Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طوابير في ليبيا... لسحب المال وتعبئة الوقود

تواصل الأزمات الاقتصادية يضر بالميزانية 

عدم تحييد المحروقات عن التجاذبات السياسية اغرق المواطن الليبي في نفق المعاناة (اندبندنت عربية)

اختنقت العاصمة الليبية طرابلس بالطوابير الطويلة التي غصت بها ساحات المصارف ومحطات الوقود. ازدحام يترجم الأزمة التي تعصف بحياة المواطن الذي يستعد للاحتفال بعيد الفطر الذي يحل عليه بين سندان نقص السيولة وشح المحروقات. إشكاليات عجزت عن حلها حكومة الوفاق الوطني على الرغم من إقرارها برنامج إصلاح اقتصادياً نهاية عام 2018، يشمل رفع قيمة الدينار الليبي وتخصيص ألف دولار سنوياً لكل مواطن، إضافة إلى رفع الدعم عن المحروقات واستبدالها ببدل نقدي يضاف إلى دخل كل موظف مالي. ترتيبات اقتصادية لم توقف تمدد أخطبوط الأزمات الذي نغض فرحة العيد على سكان طرابلس.

أزمة متواصلة

أمام تفاقم عجز توفير السيولة المالية، يؤكد صبري بالخير أنه اضطر إلى المبيت أمام باب المصرف ليحجز دوراً باكراً باعتبار أن القيمة المالية تنفذ في الساعات الأولى من النهار. وقال "أنا رب أسرة ومن واجبي توفير مستلزمات عائلتي بخاصة الأطفال الذين لهم أولوية في شراء الملابس الجديدة لتكتمل بهجة العيد". ويتابع "أقل بدلة سعرها 200 دينار في المحلات الشعبية، يعني تكلفة ملابس العيد لأربعة أطفال ستصل إلى 1000 دينار مع بعض المستلزمات، في حين أن سقف السحب المتوافر لا يتجاوز 500، وهو مبلغ غير كاف لتغطية مصاريف هذه المناسبات التي أفسدها سوء الخدمات المصرفية". في المقابل، توجه بعض الليبيين إلى البنوك التونسية لسحب مستحقات أرباب الأسر من الدولار التي توفرها ليبيا لمواطنيها سنوياً هروباً من غول التدافع على شبابيك المصارف الخاصة والحكومية. وفي هذا السياق يقول عبد الرزاق ملموس إن على رب الأسرة التخطيط لمثل ظروف كهذه، لا سيما أن بوادر أزمة السيولة ليست جديدة على الليبيين. ويضيف "لدينا عادات وتقاليد اجتماعية لا يحلو العيد إلا بتوفرها، منها إعداد أكثر من صنف من الحلويات وشراء الأزياء التقليدية للرجال التي لا يكتمل رونق العيد إلا بها". ويشير ملموس إلى أن مخصصات 6 أفراد لأسرته من الدولار مكنته من الحصول على مبلغ مالي كان عوناً له لمجابهة ميزانية شهر رمضان وعيد الفطر، وأنقذه من تعب الوقوف لساعات طويلة لسحب جزء بسيط لا يتعدى 500 دينار من مدخراته المالية التي تتحكم فيها السياسات المصرفية التي طالت جيب الحريف.

شح الوقود 

وليس بعيداً من الازدحام أمام المصارف، شهدت محطات الوقود بطرابلس اختناقاً مرورياً على الرغم من تأكيدات لجنة أزمة الوقود والغاز بتوافر المحروقات الكافية. تصريحات استغربها علي الترهوني الذي قال "هناك محطات وقود مقفلة بسبب عدم توافر كميات البنزين، ما سبب ضغطاً على بعض نقاط بيع الوقود تزامنا مع عيد الفطر الذي يكثر فيه التنقل بين المدن، مشيراً إلى أن لذة العيد ضاعت بين سندان السيولة ومطرقة الوقود. وأضاف "بلد نفطي يعاني من إشكاليات من المفترض أن تكون غير موجودة نهائياً، ولكن استمرار تغير الحكومات وانقسام البنك المركزي وعدم تحييد المحروقات على التجاذبات السياسية، أغرق الليبي في نفق هذه المعاناة. وفي سياق متصل، أشارت ريحاب رحالي إلى أنها اضطرت إلى التغيب عن عملها بسبب نقص الوقود ما دفعها للتوجه إلى السوق السوداء التي تنشط في ظروف كهذه، لتوفر حاجاتها من المحروقات. وقالت "حالنا لا يختلف عن حال مهربي الوقود، إذ نضطر في العادة لشراء كمية من البنزين والاحتفاظ بها في المنزل لوقت الأزمات".

حلول بديلة 

حول الحلول الممكنة للتخفيف من هذه الأزمات التي انعكست سلباً على أجواء عيد الفطر، يقول دكتور المحاسبة المالية بجامعة الزاوية عبد البارئ بيشون، إن السياسات المالية الفاشلة هي سبب استفحال إشكالية السيولة .ويضيف "البنك المركزي ضخ قيمة نقدية تقدر بـ34.7 بليون دينار بينما معدل السيولة الطبيعي لا يتعدى 5 مليارات. وقيمة السحب لا تتجاوز 500 دينار". ويقترح توحيد البنك المركزي المنقسم إلى فرعين واحد بالشرق والآخر بالغرب الليبي وإعادة هيكلية المصارف التجارية. ويتابع "المواطن الليبي أصبح يجد متنفساً لضيقته المالية في الأعياد والمناسبات في استعمال البطاقة البنكية لكنها ليست حلاً، بخاصة أن نسبة الفرق على السعر المعروض تصل إلى 20 في المئة". في غضون ذلك، يؤكد الخبير الاقتصادي محسن دريجة أن أزمة الوقود مفتعلة ودوافعها سياسية تتمثل في إظهار حكومة فائز السراج كحكومة عاجزة عن تقديم الخدمات لسكان العاصمة. ويقول "هي أزمة يتحكم في خيوطها تجار البنزين الذين ينتشرون خارج نقاط البيع الحكومية علناً، مستغلين حاجة الناس للمحروقات في موسم العيد، الذي ترتفع فيه وتيرة التنقل للتسوق وتبادل التهاني". وأعلن ضرورة تحييد المحروقات عن أماكن الاشتباكات التي تشهدها طرابلس، حيث تذهب نسبة هامة من الوقود إلى تحريك الآليات الحربية، ما تسبب في إغلاق عدد من محطات الوقود وفق تعبيره. وخصص مليارا دولار من خزينة البنك المركزي بطرابلس كتكلفة للحرب التي شنها اللواء خليفة حفتر على قوات حكومة الوفاق الوطني والتي خلفت قرابة 85 ألف نازح وفق منظمة الصحة العالمية، مؤشرات ستزيد من حدة شح السيولة النقدية إذا لم يتوصل المجتمع الدولي إلى حل ينهي الصراع الحالي.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي