Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنعكس الأزمة المالية على قدرة التونسيين على الاقتراض؟

تراجع القروض الموجهة إلى الأفراد

لعب ارتفاع نسبة التضخم الدور الأساسي في تدهور القدرة الشرائية للتونسيين (رويترز)

شهد حجم القروض الممنوحة للأشخاص من جانب البنوك التونسية تطوراً طفيفاً في الأشهر التسعة الأولى من عام 2021. وهي القروض غير المهنية الموجهة إلى الأفراد. ولم يعرف هذا الصنف من القروض تدفقه المعهود في السنوات الماضية.

فقد توزعت القروض بين أنواع الحصول على مسكن أو تطوير السكن أو شراء سيارة، إضافة إلى قروض الاستهلاك. وأخفى الاستقرار الظاهر للمؤشرات عدم تسجيل الارتفاع المنتظر بحكم المعدلات السنوية في السنوات الخمس الماضية. ويختلف المحللون الذين تحدثت إليهم "اندبندنت عربية" في تفسير تواضع الكتلة المالية المخصصة للاقتراض الموجه إلى الأفراد، فمنهم من عزا الأمر إلى المعطيات الموضوعية المرتبطة بالأزمة المالية في تونس وخصوصاً شح السيولة وارتفاع الفائدة، وآخرون ربطوا الأمر بتوجه البنوك إلى إقراض القطاع العام. وقد انعكست الأزمة الصحية على  المسار الإداري للاقتراض والقدرة الشرائية وتنامي البطالة، بالتالي عدم توافر ضمانات الاقتراض الفردي.

قروض السكن

وارتفع مجموع القروض البنكية التي منحتها البنوك التونسية إلى الأفراد من 25.08 مليار دينار (8.7 مليار دولار) حتى سبتمبر(أيلول) 2020، إلى 26.42 مليار دينار (9.17 مليار دولار)، في الفترة نفسها من العام 2021. وانحصر حجم الزيادة في القروض في 1.3 مليار دينار (451 مليون دولار)، بحسب الانزلاق السنوي.

وانقسم الحجم الإجمالي للقروض المذكورة إلى قروض موجهة للسكن بقيمة 11.9 مليار دينار (4.25 مليار دولار)، وقروض مخصصة لإعادة تهيئة السكن وقيمتها 10 مليارات دينار (3.57 مليار دولار). في حين بلغت القروض الموجهة إلى شراء سيارات 360.9 مليون دينار (128.8 مليون دولار)، و4.1 مليار دينار (1.46 مليار دولار) قروض موجهة إلى الاستهلاك، و4.2 مليون دينار (1.5 مليون دولار) قروض جامعية.

وبلغت القروض الموجهة إلى السكن حتى سبتمبر 2021 نحو 403 ملايين دينار (143.9 مليون دولار). وهي كانت 11.5 مليار دينار (4.1 مليار دولار) في سبتمبر 2020، بينما ارتفعت بقيمة 188 مليون دينار (67.1 مليون دولار) منذ يناير (كانون الثاني) 2021.

في حين بدا ارتفاع القروض الموجهة لإعادة تهيئة المساكن طفيفاً، وزادت بقيمة 330 مليون دينار (117.8 مليون دولار) حتى سبتمبر 2021، بعدما كانت 9.68 مليار دينار (3.45 مليار دولار) في سبتمبر 2020.

وارتفعت قروض الاستهلاك من 3.52 مليار دينار (1.25 مليار دولار) إلى 4.1 مليار دينار (1.46 مليار دولار) في الأشهر التسعة الأولى من 2021، وفق الانزلاق السنوي. وزادت القروض المخصصة لشراء سيارات في الفترة نفسها ما قيمته 24.2 مليون دينار (8.64 مليون دولار) ارتفاعاً من 336.7 مليون دينار (120.2 مليون دولار) إلى 360.9 مليون دينار (128.8 مليون دولار). وارتفعت القروض الجامعية من 2.3 مليون دينار (821 ألف دولار) في سبتمبر 2020 إلى 4.2 مليون دينار (1.5 مليون دولار) في الفترة نفسها من 2021.

وبلغ بذلك الحجم الإجمالي للقروض الممنوحة للأفراد العاديين من غير المهنيين أو المؤسسات 800 مليون دينار (285.7 مليون دولار) في الأشهر التسعة الأولى من 2021.

حصة القطاع العام

ويلاحظ المتخصص في الشأن الاقتصادي محمد الطاهر ساسي أن نسبة تطور القروض الموجهة إلى الأشخاص ارتفعت 5 في المئة فحسب، في الفترة الفاصلة بين سبتمبر 2020 وسبتمبر 2021.

في حين استقرت نسبة تطورها عند 26 في المئة سنوياً في الفترة الفاصلة بين 2015 و2020. ما يبين انخفاضاً حاداً في نسق الاقتراض لفائدة الأفراد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتنقسم الكتلة الموجهة إلى القطاع الخاص إلى أفراد ومؤسسات، وبلغ نصيب الأفراد 25 في المئة من جملة القروض عام 2015، بينما حازت المؤسسات على 75 في المئة. وارتفعت القروض الموجهة إلى الأشخاص إلى 26 في المئة عام 2020 مقابل 74 في المئة للمؤسسات.

وبلغ حجم القروض الموجهة إلى القطاع العام 8.1 مليار دينار (2.89 مليار دولار) عام 2020. في حين ارتفعت إلى 90.5 مليار دينار (32.3 مليار دولار) لدى القطاع الخاص موزعة بين أشخاص ومهنيين من مؤسسات وشركات خاصة. واستقر مجمل كتلة القروض عند  98.6 مليار دينار (35.2 مليار دولار).

وقد تراجع نسق القروض لفائدة الأفراد مقابل ارتفاع إقراض البنوك للقطاع العام. وتطور نمو القروض الموجهة إلى القطاع العام في الفترة الفاصلة بين 2015 و2020 بنسبة 43 في المئة. وزاد حجم إقراض البنوك التونسية للقطاع العام من 3.7  مليار دينار (1.32 مليار دولار) عام 2015 إلى 8.1 مليار دينار (2.89 مليار دولار) عام 2020.

ويشير ذلك إلى استفادة البنوك التونسية من قانون استقلالية البنك المركزي التونسي الذي يمنعه من إقراض الدولة التونسية. ما يخول القطاع المصرفي إقراض الدولة التونسية سواء من طريق شراء سندات الخزينة كلما طرحت أم من طريق القروض المباشرة. وانعكس هذا بالسلب والنقصان في حجم القروض الموجهة إلى القطاع الخاص بصفة عامة والأفراد بصفة خاصة.

وهناك عوامل أخرى أدت إلى تراجع الاقتراض من طرف الأفراد، وأهمها ارتفاع نسبة الفائدة التي تراوحت بين 9.25 و11.25 في المئة لدى البنوك.

الدخل الفردي

وقد حدت الظروف الاستثنائية والإجراءات المرافقة للإغلاق خلال 2020 بسبب جائحة كورونا من كتلة القروض الموجهة إلى الأفراد بطريقة غير مباشرة، وفق المدير السابق  للسياسة النقدية في البنك المركزي التونسي محمد سويلم، الذي يعتقد أن الترتيبات التي رافقت الحجر الصحي عطلت الإجراءات الإدارية اللازمة للتزود بقروض من قبل العملاء.

من جهة ثانية، أثرت الصعوبات التي مرت بها المؤسسات التونسية على الاقتراض بحكم إغلاق العديد من الشركات بصفة نهائية، وعددها 130 ألف مؤسسة، وارتفاع نسبة البطالة إلى 18.4 في المئة. الأمر الذي غيب عنصر توافر المداخيل الكافية لاستيفاء الشروط الأساسية للحصول على قرض لدى عدد كبير من التونسيين.

ولعب ارتفاع نسبة التضخم الدور الأساسي في تدهور القدرة الشرائية للتونسيين. بالتالي، تراجع المدخرات وعدم  القدرة على الاقتراض.

إضافة إلى بلوغ عدد كبير من العملاء الحدود القصوى للتداين. وهو سقف التداين الفردي. ما يمنعهم من التمتع بقرض جديد.

وتمثل نسبة النمو السالبة في تونس مؤشراً إلى الدخل الفردي عام 2020. وهي 9.2 سلبي. وقد انعكس تراجع النمو بهذه النسبة غير المسبوقة على دخل الأشخاص وأضحى غير مخول للاقتراض.