Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البرلمان الجزائري أمام تحدي مساءلة الحكومة والقيام بدور رقابي

يطرح الشارع تساؤلات حول دور مجلس النواب الذي كان محل ترحيب شعبي ورسمي

يراهن الشارع الجزائري على نواب برلمان الحراك من أجل ترقية الممارسة الديمقراطية ( أ ف ب)

بعد اكتمال جميع المؤسسات الدستورية في الجزائر توجهت الأنظار لمتابعة نشاط مختلف الهيئات المنتخبة، وعلى رأسها البرلمان المنبثق عن انتخابات 12 يونيو (حزيران) الماضي، بعد حل سابقه الذي كان هدفاً لمختلف الانتقادات، وتعتبر قدرته على مساءلة الحكومة والقيام بالدور الرقابي من أهم الملفات المثارة.

تساؤلات حول دور البرلمان

وعاد الشارع الجزائري ليطرح تساؤلات حول دور البرلمان الذي كان محل ترحيب شعبي ورسمي، على اعتبار أنه جاء في سياق مطالب الحراك الشعبي ثم نتائجه التي كشفت عن تراجع الأحزاب التقليدية لصالح المستقلين، في تحول يؤشر لمشهد جديد غير الذي تعود عليه الجزائريون، الأمر الذي جعل البرلمان الجديد محل متابعة سياسية وشعبية تترقب منه أدواراً من شأنها إحداث انطلاقة جديدة للمسار الديمقراطي في البلاد.

وعلى الرغم من أن الدستور الجديد منح صلاحيات واسعة للنواب، إذ إن البرلمان يمتلك حق "الفيتو" لمراقبة عمل الحكومة ووضع الوزراء تحت المجهر، ويتمتع بسلطة اقتراح القوانين وتشريعها، بحكم أن النواب هذه المرة وفي سابقة، يتمتعون بالحصانة الشعبية ولا يمثلون أغلبية أي حزب.

وفي حين توقع الشارع أن تكون الانطلاقة ثرية بمواصلة مناقشة القوانين العضوية المنبثقة من الدستور الجديد، مروراً إلى فتح لجان تحقيق في قضايا الساعة وصولاً إلى مساءلة الحكومة، إلا أن "الصمت" المطبق من طرف النواب الجدد والاكتفاء بالمصادقة على كل ما هو "معروض" بالإجماع، أثار "الغضب" لدى مختلف الأوساط التي راهنت على "برلمان الحراك" من أجل الخروج من عنق الزجاجة.

أهم الصلاحيات

وتتمثل أهم صلاحيات البرلمان في مراقبة عمل الحكومة طبقاً للمادة 115، وإنشاء لجان تحقيق في قضايا ذات أهمية ومصلحة عامة من خلال المادة 157، وأيضاً طرح الأسئلة الشفوية والكتابية وفق ما تنص عليه المادة 158، إضافة إلى المادة 160 التي تنص على أنه يمكن لأعضاء البرلمان استجواب الحكومة في أي مسألة ذات أهمية وطنية، والمادة 161 التي تتحدث عن إمكانية تصويت البرلمان، بعد مناقشة بيان السياسة العامة للحكومة أو على أثر استجواب، على ملتمس رقابة ينصب على مسؤولية الحكومة، ولا يقبل إلا إذا وقعه سبعة من نواب المجلس.

التفاؤل يبقى قائماً

في المقابل، يعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، سمير محرز، أن الأمر لا يتوقف على إتمام المؤسسات الدستورية الرسمية، بل وجب الحديث عن طبيعة النظام السياسي الجزائري الذي يبقى شبه رئاسي بسلطة فوقية لرئيس الجمهورية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال إنه قبل إثارة موضوع مساءلة النواب للحكومة، "وجب علينا تقييم البرلمان منذ تنصيبه منتصف السنة الحالية، وباعتقادي الانتخابات التشريعية أفرزت تشكيلات سياسية مع محافظة حزب جبهة التحرير على الريادة، وبروز كتلة المستقلين كقوة سياسية مؤثرة في المشهد، والتي سمحت بصعود نائب ممثل عنهم وهو رئيس البرلمان إبراهيم بوغالي".

ويتابع محرز، أنه يمكن القول بأن البرلمان الحالي يعتبر أكثر حركية وديناميكية مقارنة بسابقيه، وبالتالي فإن المحاسبة والمساءلة البرلمانية للحكومة غير مرتبطة بطبيعة الخطاب ولا نمطية النظام السياسي ولا اكتمال البناء المؤسساتي، بقدر ما يتعلق بحسن النيات والصدق وربط الخطاب السياسي بالسلوك الميداني، مضيفاً أن ما يمكن تأكيده أن هذا البرلمان أفرز كفاءات شابة وخريجي الجامعة الجزائرية، ووجوهاً سياسية جديدة، وبناء على تدخلاتهم وانتقاداتهم برنامج السياسات العامة، إضافة إلى المناقشات الطويلة لقانون المالية، فإن التفاؤل يبقى قائماً بخصوص هذا البرلمان الذي لم تمر عليه سنة.

احتمال ضعيف جداً

على النقيض، يستبعد الحقوقي سليمان شرقي، إقدام البرلمان الحالي على مساءلة الحكومة، و"احتماله ضعيف جداً"، مبرزاً أنه للدلالة على ذلك، تكفي الإشارة إلى تشكيل الحكومة الذي تم بعيداً من الغالبية المنصوص عليها دستورياً، لا سيما أن نتائج الانتخابات المحلية ستكرس الغالبية التقليدية، كما أن الأمر مع مجلس الأمة لن يخرج من السياق المعتاد، موضحاً أن آليات الرقابة وإن كانت متاحة للبرلمان غير أنها مستبعدة.

ويواصل شرقي أن الحكومة لا تمثل البرلمان ولا تمثل الغالبية الرئاسية، كون الرئيس مستقلاً، وليس له ائتلاف حزبي يسنده بشكل رسمي، وختم أنه عملياً ليست هناك بوادر انتعاش لعمل البرلمان، والتذكير بأن قانون المالية اعتمد بالأغلبية يكفي للدلالة.

الأمر سيبقى على حاله

من جانبه، يرى البرلماني السابق، عدة فلاحي، أن الأمر "سيبقى على حاله ما دام الجهاز التنفيذي مهيمناً، وهو السلطة الفعلية، بينما يبقى الكلام والسجال السياسي للبرلمانيين، في ظل غياب تاريخ نضالي أو تجارب في العمل السياسي لدى الوافدين الجدد"، مبرزاً أنه "ما زالت لعنة الشرعية تلاحق المؤسسة التشريعية والسلطة عموماً، لأن ملامح التغيير ليست ظاهرة للعيان، وما زالت أبسط المشكلات لم تعالج بشكل يجعل الشارع يهدأ ويطمئن".

ويشدد فلاحي على أن البرلمان الحالي سيكون "موالاة من دون منازع، فغالبية الكتل عبرت صراحة عن ذلك، وفي مقدمتهم الأحرار"، موضحاً بخصوص تحرك المعارضة داخل البرلمان بقيادة أكبر حزب إسلامي ممثلاً في حركة مجتمع السلم، التي رفضت المشاركة في الحكومة، أن هذه الأخيرة "لم تكن مقلقة أبداً للنظام، فهو يعرف حجمها وقوتها وضعفها، وقد جرب كثيراً لعبته معها وانتصر عليها، وهي ليست معارضة حقيقية، بل مجرد ديكور، بدليل أن إطاراتها يتمردون على القيادة بمجرد أن تستدعيهم السلطة للاستوزار".

تحدٍّ حقيقي

ويبدو أن البرلمان الحالي وجد نفسه أمام تحدٍّ حقيقي، فمنذ نشأة هذه الهيئة الرقابية لم تكن مفعلة بالشكل الكافي، بل كانت وسيلة فقط لتمرير مشاريع السلطة التنفيذية، وقد طغت عليه طوال الفترة الماضية عملية التشريع عبر الأوامر الرئاسية، وعليه فإن النواب الجدد مطالبون بتفعيل دورهم الرقابي ومتابعة عمل الحكومة، بخاصة أن 75 في المئة منهم ذوو مستوى جامعي، والمفروض أن يكون لهم كلمتهم.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي