Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مخاوف على صحة الاناث وحقوقهن جراء الضغط لزيادة النمو السكاني في إيران

إصدار قانون جديد يقدم حوافز للأزواج والأمهات الجدد ولكنه يفرض في المقابل قيوداً جديدة على وسائل منع الحمل والإجهاض والتوعية الجنسية قد تهدد حياة النساء

معدل الخصوبة المنخفض في المناطق الحضرية يقلق السلطات في إيران (أ ف ب)

ظل المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي يسعى طوال عقد من الزمن إلى إلغاء قوانين تخطيط الأسرة في البلاد وتقييد وصول النساء إلى وسائل منع الحمل- أملاً في عكس مسار تراجع معدلات الولادة.

والآن، يبدو أن رغبة خامنئي تتحقق، بفضل دعم المتشددين الذين يسيطرون على كافة فروع الحكومة الإيرانية.

وافق مجلس صيانة الدستور النافذ في إيران، الذي يعتبر بمثابة المحكمة الدستورية، يوم 1 نوفمبر (تشرين الثاني) على مشروع قانون يدعى "خطة دعم العائلة وتجديد شباب السكان" في أعقاب المخاوف المزمنة بشأن شيخوخة السكان وتقلص حجم العائلات المتزايد.

ويقدم القانون الذي سيدخل قريباً حيز التنفيذ حوافز مالية للمتزوجين الجدد، ومساعدات مادية مقابل علاجات الخصوبة، وإجازات أمومة مدفوعة للأمهات اللاتي لديهن عدة أطفال ومبالغ نقدية مقابل كل طفل حديث الولادة.

ولكن مشروع القانون يتضمن كذلك قيوداً إضافية على عمليات الإجهاض والوصول إلى وسائل منع الحمل والتربية الجنسية والتعقيم، وهي أمور يقول الناشطون في حقوق الإنسان، إنها تستهدف حقوق النساء الإنجابية ومركزهن الاجتماعي في مجتمع تتعرض فيه الإناث أساساً للتمييز الشديد.

كما يتضمن القانون المقترح حظراً للدعايات التلفزيونية التي تظهر فيها عائلات لديها أقل من ثلاثة أطفال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت الباحثة في مجموعة الدفاع عن حقوق الإنسان "هيومن رايتس ووتش"، روثنا بيغوم "هذه طريقة لإعادة النساء إلى المنازل بدل [الانخراط في ] المجتمع". وحذرت من احتمال أن يسفر هذا القانون في آخر المطاف عن حالات حمل قسري، وإجهاض غير متقن ووفيات نساء وأطفال.

يشكك الخبراء والمراقبون في أن تنجح محاولات إرغام الإيرانيين على إنجاب المزيد من الأطفال ويرجحون أن تؤدي إلى رد فعل عكسي لدى الرأي العام. ويشكل القانون الذي يرجح أن يدخل حيز التنفيذ هذا الشهر، تحولاً كبيراً في سياسات إيران بمجال التخطيط الأسري.

يبلغ عدد سكان إيران 85 مليون نسمة، مقارنة بـ37 مليوناً في عام 1979، حين أطاح رجال الدين والطلاب المتشددون الحكم الملكي المؤيد لأميركا وحولوا إيران إلى حكم ديني شديد العداء للغرب.

ضاعفت البلاد جهودها في مجال الحث على تقليص حجم العائلات في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، حين ارتفع معدل الخصوبة إلى 6.5 طفل لكل امرأة، فعممت التربية الجنسية وجعلت وسائل منع الحمل متاحة بشكل واسع في محاولة لإبطاء النمو السكاني. وكان شعار الصحة العامة في أوائل التسعينيات "أطفال أقل، حياة أفضل".

وأثمرت هذه الجهود التي أثنى عليها المراقبون الدوليون. لكن خبراء علم السكان يحذرون الآن من أن التوسع الحضري السريع في إيران يواجه المشكلة المعاكسة [الناجمة عن انخفاض معدلات الخصوبة] حيث تختار العائلات إنجاب طفلين أو أقل. ويبلغ معدل الإنجاب اليوم 1.6 طفل لكل امرأة، أي أقل بكثير من 2.1 طفل، أي معدل الخصوبة الضروري للحفاظ على مستوى الكثافة السكانية.

وقال حامد بركاتي، المدير العام لإدارة صحة السكان والعائلة والمدرسة في وزارة الصحة، في وقت سابق من العام الجاري، إن معدل الإنجاب قد تراجع بنسبة 25 في المئة خلال السنوات الأربع الماضية.

تعكس الاتجاهات الديمغرافية [السكانية] الإجمالية في إيران تلك التي تسجلها الدول الغربية الأكثر تطوراً على الصعيد الاقتصادي. ينتظر كل زوجين عاديين في إيران نحو خمس سنوات بعد الزواج بالمتوسط قبل أن يقررا إنجاب طفلهما الأول. وتنجب المرأة الإيرانية العادية طفلها الأول في عمر 28 أو 29، أي مثلما يحدث في الولايات المتحدة تقريباً.

تشكل هذه الإحصاءات منذ زمن بعيد مصدر قلق بالنسبة لأكثر العناصر محافظة وتشدداً في القيادة الإيرانية، وهم المسيطرون إجمالاً في البلاد في الوقت الراهن. وفي خطاب ألقاه في عام 2014، أمر السيد خامنئي السلطات الإيرانية بالبدء في وضع سياسات "تحسن الدينامية والنمو والطابع الشبابي السكاني عبر رفع معدل الخصوبة".

ومن دواعي قلق القيادة الإيرانية ذات الأغلبية الفارسية الشيعية أن معدلات الإنجاب في أوساط النساء الإيرانيات اللاتي يعشن في المناطق الحدودية حيث تتركز الأقليات الإثنية والدينية أعلى من معدلات الإنجاب في المدن حيث يتركز القومية الفارسية.

وعلى سبيل المثال، يبلغ معدل الخصوبة في محافظتي سيستان وبلوشستان في جنوب شرقي إيران، حيث تقطن أغلبية من قوم البلوش الذي يعتنق المذهب السني، نحو 3.5 طفل لكل امرأة، مقارنة بـ1.3 تقريباً في العاصمة طهران، وفقاً لمركز الإحصاءات الإيراني.

أصبح الضغط من أجل زيادة نمو السكان جزءاً لا يتجزأ من طموحات المتشددين الأيديولوجية. حذر رجال الدين الشيعة المتشددين من قيام السعودية بالتخطيط لزيادة عدد السنة في إيران عبر إغراق البلاد بالمهاجرين الأفغان والباكستانيين. في عام 2019، حض أحد قادة الحرس الثوري النساء في ميليشيات الباسيج المتطرفة على إنجاب خمسة أطفال على الأقل.

وبسبب هذه التعليقات، اعتبر بعض المحللين أن الهندسة الاجتماعية كما هواجس تراجع الكثافة السكانية هما وراء السياسات الأخيرة.

ويتوقع العديد من المراقبين فشل السياسات المؤيدة للإنجاب. وذكر مصدر دبلوماسي غربي يتابع التطورات في إيران عن كثب، دراسة داخلية تحدثت عن "التشاؤم الاقتصادي" باعتباره السبب الرئيس لاختيار العائلات الإيرانية إنجاب عدد أقل من الأطفال.

وفي مواجهة التضخم ، وركود الأجور، والمنازل الحضرية الأصغر والأغلى ثمناً ، يرجئ عدد كبير من الإيرانيين الزواج والإنجاب أو يتفادونهما كلياً. ويطمح جزء كبير من المواطنين المتعلمين الذين ينتمون إلى الطبقة الوسطى أن يهاجروا، أملاً في الهروب من القيود الاجتماعية والسياسية في البلاد، كما الضيق الاقتصادي الشديد.

وقالت السيدة بيغوم "نشاهد الضغط الكبير الذي يتعرض له الإيرانيون- من رجال ونساء وعائلات. وطريقة مقاربة السلطات لهذا الموضوع هي أنها تحاول زيادة الأمور سوءاً بدل معالجتها".

خلال السنوات الأخيرة، فشلت مساعي هنغاريا واليونان وفنلندا ولاتفيا وغيرها من الدول في استخدام قوة الدولة لعكس تراجع معدلات الإنجاب. ولكن السياسة التي اتبعتها بولندا بتقديم مبالغ نقدية شهرية للأمهات مقابل كل طفل ينجبنه، ابتداء من الطفل الثاني، أظهرت بعض النجاح المتواضع.

ويقترح القانون الإيراني الجديد توفير تمويل إضافي لإجازات الأمومة المدفوعة وإعطاء الأزواج الجدد مبالغ نقدية، ولكن يبدو أنه يركز بشكل عام على منع عمليات الإجهاض وقطع القناة الدافقة ومنع الحمل.

ولكن من الملفت أنه يكاد لا يتضمن أي بنود تتعلق بإجازة الأبوة أو مراكز رعاية الأطفال أو المسنين- وهي مهمات تقع أيضاً على عاتق النساء- أدت إلى عكس مسار انخفاض معدل السكان بعض الشيء في الدول الغربية.

وقالت السيدة بيغوم "أعتقد أن هذا البرنامج سيتحول إلى كارثة. سوف تسفر هذه السياسات عن وفيات النساء والأطفال. أي أننا نتكلم عن حالات الحمل القسرية ووفيات النساء بسبب عمليات الإجهاض غير المتقنة فضلاً عن إرغامهن على إنجاب أطفال لا يرغبون فيهم".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط