أثار الفيلم الأردني "بنات عبد الرحمن" ردود فعل قوية أثناء عرضه في مهرجان القاهرة السينمائي وفجر الفيلم قضايا نسائية ربما من أقوى القضايا التي فجرتها السينما العربية بخصوص المرأة، حيث لم يقتصر على قضية واحدة بل شمل 4 قضايا لأربع شخصيات رئيسة تبرز معاناة المرأة ونظرة المجتمع لها وتعرض فئات متعددة من النساء لأشكال مختلفة من التعنت الذكوري وقهر المجتمع.
قضايا نسائية
وتدور أحداث الفيلم الذي تقوم ببطولته كل من صبا مبارك، وحنان الحلو، وفرح بسيسو، ومريم الباشا، في حي للطبقة المتوسطة في عمان، حيث تتزوج ابنتان بينما تفضل إحداهن العيش مع صديقها، والأخرى تعيش مع والدها وتضحي بالحب والزواج حتى تكفل والدها المسن.
تعيش زينب العزباء مع والدها وتعمل خياطة وتعيش حياة كئيبة، وتنقلب الأحداث عندما ترتدي فستان زفاف تقوم بحياكته لإحدى العميلات لديها وحين يراها والدها به يختفي في اليوم التالي، فتبدأ رحلة البحث عنه بمساعدة شقيقاتها ليعشن مع بعضهن رحلة من المعاناة.
جسد العمل معاناة المرأة العربية في 4 صور مختلفة، فلكل واحدة من بنات عبد الرحمن حياة مختلفة تماماً عن الأخرى، الكبرى هي زينب (فرح بسيسو) التي كانت تحلم بدخول معهد الموسيقى ولم تتزوج، أما الثانية فهي آمال (صبا مبارك) فتزوجت في سن صغيرة وارتدت النقاب وأنجبت لتعيش حياة مقهورة مع زوج يمارس العنف دائماً معها سواء جسدياً أو معنوياً كما يريد تزويج ابنتهما الصغرى وهي في سن الـ15 من عمرها.
الابنة الثالثة هي سماح (حنان الحلو) التي تزوجت من رجل ثري، ولم تنجب منه لسنوات وتشك فيه دائماً، ثم تكتشف في نهاية الأمر أنه مثلي الجنس.
أما الرابعة، فهي ختام (مريم الباشا) التي سافرت إلى دبي للعيش مع صديقها من دون زواج، وهو الأمر الذي جعل الأسرة كلها تعيش وسط نظرة متدنية لعبد الرحمن وعائلته من أهل الحي.
ويمثل فقدان الأب نقطة التقاء لهن وفرصة لإعادة النظر في حياتهن واتخاذ قرارات جريئة لتعديل مسارها.
التجربة الأولى
ويعد فيلم "بنات عبد الرحمن" التجربة الروائية الأولى للمخرج زيد أبو حمدان بعد 5 أفلام قصيرة ومشوار ممتد في المجال التلفزيوني.
وقال أبو حمدان في تصريحات لـ"اندبندنت عربية"، إن الإعداد للفيلم استغرق 7 سنوات وتعمد أن يتصدى بشكل رئيس لقضايا المرأة العربية. وأضاف أن نموذج الأب في الفيلم صالح، رغم ما ألحقه من ظلم وأذى لبناته حيث يتعامل معهن بمنطق الخوف عليهن من المجتمع وظلمه.
أوضح أن الفكرة تكونت لديه لكونه ابن المجتمع الشرقي، ومع ذلك يرفض بعض العادات التي تمارس ضد المرأة، وتعجب أبو حمدان من هجوم البعض على الفيلم لتصويره الرجل بشكل عنيف، بينما لا يتم الهجوم على الأعمال التي تظهر المرأة بصورة نمطية سيئة كالمتسببة في إغواء الرجل، أو تتناول قضية ضربها كنوع من الأمور العادية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع: "لم تكن هناك أي نية للهجوم على الرجل في الفيلم، هذا ليس هدفنا لكننا نحكي قصة بنات، ونعرض نماذج سلبية لرجال من أجل منح فرصة لإعادة النظر في كثير من السلبيات التي يمارسها المجتمع الذكوري ضد المرأة".
منتجات العمل
وأشار إلى أن انضمام منتجات للعمل ومشاركة بطلات العمل في المرحلة النهائية للإعداد ساعده على تقديم حكايته بشكل أفضل وتفاصيل نسائية أكثر صدقاً.
وأضاف أبوحمدان أن سيناريو فيلم "بنات عبد الرحمن" لم يتغير منذ انضمام الفنانة صبا مبارك للعمل، وأن الكتابة استغرقت 5 سنوات والتصوير تم في سنتين، وتمت بعض التعديلات البسيطة. وقال، إنه لم يغير أي شيء في الفيلم وجميع الأبطال لم يفكروا في التغيير، لكنهم عرضوا المساعدة من أجل توصيل فكرته بالطريقة التي يراها.
وقالت بطلة الفيلم صبا مبارك التي جسدت دور (آمال) "أعجبتني الشخصيات التي قرأتها في النص، فكل شخصية مرعبة". وبدأت الحكاية عندما هاتفني المخرج طالباً مشاركتي بالفيلم كي يستطيع بيعه.
وتابعت "عرض علي جميع شخصيات الفيلم، ولكني اخترت الفتاة المنتقبة لأنني لم ألعب شخصيتها من قبل، وتحمست للعمل أكثر ليصبح مشروعي الإنتاجي وانضمت لنا فيما بعد شقيقتي المنتجة آية وحوش".
وجسدت صبا شخصية المنتقبة والزوجة المقهورة التي تتمرد وفي بعض المشاهد تتناول السجائر، وهذا كان سبب بعض الهجوم، وقالت عن ذلك "كنت مستعدة للهجوم وأتوقعه. ولكن في رأيي لا أعتقد أن السجائر مادة للهجوم، فذلك الأمر متعارف عليه في مجتمعنا الأردني وليس بشيء غريب".
وعن خلع النقاب قالت "شخصيتي في الفيلم توضح أنها ارتدت الحجاب بالقوة، وعندما أصبح بيدها القرار خلعته، وبدلاً من تناول السجائر في السر يكون في العلن، وأنا لست من الشخصيات التي تحب الافتعال لتصبح تريند، ولا يوجد لدي اعتذار كي أقدمه عن الفيلم، فأنا مؤمنة بكل تفصيله به".
وأشارت مبارك إلى أنها كانت تتوقع نجاح الفيلم، ولكن ليس بالدرجة التي لمستها مع الجمهور أثناء حضورها عرضه الأول معهم.
وتابعت "كان كل طموحي أن أشارك في فيلم فني وتجاري ناجح بنفس الوقت، والتحدي الأكبر أن يكون ذلك النجاح بمصر، لأن الجمهور المصري لا يستمع للعديد من اللهجات، لغالبية الأعمال المصرية المقدمة، فنحن العرب من نستمع للهجة المصرية بكثرة، وليس العكس".
أوضحت أن عملها كمنتجة ضغط عليها بعض الشيء قبل تصوير الفيلم لكن عندما بدأت التصوير ركزت فقط في عملها كممثلة.
وقالت إنها لا تتعمد تقديم قضايا بشكل أساسي في أعمالها، وأشارت "من وجهة نظري ليس بالضرورة أن يقدم الفن رسالة فقط، والفن مهمته الأساسية الترفيه، فنحن لسنا بسياسيين ولا مصلحين اجتماعيين، ولكن أي إنسان من المهم أن يؤمن بما يقدم ويتوافق مع مبادئ إنسانية مهمة".
وعن القضايا النسائية وحماس كثير من النجمات لتقديم هذه النوعية تحديداً قالت، إنها لم تمل لنوع الأفلام النسائية، لكن العمل الجيد يفرض نفسه، ويجبرها على دخوله لأن الأعمال النسائية التي تحمل رسالة قليلة مقارنة بالأعمال الأخرى.