Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السياحة الصينية إلى الولايات المتحدة تتراجع للمرة الأولى خلال 15 عاماً في غمرة الحرب التجارية

تصاعدت الخلافات بعد فرض ترمب تعريفات على ألواح الطاقة الشمسية والغسالات

صينيون في جولة سياحية بالحي الكوبي المسمى "هافانا الصغرى" في ميامي (وكالة "أ.ف.ب.")

بعد مرور أكثر من عقدٍ على تحقيق نموّ متزايد، تتراجع نسبة سفر الصينيين إلى الولايات المتحدة ما يجعل المدن والمراكز التجارية وغيرها من أماكن جذب السيّاح تتهافت لقلب هذا التوجّه.

وتراجعت نسبة السفر من الصين باتجاه الولايات المتحدة 5,7 في المئة عام 2018 لتسجّل 2,9 مليون زائر حسبما أوردت أرقام الدائرة الوطنية للسفر والسياحة التي جمعت معلومات من نماذج الجمارك الأميركية. علماً أنّها المرّة الأولى منذ العام 2003 التي ينخفض فيها سفر الصينيين إلى الولايات المتحدة مقارنةً بالعام السابق.

وتعد الخلافات بين الولايات المتحدة الأميركية والصين أحد عوامل التباطؤ. وكانت الإدارة الأميركية قد فرضت أولاً تعريفاتٍ على ألواح الطاقة الشمسية والغسالات الصينية في يناير (كانون الثاني) 2018 لتعود الحرب التجاريّة وتتصاعد منذ ذلك الحين. وتقوم الولايات المتحدة بفرض تعرفة بقيمة 25 في المئة على الواردات الصينية التي تُقدّر بمئتي مليار دولار في حين ردّت الصين بفرض تعريفاتٍ على صادراتٍ أميركية بقيمة 60 مليار دولار.

خلال الصيف الماضي، وجهت الصين تحذيراً لمواطنيها من السفر إلى الولايات المتحدة طالبةً منهم توخّي الحذر من عمليات إطلاق النار والسطو وارتفاع تكاليف الرعاية الطبية. وردّت الولايات المتحدة من جهتها بالتحذير من السفر إلى الصين.

سافرت وانغ هايكسيا التي تعمل في شركة تجارة دولية في بكين إلى الولايات المتحدة في مايو (ايار) لحضور حفل تخرّج أختها. وخططّت لقضاء عشرة أيام برفقة عائلتها في إلينوي ونيويورك.

وتقول وانغ إنها كان بوسعها البقاء لفترةٍ أطول ولكنّها لم تودّ المساهمة في نموّ الاقتصاد الأميركي في غمرة الحرب التجارية القائمة. وقالت: "ليس بوسعي إلغاء هذه الرحلة لأنني قطعت وعداً لأختي بحضور حفل تخرّجها. سيساهم أنسبائي بأكثر من مئة ألف ين للاقتصاد الأميركي من خلال بقائهم عشرة أيام وحسب، وهذا كافٍ."

وتبرز أسباب أخرى وراء التباطؤ. إذ أجبرت حالة عدم اليقين الاقتصادي في الصين المسافرين المحدودي الدخل إلى قضاء عطلهم بالقرب من الوطن كما يقول ولفغانغ جورج أرلت مدير المعهد الصيني لأبحاث السياحة الخارجية التي وجدت خلال بحثها أنّ 56 في المئة من المسافرين الذين غادروا الصين خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2018 سافروا إلى هونغ كونغ أو ماكاو أو تايوان مقارنةً بنسبة 50 في المئة خلال العام 2017. أمّا الذين أرادوا السفر إلى بلدانٍ أبعد ففضلوا اختيار الاتجاهات الأكثر غرابة ككرواتيا والمغرب والنيبال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان سفر الصينيين إلى الولايات المتحدة يتراجع من وتيرته المتسارعة في وقت سابق من هذا العقد. ففي العام 2000، سجّل عدد الصينيين الذي سافروا إلى الولايات المتحدة 249 ألفاً ليبلغ ثلاثة أضعاف عام 2010 مسجلاً 802 ألفاً وليعود للتضاعف ثلاث مرات من جديد بحلول العام 2015. ويعود السبب في ذلك جزئياً إلى الإيرادات المرتفعة ورحلات طيران لمسافات طويلة أفضل فضلاً عن تخفيف قيود تأشيرات الدخول وفق ما أوردته شركة ماكنزي الاستشارية.

واستقبلت الولايات المتحدة ما يزيد عن ثلاثة ملايين زائر صيني في العامين 2016 و2017. غير أنّ النموّ المسجّل على أساسٍ سنوي ارتفع بمعدّل 4 في المئة وحسب وهي أقلّ وتيرة خلال أكثر من عقد.

يتّفق مراقبو هذا القطاع أنّ أيّ تراجعٍ هو أمر مؤقّت إذ إنّ الطبقة الوسطى في الصين تستمرّ في التمدّد. وتتوقّع الحكومة الأميركية أن ترتفع السياحة الصينية بنسبة 2 في المئة خلال العام الجاري لتسجّل 3,3 ملايين زائر على أن تبلغ 4,1 ملايين زائر بحلول العام 2023.

ويقول دافيد هيوثر نائب مدير الأبحاث في رابطة السفر الأميركية: "حتّى وإن تباطأ الاقتصاد الصيني، سيظل مصدراً جيداً لنموّ قطاع السفر."

بشكلٍ عام، تراجع السفر العالمي إلى الولايات المتحدة. ولم تصدر البيانات الشاملة للعام 2018 بعد، غير أنّ السفر العالمي انخفض بنسبة 2 في المئة عام 2016 وبقي ثابتاً عام 2017.

ولكن، بسبب تسيير الصين إحدى أعلى حركات السياحة باتجاه الولايات المتحدة، فإنّ الوجهات التي تعتمد على قدرة الإنفاق الصينية ستشعر بأيّ تراجعٍ يحدث. عام 2017، احتلّت البلاد المرتبة الخامسة من حيث عدد السياح الأميركيين خلف كندا والمكسيك والمملكة المتحدة واليابان. وقبل عشرة أعوام، لم تكن الصين حتّى من بين البلدان العشرة الأولى ضمن اللائحة وأتت خلف دولٍ أخرى كألمانيا وفرنسا وكوريا الجنوبية واستراليا حسب الأرقام الواردة عن الدائرة الوطنية للسفر والسياحة.

ولم تبرز الصين من ضمن البلدان العشرة الأولى حتّى العام 2011 وهي تسجّل ارتفاعاً منذ ذلك الحين. وتضخّم حجم الإنفاق من قبل السيّاح الصينيين - باستثناء الطلاب- ليبلغ أكثر من 600 في المئة بين العامين 2008 و2016 مسجلاً 18,9 مليار دولار. وفي العام 2017 انخفض بنسبة 1 في المئة إلى 18,8 مليار دولار أي نحو 12 في المئة من إجمالي الإنفاق السياحي.

وبهدف التمسّك بهذه الدولارات واستبقائها، يقول الخبراء ينبغي لقطاع السياحي أن يبذل جهداً في مواكبة المسافرين الصينيين واحتياجاتهم المتغيّرة.

ويشير لاري يو، بروفسور إدارة الضيافة في جامعة جورج واشنطن إلى أنّ السيّاح الصينيين -خصوصاً الشبان منهم- يخططون لرحلات السفر بشكلٍ متزايد من خلال استخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي على غرار "وي تشات" WeChat وهم بالتالي أقلّ عرضة للحجز من خلال مجموعات سياحية كبيرة. كما أنّهم أصبحوا يعتمدون بشكلٍ متزايد على أنظمة الدفع القائمة على هواتفهم الذكية.

يتوجّب على وجهات السفر أن تستثمر على نحو أكبر الآن في هذه التقنيات إذا ما أرادت المضيّ في جذب السيّاح الصينيين كما يقول دافيد بيكر، الرئيس التنفيذي السابق لشركة استشارات السفر "أتراكت تشاينا" Attract China ومقرّها نيويورك.

ويضيف قائلاً: "تنظر الكثير من الشركات إلى السوق الصيني بمثابة مالٍ سهل، ولكن علينا أن نكون جاذبين للصينيين". فقد قامت "أتراكت تشاينا" على سبيل المثال بمساعدة المتاجر الفاخرة في مانهاتن على إدخال جيني Jeenie وهو تطبيق ترجمة فورية وأضافت تطبيقات "أليباي" Alipay و"وي تشات باي" WeChat Pay للدفع بواسطة الهاتف الذكي.

وقام الآخرون بتكثيف جهودهم أيضاً. إذ يستقبل مركز بيفرلي التجاري في لوس أنجلس الحافلات السياحية والمجموعات متوسطة الحجم الآتية من الصين. ولكنّه يركّز الآن على مجموعاتٍ صغيرة تضمّ أقلّ من عشرة متسوّقين من كبار الشخصيات حسبما تقول سوزان فانس مديرة التسويق والرعاية في المركز التجاري. وشجّع المركز التجاري أيضاً المتاجر على تقديم خدمة الدفع الالكتروني الصينية "يونيون باي" UnionPay. وتضيف فانس أنّ أكثر من مئة متجر يملك هذه الخدمة اليوم بعد أن كان عدد المتاجر التي تملكها ثلاثة فقط عام 2014.

كما يعمل المسؤولون السياحيون على ركوب موجة تطبيق "وي تشات".

في أواخر العام 2017، أصبحت واشنطن أوّل مدينة أميركية تُطلق دليلاً تفاعلياً في التطبيق. وبوسع المسافرين الصينيين استخدامه للحصول على اتجاهات أبرز المواقع والدخول إلى الجولات مع نظام الصوت بلهجة ماندرين الصينية فضلاً عن إيجاد أبرز مراكز التسوّق والمطاعم. وتجدر الإشارة إلى أنّ مكتب التسويق الخاص بالمدينة لديه موظّف يتولّى تطبيق "يو تشات".

بالإضافة إلى ذلك، أطلقت واشنطن مؤخراً برنامج "ويلكوم تشاينا" (أهلاً بالصين) Welcome China يقوم على تعريف الفنادق والمطاعم وأماكن أخرى على العادات الصينية ويشجّعها على تقديم لوائح طعام باللغة الصينية أو خفّين للغرفة. وقّع 44 فندقاً وعدد من المطاعم على هذا البرنامج.

وقال أليوت فيرغسون، المدير والرئيس التنفيذي لمكتب التسويق في المدينة "ديستينايشن دي سي " Destination DC أنّ عدد السيّاح الصينيين الذين يزورون واشنطن قد تضاعف خلال الأعوام الخمسة الماضية قبل أن يتراجع بعض الشيء عام 2017. وأضاف فيرغسون الذي سافر إلى الصين الشهر الماضي للاجتماع مع المسؤولين السياحيين أنّ الاهتمام بالسفر إلى الولايات المتحدة ما زال مرتفعاً وقال: "إننا نكثّف جهودنا لأننا نرى الكثير من إمكانيات النموّ."

(أعد التقرير بمشاركة من وكالة أ.ب.)

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد