Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة القطاع العقاري تطرح تهديدات جدية لنمو الاقتصاد الصيني

إفلاس مجموعة تطوير جديدة وسياسة "الرفاه للجميع" تتعرض لضغوط

جانب من أحد مشاريع إيفرغراند في مقاطعة جيانغسو الصينية (رويترز)

هوت أسهم مجموعة "شيماو" العقارية الصينية بنحو 17 في المئة في تعاملات نهاية الأسبوع، ليوم الجمعة 7 يناير (كانون الثاني) الجاري، بعد تقرير من وكالة "رويترز" أفاد بأنها تخلفت عن سداد مستحقات أحد القروض عليها بالكامل. وعلى الرغم من أن شركةً تابعة للمجموعة أصدرت بياناً في البورصة في وقت لاحق، جاء فيه أنها تعمل على ترتيب دفع المستحقات، إلا أن ذلك أضاف إلى القلق المتزايد بشأن مشكلات القطاع العقاري في الصين وانعكاسها على الاقتصاد الصيني ككل. وعكس خبر شبح الإفلاس الذي يحوم حول مجموعة "شيماو"، عمق الأزمة في القطاع العقاري الصيني الذي شكّل نموّه خلال العقود الأخيرة نحو ثلث نمو الناتج المحلي الإجمالي لثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وما زالت ثاني أكبر مجموعة تطوير عقاري في الصين، "إيفرغراند"، تواجه خطر الانهيار التام بعد تخلفها عن سداد مستحقات مديونية بنحو مليار دولار مطلع الشهر الماضي، ما جعل مؤسسة "فيتش" للتصنيف الائتماني تعلنها "مفلسة" تقنياً. وفي الأسبوع الأخير من العام الماضي، تخلفت "إيفرغراند" أيضاً عن سداد مستحقات موجبة عليها بنحو 255 مليون دولار. كل تلك المستحقات هي في الأغلب فوائد ديون ودفعات أخرى. وتواجه المجموعة استحقاق دفع بعض أصول الدَين من سندات خارجية تُقدر بنحو 19 مليار دولار في الأسابيع المقبلة. وترزح مجموعة "إيفرغراند" تحت دَين غير مسبوق يصل إلى 300 مليار دولار (2 تريليون يوان).
أما أهمية إفلاس مجموعة "شيماو"، فتأتي من أنها الأكثر التزاماً بقواعد تحديد سقف الدين من قبل السلطات الصينية، أي أن السوق تعتبرها في وضع جيد مقارنةً بشركات التطوير العقاري الأخرى في الصين. بالتالي فإن تعرضها لهذه الأزمة يشير إلى أن ما يعاني منه القطاع ربما أصبح مشكلة على وشك الانفجار ولم يعد إصلاحها بيد السلطات المركزية الحكومية في بكين.

مزيد من التدهور

لم يكن تخلف مجموعة شيماو عن سداد مستحقات قرض بنحو مئة مليون دولار (645 مليون يوان) هو التطور السلبي الوحيد في قطاع العقار الصيني الأسبوع الماضي، إذ أعلنت شركة "غوانغجو آر أند أف بروبرتيز" مطلع الأسبوع أنها لا تملك السيولة الكافية لإعادة شراء سندات دين مستحقة. وأرجعت الشركة نقص السيولة إلى عدم قدرتها على بيع أصول لديها.
وتوالت عمليات الانهيار في شركات العقارات الصينية الأصغر حجماً في النصف الثاني من العام الماضي، وذلك مع تشديد الحكومة الصينية قيود زيادة سقف الاقتراض للقطاع العقاري. وبحسب تحليل لشركة "نيتيكسيس" كانت الأسواق حتى يونيو (حزيران) الماضي، تعتبر أن 15 في المئة فقط من شركات العقار في الصين في وضع سلبي. وفي نهاية العام الماضي، تحديداً في ديسمبر (كانون الأول)، وصلت هذه النسبة إلى 35 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويُتوقع أن يزيد عدد شركات العقار المفلسة في الأسابيع والأشهر المقبلة. في مقابلة مع شبكة "سي أن بي سي" يقول غاري نيغ من شركة نيتيكسيس، "لن أستغرب في المستقبل أن نشهد المزيد من عمليات الإفلاس ليس فقط بسبب التخلف عن سداد مستحقات السندات أو القروض وأوراق الدين الأخرى".
وقبل نهاية الشهر الجاري، ستواجه مجموعة "إيفرغراند" استحقاقات أخرى جديدة، على نحو ديون خارجية بقيمة 19 مليار دولار. ومع استمرار سياسة الحكومة الهادفة إلى "تفريغ فقاعة" الديون من القطاع العقاري، قد لا يتوافر أي دعم حكومي للمجموعة للوفاء بالتزاماتها.

مخاوف على الاقتصاد ككل

وعلى الرغم من التصريحات المطمئِنة من المسؤولين الصينيين، إلا أن صحيفة "فاينانشيال تايمز" نشرت الخميس الماضي تقريراً مطولاً حول أزمة القطاع العقاري في الصين، خلصت فيه إلى أن تبعات الأزمة أصبحت تتجاوز القطاع لتؤثر في دخل الحكومات والإدارات المحلية وعلى السوق بشكل عام. فبينما يصر المسؤولون الصينيون على أن سياسة "الرفاه للجميع" التي طرحها الرئيس الصيني تشي جينبينغ ماضية قدماً وأن "كل شيء تحت السيطرة"، تواجه الحكومات المحلية في الأقاليم المختلفة أزمة تمويل بسبب تدهور قطاع العقار بالأساس.
ونقلت الصحيفة عن إيوار بارساد، الرئيس السابق لإدارة الصين في صندوق النقد الدولي، قوله "بدأت بكين تكتشف الكلفة العالية لمحاولة إصلاح الاختلالات في القطاع العقاري الذي لطالما اعتمدت عليه ليدفع أرقام النمو في اقتصادها إلى الأعلى ويزيد من عائدات الحكومات والإدارات المحلية ويسهم في مراكمة ثروات الصينيين. وبنتيجة تأثير القطاع عملياً في كل جوانب الاقتصاد والأسواق المالية والمجتمع، أصبح إصلاحه مسألة شائكة جداً".
ويبلغ حجم قطاع العقار في الصين ما يصل إلى 55 تريليون دولار، أي نحو ضعف القطاع العقاري الأميركي ونحو أربعة أضعاف حجم الناتج المحلي الإجمالي للصين. ويشكل نحو 30 في المئة من النشاط الاقتصادي في الصين. على سبيل المثال، في عام 2020، بلغت العائدات المالية للحكومات المحلية في أقاليم الصين من بيع الأراضي للتطوير العقاري أكثر من 1.3 تريليون دولار (8.4 تريليون يوان).
وتصر الحكومة الصينية على أن سياساتها الاقتصادية تسير في الاتجاه الصحيح، لكن منذ بدأت أزمة ديون القطاع العقاري تنفجر، وباتت مجموعة "إيفرغراند" تعاني في النصف الثاني من العام الماضي، تراجع نمو الاقتصاد بشكل واضح. ففي الربع الثالث من العام الماضي حقق الاقتصاد الصيني نمواً بمعدل سنوي بنسبة 4.9 في المئة، في مقابل الربع السابق حين حقق نسبة 0.2 في المئة فقط. وكان النمو في الربع الثاني من عام 2021 بمعدل سنوي يبلغ 7.9 في المئة، بزيادة عن الربع السابق بنسبة 1.3 في المئة. وفي حال حدوث مزيد من الانهيارات في القطاع العقاري، يُتوقع أن يتباطأ نمو الاقتصاد الصيني أكثر.