Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القضاء العراقي يلاحق مسؤول إعلام الفصائل والأحزاب الحليفة لإيران

تسعى السلطات الرسمية إلى التحرر من تعاظم دور ونفوذ الميليشيات

رئيس اتحاد الإذاعات والقنوات الإسلامية في العراق حميد الحسيني (مواقع التواصل)

في خطوة تدل على جدية الحكومة العراقية في بسط سيطرتها على الأوضاع التي تشهدها البلاد، خصوصاً في ملف التعامل مع الفصائل والأحزاب الشيعية الولائية، أصدر القضاء العراقي مذكرة قبض بحق حميد الحسيني، المسؤول الأول عن الإعلام الخاص بهذه الجهات.
ويرأس الحسيني اتحاد الإذاعات والقنوات الإسلامية في العراق الذي تأسس بعد يونيو (حزيران) 2014، ويضم ممثلين عن كل وسائل الإعلام التابعة للفصائل والأحزاب الشيعية من قنوات فضائية وإذاعات وصحف ووسائل التواصل الاجتماعي ومهمته الإشراف على عملها والتنسيق في ما بينها بشأن الحملات التي تقوم بها ضد معارضي هذه الجهات.

مذكرة قبض

وأصدرت محكمة النجف مذكرة اعتقال بحق حميد الحسيني بموجب المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب لاتهامه بالتخطيط للهجوم الذي شُنّ على مقر "ملتقى الرافدين" في مدينة النجف في 23 أغسطس (آب) الماضي بقذيفة "آر بي جي" لأسباب غير معروفة.
و"ملتقى الرافدين" هو منظمة عراقية ومركز بحثي معني بالحوار، تأسس منذ أعوام عدة ويتخذ من مدينة النجف مقراً له ويقيم موتمراً سنوياً في العاصمة بغداد، يستضيف أبرز الشخصيات السياسية العراقية وممثلي البعثات الأجنبية وكتّاب وصحافيين من مختلف دول العالم للحديث عن الشأن العراقي.
وتُعدّ مذكرة الاعتقال، الأولى من نوعها منذ فترة طويلة، تستهدف شخصية بارزة في "الفصائل الولائية" (الموالية لإيران) بموجب قانون مكافحة الإرهاب العراقي والذي نادراً ما يلاحق هذه الجهات أو يصدر بحقها مذكرات اعتقال.

مذكرة كيدية

في المقابل، وصف "اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية" في بيان، المذكرة بـ"الكيدية"، متهماً جهات أسماها بـ"المغرضة" بالوقوف وراء حملة تشهير مشبوهة ضد الحسيني. وقال الاتحاد إن مذكرة القبض على الحسيني تستهدف خنق حرية الإعلام والإعلاميين الذين عملوا على تعرية ما أسماه "مخططات الاحتلال والفساد الإداري والمالي المستشري"، داعياً وسائل الإعلام إلى "فضح الافتراءات والجهات التي تقف خلفها".

التحرر من سلطة الميليشيات

ورأى مدير "مركز العراق للدراسات الاستراتيجية" غازي فيصل أن "مذكرة القبض التي أصدرها القضاء ضد بعض القيادات المتهمة بأعمال إرهابية هي نوع من تحررها الذاتي كمؤسسات من سلطة الميليشيات التي تدرّبت وتسللت إلى مؤسسات الأمن من شرطة ودفاع والجيش والقوات المسلحة والحشد الشعبي"، مشيراً إلى "وجود 34 كتيبة مسلحة ترتبط بالاستخبارات الإيرانية والحرس الثوري. وقيادة هذه التنظيمات تعلن أنها تتبع ولاية الفقيه في قم المتمثلة في المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي". وأضاف أن "تنظيمات متطرفة عدة قد تُصنّف أعمالها إرهابية لاستخدامها العنف المسلح ضد المدنيين والمنشآت المدنية وهذه الأعمال ممكن تعريفها ضمن القانون الدولي والقانون العراقي ضمن خانة الإرهاب".

فرض سلطة القانون

وزاد فيصل أن "إجراءات الحكومة العراقية هدفها فرض سلطة القانون والإرادة الشعبية لتوفير الاستقرار"، معتبراً أن "الاعتداء على مركز الرافدين هو اعتداء إجرامي يشكل انتهاكاً للقانون والنظام والاستقرار ولا يوجد أي مبرر لشن عملية إجرامية ضد المركز البحثي والعاملين فيه الذين هم نشطاء مدنيين أكاديميين".

صراع الدولة واللادولة

وأعطى تحرك السلطة القضائية في هذا الوقت مؤشراً إلى قدرة القضاء على فرض سلطة القانون، فقد تكون سلطة القانون خضعت قبل أعوام لضغوط وتهديدات، "بينما يبدو اليوم أن سلطة القضاء بدأت تتحرر من سلطة التدخل لصالح الأحزاب والكتائب المسلحة والضغوط المختلفة"، بحسب فيصل الذي أشار الى أن "الصراع  بين سلطة الدولة والدستور وبين سلطة الميليشيات قائم منذ أعوام طويلة، خصوصاً بعد فترة ظهور تنظيم داعش".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تراجع اللادولة

وأوضح فيصل أن "سلطة الدولة وهيبتها بدأت تتماسك وتظهر بقوة أكبر من سلطة اللادولة التي بدأت تضعف بعد ظهور نتائج الانتخابات، فالناخب العراقي عندما ذهب إلى الانتخاب كان هدفه إقصاء أحزاب وميليشيات وكتائب وقيادات الفوضى". وتوقّع أن "تستمر مذكرات القبض ضد المتهمين بجرائم وستظهر نتائج تحقيقات كثيرة، كما أن مذكرة القبض لا تعني الإدانة، إذ قد يثبت القضاء الإدانة أو البراءة، وهذا متروك للعدالة".

بالون اختبار

بدوره، قال رئيس "مركز كلواذا للدراسات وقياس الرأي" باسل حسين إن "مذكرة القبض ضد الحسيني تُعدّ بالون اختبار ومفادها بأن الحكومة ماضية في ما تبقّى من عمرها في غلق ملفات مفتوحة، لا سيما في مواجهة الميليشيات". وأضاف أن "هناك قلقاً متزايداً لدى المجتمع الدولي من تصاعد دور الميليشيات سياسياً واقتصادياً وأمنياً، وتقاعس مؤسسات الدولة الرسمية في مواجهة الأعمال التي يصفها القانون العراقي بالإرهابية طبقاً لقانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لعام 2005"، مبيّناً أن "المجتمع الدولي يضغط على الحكومة من أجل اتخاذ إجراءات عقابية أشد حزماً تجاه هذه الجماعات".

الميليشيات معزولة

وأوضح حسين أن "نتائج الانتخابات أظهرت عزلة هذه الميليشيات مجتمعياً وسياسياً، ما شجّع الحكومة على اتخاذ إجراءات أكثر صرامة وتحدياً في مواجهتها".
وتابع أنه "من الضروري عدم رفع سقف التوقعات كثيراً بشأن إصدار مذكرات بحق قيادات كبيرة في الميليشيات، كون مثل هذه الخطوات يخضع لمنطق توازنات القوة والنفوذ داخلياً وخارجياً، لا سيما الإقليمي منها"، مرجحاً "قيام الحكومة بخطوات أكثر حسماً تجاه تصرفات الميليشيات وأعمالها الإرهابية".

المزيد من الشرق الأوسط