Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ليبيا الحرة قادمة

نجح الجيش الليبي في تحرير 75 في المئة من البلاد

ليبيون في لباسهم التقليدي خلال عرض عسكري شرق مدينة بنغازي في مايو 2018 (أ.ف.ب)

تشهد واشنطن معركة بين جماعات الضغط في ما يخص ليبيا وتتمحور حول حاضر البلاد ومستقبلها، فحكومة الوفاق التي يترأسها فايز السراج وقّعت عقوداً بملايين الدولارات مع شركات لإظهار حكومة طرابلس على أنها تمثل الشرعية الليبية وتحظى بالاعتراف الدولي منذ توقيع اتفاق الصخيرات.

وتهدف حملة السراج المدعومة من قطر بشكل رئيس إلى تقديم المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، وكأنه أمير حرب يقود مجموعة من الميليشيات، وفي المقابل تحاول تصوير الميليشيات التي تقاتل الجيش في طرابلس على أنها نواة القوات المسلحة الليبية المدافعة عن الحكومة الشرعية.

ويعمل الجيش الليبي ومؤسساته المنبثقة من البرلمان في عواصم العالم لتأكيد موقفه وموقعه حيث يقاتل تنظيمات القاعدة وداعش، والجماعات المحسوبة على الإخوان المسلمين حيث دخل أخيراً بعض المناطق المحيطة بطرابلس بهدف تجريد هذه الجماعات من سلاحها.

ومع هذا الكرّ والفرّ، فإن أعضاء في الكونغرس ومعهم قسم من الرأي العام الأميركي، لا يمتلكون أي تصوّر واضح عما يجري على أرض الواقع في ليبيا، ولكنّ الإدارة الأميركية وعدداً من المشرعين ومراكز الأبحاث المعنية بمواجهة الإرهاب، ومعظم القاعدة الشعبية للرئيس ترمب، أصبحت على علم بما يجري هناك، وهي تعتبر أن كل طرف سياسي أو عسكري في العالم العربي عموماً وليبيا خصوصاً، يواجه هذه الجماعات الإرهابية التي ضربت أبراج التجارة في نيويورك، ونفذت عملية إرهاب في عواصم الدول العربية والغربية، يُعدّ حليفاً إستراتيجياّ للولايات المتحدة الأميركية، وعلى الرغم من أن حكومة الوفاق تعمل تحت مظلة اتفاق الصخيرات المعترف به من قبل الأمم المتحدة، فإن الرئيس ترمب اتصل بالمشير خليفة حفتر لتأكيد الوقوف ضد الإرهاب، وهذا الأمر يمثل تغيراً في الموقف الأميركي وتأكيد استمرار ترمب في الدفاع عن شعاراته الانتخابية، فالرئيس ومنذ حملته الانتخابية ومع كل الضغوط التي مُورست عليه استمر برفع شعار مواجهة الميليشيات الإرهابية والجهاديين في جميع مناطق الشرق الأوسط، وترجم ذلك بصور واضحة في ليبيا.

صحيح أن الخارجية الأميركية تعترف بحكومة طرابلس، ولكن البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي ووزارة الدفاع وقسماً مهماً في الكونغرس أعلنوا خيارهم الواضح في التعاطي والشراكة مع الجيش الليبي لأسباب عدة أبرزها:

- فعالية الجيش الليبي في حربه ضد الإرهاب ونجاحه في تحرير 75 في المئة من الأراضي الليبية وسيطرته على الجنوب والشرق واقترابه من تحرير طرابلس من المجموعات الإرهابية وتجريد الميليشيات من سلاحها.

- التوصل إلى قناعة بإمكان قيام عمل مشترك عبر الأطلسي مع فرنسا التي دعمت المشير حفتر وجيشه منذ أكثر من عام، وتحديداً بعد مؤتمر باريس حيث استضاف الرئيس إيمانويل ماكرون جميع الأطراف وتم الاتفاق على آلية سياسية تتضمّن انتخابات وتجريد الميليشيات من السلاح، غير أن فشل حكومة طرابلس في كبح جماح الميليشيات أسهم في إقناع الحكومة الفرنسية بأن الجيش الليبي هو الوحيد القادر على إنهاء التفلّت والسلاح الخارج عن الشرعية، ولذلك فإن الحوار بين ماكرون وترمب في لقائمها في مناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لإنزال النورماندي قد ينتج اتفاقاً أميركياً فرنسياً يُسرّع عملية دحر الإرهاب في ليبيا، ويتبع ذلك ألية سياسية تنتج حكومة انتقالية ثم انتخابات برلمانية ورئاسية

- امتلاك الجيش الليبي نقطة قوة متمثلة في دعم البرلمان الليبي له، والذي يعد آخر مؤسسة منتخبة من قبل الشعب أي أنه يمتلك الشرعية الشعبية القانونية، وواشنطن تنظر إلى هذه المؤسسات– البرلمان والحكومة المنبثقة منه والجيش- كمثلّث يتمتّع بشرعية أكثر من حكومة الغرب القائمة على الميليشيات

وتنبغي الإشارة إلى أن أيّ موقف فرنسي أميركي سيكون كافياً لتغيير الموقف الأممي، فروسيا والصين لن تعترضا على أي اتفاق على الرغم من محاولة موسكو مزاحمة واشنطن في رحلة البحث عن امتلاك بعض النفوذ في ليبيا، أما بريطانيا فلن تواجه واشنطن إذا تأكدت أن الرئيس ترمب يريد تعزيز العلاقات الإستراتيجية مع الجيش الليبي ومعه البرلمان. علماً بأن مؤتمر الصخيرات الذي أسس لشرعية "حكومة الوفاق" قد حصل على شرعية الأمم المتحدة على أساس التوافق وهذا عملياً لم يحصل في ليبيا. فمن الممكن جداً أن يكون هنالك صخيرات آخر قد يدعو له مجلس الأمن لإنتاج قرار جديد يعيد تأسيس الجمهورية على أساس مواجهة الإرهاب وتثبيت التعددية.

على الصعيد الإقليمي، فحكومة طرابلس مدعومة عملياً من قبل المحور الإخواني الذي يضمّ قطر وحكومة أردوغان، وأخيراً ظهرت مؤشرات تفيد بدعم إيران أيضاً هذا المحور، في المقابل تدعم الدول الحليفة لواشنطن، كمصر والإمارات والسعودية والأردن ودول أخرى، الجيش الليبي والبرلمان، وبالتالي فإن المثلّث الذي يضمّ فرنسا وأميركا والتحالف العربي قادر على التأثير في مجلس الأمن، بموازاة تمكّن ليبيا الحرّة من التقدم على الأرض، ولكن يجب أن يفهم الجميع أن انتصارها على الإرهاب لن يعني قيام دكتاتورية جديدة، فهناك تفاهم بين البرلمان وقيادة الجيش على آلية سياسية تتضمّن نزع سلاح الميليشيات وإعادة الحياة والاستقرار إلى الشعب، وإجراء انتخابات ديمقراطية.

المزيد من آراء