Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ستاندرد أند بورز تشكك بأرقام الموازنة اللبنانية

الوكالة سبق وخفَّضت تصنيف النظرة المستقبلية وكذلك موديز

شارع المصارف في العاصمة بيروت (رويترز)

بعد مخاض عسير أُفرج عن مشروع موازنة لبنان للعام 2019 في منتصف العام. 20 جلسة لم تكن كافية لحكومة الوحدة الوطنية للتوافق، فتحفّظ البعض لتُرمى كرة النار في ملعب المجلس النيابي.

اما المجتمع الدولي الذي يُراقب عن كثب توجهات لبنان المالية منذ فترة، فلم تقنعه الأرقام المطروحة، في ظل غياب واضح لإصلاحات جدية تخفِّض من نسبة العجز المتنامي والذي أصبح يهدد استقرار البلد مالياً.

فمعظم البنود المطروحة لرفع الإيرادات تلجأ مرة جديدة لزيادة الضرائب والرسوم فيما يعاني البلد، ومنذ سنوات، من ركود اقتصادي وتباطؤ في النمو ترافق مع ارتفاع في نسب التضخم. والضرائب الجديدة التي تطال فئات المجتمع كافة، تهدد بمفعول عكسي وبمزيد من تراجع الإيرادات مع تراجع الإنفاق.

المفاجأة

رغم إيجابية إقرار موازنة، فاجأت وكالة التصنيف الدولية ستاندرد اند بورز الأسواق باعتبار ان الخطة المطروحة لخفض العجز المالي إلى 7.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام قد لا تكون كافية لاستعادة ثقة المودعين والمستثمرين التي اهتزت في البلد المثقل بالديون.

فبحسب ستاندرد اند بورز، عدم تحقيق الهدف الجديد أمر وارد، لاسيما أن أي إجراءات لخفض التكاليف ستطبق فقط في النصف الثاني من العام. وتقدّر الوكالة الدولية نسبة العجز للناتج المحلي عند 10% لعام 2019 وليس 7.6% كما ورد في مشروع الموازنة، علما بأن في موازنة العام 2018 قدّرت الحكومة اللبنانية نسبة العجز للناتج عند 8.5% لترتفع فعلياً، ومع نهاية العام، إلى 11.5%. كما توقعت الوكالة أن تواصل نسبة الدين العام في الارتفاع لتتجاوز 160 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2022 مقابل 143 بالمئة في عام 2018. 
وتكمن أهمية تصنيف ستاندرد اند بورز في كونها خفَّضت النظرة المستقبلية للبنان إلى سلبية في مراجعتها خلال شهر مارس (آذار) الماضي فيما تصنيف لبنان عند B-  ما يعني إمكانية خفض التصنيف إلى C.

والخطورة تكمن في كون وكالة موديز قد خفضت بالفعل تصنيف الدين السيادي للبنان من B3 إلى Caa1 أي من سندات مصنفة ذات جودة ائتمانية ضعيفة إلى سندات ذات جودة ائتمانية ضعيفة جداً بظل احتمال حدوث حالة عدم السداد. 

وتخفيض وكالة ستاندرد اند بورز إن حصل يثبت خفض تصنيف لبنان عند C ما يهدد باستمرارية حصول الدولة اللبنانية على التمويل مستقبلاً، فخفض التصنيف سيرفع أسعار الفوائد، ويهدد استمرار التدفقات الرأسمالية من الخارج الضعيفة أصلاً. 

مناشدة لحاكم مصرف لبنان 

يرى الخبير الاقتصادي والمالي ورئيس اللجنة الاقتصادية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والمسؤول سابقاً في صندوق النقد الدولي د. مازن سويد ان توقيت اصدار ستاندرد اند بورز رأيها في الموازنة رسالة واضحة للبنان وللمجلس النيابي بضرورة القيام بالمزيد من الإجراءات المقْنِعة لخفض العجز وتحفيز الاقتصاد بعيداً عن تجميل وتدوير الأرقام كما في المشروع المطروح.

وفيما تتوقع معظم المؤسسات المالية الدولية أن يسجل لبنان عجزاً يتحرك بين 9.5% و10% من الناتج، يعتبر د. سويد أن تحقيق عجز للناتج بين 8 و8.5% سيعتبر إنجازاً. 
ويعتبر د. سويد ان القراءة قد تكون تمهيداً لخفض مستقبلي للتصنيف سيكون مكلفاً جدا على لبنان في الوقت الراهن، أو اقله الإبقاء على النظرة المستقبلية السلبية، ومن هنا ضرورة تحرك رئيس الحكومة سعد الحريري وحاكم مصرف لبنان د. رياض سلامة على خط المؤسسات الدولية عبر اتصالات مكثفة تتيح المزيد من الوضوح والالتزام بالمعايير المطلوبة.

اول المتضررين القطاع المصرفي اللبناني الذي بحال خُفض التصنيف، سيصبح مُطالَباً بزيادة رأسماله فيما يعاني القطاع من ارتفاع في نسب الرسوم والضرائب لرفع إيرادات الدولة، ترافقت مع واقع تشغيلي صعب ومخاطر ناتجة عن النسبة المرتفعة لحيازة المصارف على السندات السيادية، ما يجعل إيجاد استثمارات جديدة في القطاع صعب.

خفض التصنيف أيضاً سيطلق عملية بيع لسندات لبنان في الأسواق العالمية، ما يعني تراجع أسعارها وارتفاع نسب العوائد ومع ارتفاع الفوائد المطلوبة يعود عجز الموازنة الى الارتفاع وبالتالي الدين الى الارتفاع.

وبحسب د. سويد تحول المستثمرون الى النظر والتدقيق في المخاطر، فلبنان لم يعد الطفل المدلل دولياً كما أن المنطقة في حالة حرب وسياسة لبنان الخارجية في المرحلة الماضية لم تكن منسجمة مع مصالح لبنان الاقتصادية.

ضاقت السبل امام لبنان الرازح تحت دين عام تخطى 83 مليار دولار فيما حجم اقتصاده مقدر عند 60 مليار دولار. فالمجتمع الدولي لم يعد يثق بالوعود وفيما لا يزال على استعداده لمساعدة لبنان للخروج من أزمته عبر الإبقاء على الوعود المعطاة خلال مؤتمر سيدر للمانحين الدوليين، الا ان الظروف اختلفت اليوم فإما الإصلاح الحقيقي والانجاز الفعلي المقنع وإما الفوضى.

المزيد من اقتصاد