Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التصنيف الائتماني يهز الثقة في البنوك التونسية ومناخ الأعمال

أداء هذا القطاع يتأثر بالأزمة المالية في البلاد بسبب إقراضه الخزينة

يؤدي التصنيف الائتماني الجديد حتما إلى صعوبة خروج تونس إلى السوق المالية العالمية للاقتراض بسبب اهتزاز الثقة في قدرتها على تسديد ديونها (أ ف ب)

خفضت وكالة التصنيف الائتماني "موديز" تصنيف أربعة بنوك تونسية بعنوان الإيداعات البنكية على المدى الطويل من "B3" إلى "CAA1"، وفسرت الوكالة مراجعة التصنيف بالمناخ الصعب الذي تعمل في إطاره البنوك التونسية، وفق تقرير لها منذ يومين.

يأتي ذلك بعد أسبوع من تخفيض الوكالة نفسها تصنيف تونس من "B3" إلى "CAA1"، ما يفيد تقليص الثقة الممنوحة للمالية التونسية.

ويؤدي التصنيف الجديد حتماً إلى صعوبة خروج البلاد إلى السوق المالية العالمية للاقتراض بسبب اهتزاز الثقة في قدرتها على تسديد ديونها، كما ينعكس على أداء القطاع المصرفي الذي شهد صعوبات في السنوات المنقضية تسببت في اضطراب تمويل للاقتصاد، وبدا ذلك جلياً في تراجع نسبة الاستثمار إلى 13 في المئة، واضطرت الدولة الى اعتماد الاقتراض من السوق المالية الداخلية، ولوحظ ارتفاع قائم رقاع الخزينة والسندات الحكومية والاكتتابات من قبل البنوك في إصدارات الخزينة في السنة الحالية والمنقضية.

تطور الموارد

ويستقر عدد البنوك والمؤسسات المالية في مستوى في 42 مؤسسة، وتتوزع المؤسسات المذكورة بين 23 بنكاً مقيماً، وثماني مؤسسات إيجار مالي، ومؤسستي إدارة ديون، ومصرفي أعمال، وسبعة بنوك غير مقيمة.

وعرف نشاط هذه المؤسسات سنة 2020 تسارعاً لنسق نموه مقارنة مع سنة 2019، مثلما يدل عليه ازدياد مجموع الأصول بـ6.1 في المئة في سنة 2020 مقابل 4.6 في المئة في سنة 2019، كما تدعمت شبكة الفروع البنكية في سنة 2020 بفتح 28 فرعاً جديداً ليبلغ عددها 1973 فرعاً.

وعرفت الموارد البنكية سنة 2020 تطوراً بـ7.6 مليار دينار (2.6 مليار دولار) أو 9.2 في المئة، والذي نتج بواقع 93 في المئة من ارتفاع إيداعات الحرفاء، وشمل تطور الإيداعات تلك المحررة بالدينار 12.4 في المئة مقابل 11.7، مقابل تواصل تراجع الإيداعات بالعملة الأجنبية 0.5 في المئة في سنة 2020 مقابل0.7 سنة 2019  .

الاقتراض

وارتفعت موارد الاقتراض، متوسط وطويل الأجل، سنة 2020 بنسق أكثر أهمية من ذلك المسجل سنة 2019، أي سبعة في المئة، مقابل 6.5 في المئة، ويعود هذا التطور إلى ازدياد القروض الرقاعية بـ278 مليون دينار (98.5 مليون دولار) أو 15.8 في المئة، والقروض الأخرى بـ268 مليون دينار (95 مليون دولار) أو 33.8 في المئة في وقت عرفت الموارد الخصوصية ركوداً.  

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقد تم إنجاز أهم إصدارات القروض الرقاعية سنة 2020 من قبل بنك "الأمان"، 140 مليون دينار (49.6 مليون دولار)، و"البنك العربي لتونس"، 100 مليون دينار (35.4 مليون دولار)، و"البنك الوطني الفلاحي"، 70 مليون دينار (24.8 مليون دولار)، و"الشركة التونسية للبنك"، 50 مليون دينار (17.7 مليون دولار).

الخدمات

وسجلت خدمات البنوك المقيمة تسارعاً لنسق نموها الذي تضاعف تقريباً ليرتفع من 3.9 في المئة سنة 2019 إلى 6.9 في المئة سنة 2020، وشمل هذا التسارع على حد السواء القروض للحرفاء، +6.4 في المئة سنة 2020، مقابل 3.8 سنة 2019، ومحفظة السندات 9.6 في سنة 2020 مقابل أربعة في المئة عام 2019، وكان ارتفاع قائم محفظة السندات قد شمل سندات المساهمات بـ369 مليون دينار (130.8 مليون دولار) أو 18.6 في المئة مقابل 58 مليون دينار (20.5 مليون دولار) أو ثلاثة في المئة سنة 2019.

ويعود الازدياد الملحوظ لقائم رقاع الخزينة وسندات حكومية أخرى إلى أهمية الاكتتابات من قبل البنوك في إصدارات الخزينة في سنة 2020.

تمويل الاقتصاد

وسجلت البنوك سنة 2020 معدل نسبة قروض قدره 117 في المئة مقابل 120 في المئة سنة 2019 و130.7 في المئة سنة 2018، ومقارنة مع سنة 2019، عرفت النسب المطبقة على عمليات القرض انخفاضاً معمماً لأصناف القروض كافة، نتيجة تأثير انخفاض معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية، وبلغ قائم القروض التي أسندتها البنوك والمؤسسات المالية للاقتصاد، كما أحصتها مركزية المخاطر والقروض للأفراد بالبنك المركزي، قرابة 98.6 مليار دينار (35 مليار دولار) في سنة 2020، حيث سجل تسارعاً للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات ليرتفع بـ6.8  في  المئة مقابل 3.7 في المئة في 2019، وحسب صنف المستفيدين، شمل تسارع نسق القروض تسارعاً على السواء بالنسبة لقائم القروض الممنوحة للمهنيين، 2.2  في المئة، وقائم القروض للأفراد 5.4 في المئة.

واستمر كل من المؤسسات والمهنيين في تدعيم حصتهم من قائم القروض المسندة للاقتصاد على حساب القروض الممنوحة للأفراد التي عرفت تباطؤاً لنسق تطورها. وعلى الرغم من التسارع الملحوظ لقائمها، شهدت القروض المسندة للأفراد انخفاضاً من حيث الحصة لتتراجع من 26.9 في المئة إلى 26.1 في المئة ثم إلى 25.8 في المئة خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

ونتج تسارع قائم القروض المسندة للمهنيين عن ارتفاع نسق تطور قائم القروض الممنوحة للمؤسسات والإدارة العمومية بـ14.6 نقطة مئوية، وفي المقابل، شهد قائم القروض المسندة للمؤسسات الخاصة تباطؤاً لنسق تطوره بـ0.1 نقطة مئوية، ويعود تسارع نسق نمو قائم القروض المسندة للمؤسسات والإدارة العمومية إلى صرف ثلاثة قروض مجمعة بالعملة الأجنبية من قبل 12 بنكاً، تعادل قيمتها 2.6 مليار دينار (921 مليون دولار) لفائدة وزارة المالية لتمويل ميزانية الدولة.

وانتفعت الوزارة المذكورة خلال فبراير (شباط) 2020 بقرض 260 مليون يورو، و150 مليون دولار من قبل 14 بنكاً محلياً، وأسهمت البنوك العمومية في تمويل الاقتصاد بواقع قائم قدره 29.4 مليار دينار (10.4 مليار دولار) سنة 2020 مقابل 26.6 مليار دينار (9.4 مليار دولار) سنة 2019، حيث سجلت نسبة ازدياد قدرها 10.3 في المئة سنة 2020 مقابل تسعة في المئة سنة 2019. وعلى هذا الأساس، تمكنت هذه البنوك من تعزيز حصتها من السوق التي ارتفعت من 39 في المئة في سنة 2019 إلى 40.2 في المئة سنة 2020.

قطاع هش

في المقابل، وصف المحلل عبد الجليل البدوي القطاع المصرفي في تونس بالهش، وأشار إلى تأثره بالتصنيف الجديد من قبل وكالة الائتمان "موديز،  وترتبط البنوك التونسية بالسوق المالية العالمية وتلتجئ للاقتراض والقيام بعمليات مالية، وستواجه في المستقبل احترازاً من المتعاملين بهذه السوق بحكم تدني التصنيف، ويتجسد في نسبة الفائدة وحجم الضمانات وآجال التسديد، وهي من بديهيات السوق أن يتم اتخاذ الحذر من المؤسسات المالية المشكوك في قدرتها على التسديد، وهي حال البنوك التونسية بعد هذا التصنيف، والاحتراز ذاته الذي اعتمدته البنوك التونسية بدورها في السنة الحالية عندما رفضت إقراض الدولة التونسية بآجال طويلة الأمد.

ويحتاج القطاع المصرفي في تونس إلى عملية إصلاح شاملة تجعله قادراً على مواجهة الأزمات، وتعاني هذه البنوك من ارتفاع هامش الشكوك في استرجاع القروض المسددة، وقد بلغ 15 في المئة سنة 2019، وهي نسبة عالية مقارنة بالمغرب حيث لا تتجاوز ثمانية في المئة.

وقد أصبح من الملح إصلاح المنظومة البنكية في تونس لتتمكن من تمويل الاقتصاد، علماً أن 70 في المئة من القروض موجهة إلى 1700 مؤسسة، والحال أن عدد المؤسسات، كبرى ومتوسطة وصغرى، يفوق 740 ألف مؤسسة، كما تعود ملكية هذه البنوك إلى عائلات معينة تحتكر الأموال وتؤسس للاقتصاد الريعي.

تقلص الثقة  

واستبعد المحلل والمدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد سويلم التأثير الجدي للتصنيف المذكور على المؤسسات المالية التونسية، فالبنوك تستمد السيولة من حرفائها في السوق المحلية، وهي تتعامل مع القطاع الخاص في الأساس، ويظل لجوء البنك المركزي إلى إعادة التمويل لتوفير السيولة للبنوك محدوداً، وبذلك، فإن أداءها لا يتحدد بهذه التصنيفات بحكم ارتباطها بالسوق المحلية، بينما أضحى التأثير معنوياً على مناخ السوق بصفة عامة والمستثمرين المحليين بصفة خاصة.