Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وزيرة خارجية بريطانيا اعتبرت "بريكست" كارثة اقتصادية

وزيرة الخارجية باتت تتولى التفاوض مع الاتحاد الأوروبي لكنها في 2016 رأت خيار الخروج منه غير مناسب لبلادها

لم تكن وزيرة الخارجية البريطانية من مؤيدي مغادرة بلادها الاتحاد الأوروبي (رويترز)

تعد الوزيرة البريطانية التي تولت أخيراً المسؤولية عن إدارة محادثات الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست) بعد استقالة سلفها اللورد ديفيد فروست، من السياسيين الذين أيدوا في السابق بقاء المملكة المتحدة ضمن الكتلة الأوروبية. وخلال الحملة التي سبقت استفتاء 2016 [عن بريكست]، وجهت تروس عدداً من التحذيرات المثيرة للهلع في شأن مغادرة بريطانيا الكتلة الأوروبية.

وحاضراً، جرى تكليف ليز تروس وزيرة الخارجية، أمر التعامل مع بروكسل [عاصمة الاتحاد الأوروبي]، بعد أن تقدم اللورد ديفيد فروست، المسؤول عن ملف "بريكست" بحكم الأمر الواقع، باستقالته مشيراً إلى مخاوف تتعلق بالاتجاه الذي يسلكه حزب المحافظين تحت قيادة رئيس الوزراء بوريس جونسون.

يأتي تخلي فروست عن تلك المسؤولية بعد أيام من تسجيل المملكة المتحدة تراجعاً كبيراً في شأن دور "محكمة العدل الأوروبية" في ما يتعلق بإيرلندا الشمالية، وذلك على أثر الخلافات المستمرة بين لندن والكتلة الأوروبية على "بروتوكول إيرلندا الشمالية" [يتعلق بقضايا الجمارك والهجرة على الحدود البرية بين إيرلندا المنتمية إلى الاتحاد الأوروبي، وإيرلندا الشمالية التي تشكل جزءاً من المملكة المتحدة].

وخلال حملة الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 2016، أكدت السيدة تروس أنها تدعم بقاء بلادها في الكتلة، وعللت ذلك بالإشارة إلى "أنني أعتقد أن ذلك [البقاء] يصب في المصلحة الاقتصادية لبريطانيا، ويعني أنه يمكننا التركيز على الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الحيوي داخل المملكة المتحدة".

وفي كلمة ألقتها في مايو (أيار) 2016، أمام "اتحاد الأغذية والمشروبات" Food and Drink Federation، حذرت تروس المندوبين من أن التصويت بنعم على مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي، سينعكس سلباً على مصالح قطاع الضيافة، والاقتصاد الأوسع أيضاً، وسيفضي في نهاية المطاف إلى جعل البريطانيين أكثر فقراً.

وكذلك نقلت إلى ذلك الحضور المحتشد، "أعتقد أن من مصلحتنا التركيز على التأثير الحقيقي لخطوة الخروج وانعكاساتها على الأرض، لجهة ما يمكن أن تحدثه بالنسبة إلى الوظائف وسبل العيش، لأن تبادلات وتجارةً أقل، ستعني استثمارات أقل، وستترجم بعدد أقل من الوظائف، ما سيزيد الضغط على دخل الأفراد".

وأضافت ليز تروس، "إن المسألة لن تؤثر عليّ وعليكم في هذه القاعة فحسب، بل ستطاول الجميع على مستوى الاقتصاد ككل. لذا، حتى إذا كنتم تعملون في شركة لا تعمل في التصدير، فإن الشركات التي تتولى التصدير ستشتري القليل من خدماتكم، وأعتقد أن هذه رسالة يتعين علينا حقاً أن نوصلها خلال الأسابيع الأخيرة من هذه الحملة".

وختمت كلامها بالإشارة إلى، "إن لديّ إيماناً كبيراً بالشعب البريطاني. وأعتقد أن شعب بريطانيا عاقل ويدرك بشكل أساسي أنه على المستوى الاقتصادي، ستكون بلادنا أفضل حالاً إذا بقيت ضمن الاتحاد الأوروبي بعد إصلاحه".

وفي الشهر التالي، حينما قدم طرفا الاستفتاء حججهما الاقتصادية قبيل التصويت في 23 يونيو (حزيران) 2016، غردت السيدة تروس، "لا يمكن للحملة المؤيدة لمغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي أن تسمي حتى دولة واحدة يمكننا أن نحصل منها على صفقة تجارية أفضل، في حال مغادرتنا للكتلة الأوروبية".

في المقابل، بعد أن عينت تروس مسؤولة ثانية في وزارة الخزانة، من قبل السيدة تيريزا ماي، التي خلفت رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون [المنتمي إلى حزب المحافظين، لكنه من مؤيدي البقاء في الكتلة الأوروبية]، غيرت تروس موقفها من "بريكست". وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2017، صرحت بأنها "وجدت أيضاً فرصاً" في خطوة المغادرة، مؤكدةً دعمها لها.

وفي ذلك الإطار، أوضحت تروس، "اعتقدت أنه ستكون هناك مشاكل اقتصادية ضخمة، لكنها لم تظهر، ورأيت أيضاً أن هناك فرصاً عدة". وأضافت في معرض توضيحها لماذا "غيرت رأيها" في ما يتعلق بـ"بريكست"، "أن الأمر الآخر يتمثل في اللحظة الكبيرة التي شهدها يوم 23 (حزيران) 2016، حينما صوّت الشعب البريطاني على المغادرة، وكان ذلك بمثابة تعبير عن نوع الدولة التي نريدها، وأعتقد أن هذا قد غير أيضاً النقاش في هذه البلاد".

اليوم، ينظر إلى ليز تروس على أنها إحدى أبرز الشخصيات المرشحة للحلول مكان رئيس الوزراء الراهن بوريس جونسون، إذا ما أزاحه نواب حزب المحافظين عن رئاسة الحكومة في "10 داونينغ ستريت"، بعد أن عصفت به أخيراً سلسلة كبيرة من الفضائح، إذ تولت هذه السياسية في فترة سابقة مهمة وزيرة التجارة الدولية، وينظر إليها على أنها نجحت في هذا المنصب.

واستطراداً، ينظر موقع "كونسيرفاتيف هوم" Conservative Home [مدونة يمينية بريطانية تدعم حزب المحافظين لكنها مستقلة عنه]، إلى تروس باعتبارها سكرتيرة مجلس الوزراء الأكثر شعبية بين مؤيدي حزب المحافظين، وقد عملت وزيرة خارجية للبيئة والغذاء والشؤون الريفية، إبان انخراطها في حملتها من أجل بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي. واستكمالاً، غالباً ما انتقدت وزيرة الخارجية سياسات الهوية في المملكة المتحدة، وأطلقت حملة سميت "الحرب على اليقظة حيال العنصرية" [وور أون ووك war on woke].

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحاضراً تعد تروس من أبرز المرشحين الرئيسين للحلول مكان بوريس جونسون، وينظر إليها أيضاً على أنها من الموالين لرئيس الوزراء الذي سماها لمنصب وزيرة الخارجية في التعديل الوزاري الذي أجراه في سبتمبر (أيلول) 2021 بهدف إلى إعادة ضبط أجندة الحكومة، بعد أشهر من إدارة الأزمات خلال تفشي وباء كورونا. وقد جعل هذا التبديل السيدة تروس بالفعل أصغر امرأة على الإطلاق يجري تعيينها في الحكومة، وأصغر وزيرة خارجية من حزب المحافظين.

وفي إطار المهام الإضافية للوزيرة تروس المتصلة ببريكست، ستكلف الآن بإيجاد حلول لـ"بروتوكول إيرلندا الشمالية" ضمن اتفاق "بريكست" الذي تسبب في استياء كبير داخل المجتمع النقابي، وأدى أيضاً إلى حدوث بعض الاضطرابات في التجارة. وقد أعربت في تغريدة لها يوم الاثنين الماضي عن "سرورها" بتوليها مسؤولياتها الجديدة.

في غضون ذلك، غص عدد من صحف الأحد في بريطانيا بمختصرات عن أسباب استقالة زميلها السابق في الحكومة اللورد فروست، وأشير إلى تدابير "الخطة ب" الحكومية المتعلقة بانتشار "كوفيد"، والزيادات الضريبية، على أنها من بعض الأسباب التي جعلت المفاوض الصلب في ملف بريكست يشعر بأنه لم يعد قادراً على دعم الحكومة.

وفي صبيحة الاثنين الماضي، جاء أول تعليق علني له منذ استقالته، عبر كلمات "لم نختلف (فروست ورئيس الوزراء) أبداً بأي شكل من الأشكال، على سياسة بريكست. وقد كنا حتى اليوم الأخير متفقين تماماً عليها، وإنني على يقين بأن ليز تروس وكريس هيتون هاريس (وزير النقل ونائب المفاوض البريطاني عن بريكست)، سينهضان بعمل رائع".

وأضاف فروست، "إذا كنت وزيراً فعليك أن تدعم المسؤولية الجماعية، وعليك أن تؤيد قرارات الحكومة، وأنا لا يمكنني فعل ذلك. ولهذا السبب، اضطررت إلى المغادرة".

تجدر الإشارة أخيراً إلى أن اللورد فروست تراجع الأسبوع الماضي، عن التهديد بتعليق المادة 16 من "بروتوكول إيرلندا الشمالية" [تتيح اتخاذ تدابير "وقائية" أحادية الجانب، إذا خلص الطرفان إلى أن الصفقة تؤدي إلى مشاكل عملية خطيرة، أو تتسبب في تبديل للتجارة]، بحيث بدا أن المملكة المتحدة تلطف موقفها في هذا الشأن. كذلك تخلت لندن عن محاولتها تجريد قضاة الاتحاد الأوروبي من سلطة الإشراف على البروتوكول.

© The Independent

المزيد من دوليات