Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تعيق الرقابة البلدية في السعودية اتجاه الشباب نحو التجارة؟

يشتكي شباب الأعمال من ارتفاع المخالفات وعدم أهلية المراقبين وغياب سبل الاعتراض والتظلم

اعتبر كثير من رواد الأعمال أن الإجراءات التفتيشية التي تجريها البلديات تعسفية (وزارة الشؤون البلدية والقروية)

يمثل ديسمبر (كانون الأول) من كل عام، بالنسبة إلى رواد الأعمال والشركات والمؤسسات ، شهر مراجعة الموازنة السنوية استعداداً للسنة المالية الجديدة، وذلك بترتيب وتحديد إيرادات ومصروفات المشروع وخطط الإنفاق المستقبلية.

لكن يبدو أن هذا العام كان عاماً غير معتاد في موازنة أصحاب المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر في السعودية، إذ أصاب الخلل والاضطراب موازنتهم فأصبحت المصروفات أعلى من الإيرادات بفارق كبير، وبعد المراجعة وجدوا أن هناك بنداً استنزف جزءاً لا يستهان به من الإيرادات، وذلك جراء سياسات قامت بها بعض الجهات الحكومية مما حدا بأصحاب المشاريع إلى السحب من رأس المال بعد ارتفاع مبالغ المخالفات على المنشآت مع كثرتها.

رسوم المخالفات

أخذت الرياض على عاتقها خلال السنوات الماضية الدفع بريادة القطاع الخاص في الاقتصاد، ولأجل ذلك دفعت بالخطط لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتسهم في نموها خلال العام 2020 لتصل إلى 626 ألف منشأة، مقارنة بـ 560 ألف منشأة عام 2019، وأخذ شبابها بتأسيس مشاريعهم الخاصة في ظروف تعتبر الأقسى نتيجة أزمة كورونا، إلا أن رسوم المخالفات الحكومية كانت أشد قسوة.

لا خلاف على أهمية النظم الفعالة للرقابة على جودة المنتج التجاري لحماية المواطن من استهتار بعض أصحاب المحال التي تبحث عن التكسب على حساب صحة المستهلك، لكن ما يرويه أصحاب المنشآت هو اتهامات الجهات الرقابية بـ "تصيد المخالفات من أجل فرض غرامة"، كما حكى بعضهم لـ "اندبندنت عربية".

أبرز الشكاوى

واستخدم رواد الأعمال "تويتر" منصة لمناشدة المسؤولين مراجعة آلية تفتيش مشاريعهم، والحد من تجاوزات بعض المفتشين والمراقبين الصحيين، والتي جاء من أبرزها تحميل أصحاب المحال التجارية قصور وأخطاء موظفيهم، وتسجيل المخالفات البسيطة على المنشأة من دون إنذار مسبق.

وطالبوا كذلك بمراجعة أسعار المخالفات وإعادة صياغة لائحة المخالفات والعقوبات على المنشآت الصغيرة، ووضع تصنيفات للمنشآت مع مراعات المستثمرين الجدد في القطاع.

وتحدث رائد الأعمال السعودي رائد أبو معطي عن مشكلته مع استراتيجية المفتشين في التعامل مع مشاريعهم التي لا تعطي لأصحاب المشاريع أي فرصة للالتزام بالتعليمات والشروط، "نحن مؤمنون بأهمية دور الرقابة لتنظيم السوق وتنظيفها وإظهارها بشكل لائق، ونحن في النهاية مستهلكون أيضاً، ولكن ما يحدث هو تعد لحدود الرقابة إلى تصيد الأخطاء".

ولا يرفض رواد الأعمال الرقابة لكنهم يرفضون تصيد الأخطاء بمبالغ كبيرة تتجاوز رأسمال مشاريعهم في بعض الأحيان، إذ يشير مستثمر شاب آخر وهو فيصل الشتري إلى أن المشكلة في "كيفية الرقابة والتعامل مع المنشأة الصغيرة التي تحتاج إلى توجيه بدلاً من تحميلها مخالفات لن تستطيع تحملها، وسيكون الحل الوحيد لصاحب المشروع هو الخروج من السوق"، مضيفاً أن "المشكلة حالياً ليست فقط المبالغة في أرقام المخالفات، بل وأيضاً رفض اعتراض صاحب المنشأة عليها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتأتي وزارة الشؤون البلدية والقروية في مقدم المتهمين من قبل الرواد الشباب، والتي تعنى بصحة وسلامة البيئة والمنتج، وكان أبرز ما وجه إليها من انتقادات هو تضخيم المخالفات الثانوية وفرض غرامات لا تتناسب وحجم المنشأة، وتصل إلى 50 ألف ريال (13314 دولار أميركي).

وتواصلت "اندبندنت عربية" مع الوزارة للاستفسار حول ذلك وعرض مبرراتها وردها على التهم التي ساقها إليها رواد الأعمال، إلا أن مسؤول الإعلام في الوزارة رفض التعليق معللاً ذلك بانشغالاته.

غياب الموظف يعني غرامة "عدم التوطين"

ويبدو أن أمام السعودية تحد كبير يتمثل في إعادة درس أنظمة المخالفات التي تم استحداثها مع تطوير بيئة الأعمال، وبحسب الشتري فإن المخالفات لم تكن في يوم من الأيام كما هي الآن. ويضيف، "لم نشاهد هذا الكم الكبير في الخروج من السوق سابقاً، فهذه المنشآت الصغيرة لم تستطع مقاومة أعباء المخالفات الكبيرة التي تعصف بمشاريعنا".

وأشار ناصر بن عبدالعزيز، وهو صاحب مشروع صغير آخر لبيع الورد، إلى أنه لم يعد يقف على تطوير مشروعه بل يقف على "محاولة تجنب المخالفات بأي طريقة، ومع ذلك أقع فيها"، مشدداً على أن رقابة الجهات الحكومية أصبحت تشكل النصيب الأكبر من التحديات التي يواجهها.

وسجل الرواد شكوى ضد وزارة العمل والموارد البشرية، وهي المعنية بشؤون العاملين في القطاع الخاص وتطبيق خطط التوطين، وكان أبرز ما يشتكي منه أصحاب تلك المنشآت أن عدم وجود الموظف أثناء حضور المراقب المفاجئ، يجعل صاحب المنشأة حينها في نظر الوزارة مخالفاً لأنظمة التوطين، ويستحق مخالفة تصل إلى 20 ألف ريال سعودي (5325 دولار أميركي)، وفي حال تكرارها 40 ألف ريال سعودي (10651 دولار أميركي).

واستجابت وزارة الموارد البشرية لمطالبات أصحاب المصلحة من القطاع الخاص من خلال تعديل جدول مخالفات الموارد البشرية من طريق مواءمتها بين حجم الوحدة الاقتصادية وجسامة المخالفات ومدى خطرها على سوق العمل، بطريقة مغايرة عن الأسلوب الشمولي السابق، وذلك بعد "أخذ آراء العموم والجهات الحكومية، ودرس واقع سوق العمل السعودية، والمواءمة مع القطاع الخاص بالتنسيق مع الغرف التجارية"، بحسب ما أعلنته في ردها على مطالبات التجار.

وأضافت، "راعت الوزارة في المخالفات الجديدة ملائمة الغرامات المالية لحجم المنشأة وجسامة المخالفة، وكفل الحق لصاحب العمل الاعتراض على المخالفة خلال 60 يوماً من تاريخ تبليغه بالقرار، وذلك عبر خدمة الاعتراضات الإلكترونية".

غياب الاستشارات سبب المشكلة 

ويعزو المحامي سعد الرويشد وقوع كثير من أصحاب المنشآت الصغيرة في المخالفات إلى قلة الوعي أو غيابه، "والالتفات إلى الاستشارات غالباً ما يكون متأخراً، فكثير من الشباب يقعون في ديون لم يكونوا مخططين لها، وذلك لعدم معرفتهم بالمصاريف الخفية للمشاريع".

ونوه إلى أهمية "الاستشارات المسبقة، فهي تعطي الشاب تصوراً عاماً للمشكلات التي واجهت رواد الأعمال السابقين، فالمستشار يضيء لك العقبات التي من الممكن أن تقع فيها".

لماذا كانت هيئة الزكاة الأكثر بحثاً في "غوغل"؟

وجاءت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك ضمن القطاعات التي يعاني منها أصحاب المنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر، والتي تعمل على جباية الزكاة والضريبة. وبعد أن دمجت الضريبة التي تفرضها الهيئة العامة للزكاة والدخل بضريبة الهيئة العامة للجمارك في رمضان الماضي، قامت بفرض الزكاة على أصحاب المنشآت بأثر رجعي طوال عمر المنشأة.

هذا التفاعل حوّل مفردة "زكاة" إلى واحدة من أكثر الكلمات تداولاً عبر "غوغل"، وهو ما فسره محرك البحث بشكل مختلف، إذ اعتبر تداولها على نطاق واسع في رمضان دليلاً على إقبال المجتمع السعودي على تقديم الزكوات خلال هذا الشهر.

 

الخلاف الحاصل على المشهد الاستثماري دفع الغرفة التجارية إلى التفاعل، وهي التي يلومها شباب الأعمال دائماً بسبب غيابها عن المشهد، لكن تفاعلها كان خجولاً من طريق إرسال استبانة لأصحاب المنشآت لحصر تحديات ومرئيات القطاع في ما يخص الرقابة والتفتيش والغرامات مع الجهات الحكومية

 

اقرأ المزيد