Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحميل كاري مسؤولية إخفاقات جونسون نموذج عن التمييز ضد النساء

يجري تصويرها كمزيج من لايدي ماكبث وهياسنث بَكِت وأميرة إحدى حكايات الجنيات

بوريس جونسون وزوجته كاري (أ.ف.ب)

أتراها كاري الملامة في كل ما يحصل؟ لو فكّرنا في قسم من التغطية الإعلامية حول تأثير زوجة جونسون الحالية على رئيس الوزراء، فلا شك في أننا سنعذر من يفكّر بهذه الطريقة. إذ تُصوَّر شخصيتها على أنها مزيج من لايدي ماكبث [الزوجة المتلاعبة في مسرحية شكسبير "ماكبث"] الماكرة والطموحة، والشخصية التلفزيونية النرجسية هياسنث بِكِت، والأميرة في حكاية "الأميرة وحبة البازلاء"، أي بعبارة أخرى، بأسلوب مشبع بالكراهية تجاه النساء.

وتكبر حالياً خرافة مفادها أنّ عضو حزب المحافظين الموثوق والآمن والرجعي المتمسّك بالقيم والتقاليد التحررية القديمة [بوريس جونسون]، قد وقع فريسة هذه الغاوية من نخبة المدينة، فكأنها إحدى العميلات في فيلم جيمس بوند.

خلافاً لكلّ الشخصيات الأخرى المتورطة، وصولاً إلى أمين سر مجلس الوزراء ووزير الخزانة ضمناً، لا يمكن طرد كاري جونسون ضمن حملة تطهير مجلس الوزراء. وثمة مجال متاح أمامها في كل الأوقات للوصول إلى أُذُنْ رئيس الوزراء كي تضخ فيها قطرات السموم، وفقاً للخرافة المُتناقلة، مصحوبةً بهمسات الحب. لو فكرتم في الأمر ستجدونه ضرباً من الجنون، لكنه يكبر ويُبنى عليه منذ وقت طويل.   

إذا كنتم تصدّقون دومينيك كامينغز [دوم] مثلاً، ستصدقون بأن "الأميرة المجنونة" كانت تشتّت انتباه رئيس الوزراء باستمرار وتشجّعه على إجراء تعيينات مهمة داخل مقرّ رئاسة الوزراء أو التراجع عنها. في مايو (أيّار) الماضي، أخبر دوم النوّاب المصعوقين بأنّه في 12 مارس (آذار) 2020، مثلاً، فيما شرع بوريس جونسون في استيعاب الحجم الحقيقي لجائحة كورونا، أثارت سمّو الأميرة (كاري) الفوضى أكثر من المعتاد بسبب جَروهما، ديلين. 

"في ذلك اليوم، نشرت صحيفة "تايمز" تحقيقاً طويلاً عن رئيس الوزراء وصديقته الحميمة وكلبهما. فقدت صديقة رئيس الوزراء صوابها بسبب ذلك التحقيق، وطالبت أن يهتمّ مكتب الشؤون الصحافية بالموضوع. كنّا في وضع مجنون للغاية حيث يتساءل قسم من المبنى إن كنّا سنقصف العراق، فيما يدور الجدل في قسم آخر حول فرض الحجر الصحي أو عدمه، فيما صديقة رئيس الوزراء فاقدةً صوابها بسبب أمر تافه للغاية".

في أعقاب هذا التصريح العدائي الصادر عن مساعد جونسون السابق، ردّ بعض أصدقاء كاري بأن كامينغز كان "ينتقم" من الكلب الذي تبنّاه جونسون لإنقاذه لأنه يمرّ بفترة شبق وحاول "التزاوج" مع رجله. لا بدّ أنها كانت مرحلة شاقّة للغاية بالنسبة لكاري المضطرة للاهتمام بزوج شبق وكلب شبق من فصيلة "جاك راسل"، من دون أن تعلم متى قد يُفقد أحدهما أو تُنشر أخبار رغباته العشوائية في الصحف. 

وكذلك تحمل ومعظم الادعاءات الأخرى بشأن كاري الطابع نفسه من الإشاعات غير المهمة. إنها مجرّد نوادر، بل نوادر ممتعة، لكن الانطباع الذي تتركه يتمثّل في أنّ كاري مَنَعَتْ تحوّل بوريس إلى رئيس وزراء محافظ عظيم. وتُصوّر [كاري] أيضاً على أنها شخصية مدللة وملحاح وأنانية تُهَوِّل على جونسون في شأن جعل بريطانيا جنة خضراء ناعمة من الصحوة الاجتماعية. حبذا لو...

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في سياق متصل، يقدّم اللورد آشكروفت الذي لديه نشاط جانبي لا بأس به في تأليف الكتب المثيرة عن زملائه في حزب المحافظين، نوادر أكثر بكثير في كتابه الأخير بعنوان "السيدة الأولى، مكائد في بلاط كاري وبوريس جونسون". وهذا مقتطف من الكتاب، يناقش فيه "مصدر" دورها في حملة انتخاب جونسون لزعامة الحزب في 2019. ووفق ذلك المقتطف، "أدركنا بسرعة بأنّ مناخاً من الخوف يحيط بفكرة المساس بأي شيء لا يعجب كاري. ساد التوتّر في الأجواء. وأعتقِدُ بأنّ الأشخاص المقرّبين إليها ومن يقفون في صفّها، يكسبون الكثير. ومن يمجّدونها قد يحصلون على وظيفة مذهلة لهذا السبب. وإن لم تعجبها، قد يؤدي ذلك إلى عواقب كبيرة".

وبحسب ذلك المقتطف، "وقعت حادثة في السابق أثناء عمل كاري في وزارة الثقافة والإعلام والرياضة. كان من بين الزملاء شابة أخرى اسمها ميمي ماتسيكوفا، لكنها غادرت منصبها في غضون أشهر من تولّي جون ويتينغدايل الوزارة. إذ ذكر إن ماتسيكوفا 'لا تنسجم جيداً مع الآخرين' من أعضاء فريقه. واستُبدلت بصديقة كاري".

ووفق المقتطف، "في وقت لاحق، تولّى الأصدقاء المقرّبون من كاري مناصب كبار مساعدي جونسون. ومن بينهم هنري نيومان الذي وصفته يوماً ما بأنه أحد "الأشخاص المفضّلين" لديها، وجوش غريمستون، الذي يعمل الآن مع مايكل غوف. إضافة إلى أليغرا ستراتون التي عُيّنت في منصب المتحدثة باسم جونسون بعدما نقلت التقارير عنه قوله "إن كاري ستقتلني إذا لم تحصل أليغرا على الوظيفة"".

هاكم إذاً. إذا عدتم إلى بداية فضيحة الحفلات "بارتي غايت"، والفيديو المسرّب لستراتون أثناء المؤتمر الصحافي الصُوري أثناء ضحكها بيأس أمام الخرق الصارخ لقواعد الإغلاق، وإلى أنّ تعيين أليغرا لتقديم الإحاطات التلفزيونية هو فكرة كاري، تصبح كاري، بشكل غير مباشر، هي المسؤولة الحقيقية عن هذه المسألة المؤسفة التي من شأنها إنهاء مسيرة مهنية [لبوريس جونسون].

وغالباً ما تكون الإشارة الضمنية هي أنه لو بقي جونسون مع زوجته مارينا ويلر، ولم تُغره الشيطانة كاري سيموندز، لكانت شؤون ولايته على أفضل حال.

هذا هراء. هراء مغرٍ، ولكنه يظلّ هراء. جونسون رجل عاقل وراشد، لديه تضخّم في الأنا، ويقدر تماماً على اتخاذ قراراته السيئة وحده. إنه رجل ذكي من بعض النواحي، ماكر، وقادر على الغش والخداع، وعلى الإتيان بتعيينات غبية وحده، وأقدّم مثلاً على ذلك جايكوب ريس- موغ، ونادين دوريس، وبريتي باتيل، ودوم [دومينيك كامينغز] الساحر أيضاً، على ما يبدو.    

إنه [جونسون] ليس بحاجة لأي مساعدة كي يخفق في إلقاء خطاب، وقد برهن ذلك في مؤتمر "اتحاد الصناعات البريطاني" حين سرح فكره وضاع في عالم الخيال. وكانت فكرته، وفكرته وحده، أن ينبش قبر جيمي سافيل [متحرش جنسي ثارت فضيحة حول سيرته] ويرمي جثته أمام زعيم حزب العمّال [كير ستارمر]. إنه يخشى، على غرار أبيه ستانلي، مسألة تغيّر المناخ، ولكن بوريس جونسون غيّر توجهاته منذ وقت قريب، ولم يُعِرْ انتباهاً كبيراً لما قاله له أبوه عن الكوكب المُحتضر.

ومع ذلك، فلنفترض بأنّ كاري "تسيطر" عليه. هذا ليس ضرباً من السحر. إذا كان جونسون ضعيفاً لدرجة أنّ المستشارين والزملاء والأصدقاء وحتى زوجته وعائلته، قادرين على توجيهه كيفما شاؤوا، فالعيب فيه وليس فيهم. وإذا منعه الكسل من النقاش والجدال، أو أنه يريد لوم زوجته على الأمور التي يزعجه أن يقولها أو يفعلها، فالمشكلة فيه وليست فيها. 

واستطراداً، لقد ظلّت ويلر، القدوة المزعومة، زوجته خلال عمله محرراً في مجلة "سبيكتاتور"، ونائباً، وعمدة لندن، ووزيراً للخارجية، وكان على الدرجة نفسها من الفوضى والإهمال والكذب أثناء تولّيه تلك الوظائف، على غرار حاله في رئاسة الوزراء. وقد دعمته عندها، على غرار ما فعلت كاري، ولا شك في أنها تحدثت معه حول بعض القضايا، وتحمّلت أشياء كثيرة، لكنها لم تقدر على ثنيه عن فعل ما يريده. إن ذلك هو لبّ المشكلة. بوريس المشكلة. وليس كاري.

© The Independent

المزيد من تحلیل