Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تسعى الصين وراء نفط العراق لتقليل اعتمادها على إيران؟

"بكين لا تريد الارتباط أكثر بطهران بسبب تورطها بملفات كثيرة في دول المنطقة"

منظر عام لمنشأة نفطية في إيران بصورة (رويترز)

في الوقت الذي تتراجع فيه الاستثمارات الصينية في الخارج عن مستواها السابق، تكثف بكين استثماراتها في منطقة الشرق الأوسط وتحديداً في العراق كما أشار التقرير الذي صدر، الأربعاء، عن مركز التنمية والتمويل الأخضر بجامعة فودان في شنغهاي وتناقلت فحواه وكالات الأنباء. وبحسب التقرير، وقعت الصين صفقات في العراق العام الماضي بلغت قيمتها 10.5 مليار دولار ضمن مبادرة الحزام والطريق التي تعد أولوية للرئيس الصيني شي جينبينغ.

وتأتي زيادة حجم الاستثمارات الصينية بالعراق في وقت تتراجع فيه بالخارج، بحسب ما خلص إليه تقرير جامعة فودان. وقال مدير معهد التنمية والتمويل الأخضر في الجامعة كريستوف نيدوبيل وانغ، إنهم تفاجأوا بالزيادة الهائلة في مدى سعي الصين للارتباط بالشرق الأوسط والدول العربية. وأضاف: "لقد تصورنا أن التركيز سيكون على منطقة جنوب شرقي آسيا، بما في ذلك الاستثمار في البنية التحتية في دول تلك المنطقة، لكن الواقع أن الاهتمام الأكبر كان بالعراق والتحول نحو بلدان أفريقيا والشرق الأوسط".

بحسب أرقام التقرير، بلغت تعهدات وزارة التجارة الصينية ضمن الخطة الخمسية حتى عام 2025 للاستثمارات ضمن مبادرة الحزام والطريق وغيرها 550 مليار دولار، أي بما يقل بنحو الربع (نسبة 25 في المئة) عن الاستثمارات الخارجية في الخطة الخمسية السابقة 2016 – 2021 التي تضمنت ما قيمته 740 مليار دولار. بينما تزيد الاستثمارات الصينية في الدول العربية ودول الشرق الأوسط ضمن الخطة الخمسية الحالية بنسبة 360 في المئة لاستثمارات الإنشاءات والبنية التحتية وبنسبة 116 في المئة لاستثمارات التعاقدات الاقتصادية والتجارية.

بديل لإيران

يتحدث العراقيون على مدى العامين الماضيين عن زيادة النفوذ الصيني بقوة في البلاد. وترى صحيفة "فايننشال تايمز" أن دخول الصين بقوة في العراق جاء بعد ما بدا من انسحاب للولايات المتحدة من الشرق الأوسط لذا تحاول الصين ملء الفراغ. ويربط بعض المحللين بين ذلك التوجه الصيني نحو العراق بشكل أكبر والانسحاب الأميركي من أفغانستان وعودة سيطرة "طالبان" على البلاد الغنية بالموارد الطبيعية. ومن غير المستبعد أن تكون عين بكين على ثروة العراق من الطاقة والمواد الخام، بخاصة وأن العراق هو ثالث أكبر منتج للنفط في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك).

يعود بدء تطوير العلاقات الصينية - العراقية إلى فترة رئاسة عادل عبد المهدي الحكومة العراقية، والذي وصف تلك العلاقات عام 2019 بأنها ستشهد "قفزة هائلة". ويبدو أن تلك القفزة تزامنت مع فك الارتباط الأميركي مع المنطقة كما يرى المراقبون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب مصدر شبه رسمي، طلب عدم ذكر اسمه، فإن بكين تعمل بقوة على زيادة نفوذها في العراق منذ فترة وذلك لتعويض أي تراجع في علاقتها مع إيران. ويضيف المصدر العراقي: "من الواضح أن الصينيين بدأوا بالتخلي عن علاقتهم الوثيقة مع الإيرانيين وتطويرها، وذلك بسبب الصعوبة المتزايدة في استيرادهم النفط الإيراني. الصينيون لا يريدون الارتباط بإيران أكثر بسبب تورطها في ملفات كثيرة في دول المنطقة يمكن أن تشكل عائقاً أمام تطوير علاقة الصين مع هذه الدول. وهذا هو سبب اهتمامهم بالتحول إلى العراق لتعويض وارداتهم من النفط الإيراني. وفي هذا السياق يتوسع الصينيون في إبرام صفقات واتفاقيات حتى مع الجماعات المتشددة وأمراء الحرب والميليشيات بهدف الترويج لمدى النفع الذي يمكن أن يعود على العراقيين من زيادة الدور الصيني في بلادهم".

وذكرت مصادر قريبة من محادثات فيينا بين إيران والقوى الكبرى بشأن إعادة إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 الذي انسحبت منه الإدارة الأميركية في فترة رئاسة دونالد ترمب عام 2018، أن الصين لم تعد "داعمة بالمطلق" للموقف الإيراني في المفاوضات. وكانت الصين وروسيا تميلان تقليدياً لموقف إيران مقابل مواقف الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق: ألمانيا وفرنسا وبريطانيا. لكن الصينيين في الجولات الأخيرة بدأوا بتوجيه النصح للإيرانيين بعدم التشدد في مطالبهم برفع كل العقوبات و"التعقل" في التراجع عن انتهاك الاتفاق النووي.

رهن المقدرات

ويخشى عراقيون من مختلف مكونات الطيف السياسي في البلاد من أن الزيادة الكبيرة في النفوذ الصيني ربما لا تكون في مصلحة العراق، رغم حاجة البلاد لاستثمارات في إعادة ترميم البنية التحتية لمختلف قطاعات الاقتصاد. وتقول "فايننشال تايمز"، إن الشركات الغربية تتردد في العمل بالعراق نتيجة عدم استقرار الوضع السياسي والأمني والنفوذ الإيراني المثير للقلق في البلاد. وهذا ما تحاول الصين استغلاله حالياً.

ويقول المسؤول عن نشره "داخل سياسات العراق" كيرك سويل، قد لا يبدو أن العراق "أصبحت مستعمرة اقتصادية للصين". لكنه يضيف: "مصدر القلق لدى منتقدي النفوذ الصيني في العراق هو حجم النفط العراقي الذي تم رهنه بالفعل لدفع مقابل الاستثمارات الصينية في البلاد، وهو سؤال لا يعرف أحد الإجابة عليه".

يذكر أنه من بين التعاقدات التي أبرمتها الصين مع العراق، أخيراً، إضافة إلى بناء محطة الطاقة بالزيت الثقيل في كربلاء، ما أبرمته الحكومة العراقية مع شركتي "باور كونستركشن كوربوريشن" و"ساينوتيك" لبناء نحو ألف مدرسة يدفع العراق كلفتها في شكل منتجات نفطية للصين. هذا إضافة إلى إعادة بناء مطار الناصرية وتطوير حقل المنصورية للغاز العراقي على حدودها مع إيران.

اقرأ المزيد