ما إن علم عاصم حميد بإصابته بمرض السكري، حين كان في الخامسة والثلاثين من عمره، حتى اتبع حمية غذائية قاسية، حرمته من أكثر الأطعمة المفضلة لديه، وعلى رأسها المثلجات الأميركية التي كان يقبل على شرائها بكثرة طوال العام. وبعد سنوات من الالتزام والحرمان، قرر حميد العودة إلى تناول البوظة تقديراً ودعماً لشركة المثلجات الأميركية العملاقة التي أعلنت في منتصف 2021 امتناعها عن توزيع منتجاتها في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
بوظة مناهضة لإسرائيل
قرار حرمان المستوطنات من المثلجات الأميركية الشهيرة، مع نهاية 2022، الذي أسعد قلب حميد والآلاف من الفلسطينيين من مؤيدي حركة مقاطعة إسرائيل BDS، أثار ردود فعل غاضبة بين الإسرائيليين. رئيس الوزراء نفتالي بينيت شدد على أن إسرائيل ترى أن لهذا الإجراء "تداعيات قانونية خطيرة وغيرها". وأضاف في بيان أن "الدولة اليهودية ستتصرف بحزم ضد أي عمل مقاطعة موجه ضد مواطنيها". والسفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، جلعاد إردان، وجه رسائل إلى حكام 35 ولاية أميركية لديها قوانين ضد مقاطعة إسرائيل، طالباً منهم فرض عقوبات على الشركة العملاقة وفقاً لتشريعاتهم الخاصة. وكتب إردان في "تويتر" أن "مقاطعة مئات الآلاف من المواطنين الذين يعيشون في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) هو تبنٍّ فعلي للممارسات المعادية للسامية والنهوض بنزع الشرعية عن الدولة اليهودية ونزع الصفة الإنسانية عن الشعب اليهودي". وأشار إلى وجود "تشعبات قانونية" للقرارات التي تستند إلى قوانين الدولة، حاثاً على عدم السماح "للشركات الأميركية التي لديها أجندات أيديولوجية راديكالية، بالعمل ضد السياسة الأميركية".
وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد وصف قرار الشركة بأنه "استسلام مشين لمعاداة السامية ولحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضد إسرائيل، ولكل ما هو شرير في الخطاب المعادي لإسرائيل واليهود". وأكد في تصريحات لوسائل إعلام إسرائيلية أن "إسرائيل ستفعل كل ما في وسعها في المجالات القانونية والاستهلاكية والدبلوماسية ضد الشركة الأميركية لحملها على التراجع عن قرارها".
نهج جديد
يرى مراقبون أن مقاطعة شركة المثلجات كانت قاسية بالنسبة إلى إسرائيل، فخلال السنوات الماضية خصصت السياسة الخارجية الإسرائيلية للدعاية على المستوى الدولي أهمية ومكانة كبيرتين وملايين الدولارات، وذلك جراء ازدياد حركات المقاطعة لإسرائيل اقتصادياً والدعوة إلى نزع الشرعية عنها. وآخر المحطات الإسرائيلية في هذا السياق، موافقة مجلس الوزراء الإسرائيلي قبل أيام على مشروع دعائي جديد تحت اسم "Solomon's Sling" (مقلاع سليمان)، ويعرف باسم Concert. ويهدف إلى تغيير الخطاب العالمي وخصوصاً على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي ضد "نزع الشرعية" حول إسرائيل من خلال "أنشطة الوعي الجماهيري".
المبادرة الجديدة التي سيقودها لابيد، تسعى لإحياء خطة "مقلاع سليمان" (مدرجة كمؤسسة منفعة عامة PBC) القديمة التي كانت تديرها وزارة الشؤون الاستراتيجية التي حُلّت عام 2021. وتتضمن الخطة تحويل الأموال بشكل غير مباشر وسري إلى منظمات أجنبية ستنشر الدعاية الإسرائيلية في الدول التي تعمل فيها، مع إخفاء حقيقة أنها ممولة من الحكومة الإسرائيلية. ويريد لابيد، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، تجديد المشروع وتمكينه من الاستمرار في العمل على الأقل حتى نهاية 2025. ووفقاً للاقتراح المقدم، ستخصص الحكومة الإسرائيلية مبلغ 25 مليون شيكل (8 ملايين دولار) سنوياً لمدة 4 سنوات، فيما سيعمل موظفو البرنامج وممثلو وزارة الخارجية لجَمع مبلغ مماثل من مصادر غير حكومية. وإذا ما نجحت عملية جمع التبرعات، بحسب ما هو مخطط له، سيكون لدى Solomon's Sling – Concert حوالى 200 مليون شيكل (64 مليون دولار) تحت تصرفها.
المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، ليور هايات، وخلال جلسة للكنيست (البرلمان)، قال "وزارة الخارجية عازمة على مواصلة تحسين طريقة تعاملها مع عالم نزع الشرعية بشكل كبير، مع البناء على العمل الذي أنجزته وزارة الشؤون الاستراتيجية حتى الآن، إذ ترى بوضوح مركزية التحدي الذي نواجهه أثناء دمج الأدوات السياسية مع أدوات من عالم الدبلوماسية العامة".
أحد الباحثين في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، أفنير غولوب، كان قد أوصى بضرورة استخدام إسرائيل الأدوات الدبلوماسية الرسمية وغير الرسمية من أجل بدء حوار مع أوساط ليبرالية ومعتدلة من الرأي العام الغربي. وبحسب غولوب، "يتعين على إسرائيل البدء بنشاطات موجهة نحو جاليات يهودية كبيرة ما زالت تنتقد إسرائيل علناً، وكنس مهمة تتعاطف مع قيم ليبرالية، وكذلك مع أطر أكاديمية مهمة في أوروبا والولايات المتحدة. وأشار إلى أن "فتح قنوات مثل تشجيع تعاون أكاديمي رسمي وحوار غير رسمي، أو إرسال ممثلين إسرائيليين غير رسميين إلى نقاشات مغلقة، يمكن أن يغير الديناميكية الحالية ويولد ديناميكية حوار جديدة".
سلاح فعال
العامل الرئيس الذي أسهم في فشل "كونسرت"، كما كشفت صحيفة "THE FORWARD"، هو أن المنظمات الصهيونية المناهضة للفلسطينيين في الولايات المتحدة "رفضت عروض الحكومة الإسرائيلية"، لأن قبول الصفقة المقترحة كان سيتطلب منها التسجيل كعملاء أجانب مع وزارة العدل. ونشرت الصحافة الإسرائيلية أن إخفاء التمويل أثار انتقادات شديدة في إسرائيل وخارجها.
مؤسس حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل BDS، عمر البرغوثي، يقول لـ "اندبندنت عربية" إن "محاولة إسرائيل إعادة إحياء برنامج مقلاع سليمان وضخ مئات ملايين الشواكل فيه لضرب حركة المقاطعة BDS، ربما يشكل أكبر دليل ليس على فشل إسرائيل في حربها على الحركة وحسب، بل على فقدانها أي سلاح فعال لإضعاف الحركة أيضاً. فهي تعيد تدوير برنامج فشل منذ إطلاقه في 2018، كونه بُني على محاولة خداع. فمقلاع سليمان واسمه الحالي كونسيرت يقوم على محاولة إخفاء تمويل الدولة الإسرائيلية من خلال تقديم المشروع على أنه منظمة غير حكومية تسعى للحصول على دعم مالي من المنظمات اليهودية الصهيونية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها".
يضيف البرغوثي، "تشن إسرائيل وحلفاؤها حرباً قانونية على حركة المقاطعة (BDS) حول العالم، وتحاول شيطنتها والتضييق على نشطائها وملاحقتهم. لكن ذلك لا يعكس إلا حالة الإفلاس والفشل التي وصلت لها حكومة الاحتلال. فقد أثبتت حركة المقاطعة قدرتها على تخطي هذه العقبات والاستمرار في النمو والانتشار وزيادة تأثيرها وإحراز مزيد من النجاحات، فضلاً عن تنامي عزلة النظام الإسرائيلي، في مؤشر على نجاح أدواتها. فاليوم، وصل تأثير الحركة إلى بعض أكبر صناديق الاستثمار السيادية وبعض أهم الكنس، وبعض أكبر اتحادات نقابات العمال والحركات الاجتماعية المؤثرة ومجالس الطلبة حول العالم، عدا عن آلاف الفنانين، والأكاديميين، والكتاب وغيرهم. ونجحت الحركة في إجبار بعض الشركات العالمية الضخمة المتواطئة مع الجرائم الإسرائيلية بحق شعبنا على الانسحاب من السوق الإسرائيلية. إن الحرب الإسرائيلية ضد حركة المقاطعة، مثل حظر دخول النشطاء إلى فلسطين المحتلة وسن قوانين ضد المقاطعة، تستفز حتى التيارات الليبرالية غير المؤيدة للمقاطعة، وتثير روح التحدي عند المؤيدين، خصوصاً الشباب. وباتت إسرائيل تدرك ما أدركناه منذ زمن: اقتربت اللحظة الجنوب أفريقية".
عزلة دولية
ودعت منظمة العفو الدولية المحكمة الجنائية الدولية إلى "النظر في جريمة الفصل العنصري، في سياق تحقيقاتها الحالية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وناشدت جميع الدول ممارسة الولاية القضائية الشاملة وتقديم مرتكبي جرائم الفصل العنصري إلى العدالة.
الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنياس كالامار، قالت في مؤتمر صحافي إن "تقريرنا يكشف النطاق الفعلي لنظام الفصل العنصري في إسرائيل. وسواء كان الفلسطينيون يعيشون في غزة أو في القدس الشرقية أو الخليل أو إسرائيل نفسها، هم يُعامَلون كجماعة عرقية دونية، ويُحرمون من حقوقهم على نحو ممنهج. وقد تبين لنا أن سياسات التفرقة ونزع الملكية والإقصاء القاسية المتبعة في جميع الأراضي الخاضعة لسيطرة إسرائيل تصل بوضوح إلى حد الفصل العنصري. ومن واجب المجتمع الدولي التصرف".
وزارة الخارجية الفلسطينية، التي رحبت بتقرير المنظمة الدولية، قالت في بيان، إن تقرير منظمة العفو الدولية "إثبات إضافي على أن إسرائيل دولة فصل عنصري ويجب مساءلتها". وأضافت أن "هذا الواقع البغيض للإجرام والإفلات من العقاب، لا يمكن أن يتم تجاهله أو نكرانه من المجتمع الدولي".
في المقابل، وصفت إسرائيل تقرير المنظمة بـ "الادعاءات الكاذبة" وبأنه "يكدس ويعيد تدوير أكاذيب مصدرها منظمات كراهية معروفة مناهضة لإسرائيل". ودعت الخارجية الإسرائيلية منظمة العفو الدولية إلى "التراجع عن التقرير"، واصفةً النتائج التي توصلت إليها المنظمة الحقوقية التي تتخذ من لندن مقراً لها بـ"الكاذبة، المتحيزة، والمعادية للسامية". وقال وزير الخارجية الإسرائيلي لابيد إن "أمنستي كانت في السابق منظمة محترمة، احترمناها جميعاً، واليوم هي على العكس من ذلك تماماً".
وفي أعقاب تقرير منظمة العفو الدولية، باشر وزير المالية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، بحسب صحيفة "يسرائيل هيوم"، بخطوة عاجلة تهدف إلى إلغاء الإعفاء الضريبي لفرع المنظمة في إسرائيل. وأمر بفحص نشاطات منظمة العفو من أجل فرض القيود عليها.
مرحلة جديدة
مع إصدار التقرير الذي تم جمعه على مدى أربع سنوات، المكون من 278 صفحة، تنضم منظمة العفو الدولية إلى منظمات حقوقية أخرى في توجيه الاتهام إلى إسرائيل، إذ وجهت "هيومن رايتس ووتش" في 2021 التهمة إلى إسرائيل، بعد أشهر قليلة من بدء منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية المعروفة "بتسيلم" وصف إسرائيل بأنها نظام "فصل عنصري". ورفضت إسرائيل على الفور اتهامات تلك المنظمة أيضاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المحلل في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور يقول لـ "اندبندنت عربية"، "لطالما تخوف الإسرائيليون من عام 2022، بأنه سيكون عام وصم إسرائيل بدولة فصل عنصري. عزلة تل أبيب المتزايدة سنوياً تؤكد بطريقة أو بأخرى أن حركة المقاطعة BDS انتقلت إلى مرحلة جديدة وأكثر فاعلية، إذ تكسب مناطق جديدة في العالم وخصوصاً الغربي، وتصبح شرعية أكثر فأكثر. والنجاحات التي أحرزتها BDS في دول العالم تدفع مزيداً من القوى السياسية في إسرائيل إلى الغضب وإطلاق الدعوات لممارسة طرق وأساليب دعاية جديدة، واتخاذ مسارات جدية وأكثر فعالية".
يضيف منصور "إسرائيل لا تخشى وحسب من الأبعاد الاقتصادية للمقاطعة، بل تتخوف من أبعادها السياسية والرمزية، وخصوصاً في ما يتعلق بنزع الشرعية الدولية عن المستوطنات واقتصادها، ووضع المستوطنات في مكانها الصحيح كعقبة أمام حل الدولتين. وبعد الهزيمة التي حصدتها عبر سنوات وزارة الشؤون الاستراتيجية الملغاة وفشل سياساتها، تهافتت التوصيات الإسرائيلية لقيادة وتنسيق الجهود لتحسين صورة إسرائيل ومحاربة الرواية الفلسطينية عبر العالم، كما أن انسداد الأفق السياسي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وسن قانون القومية، والتشريعات العنصرية التي تقوض حل الدولتين، أفقدت إسرائيل طوق النجاة الذي كان يتمثل في عمليات سياسية ودبلوماسية ناجحة مع الفلسطينيين".
قوانين وتشريعات
في عام 2011، أقر الكنيست الإسرائيلي قانوناً يلاحق الناشطين في مناطق عرّفتها إسرائيل بأنها "تحت سيطرتها"، ويسمح بتقديم دعوى أضرار ضد من يدعو إلى مقاطعة اقتصادية أو ثقافية أو أكاديمية ضد إسرائيل أو "منطقة تقع تحت سيطرتها" في إشارة إلى المستوطنات في الضفة الغربية وهضبة الجولان. وفي عام 2017، تعدل قانون الدخول إلى إسرائيل بإضافة بند يمنع منح تأشيرة دخول لشخص كان ضالعاً بصورة نشطة في دفع حملات مقاطعة ضد إسرائيل. وتدعي السلطات الإسرائيلية أن غاية هذا التعديل للقانون هي "تزويد السلطات بأداة نافذة لمحاربة حركة المقاطعة".
عضو الكنيست الإسرائيلي، تسفي هاوزر، دعا الحكومة إلى إنشاء وحدة جديدة للدعاية الإسرائيلية، وقال إن "إسرائيل اليوم في خضم معركة دولية على الوعي، وفي مواجهة حرب استنزاف تهدد أمنها وأرصدتها الاستراتيجية، وبدلاً من محاولة استخدام عشرات المنظمات ومئات الأفراد في الدعاية وفي الحرب المضادة ضد منظمات المقاطعة، كان يتعين على إسرائيل إلقاء المهمة على عاتق الجيش الإسرائيلي وتجنيده لمواجهة هذا التحدي الجديد، كإنشاء فرقة مثل 8200 (وحدة استخبارات في الجيش الإسرائيلي متخصصة في التجسس الإلكتروني) تعمل في الحرب على الوعي بمختلف اللغات وعلى مختلف الجبهات، وتعرض أمام العالم بصورة منهجية ومحترفة النتائج الواسعة النطاق الناتجة من انهيار الشرق الأوسط. فمواجهة الإسلام الراديكالي يجب ألا تكون بواسطة القدرة العسكرية فحسب، بل بوسائل متعددة المجالات أيضاً، ووحده الجيش الإسرائيلي قادر على تنفيذ مشروع كهذا".
واعتبرت دراسة نشرها معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، أن الكنز الأهم لإسرائيل في هذه المعركة هو "في كونها دولة ديمقراطية، ولكن تعديل القوانين ينضم إلى سلسلة خطوات تشريعية تُعد في أوساط جماهير تقدمية في أنحاء العالم الغربي أنها معادية للديمقراطية ولليبرالية، لذلك، فإنها تثير بغضاً تجاه إسرائيل، وقد عززت تلك التشريعات المفهوم القائل، إن لدى إسرائيل ما تخفيه. لذلك، فإنها تسهم في الرواية التي يريد ناشطو حركة المقاطعة ترويجها في الحلبة الدولية".
خسائر اقتصادية
أظهر تقرير صادر عن مؤسسة RAND (منظمة غير ربحية تساعد على تطوير السياسات العامة وتحسين عملية اتخاذ القرار) أن إسرائيل قد تتعرض سنوياً لخسائر تصل إلى 9 مليارات دولار في غياب اتفاق سلام و50 مليار دولار على مدى 10 أعوام.
في حين حذر متخصصون في الشأن الاقتصادي في وزارة المالية الإسرائيلية، بحسب تقرير نشرته صحيفة "كالكاليست" الاقتصادية الإسرائيلية، من أن أسوأ السيناريوهات بالنسبة إلى الاقتصاد الإسرائيلي هي أن يقاطع الاتحاد الأوروبي المنتجات الإسرائيلية، وأن يوقف الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل كعقوبات مماثلة لتلك التي تم فرضها على نظام الفصل العنصري في أفريقيا، وستخسر إسرائيل بذلك 40 مليار شيكل (قرابة 13 مليار دولار) من الإيرادات سنوياً و36,500 وظيفة.