Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الركائز الخمس للإصلاحات والعلاج الممنوع في لبنان

الذين يراهنون في الداخل والخارج على الانتخابات النيابية المقررة في 15 مايو المقبل يدركون حدود التغيير

عقدت الحكومة اللبنانية جولة مفاوضات افتراضية مع صندوق النقد الدولي (أ ف ب)

ليس أكبر من أزمات لبنان سوى عجز المسؤولين عن حلها، وحتى عن إدارتها. وقمة العجز في أزمة مالية واقتصادية عميقة في الخوف من الحل الواضح وتناول العلاج الموصوف محلياً وخارجياً. بعض الخوف من قوة مهيمنة تعطل القرار إن لم تستطع فرض ما تريد من إدارة الظهر إلى العرب والغرب والالتصاق بإيران و"شيطنة" صندوق النقد الدولي، الذي صار الاتفاق معه الممر الإجباري إلى الإنقاذ. وبعضه الآخر خوف على "مصالح المافيا السياسية والمالية والميليشيوية الحاكمة" من الإصلاحات التي تغلق الباب على السرقة والهدر والتهريب والفساد والرشوة. فعلى مدى أسابيع عقدت الحكومة جولة مفاوضات افتراضية مع صندوق النقد الدولي. كانت الخطة المقدمة للتعافي المالي أسوأ بكثير من كل ما يقوله اليسار عن وصفات الصندوق الذي نصح بالتخلي عنها. لماذا؟ لأنها تضمنت أفظع طريقة لتوزيع الخسائر المقدرة بـ 69 مليار دولار. خسائر ناجمة عن شراهة الحكومة في الفساد، وشراهة المصارف في المقامرة بأموال المودعين المؤتمنة عليها مقابل أرباح كبيرة، وتواطؤ المصرف المركزي مع الحكومة والمصارف. أما "الحل" الذي طرحته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، فإنه قائم على تدفيع المودعين الذين لا ذنب لهم النسبة الأكبر من الخسارة عبر "هيركت" مخيف، بحيث تبدو المصارف كأنها ردت الودائع ولو بنسبة 20 في المئة من رقمها الحقيقي، ويحافظ "الناهبون" على ما نهبوه من المال العام والخاص.

لكن صندوق النقد الدولي يبدو أكثر رأفة بلبنان من حكامه. مديرة الصندوق كريستالينا جورجيفا كررت الاستعداد لمساعدة لبنان على إنقاذ نفسه، لكنها قالت بصراحة إنه "لا يوجد، على الرغم من الظروف الصعبة للغاية التي يعيشها لبنان، التزام قوي من السلطات بتغيير مسار البلد". والبنك الدولي الذي يقدم المساعدات للبنان أشار إلى "الكساد المتعمد والإنكار الكبير اللذين يؤديان إلى تفكيك الركائز الأساسية لنموذج الاقتصاد السياسي". ولذلك تركت بعثة الصندوق بعد انتهاء مهمتها الافتراضية مع الحكومة، توصية حول خمس ركائز للإصلاحات: "الإصلاحات المالية التي تضمن القدرة على تحمل الديون ومساحة الاستثمار في الإنفاق الاجتماعي وجهود إعادة الإعمار. إعادة هيكلة القطاع المالي لتقوية الثقة ودعم الانتعاش. إصلاح المؤسسات المملوكة للدولة، وخصوصاً قطاع الطاقة لتقديم خدمات أفضل من دون استنزاف الموارد العامة. تعزيز أطر الحوكمة ومكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب لتعزيز الشفافية والمساءلة. ووضع نظام نقدي وسعر صرف موثوق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول المثل الإسباني: "لا أحد يتوقع الإجاص من شجر الدردار". وعلى طريقة هذا المثل يبدو توقع الإصلاحات من "المافيا" التي تعيش على الأزمة وتستمر في فرض أهوال على الناس: لا محاسبة للمصارف التي خانت الأمانة وقامرت بأموال المودعة لديها، بل مساعدة أصحابها ومدرائها وكبار المودعين والنافذين على تحويل أموالهم إلى الخارج. لا محاسبة لوزارة الطاقة التي أنفقت منذ 1993 حتى اليوم نحو 54 مليار دولار على قطاع الكهرباء، من دون تأمين كهرباء لأكثر من ساعتين في اليوم. لا بل إننا ننتظر الجهود الأميركية واستعداد البنك الدولي لتمويل خط الغاز من مصر إلى الأردن وسوريا ولبنان لدعم الكهرباء بعدد محدود من الساعات. العملة الوطنية خسرت أكثر من 90 في المئة من قيمتها. الدولار له خمسة أسعار في البلد. الدين العام تجاوز المئة مليار دولار. والمحاصصة في كل شيء وعلى كل شيء، بحيث صار ينطبق على الموازنات في لبنان قول الرئيس جو بايدن حين كان في مجلس الشيوخ: "الخطة الاقتصادية ليست شجرة ميلاد يعلق عليها كل عضو ما يطلبه".

حتى الذين يراهنون في الداخل والخارج العربي والدولي على الانتخابات النيابية المقررة في 15 مايو (أيار) المقبل لإحداث تغيير، فإنهم يدركون حدود التغيير. لا بل يسمعون "حزب السلاح الإيراني" يهدد بمنع أية أكثرية سيادية تخرج من صناديق الاقتراع من إدارة السلطة. لكن المعادلة صارت واضحة: لا قوة تستطيع الحفاظ على الستاتيكو الحالي، حيث وصل 85 في المئة من اللبنانيين إلى تحت خط الفقر. ولا قوة تستطيع منع الانفجار أو الانفراج. والتغيير حتمي.

المزيد من تحلیل