Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإفلاس يهدد المؤسسات الصغرى في تونس بالانهيار

بيانات تكشف عن فقدان آلاف العمال وظائفهم في موازاة تداعيات كورونا

سائحون يقفون لالتقاط صورة وسط مدينة تونس (رويترز)

تسببت الأزمة الاقتصادية والصحية التي تمر بها تونس بصعوبات للمؤسسات الصغرى والمتوسطة، وأدت إلى إشكاليات مالية وهيكلية عدة إلى درجة أن البعض منها اضمحل، وكشفت منظمات تونسية أن عدداً كبيراً منها أفلس في وقت تطالب البقية بإعادة الهيكلة المالية، وتراجع رقم معاملات ثلاثة أرباع هذه المؤسسات بحكم تعطل التصدير، وأعلن نصفها عن فقدان رأس المال وتسريح العمال، وطالب بتدخل الدولة لإنقاذها، كما نبهت مؤسسات أخرى إلى تعرضها لضغوط جبائية ستدفعها إلى التوقف عن النشاط في حال عدم إعادة جدولة ديونها، وطالبت بسن إعفاء من العقوبات المالية وتمتيع المؤسسات الصغرى المفلسة بالإعفاء الجبائي.

وطالب محللون تحدثوا إلى "اندبندنت عربية" بتدخل الدولة لإنقاذ المؤسسات التي تغرق في الديون وتواجه العقوبات المالية، بوضع استراتيجية إنقاذ تدار بالشراكة مع البنوك الخاصة والعمومية التي لم تبدي تعاوناً في هذا الملف، وذكرت أن عودة المؤسسات للعمل السبيل الوحيد الكفيل بدفع الإنتاج والتصدير والقضاء على البطالة.

إفلاس

وكشفت منظمة "كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية" (منظمة نقابية) أن 13 في المئة من المؤسسات ذات الرأس المال الأجنبي صرحت بأنها أغلقت أبوابها نهائياً بسبب تداعيات كورونا، وأن 84 في المئة من المؤسسات الصغرى تأثر نشاطها سلباً من تداعيات الجائحة الصحية، ويرغب نصفها في إعادة الهيكلة المالية، وتراجعت معاملات 70 في المئة منها سنة 2020 مقابل 34 في المئة سنة 2018.

وتسببت الجائحة في وقف نشاطها الاقتصادي وبخاصة تعطل التصدير باستثناء تلك الناشطة في مجال الصحة والأدوية التي تحسنت وضعيتها، وتمثل ثلاثاً في المئة من المجموع، وصرحت نصف المؤسسات بأن رأس مالها ضاع، ما يعني تردي إمكانياتها المالية، كما أكد 35 في المئة من المؤسسات ذات الرأس المال الأجنبي تراجع مواردها المالية والعجز في مواصلة نشاطها، واعتبر 50 في المئة من المؤسسات أن الإطار الجبائي الحالي غير محفز، ولديها العديد من الضغوطات الجبائية سنة 2021، وطالبت الإدارة الجبائية باتخاذ إجراءات من أجل التخفيف من الضغوط حتى تستعيد أنفاسها.

في المقابل، عبر 50 في المئة من المؤسسات عن نيتها توسيع استثماراتها خلال سنة 2022 على الرغم من تداعيات الجائحة، رغبة في تدارك سنتي 2020 و2021 وما رافقهما من ركود اقتصادي.

وكشفت الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة (مستقلة) عن ارتفاع عدد المؤسسات المفلسة إلى 130 ألفاً، متوقعة زيادة بـ12 ألفا في الفترة المقبلة، ومن تداعيات هذا الإفلاس إحالة 750 ألف عامل على البطالة وإمكانية اندثار 95 في المئة من المؤسسات الصغرى والمتوسطة، واعتبر نحو 35 في المئة من رؤساء المؤسسات الذين يشغلون بين 50 و199 عاملاً أن مؤسساتهم تعاني من إشكاليات مالية ورأس مالها ضعيف جداً، وأعلن 50 في المئة منهم أنهم فقدوا عملاء مهمين بسبب الجائحة، إضافة إلى العديد من الصعوبات التي تواجه أصحاب هذه المؤسسات لا سيما من طرف البنوك وشركات الإيجار المالي.

عقوبات

وكشفت الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة أن المحاكم التونسية تنظر في مليوني قضية شيكات من دون رصيد، ويقبع ثمانية آلاف صاحب مؤسسة بالسجن بسبب عدم القدرة على خلاص الديون، وتطالب المؤسسات التونسية الصغرى والمتوسطة المتضررة بجملة من الحلول للحد من تداعيات الأزمة الاقتصادية، وتتمثل في رفع العقوبة السجنية على الشيك من دون رصيد، وتمتيع المؤسسات الصغرى المفلسة بالإعفاء الجبائي، كما أطلقت نداء لرئيس الجمهورية قيس سعيد لتقديم مبادرات تشريعية تلغي الرخص لتحرير الاقتصاد.

الإعفاء والإقراض

ويتمثل الحل الأمثل لإخراج المؤسسات المتضررة من الضائقة المالية في تدخل وزارة المالية بإجراءات عاجلة، ومرافقتها بتدابير خصوصية وفق الاقتصادي أنيس بن عبد الله، ويتم ذلك بعد دراسة الوضعية وفق القطاع، ثم النظر في الإشكال حسب الملفات، وتختلف بين قضايا ضريبية وديون، وتتوزع بين إعادة جدولة الديون أو الإعفاء مؤقتاً من الخطايا، لكن وجب دعم القطاعات المتضررة مالياً من قبل الدولة لدفعها للعودة إلى الإنتاج، كما يتحتم إدراج هذا التدخل في سياسة إصلاح عامة عنوانها التقشف وتوجيه الحوافز للمؤسسات المستحقة لها من قبل الدولة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، فإن الدولة غير مؤهلة للتدخل في علاقة المؤسسات بالبنوك بل تقتصر مساحة تدخلها في التنازل عن الخطايا، أو العقوبات الجزائية باشتراط خلاص الديون بتحديد سقف زمني معين، أما ما يعرقل عملية الإنقاذ فهو رفض البنوك تمويل المؤسسات غير القادرة على العودة للإنتاج، وبالتالي عدم توفر شروط الاقتراض، علماً أن الدولة التونسية اقترحت توفير قروض ميسرة لا تزيد الفائدة فيها على نسبة الفائدة العامة وهي 6.25 في المئة زائد اثنين، لكن لم يتم العمل بها من قبل البنوك التونسية بسبب المخاطر، ومن الحلول المطروحة توفير ضمانات من الدولة التونسية لدى البنوك لتوفير القروض للمؤسسات المتضررة.

وساطة

وكشف جابر بن عطوش رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار، أن الوكالات سرحت 50 في المئة من العمال واستهلكت رأس المال الموجود لديها.

ولم تستفد من الإجراءات الاستثنائية التي أقرتها الدولة التونسية، وهي قروض ميسرة يتم تسديدها خلال سبع سنوات مع إمهال عامين، لأن البنوك رفضت المعايير الجديدة واشترطت ضمانات مباشرة لدى المؤسسات، والحال أنها تفتقر إليها بحكم تداعيات الجائحة وحال الإفلاس التي تعاني منها، وعلى الرغم من توفير الضمانات من قبل الدولة التونسية للبنوك وحجمها 500 مليون دينار (173.6 مليون دولار)، تمسكت البنوك بسياستها المالية التقليدية، بينما استفادت المؤسسات الكبرى والثرية من هذه الإجراءات.

وطالب بن عطوش وزارة المالية أو الوزارات المعنية، بحسب القطاع، بلعب دور الوساطة لدى البنوك وعدم ترك المؤسسات التونسية في مواجهة مباشرة مع المقرضين الرافضين تنفيذ التدابير الاستثنائية.

اقرأ المزيد