Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مبادرة الجزائر أمام تحدي وضع حد للأزمة في مالي

تشكل رسالة صريحة بأن الاتحاد الأفريقي هو المنظمة الحصرية لحل قضايا القارة السمراء

مساعدات غذائية وصحية مرسلة  الإثنين 24 يناير من الجزائر إلى مالي (موقع الإذاعة الجزائرية)

يزداد الوضع في مالي سوءاً، ويتصاعد معه التخوف من انفلات أمني يهدد بفوضى عملت الجزائر على منعها عبر مختلف الأزمات التي عرفتها منطقة الساحل، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول ما بقي من دور لتلعبه الجزائر وجهود تقوم بها لمساعدة جارتها الجنوبية على استعادة استقرارها.

منعطف جديد

ودخلت الأزمة في مالي مع بداية يناير (كانون الثاني) 2022، منعطفاً جديداً، بعد اقتراح المجلس العسكري الحاكم على المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا المعروفة بالـ"إيكواس"، تمديد الفترة الانتقالية لخمس سنوات، ما دفع المجموعة إلى عقد قمة استثنائية، خرجت بقرار فرض عقوبات اقتصادية صارمة على مالي بسبب تراجعها عن تعهدها السابق بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في فبراير (شباط) المقبل، كما أعلنت أنها حركت قواتها العسكرية استعداداً لأي احتمال في مالي.

رد سريع ومبادرة

ولفت هذا الوضع أنظار المجموعة الدولية، وبشكل خاص الجزائر التي تعتبر مالي عمقاً استراتيجياً لها في أفريقيا، وإحدى الدول الحليفة والصديقة التي تقاسمها ذات التوجهات، وتجمعهما روابط تاريخية واجتماعية قوية، وهو ما أكده بيان للرئاسة الجزائرية جاء فيه أنه "بصفتها قائدة للوساطة الدولية ورئيسة لمجلس متابعة اتفاقية السلام والمصالحة في مالي، المنبثقة عن مسار الجزائر، وباعتبارها بلداً مجاوراً يتقاسم مع جمهورية مالي حدوداً برية وتاريخاً طويل الأمد يميزه حسن الجوار، ومن خلال تواصلها الأخير مع السلطات المالية، ومحذرة كذلك من العواقب السياسية والأمنية والاقتصادية التي قد تنتج عن انتقال طويل الأمد للسلطة، كما أرادته الجهة المالية، رافعت الجزائر من أجل حوار هادئ وواقعي مع الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بغية التوصل إلى خطة للخروج من الأزمة والتي تأخذ في عين الاعتبار المتطلبات الدولية وتطلعات الشعب المالي المشروعة، وكذلك العوامل الداخلية المرتبطة بالديناميكيات المالية الوطنية". وأضاف البيان أنه "بذات الروح، أصر الرئيس (عبد المجيد) تبون في 6 يناير الحالي،
لدى استقباله بعثة مالية رفيعة المستوى، على ضرورة التزام السلطات الانتقالية المالية بجعل 2022 سنة إقامة نظام دستوري جامع وتوافقي، يهدف إلى تكريس المكاسب ومتطلبات اتفاقية السلام والمصالحة في مالي، المنبثقة من مسار الجزائر"، مشيراً إلى "ضرورة تبني مقاربة شاملة تتوافق مع مدى تعقد المشاكل الهيكلية والاقتصادية، والتحديات الواجب رفعها، بما فيها مكافحة الإرهاب. وعليه فإن فترة انتقالية لمدة تتراوح بين 12 و16 شهراً تكون معقولة ومبررة". وأكد البيان الرئاسي "حرص الجزائر الدائم على سيادة جمهورية مالي ووحدتها الإقليمية"، داعياً "قادة المرحلة الانتقالية إلى التحلي بروح المسؤولية البناءة".

مخاطر العقوبات

وأمام المخاطر الجسيمة التي تحملها حزمة العقوبات المعلن عنها في اجتماع مجموعة "إيكواس"، والإجراءات المضادة التي أعلنتها حكومة مالي، دعت الجزائر كل الأطراف إلى ضبط النفس والعودة إلى الحوار لتجنيب المنطقة دوامة التوترات وتفاقم الأزمة، وفاء لمبدأ "دعم الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية". وبالتالي أعربت الجزائر عن تمام استعدادها للعمل مع مالي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بغية التوصل إلى تفاهم متبادل حول رؤية تضامنية تصون المصالح العليا للشعب المالي الشقيق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


رسالة صريحة

في السياق، رأى أستاذ العلاقات الدولية المهتم بالشؤون الأفريقية، مبروك كاهي، أن "الجزائر ملتزمة بواجبها التاريخي والأخلاقي لمرافقة الماليين للخروج من أزمتهم السياسية والعودة للنظام الدستوري، فكل الفرقاء الماليين سواء في الشمال أو الحكومة المركزية لهم الثقة الكاملة بالجزائر. ولعل أبرز طرق الحل، هو التمسك بأرضية الجزائر لحل أزمة شمال مالي". وقال، إن "سلطات العاصمة المالية، باماكو، استبقت أمر عقوبات إيكواس القاسية والمجحفة، وأوفدت وزير خارجيتها إلى الجزائر لاطلاعها على التطورات، وتسليم رسالة نصية من رئيس المرحلة الانتقالية بمالي، العقيد أسيمي غويتا إلى الرئيس عبد المجيد تبون"، مشيراً إلى أن "الجزائر تنادي بالحوار لتجاوز الخلاف، وقدمت مبادرة تبناها مجلس السلم والأمن الأفريقي، تتمثل في تقليص المرحلة الانتقالية لمدة معقولة ومقبولة". واعتبر كاهي، أن "مبادرة الجزائر رسالة صريحة لمجموعة الإيكواس، مفادها أن الاتحاد الأفريقي هو المنظمة الحصرية التي تُحل فيها جميع قضايا القارة، ولا يمكن القفز عليه من أي منظمة فرعية"، مضيفاً أن "مالي ترتبط بأكثر من 6 آلاف كيلومتر من الحدود مع الجزائر، ما يجعل إمكانية فك الحصار ممكنة، كما أن المبادرة المطروحة من شأنها إبطال عقوبات الإيكواس، خصوصاً وأن الجزائر تربطها علاقات ممتازة مع موريتانيا ونيجيريا وهما من أعضاء مجموعة غرب أفريقيا، كما أن الانقلاب الأخير في بوركينا فاسو يحتم على الإيكواس مراجعة قرارها". وختم قائلاً، إن "مبادرة الجزائر صارت مبادرة الاتحاد الأفريقي بعدما أثنى عليها مجلس السلم والأمن وتبناها، وهو ما يعطيها القوة القانونية ويدعمها بآليات تنظيمية لتجسيدها على أرض الواقع.

الوقت حان

واستقبل العقيد غويتا منذ يومين، رئيس لجنة مراقبة اتفاق السلام والمصالحة الوطنية المنبثقة عن عملية الجزائر، دلمي بودي جمعة، الذي حمل رسالة من الرئيس تبون. وأوضح المبعوث الجزائري، أنه يقوم "بزيارة ودية إلى مالي تهدف قبل كل شيء إلى إيجاد مخرج من الأزمة". وأضاف "شعرنا بأن الوقت قد حان، بعد العقوبات القاسية للغاية التي فُرضت على مالي، لضمان لعب دور الميسر الذي يسمح للإخوة الأفارقة بالالتقاء حول طاولة الحوار بهدوء حول أفضل طريقة للنظر في المشاكل وحلها".
وفي حين رحب الاتحاد الأفريقي باستعداد الجزائر لمرافقة مالي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ضمن مسار التفاهم المتبادل الذي بهدف إلى حماية المصالح العليا للشعب المالي وتجنب تصاعد التوتر وتفاقم الأزمة، فشل مجلس الأمن الدولي في إصدار بيان يدعم الإجراءات التي قامت بها "إيكواس" ضد مالي، بسبب معارضة روسيا والصين.

المزيد من العالم العربي