Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قلق دولي من تزايد العنف السياسي مع اقتراب الانتخابات الليبية

تصطدم العملية الانتخابية ببعض المعرقلين الذين يعتبرونها شهادة وفاة سياسية لهم ولنفوذهم المالي

طعن سيف الإسلام القذافي على قرار استبعاده من القائمة الأولية لمرشحي الانتخابات الرئاسية (أ ف ب)

أبدت عدة أطراف دولية، على رأسها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والولايات المتحدة الأميركية، قلقها من بوادر العنف السياسي التي طبعت المشهد الليبي خلال الأيام الماضية، مع اقتراب موعد التصويت لاختيار أول رئيس منتخب في تاريخ البلاد.

هذا القلق، ظهر في بيانات أصدرت للتعليق على حادثة محكمة سبها، التي حاول فيها مسلحون منع محامي سيف الإسلام القذافي، من تقديم الطعن على قرار استبعاده من الانتخابات.

وفي الأثناء، كشف رئيس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا عماد السايح، عن ضغوط تتعرض لها المفوضية من أطراف "لم يسمها"، للرضوخ لأجندتها واتباع توجهاتها، التي "لم يكشف" عن طبيعتها أيضاً، ملمحاً لأول مرة لإمكانية تأجيل الانتخابات، إذا استمرت حالة الشحن السياسي، بسبب المنافسة على السلطة.

قلق دولي

تضامنت سفارة الولايات المتحدة لدى ليبيا، في بيان لها، الجمعة، مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في مخاوفها بشأن العنف المرتبط بالانتخابات، مؤكدة ضرورة "حماية العملية الانتخابية".

وكانت البعثة الأممية قد أبدت "انزعاجها إزاء الأنباء الواردة عن هجوم على محكمة سبها"، ودانت "بشدة أي شكل من أشكال العنف المرتبط بالانتخابات"، بعد أن أجلت المحكمة جلسة كانت مقررة، مساء الخميس، للنظر في الطعن المقدم من سيف الإسلام القذافي، على قرار استبعاده من القائمة الأولية لمرشحي الانتخابات الرئاسية، بعد محاصرة مجموعة مسلحة مقرها.

واعتبرت السفارة الأميركية، في بيانها المقتضب، "الاعتداء على المنشآت القضائية أو الانتخابية أو العاملين في القضاء أو الانتخابات ليست مجرد أعمال جنائية يعاقب عليها القانون الليبي، بل تقوض حق الليبيين في المشاركة في العملية السياسية".

خيار التأجيل يطرح مجدداً

هذا التصعيد، الذي انتهجته أطراف الصراع السياسي الليبي، منذ إعلان القائمة المبدئية للمرشحين للانتخابات الرئاسية، بعد استبعاد مجموعة من الأسماء البارزة، يتقدمهم سيف الإسلام معمر القذافي، دفع رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح، إلى التصريح بأن "مفوضية الانتخابات أمام خيارين حالياً، إما الالتزام بموعد الانتخابات في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، أو طلب التمديد بعد انتهاء مرحلة الطعون الحالية". مضيفاً، "المفوضية تأقلمت مع البيئة السياسية والصراع السياسي وعدم التوافق بين الأطراف الليبية".

وتحدث السايح عن نوعين من العراقيل أمام المفوضية أولهما فني، مؤكداً أن "المفوضية قادرة على التحكم فيها عبر الجدول الزمني والخطط اللوجيستية، ذات العلاقة بتنفيذ العملية الانتخابية". لكنه أشار إلى "عراقيل أخرى، لا تتحكم ولا تسيطر عليها المفوضية، وتقع خارج سلطتها، وهي العراقيل السياسية".

ضغوط على المفوضية

بعد ساعات من هذا التصريح، عاد رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح، ليطلق تصريحاً أكثر إثارة للجدل والشكوك في قدرة المفوضية على تجاوز العراقيل السياسية، التي ذكرها في تصريحه الأول، مشيراً إلى دورها المحتمل في تأجيل العمية الانتخابية إلى موعد جديد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال السايح، في تصريحه الثاني، الذي أورده في تغريدة على "تويتر"، "هناك أطراف تتهمه بعدم الحياد على عكس الحقيقة"، واتهم ذات الأطراف بـ"ممارسة الضغط عليه للرضوخ لأجندتها واتباع توجهاتها والسكوت عن خطابها التحريضي، والمشاركة في حجب الحقيقة والتحرك وفق منظورها والاعتراف قسراً بعدم الحياد" من دون أن يحدد هوية هذه الأطراف.

تراكم بوادر التأجيل

واعتبر النائب الثاني لرئيس مجلس الدولة، في طرابلس، عمر بوشاح، أن بوادر التأجيل للانتخابات الرئاسية ليست وليدة التطورات الأخيرة، بل بدأت منذ استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيتش، قائلاً، إن "استقالة كوبيتش هي إعلان لاستسلامه، بعد فشل البعثة في دعم العملية السياسية والانتخابات في ليبيا".

واعتبر بوشاح أن "كوبيتش حاد عن مهمته الأساسية في دعم عملية الانتقال السياسي، عندما أيد قانون الانتخابات الذي أصدره مجلس النواب منفرداً، من دون الرجوع إلى مجلس الدولة، في مخالفة واضحة للاتفاق السياسي". مضيفاً، "انحياز كوبيتش لطرف من دون آخر أدى إلى زيادة الاستقطاب والانقسام، ورفض شعبي للانتخابات، وهدد إجراءها في موعدها".

ورأى عضو مجلس الدولة أن "أطرافاً دولية كثيرة بدأت تراجع موقفها بشأن إجراء الانتخابات الشهر المقبل، وتفكر في تأجيلها إلى أن يتم الاتفاق على قوانين الانتخابات، واستقالة كوبيتش مؤشر واضح على ذلك التوجه".

مغامرة

ورحب القيادي في جماعة الإخوان المسلمين الليبية عبد الرزاق العرادي، باحتمال تأجيل الانتخابات الليبية، المنتظر إقامتها في الأسبوع الأخير من العام الحالي. واصفاً تنظيمها في الظروف الحالية بـ"المغامرة".

وقال العرادي، "هذه الانتخابات ستدخل القضاء في حالة استقطاب سياسي مرير، ستكون عواقبه على القضاء وخيمة، ولن تؤدي بنا إلى الاستقرار".

وخلص إلى أن "نتائج الانتخابات بناءً على هذه القوانين المعيبة لن يقبلها أحد، والأفضل أن نبدأ مصالحة جادة، ثم الاتفاق على تطبيق العدالة الانتقالية، يليها عفو عام فدستور دائم وقوانين انتخابات متفق عليها، وتعهد بقبول نتائجها مسبقاً، غير ذلك فليس هناك إلا الفوضى والمزيد منها".

طلب الحماية للعملية الانتخابية

في المقابل، شدد الصحافي الليبي محمد العنيزي على أن "التأجيل إذا جرى فإنه سيفتح من جديد باب النقاش حول مراجعة القوانين الانتخابية، سبب الخلاف الحالي، وهو جدل لو بدأ فلن ينتهي، ما يعني أن التأجيل لو تم فسيكون لفترة أطول مما هو متوقع".

وطالب العنيزي بـ"ضرورة تحرك المجتمع الدولي لحماية العملية الانتخابية في ليبيا، باعتباره هو من رسم خريطة الطريق الحالية، وألزم الليبيين بها، وتراجعه عنها الآن سيدخل البلاد إلى نفق مظلم ومجهول النهاية. ولذلك، فإن هناك التزاماً أخلاقياً يفترض أن يدفع الأمم المتحدة لفعل شيء لإنقاذ العملية الانتخابية، وبشكل عاجل".

وهاجم العنيزي من يطالبون بتأجيل الانتخابات إلى موعد لاحق. متهماً إياهم بـ"السعي للعودة بالبلاد إلى حالة الفوضى والانقسام، فلا بديل للانتخابات في ليبيا إلا الحرب لحسم الصراع السياسي الحالي، المستمر منذ عقد كامل، والداعين لنسف الاستحقاق الانتخابي، هم الذين يدركون سلفاً خسارتهم عند الاحتكام للصندوق، ويخططون لحرب توصلهم إلى السلطة".

عنق زجاجة ضيق

بينما قال رئيس مؤسسة سلفيوم للدراسات والأبحاث جمال شلوف، إن "ليبيا تمر حالياً من عنق زجاجة شديدة الضيق". لافتاً إلى أن "الوصول إلى العملية الانتخابية المطلوب شعبياً ودولياً، يصطدم ببعض المعرقلين الذين يعتبرون الانتخابات شهادة وفاة سياسية لهم ولنفوذهم المالي في ليبيا".

ورأى أن "كل الاحتمالات مفتوحة، سواء بإجراء انتخابات تؤدي إلى استقرار، أو إخفاق يعود بليبيا إلى مربع الاحتكام للسلاح". معتبراً أن "وجود موقف دولي حازم من المعرقلين، وتنفيذ قائمة العقوبات المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 1970 أمر ضروري، بما فيها الإحالة على الجنائية الدولية، وهذا هو السبيل الأمثل لإنقاذ العملية السياسية، ومنع الانحدار نحو العودة للحرب".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات