Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قمة المناخ تنتهي إلى اتفاق على تسريع خفض الانبعاثات... ولكن

نتائج منتظرة وموقف "دراماتيكي" للهند والصين بالموافقة على مضض يربك الاجتماع في اللحظة الأخيرة

توصلت 200 دولة مشاركة في مؤتمر الأطراف للمناخ  "كوب 26" للأمم المتحدة على مضض، إلى اتفاق يهدف إلى تسريع خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في جميع أنحاء العالم.

في حين تسبب تدخل "دراماتيكي" للهند والصين باللحظة الأخيرة في التخفيف من وهج اتفاق تاريخي للأمم المتحدة لإنهاء استخدام طاقة الفحم الليلة قبل الماضية، ما دفع ألوك شارما، رئيس المؤتمر، إلى الانخراط في البكاء بينما اعتذر للمندوبين عن الطريقة التي أجري فيه التغيير المتأخر على اتفاقية طاقة الفحم، الذي أطلق عليه اسم ميثاق "غلاسكو للمناخ"، كان من المقرر أن يتضمن تعهداً بتسريع "التخلص التدريجي" من طاقة الفحم، لكن تم حذف كلمة "تسريع"، كما تم حذف جملة "الحاجة الملحة" واستبدلت بجملة "دعوة الدول للتقليل من استخدام الفحم من دون أنظمة التقاط لثاني أكسيد الكربون، وإنهاء الدعم غير الفاعل للوقود الأحفوري".  

الاتفاقية الأممية تركت أسئلة كبيرة بحسب المراقبين حول كيفية متابعة الحكومات في العقد المقبل لمحاولة تجنب أسوأ الآثار العالمية. ويقول المؤيدون للاتفاق إنه "يعكس تصميماً جديداً بين حكومات العالم على الابتعاد عن حرق الوقود الأحفوري، المصدر الرئيس لغازات الاحتباس الحراري التي يقول العلماء إنها تسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض. ومع ذلك، فإن الاتفاق يتميز بنقاط ضعف أعاقت محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ على مدى عقود".

ويذهب المنتقدون إلى أنه "يفتقد لآلية إنفاذ، ويعتمد بدلاً من ذلك على حسن نية حكومات العالم للالتزام بقواعدها قدر الإمكان. في المجالات الرئيسة، لا يتطلب الأمر من الدول التصرف، إذ تحثها الاتفاقية فقط أو تطلب منها القيام بذلك، مما يعكس مجالاً للمناورة كان مطلوباً لتحقيق توافق في الآراء بين جميع الحكومات. وتترك الاتفاقية من دون حل كيف ستوفر الدول الغنية زيادة كبيرة في التمويل خلال الأعوام المقبلة للدول الفقيرة لتبني الطاقة المتجددة وحماية نفسها من آثار الاحتباس الحراري. فمن دون هذه الأموال، تقول الدول النامية إنها ستعاني أضراراً كارثية من تغيّر المناخ ولن تكون قادرة على تنفيذ تخفيضات الانبعاثات التي وعدت بها". 

خيبة أمل أممية وغياب إرادة سياسية كاملة 

وعكس الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خيبة أمل كثيرين من المندوبين في عدم الحصول على المزيد من الالتزامات الملموسة من خلال عملية تتطلب موافقة جميع حكومات العالم تقريباً. وقال "النصوص الموافق عليها حل وسط". وأضاف أنها "تعكس المصالح والظروف والتناقضات وحالة الإرادة السياسية في العالم اليوم." وأشار إلى أن الصفقة تقدم خطوات مهمة إلى الأمام"، مستدركاً "لسوء الحظ لم تكُن الإرادة السياسية الجماعية كافية للتغلب على بعض التناقضات العميقة". وقال مبعوث المناخ الأميركي جون كيري إن "الاتفاقية حققت عدداً من الأهداف الأميركية وجعلت العالم أقرب من أي وقت مضى". 

مباركة بريطانية وحذر 

من جانبه، قال بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني الذي احتضنت بلاده الحدث العالمي، السبت، عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في مؤتمر "كوب 26" للمناخ "لا يزال هناك عمل كبير هائل يتوجب فعله في الأعوام المقبلة". وأضاف، "اتفاق اليوم خطوة كبيرة إلى الأمام. وما يهم هو أن لدينا الاتفاق الدولي الأول على الإطلاق لخفض استخدام الفحم، وخريطة طريق للحدّ من الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية". وتابع، "طلبنا من الدول أن تقوم بالتعبئة من أجل كوكبنا في كوب 26 وقد لبّت النداء". وأردف، "آمل في المستقبل بأن نعتبر مؤتمر غلاسكو بداية لنهاية التغيّر المناخي، وسأواصل العمل بلا كلل لتحقيق هذا الهدف". 

الاتحاد الأوروبي: إحياء لاتفاقية باريس 

واعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن "الاتفاق الذي توصل إليه مؤتمر كوب 26 السبت، في غلاسكو يشكّل خطوة في الاتجاه الصحيح"، لكنها شددت على أن "العمل لم ينتهِ بعد". وقالت في بيان مساء السبت، إن "هدف الحد من الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية يبقى في متناول اليد". 

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية اعتبرت في بيان سابق أن "ميثاق غلاسكو الذي تبنّته 200 دولة في مؤتمر كوب 26 أبقى على أهداف اتفاق باريس (لعام 2015) حية، من خلال منحنا فرصة للحد من ظاهرة الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية". وذكّرت "بالتزام الاتحاد الأوروبي خفض انبعاثاته من ثاني أكسيد الكربون بنسبة 55 في المئة على الأقل بحلول 2030 مقارنة بعام 1990 وأن يبلغ الحياد الكربوني بحلول 2050". 

من جهته، قال نائب رئيس المفوضية فرانس تيمرمانز، المسؤول عن "الميثاق الأخضر" الأوروبي والمفاوض عن الاتحاد الأوروبي في غلاسكو، إن "الحل الوسط الذي تم التوصل إليه يعكس توازناً بين مصالح جميع الأطراف ويسمح لنا بالتحرك على نحو طارئ وهو أمر ضروري لبقائنا".

ملخص أسبوعين من المفاضات الصعبة 

ويمكن تلخيص أسبوعين من المفاوضات الصعبة في مؤتمر الأطراف للمناخ (كوب 26) بأربع بنود وهي تمويل ووقود أحفوري وتعويض وطموح. وطلب الاتفاق "من الأطراف إعادة النظر وتعزيز أهدافهم لعام 2030 بالقدر اللازم للتماشي مع أهداف اتفاق باريس لخفض درجة الحرارة، بحلول نهاية عام 2022". 

وعلى الرغم من اتفاق حكومات العالم على مضض على تعزيز التعهدات المتعلقة بالانبعاثات الكربونية بعد أسبوعين من المفاوضات، فإن اتفاق باريس للمناخ الذي أبرم عام 2015 والهادف إلى حصر الاحترار بـ"أقل بكثير" من درجتين مئويتين مقارنة بالعصر الصناعي 1.5 درجة مئوية إذا أمكن، لا يشتمل على كلمات "فحم" و"نفط" و"غاز" ولا حتى "وقود أحفوري"، وهي مسببات رئيسة لظاهرة تغيّر المناخ. بالتالي، فإن ذكر هذه الطاقات الملوثة في البيان النهائي لمؤتمر كوب 26 الذي وقّعته 200 دولة، اعتُبر "تاريخياً". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويستند اتفاق الأمم المتحدة لعام 1992 بشأن تغيّر المناخ إلى ركيزتين تتمثلان في الحد من انبعاثات غازات الدفيئة وتكيّف البلدان الأكثر عرضة للتأثيرات المستقبلية. ولكن منذ ذلك التاريخ، أصبحت التداعيات المدمرة للاحترار العالمي حقيقة في الوقت الحاضر وتُقدّر الأضرار الناتجة منه بما يصل إلى مليارات الدولارات. وفي مواجهة هذا الواقع، ظهر مفهوم "الخسائر والأضرار" في ما يتعلق بالكوارث التي لم يعُد بالإمكان تفاديها.

ويلخص وزير الاقتصاد والتغيّر المناخي في فيجي أياز سايد خايوم أنه "عندما لا تُخفّض الانبعاثات بشكل كافٍ، تدخل مجال التكيف، وعندما لا يكون التكيف كافياً، عليك مواجهة الخسائر والأضرار". 

لكن الآلية التي وضعت عام 2013 لأخذ هذه المسألة في الاعتبار بقيت مبهمة. لذلك، في غلاسكو، حاولت البلدان النامية أن تجعل مطالبها مسموعة، وكان ذلك من دون جدوى، إذ تمت عرقلة اقتراحها بإنشاء نظام تمويل فاعل، خصوصاً من قبل الولايات المتحدة، خوفاً من التبعات القانونية لالتزام مماثل.

وينص الحل الوسط الذي اعتمد على "حوار" سنوي حتى عام 2024 "لمناقشة طرق تمويل النشاطات". في حين ينص اتفاق باريس على "أن تقوم الدول الموقعة بمراجعة طموحها لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كل خمسة أعوام". وكان مقرراً أن تنتهي المراجعة الأولى أواخر عام 2020 لكنها أُرجئت بسبب جائحة "كوفيد-19"، التي أدّت إلى تأجيل مؤتمر "كوب 26" لمدة عام.

لكن الانبعاثات استمرت في الارتفاع، وحذر العلماء من أنه لم يتبقَّ سوى أقل من 10 أعوام لحصر الاحترار بـ+ 1.5 درجة مئوية. لذلك، تضاعفت الدعوات لتسريع وتيرة هذه التحديثات، قبل الدورة التالية المقررة في 2025. وكانت "المادة 6" من اتفاق باريس المتعلقة بعمل أسواق الكربون تسمّم مفاوضات المناخ منذ ثلاثة أعوام، ما حال دون إبرام "دليل المستخدم" للاتفاق.

نحو تأسيس سوق عالمية للكربون  

وبعد الفشل في مؤتمر المناخ للأمم المتحدة "كوب 24" عام 2018 ثم في دورة 2019، تم التوصل إلى اتفاق في غلاسكو حول قواعد لأسواق الكربون بهدف المساعدة في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

لكن منظمات غير حكومية شددت على أنه "من الأفضل عدم التوصل إلى اتفاق من إبرام اتفاق يشكك في السلامة البيئية لاتفاق باريس". وقالت لورانس توبيانا، التي شاركت في صياغة اتفاق باريس إن "النص المعتمد يتيح إمكان إغلاق بعض الثغرات الفاضحة، مثل الحساب المضاعف، الذي يسمح بحساب طن من ثاني أكسيد الكربون من قبل كل من المشتري والبائع". وأضافت لوكالة الصحافة الفرنسية، "لكن هذا لا يكفي لمنع الشركات والدول ذات النيات السيئة من التحايل على النظام"، داعية إلى "إنشاء هيئة لمراقبة حسن سير هذه الأسواق".

وتسمح القواعد الجديدة لتبادل أرصدة الكربون بين الدول، للحكومات بتحقيق أهدافها المتعلقة بالانبعاثات من خلال تمويل مشاريع الحد من غازات الاحتباس الحراري في بلد آخر. ويتوقع المسؤولون أن تضع القواعد الأساس لسوق دولية للكربون. 

وتنظر شركات عدة إلى تجارة الكربون كوسيلة لخفض صافي انبعاثاتها وسط ضغوط من المنظمين والمستثمرين والمستهلكين. في حين أن بعض الولايات القضائية، في الاتحاد الأوروبي وكاليفورنيا، يتاجر بالفعل في الكربون، ويأمل المسؤولون التنفيذيون في أن تؤدي صفقة الأمم المتحدة إلى تسريع إنشاء سوق عالمية. 

اقرأ المزيد