Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

4 فنانين يتحاورون في 4 معارض داخل منصة كويتية

تقنيات وأساليب مختلفة يجمع بينها هم البحث عن أفق جديد

لوحة للرسام الكويتي عبد الوهاب العوضي في المعرض (الخدمة الإعلامية)

افتتحت منصة الفن المعاصر "كاب" في الكويت أربعة معارض فنية في قاعات المنصة، في احتفالية فنية لافتة، كاشفة عن جانب من حيوية المشهد الفني في الكويت. المعارض لأربعة فنانين هم، عبد الوهاب العوضي، سعد حمدان، وعبد الجليل الشريفي، إضافة إلى معرض لأعمال الفنان الإيراني سالار أحمداني من "مقتنية الفنون والأنتيك مهسا عظيمي". وشهدت القاعات الأربع حضوراً كثيفاً من الجمهور، خصوصاً وأن المعارض الأربعة حمل كل منها شخصية فنية ومهارة خاصة، وقد جمع بينها مفهوم المعاصرة والحداثة.

في معرض "صوت الصمت" للفنان الكويتي عبد الوهاب العوضي، قدم الفنان عدداً من الأعمال الفنية التي تميل إلى التجريد، والعناية الشديدة بالتفاصيل، والرمزية التي يمكن بها تأويل اللوحات. وهي تميل إلى أن تبدو تعبيراً عن مشاعر إنسانية باطنية، ويمكن قراءتها على مستويات عدة، يأخذ المستوى النفسي أو السيكولوجي منها بعداً مركزياً، بسبب تداخل الملامح الخاصة بالكائن البشري، المطموس الملامح الذي يعد الشخص الرئيس. والألوان، من جهة، وكذلك تداخل البعد السريالي الرمزي مع ملامح الواقعي في أكثر من عمل. وأغلب هذه الاعمال هي التي اتخذت أحجاماً كبيرة نسبياً، وفيها بدا العوضي مرتاحاً لنوع من الانسيابية والفطرية التي تبدو فيها اللوحات كما لو أن موضوعاتها الباطنية هي التي تقوده للعمل.

على عكس الأعمال الصغيرة الحجم، الكثيرة العدد أيضاً، التي تناثرت في غير موضع في القاعة، وهي تمتح من تقنيات مختلفة بينها تقنية رسم الكاريكاتير الصامت الذي يعد العوضي واحداً من فرسانه البارزين في الكويت، ومن مزج الكولاج بالرسم، واستخدام أوراق صحف قديمة من سلوفينيا، التي قضى فيها فترة من حياته خلال الدراسة بعد سنوات الدراسة في أوكرانيا. وعمل على إيجاد علاقات بين اللون والفراغ، على الرغم من صغر مساحة العمل، والولع بالتفاصيل الدقيقة، وهو ما يمنح اللوحات طبقات تحتاج إلى التأمل أيضاً، لاكتشاف التقنية والدلالات معاً، والجرأة في التناول أيضاً.

الشجن الداخلي

أما أعمال الفنان العراقي عبد الجليل الشريفي، فهي وإن كانت معاصرة، تميل إلى التشخيص، ويصور كل منها موضوعاً اجتماعياً أو إنسانياً، تبدو في مجموعها، كما لو أنها مجموعة من الذكريات الإنسانية الفنية، التي تحمل على الرغم من ألوانها الصارخة، والجميلة أيضاً، نوعاً من الشجن الباطني، أو الحزن الشفيف. وهذا ما منح المعرض "الحنين" سمتاً من الحميمية التي تتولد بسبب تناغم موضوعات الأعمال.

الأعمال في مجملها، على الرغم من  ميلها إلى التشخيص لا تمنح للوجوه الملامح الحادة المميزة إلا في حالات قليلة، وتلك تبدو متعلقة بالفنان نفسه، أما الموضوعات التي تبدو مستلهمة من الذاكرة أو من الحياة، فتأتي الوجوه فيها مفتقدة لدقة التفاصيل وخصوصاً في العينين.

تحتل الطيور وألوان مختلفة من الفاكهة في أغلب الأعمال دوراً محورياً، يبدو ارتباطه الشديد بذاكرة الطفولة التي تلح في أكثر من عمل. ويمنح اللون الأحمر تأثيراً بارزاً في الأعمال، ويتولى شحن اللوحات بطاقة من بهجة الحياة التي تأتي مضادة للشجن أو الحزن الذي تعبر عنه لوحات عديدة.

لكن ثمة أيضاً موضوعات تبدو كما لو أنها تستلهم من طقوس الحياة الاجتماعية هذا المزيج من الفرح والأسى معاً، كمافي لوحة "لا خبر ولا جفية". وهي تعبر عن عاشق ينتظر القبول من حبيبة، بينما هي تتهيأ لعرسها في ليلة الحنة، فيبدو وجوده في اللوحة نتوءاً مفارقاً وناشزاً.

وفي لوحة تحمل اسم "تارا" وهي عارضة أزياء عراقية قتلت على يد جماعات متطرفة في العراق، يبدو هذا التناقض. تظهر في اللوحة آثار الجمال الفتية، كما لو أن الرسام أراد أن يخلدها في اللوحة، ويؤكد جمالها وحيويتها وشبابها، ضد إرادة قتل الجمال والبشر التي يقوم بها المتطرفون. وفي الخلفية يرى المتلقي شخصاً وكلباً في رمزية ما، على قوى الشر المتربص بالجمال والحياة معاً.

فن الخزف

الفنان الكويتي سعد حمدان هو واحد من الفنانين الكويتيين المميزين في فن الخزف، وقد قدم في معرضه "روح الخزف"، 10 قطع خزفية كشفت عن قدراته النحتية من جهة، وقدمت كيفية اهتمامه باستخدام تقنيات ومواد تمنح الخزف ألواناً عجيبة ومدهشة. وهي تفتح للخزف أفقاً جديداً غير مطروق كثيراً، وتقدم وجهاً من وجوه الحداثة الشديدة في فن الخزف.

يبدو حمدان عارفاً بفنون خلط المواد، ودرجات الحرارة اللازمة لمنح كل منها اللون الذي يبتغي أن يصل إليه، مهما كانت الألوان المطلوبة غير تقليدية. كما أنه يقدم، من جهة أخرى، تقنيات حديثة تتمثل في إيجاد قوالب لأعمال تتشكل من تفاصيل دقيقة لبعض المنحوتات المستلهمة من قواقع البحر مثلاً، أو حتى لتشكيل منحوتة على هيئة آلة عود للعزف الشرقي بإتقان باهر ولافت.

وإضافة للاهتمام بالتكوين المعاصر والحديث في منحوتاته الخزفية، فإن سعد حمدان يقدم أيضاً نماذج أخرى رمزية أو مستلهمة من الأسطورة أو الفانتازيا أو الخيال، مثل تكوين تمثال له جسم ثور قوي، بينما الرأس لديك. لكن هيئته تبدو متجانسة تماماً مع الجسد القوي، وتأكيداً لمهارته، فإنه يقدم التكوين نفسه بلونين مختلفين، الأبيض والبني القاتم اللامع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقدم حمدان أيضاً قطعاً فنية تؤكد جرأته من جهة، وسعيه للبحث عن أفق جديد ومختلف لفن الخزف، من خلال قطعة خزفية تأخذ شكل القلب البشري بكل تفاصيله، كما لو أنه تحرر من جسد بشري للتو، والأخرى لحقيبة يد نسائية عصرية أنيقة وثمينة. قطعة خزفية تبدو كما لو أنها تقارب الواقع من فرط الدقة والولع بالتفاصيل.

القاعة الرابعة ضمت عدداً من أعمال الفنان سالار أحمديان، والأعمال تحتفي بالألوان والخط العربي معاً، وهي التقنية التي عرف بها الفنان وتميز بها، خلال مسيرته الفنية. وتضمن المعرض مجموعة من الأعمال الحروفية التي يبدو الحرف فيها بطلاً، وقد حرره الفنان تشكيلاً وتعبيراً، ومنحه طاقة تعبير إضافية باللون. وأحياناً يبدو اللون هو العنصر الذي يمنح الحرف قوته التعبيرية عبراختيار الفنان للون واحد، فتأتي الحروف كسقالات تمنح اللون طاقة تعبيرية خاصة.

ما خلا عملاً واحداً لعب على الألوان وعلى تكرار تشكيل ثمار الفراولة، فإن بقية الأعمال المعروضة قدمت تنويعات على تشكيل الحروف والألوان. مع ملاحظة أن الحروف تتخلص في تشكيلها من النماذج التقليدية لفن الخط العربي، وهذا ما يمنحها السمة الحديثة والمعاصرة من جهة، والتجريبية أيضاً. فالخطوط أيضاً لا تمنح الإحساس بأن هويتها فارسية، بل تبدو تعبيراً حراً ومعاصراً عن الخطوط العربية.

هكذا منحت المعارض الأربعة المقامة في "منصة الفن المعاصر"، "كاب" جمهور الزائرين فرصة لمشاهدة مجموعة مختلفة من الأعمال الفنية التي حظيت بإقبال كبير وحضور جماهيري لافت.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة