كانت فترات الانتظار الطويلة والأسعار المرتفعة جزءاً طبيعياً من شراء سيارة جديدة هذا العام، نتيجة النقص العالمي في أشباه الموصلات وانقطاع العرض.
لكن، توجد إشارات مبكرة إلى أن هذا النقص آخذ في التراجع مع ارتفاع المخزونات لدى كبار الموردين. فالتغيير الأساسي في الصناعة التي تنتج أشباه الموصلات التي تدخل في سيارات اليوم يعني أنه من السابق لأوانه القول إن الأسوأ قد انتهى، في حين يهدد قيام الطائرات الحربية الصينية بعدد قياسي من التوغلات بالقرب من تايوان هذا العام، أكبر إنتاج لأشباه الموصلات في العالم.
وتكمن المشكلة الأكثر ديمومة في تطور معظم شركات رقائق السيارات العالمية إلى شركات "فابليس"، فهي تصمم الرقائق ثم تستعين بمصادر خارجية للتصنيع (أو أنها تصنع بنفسها). ونظراً إلى أن هذه الشركات ليس لديها مرافق إنتاج خاصة بها، فهي تعتمد على صانعي الرقائق، مثل شركتي "سامسونغ" و"تايوان سيمينكونداركتور فاكتوري".
وهاتان الشركتان تمثلان معاً نحو 80 في المئة من صناعة الرقائق التعاقدية في العالم، وتقريباً كل الحصة السوقية لتصنيع الرقائق المتقدمة، وتعملان طويلاً بكامل طاقتهما. وكانت قد انخفضت مخزونات شرائح شركات صناعة السيارات إلى أدنى مستوياتها التاريخية، ما يعني أن الطلب يجب أن يظل مرتفعاً.
وفي الوقت نفسه، تستخدم السيارات الحديثة رقائق أكثر من أي وقت مضى، حيث تتحكم الأنظمة الإلكترونية في كل شيء، بدءاً من فتح صندوق السيارة، وانتهاءً بأحدث أنظمة المعلومات والترفيه.
القيادة الذاتية تتطلب مزيداً من الرقائق
وتعمل ميزات القيادة الذاتية الإضافية على زيادة عدد الرقائق في السيارة، حيث تستخدم السيارة الكهربائية المتوسطة نحو 2000 شريحة، أي ضعف متوسط استهلاك البنزين.
على سبيل المثال، يحتوي الطراز الثالث من "تيسلا" على أكثر من ثلاثة أضعاف عدد المكونات الإلكترونية مقارنة بنظيره التقليدي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتعد رقاقة "تيسلا" ذاتية القيادة، وهي وحدة التحكم المركزية الخاصة بها التي صنعتها "سامسونغ" والموجودة في جميع موديلاتها الجديدة، جزءاً أساسياً من تفوقها التكنولوجي على شركات صناعة السيارات الكهربائية المنافسة، بحسب "فاينانشيال تايمز".
وحتى الآن، استخدمت معظم رقائق قطاع السيارات تقنية قديمة. وهذا يعني أن شركات صناعة السيارات لم تكن تقاتل قطاعات أخرى، مثل الهواتف الذكية والاتصالات من أجل الرقائق نفسها.
لكن، مع تزايد التطور التكنولوجي للسيارات، بدأت شركات صناعة السيارات في استخدام الرقائق المتقدمة المستخدمة في الهواتف الذكية وخوادم الإنترنت ومعدات الجيل الخامس. ونظراً إلى كونها أكثر ذكاءً أصبحت السيارات الذاتية القيادة أكثر شيوعاً على الطرق، بالتالي ستكون هناك حاجة إلى رقائق أكثر تقدماً عدة مرات.
وعلى الرغم من الطلب، فإن صانعي الرقائق، مثل "سامسونغ"، وشركة "تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة" (تي أس أم سي)، يترددون في توسيع الطاقة الإنتاجية، بسبب التكاليف المرتفعة. وسيكلف مصنع "سامسونغ" الجديد في تكساس، على سبيل المثال، 17 مليار دولار، وسيستغرق بناء واسترداد الاستثمار سنوات. ويجري التفاوض على أسعار الرقائق مرة واحدة في السنة، ما يجعل من الصعب زيادة الأسعار وسط ظروف السوق المتغيرة بسرعة، في حين تعتمد الهوامش الدهنية البالغة 40 في المئة في شركة "تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة" ووحدات شرائح "سامسونغ" على التشغيل بكامل طاقتها باستخدام المصانع القائمة.
5 سنوات لتصنيع رقائق السيارات
رقائق السيارات ليست المفضلة لدى الصناع بسبب صعوبة تصميمها وتصنيعها، وتحتاج إلى اجتياز اختبارات ضغط صارمة لضمان سلامتها، لأن أي عيوب قد تعني وقوع حوادث سيارات. ويستغرق تصميمها وإنتاجها من الصفر نحو خمس سنوات، مقارنة بأقل من عام للرقائق المستخدمة في الإلكترونيات الاستهلاكية.
ومما يزيد التعقيد حقيقة أن السيارات تحتاج الآن إلى مزيج من الرقائق القديمة والراقية. هناك أيضاً القليل من الفسحة في تسعير الرقائق، بسبب هوامش الربح التشغيلي الضئيلة لشركات صناعة السيارات.
ونظراً إلى أن جزءاً كبيراً من الطاقة الإنتاجية لشركة "سامسونغ" يذهب إلى منتجاتها الخاصة، فإن شركة "تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة تبقى هي الخيار الوحيد القابل للتطبيق لمعظم الشركات التي تسعى إلى الحصول على رقائق متقدمة، لكن الشركة غارقة بالفعل بحصة 53 في المئة من حصة سوق تصنيع الرقائق التعاقدية.
وتراجعت أسهم "سامسونغ" 16 في المئة عن أعلى مستوى لها في يناير (كانون الثاني) على الرغم من الإيرادات القياسية، ما يعكس جزئياً التوقعات بأن فترات زيادة العرض قد تدفع الأسعار والأرباح إلى الانخفاض بعد سنوات قياسية، كما انخفضت هوامش تشغيل مجموعة "سامسونغ" خلال فائض المعروض من الرقائق في 2001 و2008 إلى أرقام فردية.
لكن، من المرجح أن تصبح فترات الانكماش المستقبلية أقل قابلية للتنبؤ بها، ولقد شعر العالم بالعواقب غير المريحة لاضطراب الشرائح، وليس لديه أي نية لإعادة العرض. وفي وقت تتجه فيه شركات السيارات إلى تخزين الشرائح فإن عمليات إغلاق الحدود بسبب "أوميكرون" تضيف إلى حالة الإمداد المحدودة بالفعل.
ويتوقع أن تكتسب شركات صناعة السيارات ذات سلاسل التوريد المحلية ميزة، مع الانتقال الأخير لـ"تيسلا" إلى أوستن، على سبيل المثال، ما يضعها على بعد نصف ساعة بالسيارة من مصنع الرقائق الجديد لشركة "سامسونغ" في تايلور. ويجب أن يؤدي ذلك إلى تقليل مشكلات سلسلة التوريد، وتحديثات أسرع ومزيد من التعاون الهندسي.
ويحتاج صانعو السيارات، الذين يعتمدون على التصنيع والموردين العالميين إلى إصلاح شامل، وستحدد قرارات الإدارة في "تيسلا" العام المقبل حصتها في السوق في غضون خمس سنوات.