاصطدامات إصابات جسيمة أو وفاة ترمي بها إلى الشاطئ.

محيط صاخب

وبحسب "ناشيونال جيوغرافيك" يتعارض التلوث الضوضائي، بما في ذلك النبضات الصوتية الناتجة من استخدام السونار والمسوحات السيزمية، مع قدرة الحيتان على التواصل والتنقل، ويمكن أن يدفعها إلى الشاطئ من طريق صم الآذان أو إرباكها أو تخويفها، فأنواع الحيتان في أعماق البحار التي تعيش في المحيط المفتوح مثل الحيتان المنقارية معرضة بشكل خاص للسونار حتى من على بعد أميال، ويعتقد أن نشاط السونار البحري مرتبط بسلسلة جنوح الحيتان المنقارية في غوام على سبيل المثال.

ويشير روبنسون إلى أن الحيتان "ربما تكون أكثر الحيوانات تطوراً من الناحية الصوتية على وجه الأرض"، لأن الصوت ينتقل عبر الماء أسرع من الهواء ويحافظ على شدته لفترة أطول، لذا يمكن أن تسبب الأصوات إصابات في آذانها.

ويضيف روبنسون إنه "بسبب ضجيج الصوت يعجز الحوت عن معادلة الضغط في كل مرة يحاول فيها الغوص، ويصبح غير قادر على الغوص، وبالتالي لا يستطيع الحوت الصيد ومن ثم يصاب بسوء التغذية والجفاف لأنه يحصل على الماء من طعامه، وعندما يضعف سينجرف مع التيار لينتهي به المطاف على الشاطئ".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير