Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عدت للتو من أفغانستان والكارثة الإنسانية الوشيكة فيها لا توصف

بلد مشلول واقتصاد منهار وأمل يخبو ومستقبل تلفّه غمامة غير مسبوقة من الشؤم

عادت ماريان هورن من مهمة ميدانية في أفغانستان حيث قدّمت الدعم إلى جمعية الهلال الأحمر الأفغاني (الهلال الأحمر الأفغاني/مير عبدالله)

استُخدمت عبارات عدة في وصف الوضع الحالي في أفغانستان، لكن قلّة منها كافية لوصف الحجم الحقيقي للكارثة الإنسانية الوشيكة.

لقد قضيت الشهر الماضي في التنقّل بين مختلف المناطق الأفغانية. إن الطبيعة جميلة هناك لكن الواقع الذي يعيشه الشعب يُعتبر الأسوأ إلى الآن. البلد مشلول والاقتصاد منهار والأمل يخبو. وفي أساس الأزمة، موجة جفاف شديد ومشكلة سيولة والافتقار إلى نظام مصرفي يعمل بشكل سليم وتبعات الجائحة والنزاع والنزوح. 

التقيت خلال ترحالي عدداً كبيراً من الأفغانيات. إنّهن قويات ومقاومات وأبيّات. تدير هؤلاء النسوة التجمعات المحلية في وقت يُرغم أبناؤهن ورجالهن على العمل بعيداً منهن. ولا تتحلّى كثيرات بالثقة الكافية للخروج بحريّة، مع أن ضجيج السلاح قد خبا الآن. في المقابل، إنهنّ قائدات بجدارة، إذ يشكّلن عماد عائلات قد يصل عدد أفرادها إلى 12 شخصاً. وينظّمن ويُطعمن ويرعيَن وهنّ أفضل من يعرف أي نوع من الإسعافات يكون مطلوباً، وكيف يجب توفيره.

تعرّفت إلى كثير من هؤلاء النسوة في عيادات طبية موجودة في مناطق نائية ويديرها "الهلال الأحمر الأفغاني"، إذ تُعدّ العيادات المحلية المتنقّلة التي يهددها اليوم نقص التمويل، منفذهنّ الوحيد في الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية.

فيما جلسنا أرضاً، يحيط بنا الأطفال المرضى، تكلّمن معي بنبرة من التسليم نادراً ما صادفتها. اضطررن إلى التخفيف من مؤونة حطب التدفئة مع أن الثلوج بدأت بالتساقط. يقتصد معظمهن في حصص الطعام لأنهن لا يملكن المال الكافي، بكل بساطة. وفي أسوأ الحالات، يُطعمن أطفالهن قشور البطاطا.

ونتيجة لذلك، أتت كثيرات إلى العيادات بصحبة أطفال تحت سن الخامسة بدأت آثار سوء التغذية تظهر عليهم بالفعل. إن عيون أولئك الأطفال غائرة وأطرافهم متعبة ووجوههم تفتقر إلى الشرارة والشقاوة التي يتشاركها الأولاد في كل أنحاء العالم. وفي المخيمات التي تحتضن بعضاً من النازحين البالغ عددهم 3.5 مليون نسمة، الوضع أسوأ بكثير.

أفغانستان في عين العاصفة، إذ شرع الجفاف الشديد الذي بدأ منذ عامين، في التأثير في 80 في المئة من مساحة البلاد. وانتشر الجوع والوظائف تبخّرت. منذ الانتقال الذي حدث في أغسطس (آب) 2021 [إمساك حركة "طالبان" بالسلطة في كابول]، أدّت العقوبات الاقتصادية التي فرضها المجتمع الدولي، إلى دفع الاقتصاد الهشّ أساساً نحو الهاوية. لا سيولة في البلاد، ولم تعُد الرواتب تُدفع منذ أربعة أشهر، وأي متنفّس مالي مفقود كلياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا تقتصر الحاجات في أفغانستان على الطعام، إذ يخلق الوضع موجة جديدة من نقاط الضعف التي تتطلّب استجابات إنسانية أكثر تطوراً وتعقيداً، لا سيما بالنسبة إلى النساء والأطفال الذين تزيد أوضاعهم سوءاً. وتعتمد هذه الاستجابات على العمل مع المنظمات الإنسانية الوطنية الشبيهة بـ"الهلال الأحمر الأفغاني"، الموجود في صلب المجتمع.

وتعقد تلك الجمعية الخيرية عزمها أكثر من أي وقت مضى، على أن تنفق كل قرش بحرص على الأفراد المهمّشين والمستضعفين. وقد وزّعت 3 آلاف طن من الطعام للتو على مناطق أعطتها الأولوية قبل أن يعزلها الشتاء عن بقية المناطق، وهي مناطق أصابها الجفاف والنزاع والنزوح كـباميان وبادغيس وبنجشير. 

بالتالي، يجب توفير المساعدات على أساس الحاجة لها حصراً، من دون أي اعتبارات تخصّ السياسة الخارجية أو الأمن القومي أو الاقتصاد. ويجعل ذلك الأمر من النداء الذي أطلقته "لجنة الكوارث الطارئة لمعالجة أزمة أفغانستان" مهماً جداً في هذا الوقت، إذ دعا إلى جمع التمويل من أجل تأمين الدعم الغذائي الطارئ والحاجات الأساسية للملايين ممن يحتاجونها.

سوف تحتاج متابعة هذه المقاربة في أفغانستان إلى الشجاعة. ولا شك في أن الوضع معقد. في المقابل، سوف يحكم التاريخ علينا وفقاً للشجاعة التي سنتحلّى بها جماعياً من أجل إنقاذ الأرواح في وقت الشدة. وحين ينتشر الجوع والشتاء والخوف من المستقبل في كل مكان، علينا أن نضع أثر عملنا في صلب القرارات التي نتخذها. وعلينا الإصغاء إلى أولئك النساء وإلى أصوات 22 مليون شخص محتاج قبل أن يبلغوا نقطة اللاعودة. بعد ذلك، سيكون الأوان قد فات.

من أجل دعم النداء الإنساني للجنة الكوارث الطارئة حول أفغانستان، رجاء زيارة موقع  dec.org.uk

* ماريان هورن، مستشارة مخضرمة في الشؤون الإنسانية، تملك 20 عاماً من الخبرة في مناطق النزاعات. عادت ماريان هورن من مهمة ميدانية في أفغانستان حيث دعمت عمل "جمعية الهلال الأحمر الأفغاني".

© The Independent

المزيد من آراء