Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاقتصاد العالمي تنتظره أوقات مملوءة بالتحديات

البنك وصندوق النقد الدوليان يحذران من تعرض البلدان الأفقر إلى ضربة قوية بشكل خاص

آفاق رفع أسعار الفائدة في أميركا قد تحث الرساميل على التدفق إلى الخارج (أ ب)

إن اللغة المخففة التي تستخدمها هيئاتنا الدولية للمراقبة المالية هي التي تعطي رسائلها تلك القوة التي تميزها. في وقت يقلق فيه البريطانيون عن حق، من التكاليف المتزايدة للطاقة، ومعدلات التضخم المتنامية، والارتفاعات في معدلات الفائدة، بادر "صندوق النقد الدولي" و"البنك الدولي" إلى تذكيرنا بأن التهديدات التي يتعرض إليها النظام الاقتصادي العالمي تفوق مصادر القلق هذه، إلى حد كبير.

إذ ذكرت كبيرة خبراء الاقتصاد في صندوق النقد أثناء الكشف عن آخر توقعات تلك الهيئة الرقابية المالية، أن "هذه في الواقع فترة يتعين على المرء فيها أن يكون شديد الحذر في ما يتصل بما يجري لجهة قدرات البلدان في مجال خدمة الديون". على السطح، ليست توقعات "صندوق النقد" سيئة أكثر مما ينبغي، نظراً إلى ما مررنا به. إذ سينمو الاقتصاد العالمي بـ4.4 في المئة هذه السنة، قريباً من الطرف الأعلى لنطاق النتائج في هذا الصدد منذ 1980.

لكن هذه النسبة ستكون تباطؤاً ملحوظاً بالمقارنة مع انتعاش السنة الماضية الذي بلغ 5.9 في المئة، وتنذر بمزيد من التباطؤ إلى 3.8 في المئة السنة المقبلة. ووفق إشارة "البنك الدولي" في تقرير آخر حديث، سيتزامن التباطؤ مع تباعد متزايد في معدلات النمو بين الاقتصادات المتقدمة والاقتصادات الناشئة والنامية.

وكذلك يرى البنك أن الاقتصاد العالمي سيتباطأ إلى نمو يبلغ 3.2 في المئة فقط السنة المقبلة. لكن، في حين أن ناتج الاقتصادات المتقدمة سيعود في المتوسط إلى مستوى ما قبل الجائحة السنة المقبلة، سيظل الناتج في الاقتصادات الناشئة والنامية أدنى بواقع أربعة في المئة من اتجاهاته قبل الجائحة.

أما بالنسبة إلى العديد من الاقتصادات الضعيفة، فستكون النكسة أكبر من ذلك. إذ سيقل ناتج الاقتصادات الهشة والمتأثرة بالنزاعات بـ7.5 في المئة من اتجاهات ما قبل الجائحة، وسيقل ناتج الدول الجزرية الصغيرة بـ8.5 في المئة.

وقد تعذر البلدان الأكثر فقراً لأنها تتصور أن التحسن الذي طرأ منذ انتشار جائحة كورونا لم يكن كبيراً. ومع ارتفاع معدلات الفائدة، ستجد البلدان ذات الدخل المنخفض، التي يعاني بالفعل 60 في المئة منها ضائقة على صعيد الديون أو يواجه خطراً كبيراً للوقوع في هذه الضائقة، ستجد صعوبة متزايدة في تسديد أقساط ديونها.

لقد مر كثير من الوقت منذ استجابت "مجموعة العشرين" المؤلفة من البلدان الغنية إلى الضغوط التي مارسها "صندوق النقد" و"البنك الدولي" لتخفيف أعباء الديون. في البداية، عرضت المجموعة تعليق أقساط الفائدة على ديون القطاع الرسمي، لكن ليس الدين ذاته. ثم سمحت للبلدان المدينة بالتماس التخفيف من أعباء الديون "غير المستدامة". في المقابل، يفيد "صندوق النقد" بأن التقدم في الحالات الأولية للبلدان جاء بطيئاً للغاية. وثمة حاجة إلى تحسينات عاجلة لدفع العملية قدماً وتوسيع نطاق تغطيتها للبلدان.

في سنة 2022 وحدها، سيستحق نحو 35 مليار دولار (26 مليار جنيه استرليني) في هيئة مدفوعات ثنائية وخاصة لخدمة ديون الحكومات أو الديون المضمونة من حكومات المترتبة على البلدان الأكثر فقراً التي تقترض من المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي.

ومرة أخرى، برز عامل التخفيف. إذ حذر رئيس "البنك الدولي ديفيد مالباس أنه "نظراً إلى الأعباء، ستجد البلدان الضعيفة صعوبة متزايدة في دعم التعافي أو توجيه الموارد إلى الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية والمناخ".

هذا القلق على الحالة الصحية ينقلب تماماً إلى الحد الآخر من التباين بين توقعات العالمين المتقدم والنامي، متمثلاً في تقديم لقاحات كوفيد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إذ تبلغ نسبة السكان الملقحين بالكامل نحو 70 في المئة للبلدان ذات الدخل المرتفع، لكنها أقل بكثير لدى البلدان المنخفضة الدخل. والواقع أن 86 بلداً تمثل 27 في المئة من سكان العالم، لم تحقق الهدف المنشود المتمثل في تلقيح 40 في المئة من الناس مع حلول نهاية 2021 (باستثناء الجرعات التنشيطية)، وهو المستوى الذي حدده اقتراح صندوق النقد في شأن الجائحة.

وبالتالي، يلزم اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان توفير اللقاحات في شكل منصف وقابل للتوقع بالنسبة إلى الاقتصادات النامية، من خلال مبادرة "كوفاكس"، وهي ركيزة اللقاحات عبر "مسرع الوصول إلى أدوات كوفيد-19"، و"الصندوق الأفريقي للحصول على اللقاحات". وللوصول إلى تلك الغاية، يتعين على المجتمع العالمي أن يوازن بين هدف نشر الجرعات التنشيطية في البلدان حيث ترتفع نسبة التلقيح بالفعل، ومساعدة البلدان كلها على تحقيق مستهدف لم يقطع سوى عشر الطريق إلى تحقيقه.

وكأن هذا لم يكن كافياً على صعيد التحديات التي تواجه البلدان النامية، فإنها تواجه الاحتمالات المختلفة المتعلقة بتكاليف الاقتراض المتزايدة مع استمرار مجلس "الاحتياطي الفيدرالي الأميركي" على مساره المتمثل في رفع معدلات الفائدة وسحب الحوافز النقدية الخاصة بالتيسير الكمي. فعلى الرغم من أن مجلس "الاحتياطي الفيدرالي" لا يتحمل سوى المسؤولية عن اقتصاد الولايات المتحدة، ستخلف قراراته آثاراً أوسع نطاقاً في عدد من الاقتصادات الأصغر حجماً. وستتحكم ردود فعل الأسواق المالية إزاء التغيرات (الفعلية أو المتصورة) في سياسات مجلس "الاحتياطي الفيدرالي"، في كيفية تسرب السياسة النقدية الأكثر تشدداً في الولايات المتحدة إلى بلدان أخرى، لا سيما الأسواق الناشئة والاقتصادات المبتدئة.

واستطراداً، فمن شأن توقعات ارتفاع معدلات الفائدة في الولايات المتحدة أن تحفز رأس المال على التدفق إلى الخارج، ما يفرض ضغوطاً تدفع الأسواق الناشئة وعملات الاقتصادات النامية إلى الهبوط، وبالتالي ترفع معدلات التضخم.

في مسار مقابل، تستمر نقاط الضعف المالية. وضمن مسار حلقة مفرغة، قد ترتفع أعباء خدمة الديون المستحقة على عدد من البلدان التي تعاني ديوناً عامة وخاصة، إلى مستويات أعلى كثيراً بالترافق مع ارتفاع معدلات الفائدة.

وبينما يستعد البريطانيون لضربة ثلاثية من الارتفاعات الحادة في تكاليف الطاقة، وارتفاع معدلات التضخم على نطاق أوسع، والزيادات الضريبية، لا بد من تذكيرنا بأن عدداً من البلدان الأخرى ستواجه وضعاً أشد سوءاً من ذلك.

© The Independent