Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سياسيون عراقيون يتهمون ممثلة الأمم المتحدة بالتدخل بالسياسة الداخلية

تعرضت لاتهامات بالتلاعب في نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة ومحاولة التأثير فيها

بلاسخارت لدى زيارتها النجف في 11 نوفمبر 2019 (أ ف ب)

صُنفت جينين بلاسخارت في أكتوبر (تشرين الأول) 2017 على أنها المرأة الأكثر تأثيراً في هولندا، وبذلك عُينت ممثلاً للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عام 2018، ورئيسة لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي).
قبل تسلُّمِها مهمات الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، كانت جينين بلاسخارت ومنذ عام 2014 عضواً في البرلمان الأوروبي إذ أُعيد انتخابها لأكثر من مرة، وكُلفت أيضاً بالعمل وزيرة للدفاع في هولندا واستقالت بعدها لتعود إلى الاتحاد البرلماني الأوروبي. وكانت آنذاك ناشطة في موضوعات السلامة العامة والمساواة في المعاملة والحقوق المدنية.

العمل في العراق

في العراق، استهلت بلاسخارت مهماتها بالاجتماع مع القيادات الحكومية العراقية، المتمثلة برئيسَي الوزراء الأسبقَين حيدر العبادي وعادل عبد المهدي والحالي مصطفى الكاظمي، بالإضافة إلى زياراتها المراجع الدينية، بحسب قدرة هذه المراجع على التأثير السياسي أولاً والديني ثانياً.

احتجاجات 2019

في الأول من أكتوبر 2019، وفي الوقت الذي اندلعت فيه الاحتجاجات في بغداد وباقي محافظات العراق اعتراضاً على الأوضاع الاقتصادية المتردية في البلد واستشراء الفساد الإداري والبطالة، والمطالبة بإسقاط الحكومة، وتشكيل حكومة جديدة مؤقتة، وإجراء انتخابات مبكرة. دعت ممثلة الأمم المتحدة، السلطات العراقية والمسؤولين، والأحزاب السياسية إلى "عدم خذلان الشعب العراقي".
وفي إحاطة أولى أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي، منذ أكثر من عام، قالت ممثلة الأمم المتحدة إن "انتخابات أكتوبر قد تكون مختلفة هذه المرة، وهي مهمة لمستقبل العراق وديمقراطيته الفتية".
وبعد إعلان النتائج الأولية للانتخابات في العراق، تعرضت بلاسخارت وبعثة "يونامي" إلى حملة تهديدات واتهامات بالتآمر على بعض الكتل لضمان عدم فوزها في الانتخابات.
وبين مؤيد للدور الذي تلعبه بلاسخارت في العملية السياسية العراقية ورافض له، صدرت آراء وتصريحات متباينة في هذا الصدد.

 الانتخابات ليست غاية بل وسيلة

وعن تقييمها الانتخابات العراقية التي جرت أخيراً، صرحت بلاسخارت في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) المالي، أن "الانتخابات كانت بشكل عام هادئة وقد أُحسنَت إدارتها. كما أنها أظهرت تحسناً فنياً وإجرائياً واضحاً ونزيهاً، ومثلت إنجازاً كبيراً يَحسُن بالسلطات والأطراف العراقية الإقرار به علناً".
وأكدت أن "الانتخابات ليست غاية، بل هي وسيلة". أما في ما يتعلق بتهمة التلاعب بالنتائج، فأشارت بلاسخارت إلى أن القنوات القانونية القائمة متاحة للمعترضين، بينما صرحت السلطة القضائية العراقية بأن لا دليل على وجود تزوير ممنهج أو غيره.
وقالت المسؤولة الأممية أيضاً، "بينما ننتظر مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على النتائج، فإن ما سيحدث في الأيام والأسابيع المقبلة سيكون له أهمية كبرى في مستقبل العراق القريب". وحذرت من "أن أي محاولات غير مشروعة تهدف إلى نزع مصداقية عملية إعلان نتائج الانتخابات، أو تغيير نتائجها عبر الترهيب وممارسة الضغوط، كل تلك المحاولات لن تُسفر إلا عن نتائج عكسية".

تهديد السلم الأهلي

وهاجم النائب السابق عن "تحالف الفتح" مختار الموسوي، بلاسخارت" قائلاً إن "الإحاطة التي قدمتها تؤكد أنها أحد أطراف المؤامرة للتلاعب بالانتخابات التشريعية وما طرحته سيدفع باتجاه التصعيد".
ويُعد "تحالف الفتح"، أحد تحالفات "الإطار التنسيقي" إلى جانب "ائتلاف دولة القانون" و"تيار الحكمة" و"النصر"، و"النهج الوطني"، فضلاً عن حركات سياسية ممثلة لميليشيات مسلحة منها "عصائب أهل الحق"، و"كتائب حزب الله العراقي". ويشكل كل هؤلاء الفئة المعترضة على نتائج الانتخابات.
وسبق أن هدد "الإطار التنسيقي" بمقاطعة العملية السياسية، ملوحاً بأنه في حال عدم تعديل النتائج وفقاً للطعون، فإن "تصعيداً كبيراً قد يُحرك الشارع وقد يهدد السلم الأهلي".
أما ما يسمى بـ"المقاومة العراقية" فاعتبرت أن النتائج غير المتوقعة في الانتخابات كانت بسبب مؤامرة بقيادة جهات أجنبية فاعلة، وألقت اللوم في ذلك على "بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق" يونامي.
وتعمَّدت جماعة تُسمى "سرايا أولياء الدم" تهديد "يونامي" حتى قبل إجراء الانتخابات بنحو الشهر، واتهمت مسؤولة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في بغداد بأنها عميلة لدى جهاز الموساد الإسرائيلي لأنها مثَّلت إسرائيل في منظمات دولية سابقاً كما يُزعم.
في السياق، اعتبر وائل الركابي عضو "ائتلاف دولة القانون" أن "تَدخُّل الممثلة الأممية في الشأن الداخلي كان واضحاً وغريباً ومريباً في الوقت ذاته منذ دخولها العراق وحتى الآن. وأن تعاملها مع الشأن الداخلي في العراق يعدّ منافياً للأعراف الدبلوماسية التي يجب عليها الالتزام بها .فقد سبق لها أن أدلت بتصريحات علنية ضد الحشد الشعبي، كما كان دورها واضحاً في حرف مسار التظاهرات السلمية في عام 2019، إذ دعمت جهات معينة ضد أخرى، حتى وصل الأمر إلى أن تطلب الحكومة العراقية من مجلس الأمن تمديد فترة بقائها في العراق لمدة سنة، بعد أن انتهت مدتها في مايو (أيار) 2021، بذريعة دعمها الانتخابات العراقية التي جرت في 10 أكتوبر الماضي". وأضاف "نحن نعتقد أن لها دوراً في اختيار الشركة الفاحصة في الانتخابات، فضلاً عن صمتها أمام تقارير تلك الشركة قبل إجراء الانتخابات، التي تؤكد عدم دقة المعلومات لدى أجهزة التسريع، أثناء تجربة المحاكاة الثالثة، وهذا الأمر بحد ذاته يعد مثيراً للشكوك".
وكتب رئيس هيئة "الحشد الشعبي" في العراق فالح الفياض في 24 يوليو (تموز) 2021، في تغريدة على "تويتر" "نرى أن السيدة بلاسخارت تجاوزت الدور المهني لها، وأصبحت ورقة في الملعب السياسي العراقي".

تعقيد المشهد الانتخابي

كما عبَّر زعيم "تحالف الفتح" هادي العامري لدى لقائه بلاسخارت في 25 نوفمبر الماضي، عن استيائه من مدحها المفوضية العليا للانتخابات، على الرغم من أن إدارة الأخيرة كانت في رأيه "سيئة وكان عدم مصداقيتها أو شفافيتها واضحاً جداً". وأضاف العامري "نحن لا نريد منكِ انتقادها علناً ولكن لا داعي لهذا المدح غير المبرر". كما أشار إلى أن "بلاسخارت لم تتصرف كممثلة للأمم المتحدة لمساعدة العراق بحسب مهمات البعثة"، ووجه إليها الحديث قائلاً "بل تتصرفين كمندوب سامٍ وهذا ما نرفضه جملة وتفصيلاً". وختم قائلاً "نأسف لحديثكم غير الموفق الذي أدى إلى تعقيد المشهد الانتخابي ونسف الحل السياسي".

التلاعب بنتائج الانتخابات

كذلك اتهم عضو المكتب السياسي لتنظيمات "عصائب أهل الحق" سعد السعدي، "بلاسخارت" بالمشاركة في التلاعب بنتائج الانتخابات. وقال في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، إن المسؤولة الأممية أوصلت رسالة إلى مفوضية الانتخابات العراقية مفادها بأنها لن تعترف بالنتائج إذا تغيّرت بعد النظر في الطعون. وتابع أنها "نقضت ما وعدت به، في إحاطتها لمجلس الأمن الدولي، وهذا يُعد انقلاباً على ما طرحته أمامنا"، مبيناً أنها سبق أن وعدت بدراسة أدلة التزوير التي قدمها "الإطار التنسيقي" وتقديمها إلى مجلس الأمن.

استبعاد بعض القوى السياسية

كما صرَّح عضو "ائتلاف دولة القانون" رسول راضي في 30 نوفمبر الماضي، بأن "كل الاعتراضات المقدمة لم يؤخذ بها"، وأن "بلاسخارت كانت مُصرة على استبعاد بعض القوى السياسية، والحل الآن بيد المحكمة الاتحادية الملزَمة بالمصادقة على النتائج، ولا بد من العودة إلى الحكومة التوافقية في حال مصادقة المحكمة الاتحادية على النتائج".

الصدر: تصريحات تبعث الأمل

من جهة أخرى، أشاد عماد جميل، عضو الفريق الإعلامي لمفوضية الانتخابات العراقية، بأن "ما صرَّحت به بلاسخارت يُعد دليلاً على نزاهة الانتخابات، وأن الدعم الدولي ليس بجديد، بل مستمر منذ انتهاء العملية الانتخابية".
أما زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، فرحب بإحاطة بلاسخارت، بقوله إن "تصريحات أممية جديدة في ما يخص الانتخابات العراقية تبعث الأمل، وتوصيات أممية جيدة، ننصح باتباعها والابتعاد عن المهاترات السياسية والعنف وزعزعة الأمن". وأضاف "من أهم ما صدر عن مبعوثة الأمم المتحدة أن لا وجود لأدلة على تزوير الانتخابات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويُذكر أنه سبق وأشارت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في تصريح للصحافة، في 19 يوليو (تموز) الماضي، إلى أن "الأوضاع الأمنية في العراق مهزوزة جداً ولا يمكن توقع أن تجري الانتخابات من دون تزوير".

لا أحد يتقبل الخسارة

وفي تعليق لرئيس "مركز المورد للدراسات والإعلام"، نجم القصاب، قال إن "الاتهامات التي أُطلقت ضد بلاسخارت ليست حقيقية، ولم تحصل أي تدخلات من جانبها، لكن لا أحد يتقبل الخسارة، ففي كل حملة انتخابية تتهم الشخصيات الخاسرة المفوضية والأطراف الفائزة بالتزوير". واستطرد قائلاً "إن انتخابات 2021 هي أفضل انتخابات عاشها العراق، على المستوى القانوني وعلى مستوى الأداء، وبخاصة أداء المفوضية".

وأضاف "من ناحية أخرى، أراد البعض أن يتهموا دولاً كبرى بأنها سبب الضغط على بلاسخارت من أجل تزوير الانتخابات، لكننا نرى أنها انتخابات نزيهة ومهنية وقد نالت كل جهة سياسية استحقاقها الانتخابي من دون تزوير". وزاد القصاب "كما أن بلاسخارت وبطلب منها، التقت قادة (الإطار التنسيقي) واطلعت على الوثائق والأدلة التي يمتلكها عن عمل المفوضية المرتبك. وكانت متفاجئة من استطاعة (الإطار) أن يحصل على كل تلك الأدلة ومنها تقارير الشركة الفاحصة، ووعدتهم بأنها ستقدم تقريراً مفصلاً لمجلس الأمن بهذا الشأن. ولكنها لم تَفِ بوعدها وكان هذا الأمر متوقعاً. لأن موقفها معروف لهم منذ اليوم الأول الذي طالبت فيه بعدم تغيير النتائج، على الرغم من الطعون المقدمة من الكتل المعترضة، بل طالبت مجلس الأمن بمباركة تلك الانتخابات حتى قبل أن تنتهي المفوضية من عملها، ويُعد هذا مخالفاً لكل الأعراف".

وقال أستاذ الإعلام في جامعة أهل البيت، غالب الدعمي إن "السبب في تدخلات بلاسخارت هو رجال السياسة، الذين سمحوا لها بالتدخل في الانتخابات وهم الآن يرفضون تدخلها، بسبب فقدهم الكثير من مقاعدهم وجمهورهم".

على مسافة واحدة من الجميع

في المقابل، عبر الباحث بالشأن السياسي العراقي أمير الدعمي عن اعتقاده بأن "السيدة جينين بلاسخارت تؤدي دورها كممثلة للأمم المتحدة، وتحاول تقريب وجهات النظر بين الفُرقاء السياسيين للوصول إلى حلول مرضية للجميع، خصوصاً في ظل الأوضاع السياسية الحالية ومواقف السياسيين المتشنجة. وبالتالي فإن موقفها دائماً على مسافة واحدة من الجميع، وهي دائماً ما تحاول أن تأخذ جانب الحياد. وإن كان هنالك مَن يجب أن يُنتقَد فهم الساسة أنفسهم، لأنهم لم يجدوا أرضية للجلوس والحوار بشفافية للوصول إلى الحلول السديدة. السيدة بلاسخارت ممثلة منظمة دولية تملك تأثيراً في الواقع السياسي العراقي والدولي وبالتالي هي تؤدي واجبها كما ترى لا كما يرى الساسة".
ونفت عضو المفوضية المستقلة للانتخابات، أحلام الجابري، حدوث أي تدخل في نتائج الانتخابات. وأكدت "أن المفوضية مستقلة، ولن تكون طرفاً في أي صراع".

المزيد من تقارير