Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المرأة تغيب عن الترشح في الانتخابات المحلية الجزائرية

تظهر الدعاية الانتخابية تراجع التوجهات التي تنادي بضرورة إشراك المرأة في مختلف الاستحقاقات الانتخابية

شهد التمثيل النسوي في الجزائر تراجعاً بحسب نتائج الانتخابات البرلمانية الماضية (وكالة الأنباء الجزائرية)

يشهد الحضور السياسي للمرأة في الجزائر تراجعاً لافتاً، وهو ما تظهره مجريات الحملة الدعائية للانتخابات المحلية المقررة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري. وثمة مَن يُرجع ذلك إلى القوانين المعدلة، فيما يرى آخرون أن المجتمع المحافظ هو المعرقل الأول.

وتُظهر قوائم المرشحين المنشورة في المساحات المخصصة للدعاية الانتخابية تراجع التوجهات التي تنادي بضرورة إشراك المرأة في مختلف الاستحقاقات والمجالس المنتخبة، إذ يُسجل غياب العنصر النسوي عن الكثير من القوائم. وفي هذا السياق، لا يمكن تجاهل وجود مرشحات في بعض القوائم، إنما بلا وجوه، ويفضّل كثيرون تسميتهن بـ "مرشحات شبح".

والملاحظ أنه منذ إعطاء المرأة حرية إخفاء وجهها وترك اسمها في قوائم المرشحين للانتخابات، انتشرت ظاهرة "إخفاء الوجه"، خصوصاً في المناطق الداخلية المحافظة التي تسيطر عليها التقاليد والثقافة الذكورية والعشائرية، وهي الأسباب التي وقفت عائقاً أمام ترشح أخريات.

دافع اجتماعي

وفي حين أثار الموضوع نقاشات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تعتبر الناشطة السياسية فاطمة الزهراء نازف أن "الصور ليست ضرورية في الانتخابات المحلية هذه المرة، سواء للرجال أو النساء، لأن القائمة التي تُقدم إلى المواطنين في يوم الاقتراع لن تكون مصحوبة بصور، وإنما تقتصر على أسماء المرشحين وأرقامهم، ولهذا يجري التركيز في الحملة الانتخابية هذه على الأسماء أكثر من الصور".

وتعتقد نازف أن "القوائم الانتخابية الخالية من النساء، لا سيما في المناطق الداخلية، لا تقلل من تراجع النساء في الساحة السياسية وإنما هي ناتجة من دافع اجتماعي، إذ لا يمكننا إنكار أن المجتمع الجزائري محافظ، وأن البعض ما زال لا يتقبل رؤية امرأة رئيسة بلدية".

وتضيف، "محاولتنا اليوم هي إبلاغ كل رقعة من الوطن بأن المرأة يمكنها أن تكون سياسية من دون الانتقاص من حرمتها وخصوصيات مجتمعها، ويجب أن نترك لها فرصة البناء مثلها مثل الرجل".

من جانبها، ترى النائب السابق في البرلمان فوزية بن سحنون، أن "حصة 50 في المئة المخصصة للمرأة في قوائم المرشحين للانتخابات المحلية، عمل غير ديمقراطي، على اعتبار أنه من الصعب تحقيق هذه النسبة في البلديات"، واصفة القوانين التي تتحدث عن ذلك بـ "التعجيزية". وتقول إنها "تجعل من النساء مجرد ديكور في القوائم الانتخابية، وهن غير مكوّنات في الغالب سياسياً، ولا يملكن الشجاعة في المواجهة، وهذا ما يجعلهن لا يكشفن عن صورهن في القائمة الانتخابية".

فرولة تثير جدلاً

وجاءت صورة واسم إحدى المرشحات لتكشف عن عدم استعداد المجتمع في بعض المناطق لقبول المرأة في المنافسة الانتخابية، إذ تم تداول صورة فرولة عبود بنوع من السخرية والتنمر، واستغرب العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي اسمها، حتى أن كثيرين شككوا في أن يكون اسمها الحقيقي "فرولة"، وبعضهم قال إنه مجرد وسيلة "ذكية" لاستقطاب الناخب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفرولة عبود مرشحة في قائمة حزب "جبهة المستقبل" عن محافظة بسكرة الواقعة جنوب شرقي الجزائر، وهي منطقة صحراوية تشتهر بتمورها وواحاتها وعاداتها وتقاليدها المتجذرة.

وبحسب نتائج الانتخابات البرلمانية الماضية، شهد التمثيل النسوي تراجعاً، على الرغم من المشاركة القوية للنساء استجابة لقانون الانتخابات الجديد الذي فرض مبدأ المناصفة بين الجنسين في القوائم الانتخابية. وهو ما اعتبره متابعون انتكاسة غير مسبوقة في تاريخ المشهد السياسي.

وأقر الرئيس عبد المجيد تبون قانوناً جديداً للانتخابات صدر في "الجريدة الرسمية" بتاريخ 21 مارس (آذار) 2021، وعرف بقانون المناصفة عوضاً عن قانون الحصص الذي يلزم بترشح نصف النساء في القوائم المتنافسة.

بين الحصة والمناصفة

في السياق، يرى الحقوقي سليمان شرقي أنه "كان من الواضح بعد تعديل القانون العضوي للانتخابات أنه سيؤدي إلى تراجع تمثيل المرأة، فبعد أن كان يفرض وجودها بنسبة الثلث في القوائم الناجحة، صار يفرض المناصفة، لكن في قائمة الترشيحات، ومع نظام انتخابي بالقائمة المفتوحة تقلص تمثيل المرأة أكثر"، مضيفاً أنه "في الحقيقة هي نسب طبيعية مخالفة للنسبة المصطنعة التي كان يفرضها القانون القديم، لا سيما مع عزوف المرأة عن النشاط السياسي تحت وطأة أعراف المجتمع في المناطق الداخلية، ما اضطر اللجنة المستقلة للانتخابات إلى الخضوع لضغوط المرشحين لتجاوز مبدأ المناصفة لعدم قدرة الأحزاب والقوائم المستقلة على تحقيقه".

ويتابع شرقي، "في خصوص غياب صور المرشحات، أنه ليس من المعقول أن يوكل الموكل من لا يعرفه، لكن التصرف متفهم بالنظر إلى الأعراف، كما أنه يوحي بأن المرشحات لم يقدمن ملفاتهن إلا لاستكمال القوائم دعماً لأزواجهن أو أحد أقاربهن لا غير"، مشيراً إلى أن "التمثيل النسوي تراجع في البرلمان بأكثر من الربع بقليل في البرلمان الماضي وإلى أقل من العشر في البرلمان الحالي، وقد يقل بحدة أكبر في المجالس المقبلة".

ويشدد شرقي على أن "التجربة السابقة يجب أن تعلمنا أن فرض النسبة ليس معياراً للنجاح"، لذلك يجب ترك الأمور للتطور الطبيعي مع مزيد من الانفتاح على العمل السياسي والجمعوي، بهدف تطوير الأداء وتحسين التمثيل عوض فرضه بقواعد آمرة جامدة من دون روح".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي