ما هو حجم الأضرار البيئية للعملة المشفرة؟

العملة الرقمية المشفرة، التي تسمى غالباً "كريبتو" crypto فحسب، تمثل أي شكل من أشكال العملات المتوفرة رقمياً أو افتراضياً، وتستخدم التشفير لإجراء معاملات مأمونة.

وتحظى العملات الرقمية المشفرة بشعبية لأنها لا تخضع لسلطة إصدار أو تنظيم مركزية، بل تستخدم عوض ذلك نظاماً لامركزياً لتسجيل التعاملات وإصدار وحدات جديدة من العملة.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، حلقت شعبية العملة الرقمية [زاد الإقبال عليها]، وعرفت تقلباً كبيراً في أسعارها أيضاً، ولكن الأضرار التي تطرحها هذه الظاهرة على البيئة تخضغ لإعادة نظر وتدقيق وبحث الخبراء.

1. ما المقصود بتعدين العملة الرقمية المشفرة ولماذا تترك بصمة كربونية كبيرة؟

تعدين العملات المشفرة هو عملية إنشاء وحدات جديدة من العملات المشفرة من طريق حل مسائل حسابية معقدة.

يقول منتقدو العملة الرقمية المشفرة إن تعدين الأخيرة عملية خطيرة من الناحية البيئية لأنها تستخدم كثيراً من معدات الكمبيوتر، وتستهلك كمية كثيفة من الطاقة.

وفق "مركز كامبردج للتمويل البديل" (CCAF)، يستهلك تعدين العملات المشفرة نحو 110 تيراواط ساعة من الطاقة سنوياً، أو ما يعادل 0.55 في المئة من إنتاج الطاقة في العالم.

ويقدر "مركز كامبردج للتمويل البديل" أن معاملة واحدة بواسطة عملة مشفرة تستهلك الكمية عينها من الطاقة التي يستخدمها بيت أميركي متوسط في شهر واحد، مع استهلاك عالمي تقديري للطاقة يعادل ما تستهلكه دولة السويد.

مثلاً، تنفذ الصين غالبية عمليات تعدين عملات "بيتكوين" بالاعتماد على طاقة الفحم الرخيصة في منطقة شينجيانغ، بحسب ما تفيد تقارير عديدة.

وقال باحثون من "جامعة كامبردج" University of Cambridge في بريطانيا، إن نحو ثلثي عمليات إنتاج "بيتكوين" حتى أبريل (نيسان) 2020 جرت في الصين، وكان الثلث منها في إقليم شينجيانغ، حتى إن إيلون ماسك المولع بالعملات المشفرة نبّه إلى الخطر الكبير فيما يتصل بهذه الظاهرة. وفي مايو (أيار) الماضي نشر تغريدة على "تويتر" أعرب فيها عن قلقه "بشأن الارتفاع السريع في استخدام الوقود الأحفوري في تعدين "بيتكوين" وإجراء معاملات العملة المشفرة، لا سيما الفحم الذي يطلق أسوأ الانبعاثات مقارنة بين جميع أنواع الوقود الأخرى".

وأضاف ماسك أن استخدام "العملات المشفرة يعد قراراً صائباً على مستويات عديدة، ونعتقد أن مستقبلاً واعداً ينتظرها، لكن تكلفتها البيئية كبيرة".

2. هل تتخذ الجهات التنظيمية إجراءات صارمة؟

وفي مايو الماضي، قدمت ولاية نيويورك مشروع قانون يرمي إلى منع تعدين العملات المشفرة إلى حين الوقوف على مدى تأثيره في البيئة، الذي سيستغرق، وفق قولها، ثلاث سنوات.

سيتطلب مشروع قانون مجلس الشيوخ لولاية نيويورك، الذي قدمه السيناتور كيفن باركر، النهوض بدراسة حول انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن تعدين العملات المشفرة، فضلاً عن آثارها على الهواء والماء والحياة البرية. خلال هذا الوقت، لن يسمح بأي تعدين لهذه العملات الرقمية.

وفق قانون مجلس الشيوخ رقم "أس 6489"، لا يطاول التهديد المترتب عن تعدين العملات المشفرة الأهداف التي وضعتها نيويورك بشأن المناخ فقط، بموجب قانون "قيادة المناخ وحماية المجتمع" (اختصاراً CLCPA)، إنما أيضاً يشكل خطراً على السياسة العالمية الخاصة بالطاقة، من قبيل اتفاق باريس.

وبناءً على ذلك، "لا بد من تعليق تشغيل مراكز تعدين العملات المشفرة في الولاية لمدة ثلاث سنوات، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، مراكز تعدين العملات المشفرة الموجودة في محطات توليد الطاقة بحرق الوقود الأحفوري".

3. هل يمكن تعدين العملات الرقمية بطريقة غير ملوثة؟

معلوم أن الاستخدام المرتفع للطاقة لا يعني بالضرورة تسجيل مستويات عالية من انبعاثات غازات الدفيئة. وفق "هارفارد بزنس ريفيو" Harvard Business Review، تتوقف البصمة الكربونية لتعدين "بيتكوين" فعلاً على مصادر الطاقة المستخدمة.

على الأغلب، تبنى منتجو "بيتكوين" [أو المعدنون كما يطلق عليهم] سياسة الطاقة المتجددة في هذا المجال لأنها تعتبر فاعلة قياساً إلى تكلفتها.

أيسلندا، مثلاً، تعتبر مركزاً لتعدين العملات المشفرة بسبب طاقتها الحرارية الجوفية المنخفضة التكلفة ومناخها البارد، اللذين يساعدان على تبريد الآلات.

وفي الوقت نفسه، جذبت موارد الطاقة الكهرومائية في كيبيك وكولومبيا البريطانية في كندا، وطاقة الرياح في تكساس، القائمين على تعدين العملات الرقمية المشفرة.

حتى إن المعدنين أعادوا تشغيل محطات مهجورة للطاقة الكهرومائية في الولايات المتحدة لتوليد الطاقة في سبيل تعدين العملات المشفرة.