Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يعود العالم إلى اهتمامه بمعالجة "فقر الطاقة" في 2022؟

في الذكرى الـ46 لتأسيس صندوق "أوفيد"... سليمان الحربش يتحدث لـ "اندبندنت عربية" عن دور دول "الأوبك" في تحديث أجندة التنمية الدولية

تُعد الطاقة محورية لمواجهة كل تحد يعرقل مسيرة التنمية (أ ب)

في ظل أزمات الطاقة المتفاقمة في أوروبا والصين وآثارها على الدول النامية يشير سليمان الحربش (وهو مدير عام صندوق "أوبك للتنمية الدولية" "أوفيد" السابق، المتخصص في شؤون التنمية) إلى"أن العالم بات في أمس الحاجة اليوم إلى القضاء على "فقر الطاقة" المتمثل بوجود ما يقرب من مليار نسمة في العالم محرومين من أبرز المنتجات الكهربائية، في وقت يحرق 2.5 مليار نسمة الحطب في معاشهم اليومي، مع ما يقرب من خمسة ملايين نسمة يموتون سنوياً جراء استنشاق الهواء الفاسد.  ويذكر الحربش أن "هذا النوع من الفقر هو في نظري يهدد الأمن العالمي، ففقر الطاقة قد دخل في كل جوانب الحياة ومنها الأمن الغذائي، والصحي والدراسي وغير ذلك من ضرورات الحياة، فمن دون توفر الطاقة الكهربائية فإن الحياة سوف تزداد صعوبة". 

أمن الطاقة عامل محوري   

وأوضح الحربش، خلال اللقاء الذي جرى في منزله في العاصمة السعودية الرياض، أن غياب أمن الطاقة الذي أصبح عاملا ًمحورياً في تقدم الدول والمجتمعات سيؤدي إلى انعدام الأمن الاقتصادي والجيوسياسي حول العالم، وهو ما يستدعي الاستنفار من أجل مكافحة فقر الطاقة. 

الهدف السابع  

وعمل الحربش لمدة أربعين عاماً في وزارة البترول والثروة المعدنية منها 14 عاماً ممثلاً للسعودية في مجلس محافظي "أوبك" ثم مديراً عاماً لصندوق "أوفيد" لمدة 15 عاماً ليختاره الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون عضواً في مجموعة الخبراء الذين أنيط بهم استكشاف السبل الكفيلة بتنفيذ الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة، وهو توفير الطاقة للجميع.  

اجتثاث فقر الطاقة 

ويكشف الحربش في حديثه أن "السعودية كانت في مقدمة الدول بهذا الهدف، وذلك عندما استضافت القمة الثالثة لأوبك في نوفمبر (تشرين الثاني) 2007، ففي ذلك الوقت طلب منا القائمون على المؤتمر في وزارتي البترول والمالية إعداد ورقة عن فقر الطاقة لإضافتها إلى الفقرة السادسة من بيان الرياض الختامي التي تؤكد أن الملوك والرؤساء يطلبون من صناديق التنمية، ومنها صندوق أوبك "أوفيد" النظر في الطرق الكفيلة لاجتثاث فقر الطاقة.  وتابع القول: "لقد أسند للأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة وهو أحد كبار المسؤولين في وزارة البترول في ذلك الوقت مهمة الإشراف على إعداد البيان الختامي الذي جاء مختلفاً عن بيانات القمم السابقة، إذ خصص البيان فصولاً مستقلة للطاقة والبيئة، والتنمية المستدامة".  ويشير الحربش إلى أن "المضمون الأخلاقي لمبادرة الطاقة للفقراء، أو اجتثاث فقر الطاقة كان حاضراً في الخطاب السعودي قبل أن تبدأ الأمم المتحدة في الحديث عنه بأربع سنوات، بل إن الرياض بهذه المبادرة المتميزة ، قد أصلحت خللا ًواضحاً في أهداف الألفية الصادرة عن الأمم المتحدة عام 2000، التي تصدت لكل أوجه الفقر ماعدا فقر الطاقة، ويقول المختص السعودي في قضايا التنمية، قد لا نبالغ عندما نجادل بأن الدور المتميز  الذي كان في تلك الفترة عزز من وجود الهدف السابع الخاص بتوفير الطاقة للجميع وهو من بين الأهداف السبعة عشرة الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) 2015.

تجربة تنموية 

 ويستطرد الحربش قي تجربته التنموية بالقول "إنه بعد ختام قمة أوبك التي كان على رأس الأمانة فيها عبدالله البدري، تم الاتفاق على تقسيم العمل بحيث يتولى في صندوق (أوفيد) تنفيد الفصل الخاص بالطاقة والتنمية المستدامة، وتم حينها تنظيم خطة عمل بدأناها بتنظيم أول ورشة لاستكشاف فقر الطاقة في جنوب الصحراء الأفريقية، واخترنا لهذه المناسبة "أبوجا" عاصمة نيجيريا، حيث حضر الندوة ممثلون عن صندوق النقد والبنك الدوليين، ومنظمة (أوبك) و(اليونيدو)، والوكالة الدولية للبيئة وشركات الطاقة منها (شيفرون) و(أكسون موبيل). وشركة (شلامبرجيه)، وخرجنا بحصيلة من الأبحاث أثبتت أن السوق قد فشل في حل مشكلة فقر الطاقة، ولابد من حل عالمي شامل، كان ذلك في الثامن من يونيو ( حزيران)  2008، ثم كان اللقاء في أصفهان في إيران  لحضور الاجتماع الوزاري لـ "أوفيد"، حيث تم اطلاع الأعضاء على ما تم تداوله في "أبوجا" ومن حينها وضعنا استراتيجية التعامل مع هذا التكليف عبر ثلاثة أركان:  

الأول: إطلاق الحملة الإعلامية، التي  وصف فيها "فقر الطاقة" وربطه بالهدف التاسع المفقود من أهداف الألفية.  

الثاني: إقامة المشروعات الصغيرة في بعض الدول الفقيرة بالتحالف مع بعض الشركات.  

الثالث: تأسيس جبهة تحالف مع بعض الشركات ومنها "أرامكو" و"توتال" و"شلامبرجيه" لمؤتمر البترول العالمي. 

 ويؤكد الحربش أن دول المنطقة في الخليج قد بادرت بمعالجة "فقر الطاقة " قبل غيرها، وبعدها أطلقت الأمم المتحدة معالجة الأزمة في عام 2011.

صيف 2008  

وفي السياق ذاته يواصل الحربش حديثه "بأنه في صيف 2008 اضطربت أسواق النفط وقد وصل سعر البرميل 147 دولاراً، وفي حينها دب الذعر في الأسواق، ومن هنا عقد لذلك مؤتمر للمنتحين والمستهلكين في جدة ، حيث طلب من مجلس وزراء صندوق "أوفيد" النظر في تخصيص مليار دولار للقضاء على فقر الطاقة، وبعد مفاوضات مضنية تم الاتفاق في يونيو 2011 على هذا المطلب. ويواصل الحربش حديثه بالقول، في صيف 2012 شاركنا في مؤتمر "ريو زائد عشرين" وتم فيه توزيع إعلان على المؤتمرين صادر عن مجلس وزراء "أوفيد" نتعهد فيه بتخصيص مليار دولار لمكافحة فقر الطاقة، وذلك ضمن حساب متجدد (Revolving). 

 

وبحسب الحربش، كان لهذا التعهد والإعلان صدى واسع في أروقة المؤتمر، خصوصاً أن دول المنطقة كانت الوحيدة التي ذهبت إلى المؤتمر وبيدها ما تقدمه لمكافحة فقر الطاقة. ويقول الحربش إنه بعد تبني "أوفيد" لمطلب اجتثاث فقر الطاقة ارتفع نصيب قطاع الطاقة في مصروفات "أوفيد" من 18 في المئة في عام 2008 إلى 30 في المئة في السنوات اللاحقة. من جانب آخر يوضح الحربش في حديثه أن مصطلح "التنمية المستدامة" قد أصبح معروفاً بأهدافه السبعة عشرة في بيان صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث يعود إلى التقرير الذي صدر عن المنظمة نفسها بعنوان "مستقبلنا المشترك"، وقد أعدته لجنة برئاسة السيدة قرو هارلم برونتلاند رئيسة وزراء النرويج السابقة. ونوه الحربش بهذا التقرير وبأهداف التنمية، لكنه شدد على أن أي حديث عن التنمية المستدامة من دون هدف القضاء على فقر الطاقة هو حديث ناقص. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبالعودة إلى سيرته الذاتية يقول الحربش، "قضيت معظم حياتي المهنية في وزارة البترول (41 عاما) تخللتها دراسة الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة خلال الفترة 1962 – 1966، ثم دراسة الماجستير في الاقتصاد في ولاية تكساس، وعملت مع ثلاثة وزراء هم أحمد زكي يماني، وهشام ناظر، والمهندس علي النعيمي، وربطتني بالثلاثة علاقات عمل متميزة، ومنها رشحني هشام ناظر لتمثيل السعودية في مجلس محافظي "أوبك"، حيث قضيت فيه 14 عاماً، كما شاركت في تأسيس منتدى الطاقة الدولي ومقره الرياض. وخلال عملي في الوزارة حضرت معظم مؤتمرات "أوبك" وغيرها من المؤتمرات ذات العلاقة، كما كنت حاضراً في مؤتمرات قمة "أوبك" التي انعقدت في الجزائر وكراكاس والرياض.  وخلال عملي في الوزارة عينت رئيساً لمجلس إدارة ثلاث شركات هي شركة الحفر العربية مع "شلامبرجيه"، و"تكساكو العربية السعودية"، التي تستغل حقل الوفرة بين السعودية والكويت، والشركة السعودية للنقل البحري .وفي عام 2002 اتفق وزيرا البترول والمالية في السعودية على ترشيحي مديراً عاماً لصندوق أوبك للتنمية الدولية "أوفيد"، حيث قضيت فيه 15 عاماً أعدنا فيها هيكلة الصندوق، كما تم فصله عن منظمة "أوبك" والبنك الدولي ، ومنحناه اسماً دولياً وشعاراً معترفاً به، وأصبح مؤهلاً لبعض من يطلب المشورة  بخاصة في موضوع فقر الطاقة. وخلال تلك الفترة وسعنا عمليات الصندوق وأضفنا عدداً من الدول الفقيرة مع إطلاق منتجات جديدة تتناسب مع الغرض الذي أنشئ من أجله الصندوق، ومن ذلك برنامج المنح والمنح الدراسية على وجه الخصوص. واختتم الحربش حديثه بقوله إن "هناك فرقاً بين البنوك التجارية وبنوك التنمية كما هو واضح من مواثيقها الأساسية، وأكد على ما سبق أن نادى به من أن يكون الإشراف على صناديق التنمية من اختصاص وزارات الخارجية باعتبار الصناديق ذراعاً دبلوماسية كما هي الحال في الولايات المتحدة، وأوروبا واليابان.
وتمنى الحربش لصندوق أوبك "أوفيد" وهو يحتفل بذكراه السادسة والأربعين أن يعود إلى دائرة الضوء منبراً لمكافحة الفقر بكافة أشكاله تمشياً مع شعاره الذي لازمه 15 عاماً وهو: "متحدون ضد الفقر".