كشفت مصادر سياسية إسرائيلية أن مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، مارس ضغوط كبيرة على القيادة الإسرائيلية، في آخر زيارة له، لوقف العلاقات مع الصين وإزالة دعايات الشركات الصينية، التي تملأ شوارع تل أبيب. وحذر بولتون من دخول شركات تكنولوجية صينية إلى تل أبيب مثل "هواوي" و "زد تي إي".
وتدخلت جهات أميركية أخرى لمنع دخول هذه الشركات إلى المرافق الإسرائيلية، لكن بنيامين نتنياهو ووزراء في حكومته يرفضون الرضوخ لها، وامتنعوا عن تشكيل لجنة خاصة لمراقبة التكنولوجيا والاستثمارات الصينية، على الرغم من الضغوط الأميركية، محاولين التوصل إلى صيغة "لا تغضب الأميركيين ولا تبعد الصينيين".
منشأة تحلية
تبيّن أن الضغوط الأميركية أتت بعد كشف صفقة جديدة مطروحة تتعلق بمجال البنى التحتية القومية الإسرائيلية، وتحديداً إقامة منشأة لتحلية المياه، هي الأكبر من نوعها في العالم. وقدمت شركة "هاتشيسون" الصينية، ومقرها في هونغ كونغ، أحد الاقتراحات لإقامة المنشأة. وتنافس هذه الشركة الصينية شركات إسرائيلية وشركات مشتركة إسرائيلية - إسبانية.
وأُطلق على المنشأة اسم "شوريك ب"، وستُقام قرب منشأة تحلية مياه أخرى موجودة. ويُتوقع أن تنتج هذه المنشأة الجديدة 200 مليون كوب سنوياً. وتبلغ كلفة إقامتها 2.5 مليار شيكل، ويستغرق بناؤها ثلاث سنوات، فيما ينفذ المشروع مئات العمال. وبعد ذلك، ستشغّلها الشركة الفائزة بالمناقصة وتخشى الولايات المتحدة فوز الشركة الصينية فيها.
نير بن موشيه، المسؤول عن الأمن في وزارة الدفاع الاسرائيلية، كان طرح ما وُصف بأنه "تحفظ حازم" ضد اختيار شركة "هاتشيسون" لتنفيذ مشروع بناء منشأة تحلية المياه، وهو ما اعتبره البعض بداية رضوخ إسرائيلي للضغوط الأميركية.
يُشار هنا إلى أن القلق الأميركي من أن تفوز الشركة الصينية بالمناقصة يأتي لكون هذه المناقصة هي الثانية لشركة صينية بالقرب من موقع أمني، بعدما بدأت الشركة الصينية في بناء ميناء حيفا الجديد بالقرب من قاعدة سلاح البحرية وقاعدة الغواصات.
ونشرت صحيفة "هآرتس" أن شركة "هاتشيسون" الصينية حاضرة بنسبة عالية في إسرائيل، فهي شريكة بنسبة 49 في المئة في منشأة تحلية المياه القديمة "شوريك أ،" وإذا فازت في المناقصة الحالية، فإنها ستسيطر وحدها على المنشأة وعلى قرابة نصف كمية المياه المحلاة في إسرائيل.
يذكر أن نقاشات عاصفة أُثيرت ضمن جهاز الأمن الإسرائيلي حول العلاقات الصينية – الإسرائيلية مع التقدم في بناء ميناء حيفا الجديد من قبل شركة صينية، في مكان هو الأكثر حساسية من الناحيتين الأمنية والاستراتيجية، إذ تُقام في الميناء، القاعدة العسكرية البحرية التي تشكل عصب الدفاع الإسرائيلي في أي مواجهة حربية بين إسرائيل والدول الواقعة شمالها، ولبنان على وجه الخصوص، وأحد المواقع الاستراتيجية المهمة والمستهدفة من قبل كل طلقة صاروخ من خارج الحدود الإسرائيلية.
وخرج أمنيون وباحثون عن صمتهم، محذرين من خطر حصول الصين على معلومات حساسة حول القاعدة العسكرية البحرية في الميناء، فيما اكتفى جهاز الـ "شاباك" (جهاز الأمن الداخلي في إسرائيل) بالقول إنه قدم توصيات سرية ونبّه إلى امتلاك الصين قدرات عالية في مجال التجسس. أما القائد السابق لسرية الغواصات والمدير السابق لمشروع بناء الغواصات الجديدة في ألمانيا، جنرال الاحتياط شاؤول حوريف، فأطلق صرخة تحذير من خطر ما يمكن أن يُكشَف خلال هذه الفترة من معلومات حساسة أمام الصينيين، تهدد بشكل كبير أمن إسرائيل والقاعدة العسكرية البحرية في الميناء. وقال إن "أكبر المخاطر تكمن في معرفة الصينيين، العاملين في الميناء، تفاصيل أي قطعة بحرية موجودة في ميناء حيفا، خرجت بمهمة في عمق البحر وهدف مهمتها". كما اعتبر حوريف أن وجود شركة صينية في ميناء حيفا يشكّل خلافاً مع الولايات المتحدة، التي تعتبر الصين تهديداً استراتيجياً مركزياً، في حال أطلق سلاح البحرية الإسرائيلية عملية عسكرية سرية، وفي مثل هذه الحالة يتم التشاور مع الأميركيين.