Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سحب رسوم كاريكاتورية لياسر عرفات من معرض في مؤسسته

دعوات إلى إقالة المسؤولين عنه ومحاكمتهم بتهمة "الإساءة لرمزيته"

رئيس الوزراء الفلسطيني خلال افتتاحه معرض الرسوم الكاريكاتورية لياسر عرفات في رام الله (وكالة وفا)

لم تمر ساعات على افتتاح رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد أشتية، معرضاً للرسوم الكاريكاتورية للزعيم ياسر عرفات في متحفه برام الله، حتى تفجرت موجة غاضبة من الاحتجاجات على ما اعتبره فلسطينيون "إساءة لرمز وطني"؛ أجبرت منظمي المعرض على سحب تلك الصور، في ظل دعوات إلى إقالة المسؤولين عنه ومحاكمتهم.

وتحت اسم "كاريكاتير فلسطين وياسر عرفات" نظمت مؤسسة ياسر عرفات التابعة للرئاسة الفلسطينية المعرض بمشاركة عدد من الفنانين من أكثر من 40 دولة معروفين بتضامنهم مع الشعب الفلسطيني.

وأبدى أشتية إعجابه بالمعرض، وقال إنه "يدل على الجذور الراسخة لذكرى عرفات في المجتمع الدولي"، مضيفاً أنه "لم يكن زعيماً فلسطينياً فقط ولكن كان قائداً دولياً، وحامل راية الثورة العالمية".

لكن أشتية اضطر إلى سحب منشوره على موقع "فيسبوك" حول افتتاح المعرض بعد موجة غضب واسعة ومتصاعدة من الصور الخاصة بعرفات، التي اعتبرها مسؤولون في حركتي "فتح" و"حماس" "مسيئة لأحد أهم رموز الشعب الفلسطيني".

وبعد اتصالات قادها مسؤولون كبار في حركة "فتح" اضطرت مؤسسة ياسر عرفات إلى إصدار بيان تعلن فيه سحب تلك الصور من المعرض، بعد اقتحام شباب غاضبين من الحركة مقر المعرض وإزالتهم لها.

واعتبر البيان أن إزالة المؤسسة الصور جاءت "لعدم تفهم الرأي العام الفلسطيني لها"، مشيراً إلى أنها لا "تمس عرفات بشخصيته ورمزيته"، مشدداً على أن "فن الكاريكاتير من الفنون الجدلية والإبداعية".

وأضح بيان مؤسسة ياسر عرفات أن تلك الرسوم وإن كان بعضها "جدلياً" لكنها "تمثل وجهة نظر راسميها في كيفية دعمهم القضية الفلسطينية، ومناصرة الرئيس عرفات"، مضيفاً أنهم "رسموا من منظورهم الفني والثقافي والاجتماعي الخاص بهم".

إغلاق الأبواب

وتصاعد الغضب الشعبي من المعرض ليس بسبب الصور فحسب، لكن لأن الجهة المنظمة للمعرض هي مؤسسة ياسر عرفات المسؤولة عن حفظ إرثه، ويشكل مجلسي أمنائها وإدارتها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبعد إغلاق أبواب المعرض أمام الزوار، شكلت لجنة تحقيق حول المسؤول عن عرض تلك الصور، في ظل مطالبات بإقالة المسؤولين عن المؤسسة ومحاكمتهم، وصلت حد مطالبة بعض أعضاء حركة "فتح" بإقالة رئيس الوزراء محمد أشتية.

لكن الناطق باسم الحركة حسين حمايل أشار إلى أن المطالبات بإقالة أشتية "كانت من نشطاء غاضبين على مواقع التواصل الاجتماعي"، مشيراً إلى ضرورة عدم "إخراج القضية عن السياق الذي جرت فيه". وشدد على أن قضية الرسوم "مرفوضة ولن تمر مرور الكرام"، مضيفاً أن "القيادة الفلسطينية "لن تسمح بأن تخرج الأمور عن السياق المطلوب، أو أن يحاول البعض أن يأخذ الحق بيده".

وفي السياق، يقول رئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات الذي أقاله الرئيس عباس من منصبه ناصر القدوة، إن "المؤسسة ومتحفها اختطفت وانتزعت بالقوة من المسؤولين عنهما"، مضيفاً أن "القائمين حالياً على المؤسسة غير شرعيين، ولا يمكن أن يكونوا أمينين عليها".

واعتبر "أن ما حدث يتخطى في خطورته الإساءة للقائد الرمز ومكانته وإثارة غضب أبناء شعبنا، لكنه إمعان في الحط من قيمة ومكانة عرفات".

كذلك طالب عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" توفيق الطيراوي الرئيس عباس "بمحاسبة القائمين على المعرض، وطردهم من المؤسسة والمتحف، وتقديمهم للعدالة بتهمة الإساءة لصورة ورمزية وتاريخ القائد عرفات".

"السحر انقلب على الساحر"

واستنكر عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" حسام بدران تلك الرسومات، ووصفها "بالعمل المدان والمرفوض"، قائلاً إن "هناك ثوابت ورمزيات فلسطينية يحظر المساس بها أو التقليل من شأنها".

واعتبر رسام الكاريكاتير الفلسطيني والعضو في شبكة حماية الرسامين الكاريكاتيريين الدوليين محمد سباعنة أن "الرسوم الخاصة بعرفات ساخرة ومهينة، لكنها موجهة إلى ثقافة فلسطينية ترفض السخرية من الرموز العامة، بسبب منع مسؤولي السلطة الفلسطينية الرسوم الساخرة منهم، وملاحقة رساميها، وتأسيس نظام قمعي".

وشدد سباعنة في حديث لـ"اندبندنت عربية" على أن الفلسطينيين "لم يعطوا الفرصة لاستيعاب فن الكاريكاتير والسخرية من المسؤولين"، مضيفاً أن "من افتتحوا المعرض هم أنفسهم من لاحقوا في الماضي رسوماً ساخرة منهم". وأوضح "أن الرسوم الساخرة لعرفات رسمها فنانون معروفون بحبهم له وبنية صافية"، مشيراً إلى أن "جزءاً كبيراً من تلك الصور رسم خلاله حياة عرفات".

وتابع سباعنة أن "السحر انقلب على الساحر" بسبب استبعاد المسؤولين عن المعرض فنانين فلسطينيين بسبب آرائهم السياسية"، مضيفاً "أن إزالة صور عرفات تؤسس لمرحلة جديدة من القمع".

لكن رسام الكاريكاتير الأردني عماد حجاج رفض الحملة ضد رسوم عرفات، معتبراً أنها "تعبر عن فن قائم بذاته يعتمد على تضخيم أجزاء وجه الإنسان؛ كالأنف والفم والعيون"، معتبراً أن وجه عرفات "يتمتع بعناصر تغري الرسامين حول العالم برسمه". وأشار إلى أن "لكل وجه مفتاحاً"، مضيفاً أن "عرفات يتمتع بعدة مفاتيح لوجهه، وبأنه كان يتمتع بشخصية ساحرة أغرت أجيالاً من الرسامين الساخرين حول العالم برسمها". وأوضح أنه من "البديهي أن يتلاعب رسامو الكاريكاتير بملامح الوجه"، معتبراً أن "سحب صور عرفات من المعرض إساءة إلى فن الكاريكاتير وعرفات وفلسطين".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير