Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يُدير "المركزي المصري" قفزات الجنيه الاستثنائية مقابل الدولار؟

اتجاه صعودي للعملة بما يخالف خسائر الأسواق الناشئة وتوقعات سلبية سابقة لسوق الصرف

شركة لايتهاوس لأبحاث السوق ترى أن استقرار سعر صرف الجنيه ليس له ما يبرره  (أ.ف.ب.)

في الوقت الذي كانت تشير فيه التوقعات إلى أن الجنيه المصري سيكون على موعد مع خسائر جديدة بحلول شهر رمضان المبارك، لكن جاءت المكاسب القياسية للجنيه على عكس جميع التوقعات التي تبناها عدد كبير من المحللين الاقتصاديين والمراكز البحثية.

لكن هذه المكاسب مع الخسائر التي تطارد عملات الأسواق الناشئة منذ بداية العام الماضي، أثارت العديد من علامات الاستفهام حول الأسباب الحقيقية لهذه الخسائر التي يواجهها الدولار الأميركي القوي مقابل الجنيه المصري الذي يعاني من العديد من الأزمات، أهمها شحّ العملة الصعبة الواردة للبلاد التي فقدت أكثر من ثلث احتياطي النقد الأجنبي لديها بعد عامين فقط من اندلاع ثورة يناير (كانون الثاني) 2011.

ومنذ تحرير سوق الصرف وتعويم الجنيه المصري مقابل الدولار، سجل الدولار مجموعة من الارتفاعات القياسية التي بلغت نحو 140% بعد مرور نحو عام على قرار التعويم الصادر في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2016.

ولم تنجح تحركات الحكومة المصرية في احتواء أزمة التضخم التي نتجت عن الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه وتقليل مكاسب الدولار، لكنها في الوقت نفسه عملت على الحد من معدلات التضخم التي لامست في منتصف العام 2017 وبداية العام الماضي مستويات تتجاوز الـ 35%، وربما هي الأعلى خلال العقود الماضية.

الجنيه يواصل الارتفاع مقابل الدولار

وخلال التعاملات الأخيرة في سوق الصرف، شهد الجنيه المصري ارتفاعاً قوياً، حيث ارتفع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي في البنك التجاري الدولي إلى مستوى 16.76 جنيه للشراء، و16.86 جنيه للبيع. كما زاد الجنيه في بنك "كريدي أغريكول"، ليسجل 16.76 جنيه للشراء، و16.86 جنيه للبيع.

وصعد سعر الجنيه المصري في بنك "البركة" ليصل إلى 16.77 جنيه للشراء، و16.89 جنيه للبيع. فيما استقر سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري في بنكي "الأهلي" و"مصر" عند 16.8 جنيه للشراء، و16.9 جنيه للبيع.

غموض وعلامات استفهام كثيرة

لكن يثير الأداء القوي للجنيه المصري أمام الدولار موجة من التساؤلات في خضم الضعف الذي يعتري أداء بقية عملات الأسواق الناشئة خلال الفترة الماضية.

وفي وقت قد يجد ارتفاع الجنيه ما يفسره مع تحسن في مؤشرات الاقتصاد الكلي وتعافي إيرادات السياحة والتدفقات النقدية الأجنبية في محافظ الأوراق المالية، تقول مذكرة بحثية صادرة عن شركة "لايتهاوس" لأبحاث السوق، والتي تتخذ من دبي مقرا لها، إن الجنيه المصري "لا يزال يخضع لإدارة محكمة ولا يعمل وفق نظام سعر صرف حر".

وأضافت المذكرة أن "موجة صعود الجنيه المصري في الآونة الأخيرة تخالف الاتجاه النزولي العام في أصول الأسواق الناشئة العالمية".

وفيما يتخذ الجنيه المصري مسارا صعوديا منذ مطلع العام الحالي تواصل عملات الأسواق الناشئة تراجعها في خضم الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة والتي تسببت في خسائر كبيرة لعملات تلك الأسواق خلال الشهر الماضي.

ومحا مؤشر "مورغان ستانلي" لعملات الأسواق الناشئة مكاسب العام الحالي، وبصدد تسجيل أدنى مستوى له منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي مع اتجاه المستثمرين نحو الأصول الآمنة.

استقرار غير مبرر

مذكرة "لايتهاوس" ترى أن استقرار سعر صرف الجنيه حتى نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي لا يوجد ما يفسره فيما "بدا أنه تحدٍ واضح لاختلالات يشهدها الاقتصاد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتحرك سعر صرف الجنيه في نطاق ضيق للغاية في الفترة من مايو (أيار) الماضي وحتى مطلع العام الحالي في خضم الأزمة العاتية التي نالت من أصول الأسواق الناشئة.

وتابعت المذكرة "في الأسابيع الماضية، خالف الجنيه المصري أداء غالبية الأسواق الناشئة مع ارتفاعه بنحو 4% مقابل الدولار ليتم تداوله حول مستويات 16.8 جنيه للدولار بنهاية مايو (أيار)"، وأضافت "على النقيض، فإن عملات الأسواق الناشئة الأخرى على غرار الون الكوري والراند الجنوب أفريقي والليرة التركية تراجعت جميعها أمام الدولار بنسب بلغت 6% و4% و15% على التوالي".

لماذا يصعد الجنيه؟

وأشارت المذكرة البحثية إلى أن الاحتياطيات الأجنبية للبلاد ارتفعت من مستويات بلغت نحو 19 مليار دولار في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 إلى مستويات 44 مليار دولار بنهاية أبريل (نيسان) الماضي.

ولكن تشير المذكرة إلى أن القفزة في الاحتياطيات الأجنبية جاءت خلال الفترة حتى فبراير (شباط) من العام الماضي، التي ارتفع فيها احتياطي البلاد من النقد الأجنبي بنحو 23.5 مليار دولار نتيجة تدفقات المستثمرين الأجانب في أذون الخزانة المحلية.

فيما بلغ حجم الزيادة في تلك التدفقات من مارس (آذار) 2018 حتى نهاية أبريل (نيسان) الماضي نحو 1.7 مليار دولار في ضوء أزمة الأسواق الناشئة والخسائر العنيفة التي تطارد عملات هذه الأسواق.

وترى "لايتهاوس" أن "المستويات الأساسية للاحتياطيات من الممكن أن تكون مؤشرا غير مفيد لمعرفة توجهات الاقتصاد الكلي"، ونوهت بأن تحسن عجز الحساب الجاري بفضل ارتفاع الصادرات وتعافي قطاع السياحة.

ماذا ترى الأوساط الاقتصادية؟

تأتي مذكرة "لايتهاوس" وسط حديث متجدّد من آن لآخر حول الدور الذي يلعبه البنك المركزي المصري في سوق الصرف، وهو الأمر الذي ينفيه البنك جملة وتفصيلا، إذ قال طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، في يناير (كانون الثاني) الماضي، إن أسباب استقرار الجنيه مقابل الدولار في خضم الأزمة الطاحنة التي ضربت الأسواق الناشئة ترجع بالأساس إلى تحسن ميزان الحساب الجاري نتيجة زيادة تحويلات المصريين في الخارج وعائدات السياحة والصادرات وتحسن التصنيف الائتماني لمصر.

وأشار محافظ البنك المركزي إلى أن غياب المشتقات المالية في السوق وفّر حماية من الاضطرابات في الأسواق الناشئة بصورة أوسع.

وثارت تكهنات في الفترة الماضية حول استعانة البنك المركزي المصري بالبنوك المملوكة للدولة، وفي مقدمها بنكي "الأهلي" و"مصر"، لتمويل تخارجات الأجانب من استثماراتهم في أدوات الدين الحكومية، أثناء موجة نزوح المستثمرين الأجانب من الأسواق الناشئة العام الماضي.

اتجاه قوي لخفض سعر الدولار الجمركي

في سياق متصل، وعلى خلفية الخسائر التي تطارد الدولار مقابل الجنيه المصري، رجّحت مصادر مطلعة أن تقوم وزارة المالية بخفض سعر الدولار الجمركي للسلع الأساسية إلى 15 جنيهاً للدولار مع بداية الشهر المقبل، وذلك من مستواه الحالي البالغ 16 جنيهاً، وذلك بسبب تراجع سعر صرف الدولار في البنوك منذ بداية العام الحالي.

ومع بداية شهر مايو (أيار) الحالي، قررت وزارة المالية تثبيت سعر الدولار الجمركي على معدلاته الحالية عند 16 جنيهاً، بالنسبة إلى السلع الاستراتيجية والضرورية وغيرها من السلع الواردة بجدول التعريفة الجمركية والأجزاء والمكونات الأجنبية الواردة من الخارج للمصانع، سواء التي تخضع لأحكام المادة السادسة من القرار الجمهوري رقم 419 لسنة 2018، أو يتم إخضاعها لبند المنتج الكامل وفقا للقاعدة 2/أ من القواعد العامة لتفسير النظام المنسق، فيما تم تحديد سعر الدولار الجمركي عند 17.5913 جنيه، للسلع غير الأساسية.

تحرير الدولار للسلع "الاستفزازية"

وفي بداية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلنت وزراة المالية تحرير سعر صرف الدولار الجمركي بالنسبة إلى بعض السلع التي وصفتها بـ"الاستفزازية"، ومنها السيارات وأجهزة الحاسب الآلي وبعض السلع الأخرى.

وحينها، قال وزير المالية المصري، محمد معيط، معلقا على إضافة بعض السلع مثل أجهزة الموبايلات والكمبيوتر إلى قائمة السلع الخاضعة لسعر الدولار المعلن من البنك المركزى "يجب أن يكون لدينا هذه الصناعات في مصر بخاصة أن لدينا الكفاءات والكوادر المؤهلة للقيام بذلك".

وأشار إلى أن توجه الدولة يقوم على تشجيع وتعميق الصناعة وأنه من الممكن أن يتم تجميع أو تصنيع هذه السلع داخل السوق المصرية.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد