Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مهاجرون مصرون على الذهاب الى بريطانيا ويتحدون المأساة الأخيرة

تتمثل دوافعهم الرئيسة في لم شمل أسرهم وتمكنهم من الإنجليزية ونوعية الحياة

شهدت مياه القنال الإنجليزي أكثر حوادث غرق القوارب مأساوية منذ بداية استفحال أزمة المهاجرين في الأسبوع الماضي، مع وفاة 27 شخصا غرق زورقهم أثناء محاولتهم الوصول إلى المملكة المتحدة.

لم ينجُ من تلك المأساة سوى شخصين، وقد سلّطت الضوء مرة أخرى على مخاطر عبور البحر بين فرنسا وبريطانيا. وعلى الرغم من ذلك، ففي فرنسا ما زال طالبو اللجوء الذين يعيشون هناك في مخيمات تعاني درجات حرارة متدنية للغاية، مصرّين على الوصول إلى المملكة المتحدة.

وغالباً، تلجأ الشرطة الفرنسية بشكل روتيني إلى تفكيك تلك المخيمات وإزالة الخيم. وبعد ذلك، يُنقل طالبو اللجوء عادة إلى مراكز احتجاز منتشرة في مختلف أنحاء البلاد، حيث يجري تشجيعهم على تقديم طلبات لجوء إلى السلطات.

وتلخص الكلمات السابقة ما حدث مع أحد المهاجرين ويُدعى علي، حينما جرى تفكيك موقع "غراند سينت" Grande Synthe. ووصف علي نفسه بأنه مراهق كردي ينتمي إلى "مجتمع إل جي بي تي +"  LGBT+ (المثليون والمثليات ومزدوجو الميل الجنسي ومغايرو الهوية الجنسية والمتحولون جنسياً)، وقد فرّ من إيران. ونُقل إلى فندق بالقرب من الحدود البلجيكية، وسُئل هناك عن السبب في عدم تقديمه طلباً للجوء في فرنسا.

وأكد المهاجر لـ"اندبندنت" أن هذا ليس ما يبتغيه، بل إنه مصمم على العودة إلى دنكيرك، ومواصلة محاولته التوجه إلى المملكة المتحدة. وبحسب كلماته، "سنذهب جميعاً إلى إنجلترا، مئة في المئة"، وكذلك جزم علي بأن "أحداً لن يقدم طلباً للحصول على اللجوء في فرنسا".

واستطراداً، ذكر علي أنه الـ18 من عمره، وأوضح أنه يريد الوصول إلى المملكة المتحدة لأن والدته موجودة هناك، إضافة إلى أنه يتحدث الإنجليزية، في حين أن اللغة الفرنسية صعبة بالنسبة إليه.

وعلى نحو مماثل، هناك طالبو لجوء آخرون في مخيم "غراند سينت"، يريدون أيضاً الانتقال إلى إنجلترا، إما بهدف لمّ شملهم مع أسرهم، أو لأنهم يعرفون لغة تلك البلاد. يُدعى أحد هؤلاء أريش (22 سنة) وهو من كردستان العراق. أجاب لدى سؤاله عن السبب في رغبته الانتقال إلى المملكة المتحدة، إن الإنجليزية هي لغة تلك البلاد"، وأيضاً لأن لديه شقيقاً يعيش هناك منذ حوالى 18 عاماً.

في ذلك المنحى، تجدر الإشارة إلى أن اللغة الإنجليزية جزء من مناهج التعليم في المدارس العامة في كل من العراق وإيران، وقد خضعت الدولتان لسيطرة المملكة المتحدة على مدار فترات طويلة خلال القرن العشرين.

وكذلك توضح آنا ريتشيل، عاملة في إحدى الجمعيات الخيرية في دنكيرك في تصريح لـ"اندبندنت"، أن عدداً من طالبي اللجوء يريدون التوجه إلى المملكة المتحدة بدلاً من البقاء في فرنسا، لأن لديهم فعلاً أقارب هناك. وتشير إلى أن الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، يعني كذلك أن الأفراد الذين فرّوا من بلدانهم الأصلية، قد تكون لديهم فرصة أفضل للحصول على اللجوء في إنجلترا، بدلاً من فرنسا.

وتذكيراً، لقد شكلت المملكة المتحدة جزءًا من "اتفاق دبلن" للاتحاد الأوروبي، الذي يسمح للدول الموقّعة عليه بإعادة طالبي اللجوء إلى أول بلد أوروبي وصلوا إليه، على أن يكون ذلك البلد هو المسؤول عن طلباتهم. وفيما لم تعُد المملكة المتحدة طرفاً في قوانين الاتفاق بعد مغادرتها كتلة الاتحاد الأوروبي، إلا أن فرنسا ما زالت خاضعة لها.

وكذلك تشير ريتشيل، التي هي عضوة في مجموعة "يوتوبيا 56" Utopia 56 [جمعية فرنسية تشرف على الأعمال التطوعية التي نُشرت لمساعدة اللاجئين في غابة مدينة كاليه الفرنسية]، إلى "اتفاق دبلن" معتبرة أنه يملك "تأثيراً كبيراً، فإذا وطأت قدما شخص ما بلداً أوروبياً آخر، فإنه لا يمكنه أن يطلب اللجوء في فرنسا".

وتضيف، "إنها مسألة تسبب إشكالاً حقيقياً. هناك كثير من الأشخاص ممن يرغبون بالتقدم بطلب للحصول على اللجوء في فرنسا، لكنهم لا يستطيعون ذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في ذلك الملمح، يذكر أن المملكة المتحدة غيّرت قوانين اللجوء المحلية، وبات في استطاعتها اعتبار طلب ما غير مقبول إذا كان مقدّمه قد مرّ عبر دولة آمنة أخرى أولاً. لكن، لم تتمكّن لندن من عقد أي اتفاقات ثنائية لإرجاع الأشخاص إلى دول عبورهم. وبات يتعيّن عليها الآن التفاوض على كل حالة على حدة مع الدولة المعنية.

وفي سياق متصل، تشير أرقام الحكومة البريطانية إلى أنه من بين 25700 مهاجر وصلوا بأمان إلى أراضي المملكة المتحدة هذا العام، أُعيد خمسة إلى أوروبا. وبالمقارنة مع العام الماضي حين كانت بريطانيا ما زالت ضمن "اتفاق دبلن"، تمكّنت لندن من إعادة 294 شخصاً إلى الدول التي مرّوا بها في البداية.

وفي ذلك الصدد، تنقل آنا ريتشيل إلى "اندبندنت" رأياً مفاده بأنه "لم يجرِ التداول بشكل صحيح بفكرة أن إنجلترا ليست إلدورادو [مدينة الذهب الأسطورية المفقودة التي قادت عدداً من الفاتحين بلا نتيجة إلى الغابات المطيرة والجبال في أميركا الجنوبية]. في المقابل، تشير ريتشيل إلى أن طالبي اللجوء في فرنسا "لا يوجد لديهم خيار آخر في الوصول إلى حياة حرّة وكريمة".

واستكمالاً، يشدد بعض طالبي اللجوء على أنهم يفضلون الذهاب إلى إنجلترا بدلاً من البقاء في فرنسا، لأنهم يعتبرونها [إنجلترا] مكاناً أفضل لمحاولة الحصول على عمل.

وفي حديث إلى "اندبندنت"، يوضح بويا وهو شاب كردي من إيران أن "السبب الأول والأكبر لدى جميع طالبي اللجوء، يتمثل في الظروف الاقتصادية الجيدة". ويضيف أن إنجلترا تتمتع أيضاً بمستوى معيشي جيد، مع رعاية صحية وتعليم جيّدين.

ويشاطره الرأي عمر الذي وُجد في مخيم "غراند سينت" الأسبوع الماضي، ويتحدث كذلك عن فرص العمل باعتبارها أحد أسباب رغبته بالانتقال إلى إنجلترا. ويرغب بمواصلة العمل هناك في مجال التسويق، على غرار عمله في إيران.

ويشير مهاجرون آخرون ببساطة إلى أنهم ينظرون إلى إنجلترا على أنها أفضل فرصة لهم في الأمان. وأكد بعض الإيرانيين في دنكيرك لـ"اندبندنت" أنهم لا يشعرون بالأمان في فرنسا، زاعمين أنه توجد صلات إيرانية هناك [في فرنسا]. ويُزعم أن طهران عملت على استهداف تجمع من معارضي النظام خارج العاصمة باريس في 2018، فيما استُهدف عدد من المعارضين والمنشقين في عمليات سرية عبر القارة الأوروبية.

وفي عودة إلى علي المراهق الكردي من إيران، فإنه يعتبر أن هناك الآن أناساً كثيرين قد تجمعوا في المملكة المتحدة، الأمر الذي يجعلها بالنسبة إليه وجهة جذابة كي يقصدها.

ويتمسك بتصميمه على المجيء إلى إنجلترا، على الرغم من النكسة التي تعرّض لها والمتمثلة في إبعاده مسافة أميال عن دنكيرك، إضافة إلى مخاطر عبور القنال الإنجليزي. وفي هذا الإطار، نقل إلى "اندبندنت" رأياً مفاده بأنه "يتوجب علينا الذهاب إلى إنجلترا. يجب علينا أن نحاول".

وفي تعليق من وزارة الداخلية البريطانية على ما تقدّم، ذكر متحدث باسمها، "إن خطتنا الجديدة للهجرة التي ينظر البرلمان فيها حاضراً، ستعمل على إصلاح نظام اللجوء المعطل، وتقليص كثير من عوامل الجذب المزمنة، من خلال جعلها أكثر ثباتاً بالنسبة إلى أولئك الذين يأتون إلى هنا عبر طرق موازية غير قانونية، وأكثر إنصافاً بالنسبة إلى الذين يستخدمون مخططاتنا في اللجوء الآمن".

© The Independent

المزيد من تقارير