Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قرار مغادرة الاتحاد الأوروبي كان مكلفا وقد تزيد تكلفته على المملكة المتحدة

يمكن المجادلة بأنه اعتباراً من عام 2020 وما بعده قد يصعب التمييز بين تأثيرات "بريكست" وأزمة "كوفيد - 19" في  بريطانيا. لكن تبين أنه كان هناك ثمن لشبح الخروج من الكتلة الأوروبية بلا صفقة، حتى لو لم يحصل ذلك

عُلّقت آمال على أن تخفيض قيمة الجنيه الاسترليني قد يساعد في زيادة الصادرات، لكن ما حصل كان عكس ذلك (غيتي)

جاء في تحليل جديد أجراه فريق أبحاث مبادرة "المملكة المتحدة في أوروبا متغيرة" UK in a Changing Europe  (تُعنى بالأبحاث عن العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي)، أنه ما كاد حبر اتفاق التجارة لمرحلة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أن يجف، حتى تلقّى الاقتصاد البريطاني ضربةً نتيجة قرار الرأي العام مغادرة الكتلة الأوروبية.

الأمر لم يكُن مفاجئاً لقادة الأعمال في البلاد، كما أوضح مؤلف التحليل البروفيسور ديفيد بايلي، الاقتصادي في "جامعة بيرمنغهام"، الذي يظهر بحثه أن الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي تُرجم على أرض الواقع ارتفاعاً في تكاليف الاستيراد بالنسبة إلى الشركات، وهو عبء اضطُرت إلى تقاسمه مع المستهلكين.

وقد شرع هذا البحث - إضافة إلى دراسة أخرى نُشرت يوم الثلاثاء الفائت - في تسليط الضوء على الدور الذي اضطلع به خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في أزمة ارتفاع تكلفة المعيشة. وقد يكون في الواقع من الصعب جداً تحديد الخيط الفاصل ما بين الأسباب المرتبطة بالتأثير المدمر للوباء في سلاسل التوريد العالمية، والأسباب المتعلقة بالقيود والحواجز التجارية الجديدة مع الاتحاد الأوروبي.

إلا أن الأدلة على الرغم من ذلك بدأت تشير إلى أن تداعيات قرار مغادرة الاتحاد الأوروبي، أسهمت في رفع الأسعار، وسببت اضطرابات للشركات - حتى قبل تفشي وباء "كوفيد - 19".

ثمة مشكلتان أساسيتان - تمثلتا في الاستثمار المنخفض في المشاريع والأنظمة المستقبلية، والضغط لتجنب حدوث اضطراب - دفعتا الشركات المصنعة في المملكة المتحدة إلى الدخول في دوامة من الكر والفر لجهة تكوين مخزون من المواد الضرورية الأساسية، ومن ثم استهلاكها بسرعة فائقة، وذلك حتى قبل إبرام صفقة التجارة لمرحلة ما بعد الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي.

ويرى البروفيسور بايلي أنه كانت هناك تكلفة مترتبة على شبح مغادرة الاتحاد الأوروبي من دون صفقة، حتى لو لم يتم ذلك". وأضاف أن "’اتفاق التجارة والتعاون مع الاتحاد الأوروبي‘ Trade and Cooperation Agreement with the EU (TCA) كان موضع ترحيب كبير، وقد تجنب السيناريو الأسوأ. إلا أن المخاوف من التأخيرات الجمركية أدت إلى عملية تخزين للمواد، ومن ثم جاء الوباء ليفاقم هذا الوضع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستناداً إلى التقرير الذي نشره مركز أبحاث "المملكة المتحدة في أوروبا متغيرة" يوم الأربعاء، فإن التأثير في التجارة بشكل عام، لم يكُن بالضرورة تحويلاً لها، بل تداولاً أقل في بعض القطاعات.

وكشف تقرير منفصل أشرف عليه اقتصادي آخر هو توماس سامبسون، ونُشر يوم الثلاثاء، أن هذا العامل كان مسؤولاً بشكل جزئي عن تقليص نمو الناتج المحلي الإجمالي بما بين 2 و3 في المئة، وعن زيادة التكاليف على المستهلكين بنسبة تصل إلى 2.9 في المئة، أو بما يُقدر بنحو 870 جنيهاً استرلينياً (1.175 دولاراً أميركياً) في السنة على الأسرة المتوسطة. وكان ذلك حتى عام 2019 قبل نشوء الاحتكاك الحديث الناجم عن الصفقة التجارية الجديدة.

وتبينّ دراسة البروفيسور بايلي أن الصادرات من الاتحاد الأوروبي والواردات إليه، هي أقل بنحو 15 في المئة مقارنة بسيناريو خروج بريطاني من دون إبرام صفقة.

وكانت قد عُلّقت آمال من جانب أنصار المغادرة البريطانية للاتحاد الأوروبي، بمَن فيهم بعض الاقتصاديين، على أن تخفيض قيمة الجنيه الاسترليني من شأنه أن يساعد في زيادة الصادرات، بحيث أن هذا التخفيض يمكن أن يجعل البضائع البريطانية رخيصة نسبياً على جهات تتداول بعملات أخرى. لكن الأبحاث أشارت إلى أن الأمر لم يحصل.

وبدلاً من ذلك، تم القضاء على التأثير الإيجابي المحتمل نتيجة ارتفاع التكاليف. فقد قوّض جنيه منخفض القيمة، القدرة الشرائية للشركات البريطانية عندما اضطُرت إلى الاستثمار في مواد يتعيّن شراؤها من الخارج.

وعندما يتعلق الأمر بتوثيق أحد أكثر التطورات غرابة في التجارة العالمية في الأعوام المقبلة - لجهة إقامة الحواجز بدلاً من كسرها - فإن هاتين الدراستين عن بدايات "بريكست"، وفترة ما قبل إبرام "اتفاق التجارة والتعاون مع الاتحاد الأوروبي"، ستكونان حاسمتين.

قد يتمكن السياسيون البريطانيون من أن يجادلوا بأنه يصعب اعتباراً من عام 2020 فصاعداً التمييز بين تأثير الخروج من الاتحاد الأوروبي  وتأثير الوباء. لكن هذه الذريعة لم يكُن ممكناً تقديمها بالطريقة ذاتها في الفترة الممتدة ما بين عام 2016 وعام 2019.

على المدى الأبعد، قد لا يكون هناك شعور متساوٍ بالتكاليف في مختلف أنحاء المملكة المتحدة. ففي الواقع، توصّلت الدراسة إلى أن التأثير "من المرجح أن يكون أكثر وطأة في مناطق من الشمال وميدلاندز". ومن المرجح ألّا يكون وقع هذه الأخبار مفرحاً بالنسبة إلى توجّه رئيس للحكومة يهدف إلى تحسين أوضاع تلك المناطق.

إن موضوع الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي لم ينتهِ بعد، إذ إنه سيشهد تطويراً مستمراً للحواجز التجارية، لكن الأدلة المبكرة واضحة. فالمغادرة كانت قراراً مكلفاً وقد تزيد تكلفتها على البلاد.

© The Independent