Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ينقذ تعتيم الشمس الكرة الأرضية من الاحترار؟

الهندسة الجيولوجية واستنقاذ المناخ... أفكار أقرب ما تكون إلى الخيال العلمي ومخاوف من مشاغبة الطبيعة

هل تعالج الهندسة الجيولوجية الشمسية السبب الكامن وراء تغير المناخ الذي يحركه الإنسان؟ (أ.ف.ب)

في الوقت الذي كانت فيه أعمال قمة غلاسكو للتغير المناخي منعقدة، وفي غياب الرئيسين الصيني والروسي، كانت بكين تعلن عن زيادة  استخدامها للوقود الأحفوري المتمثل في الكربون بنوع خاص، بنسبة 25 في المئة، وهو أمر يتسق وأزمة النقص في الكهرباء التي تجتاحها... ما معنى ذلك؟

باختصار غير مخل، غياب إرادة حقيقية لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أو غاز الميثان، بالتالي انتحار الأرض عما قريب بفعل البراغماتية الإنسانية غير المستنيرة، والصين في مقدم القوى المفسدة لكروم الأرض.

هل سيقود التوجه الصيني قوى دولية أخرى إلى محاكاة مشابهة؟

حكماً هذا ما ستجري به المقادير، الأمر الذي يجعل من الأرض وبالفعل الكوكب الأزرق الراحل، إن لم تجُد القريحة العلمية بأفكار إبداعية، تضمن بقاء النوع الإنساني وعدم فناء البشرية مرة وإلى الأبد.

من بين تلك الأفكار يجيء الحديث عن الهندسة الجيولوجية للشمس، التي يقول العلماء إنها قادرة على تبريد درجة حرارة الكرة الأرضية، ومجابهة ظاهرة الاحتباس الحراري، وهذا ما يشير إليه أحد أبرز الباحثين في هذا السياق في جامعة هارفارد، ديفيد كيث، وعنده أن البشر لديهم القدرة على تبريد الأرض بشكل اصطناعي، من خلال التعامل مع مقادير الإشعاع الشمسي المنعكس إلى الفضاء.

هل هذا هو الحل الجامع المانع الذي لا يصد ولا يرد، والطريق الذهبي لاستنقاذ الكرة الأرضية من وهدتها الآنية، أم أن طريق الهندسة الجيولوجية الشمسية، أمر تشوبه مخاطر ومخاوف تجعل المقبلين عليه يقصرون السعي وإكمال الطريق؟

في ماهية الهندسة الجيولوجية الشمسية

باختصار، ومن دون الإغراق في التفصيلات العلمية، تشير غالبية موسوعات المعرفة إلى أن هندسة المناخ أو التدخل المناخي، الذي يشار إليه عادة بالهندسة الجيولوجية، هي التدخل المتعمد واسع النطاق في نظام المناخ على الأرض، التي تهدف عادة إلى تخفيف الآثار الضارة الناجمة عن الاحتباس الحراري.

ما هي الطرق المعروفة للهندسة الجيولوجية للشمس التي تحد من ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية؟

هناك أكثر من طريق، إدارة الإشعاع الشمسي، حقن الهباء الجوي في الستراتوسفير، إشراق السحابة البحرية، تأثير المحيط كالمرآة، ترقق الغيوم، المحاصيل والمباني عالية البياض.

لا يبدو الحديث عن الهندسة الجيولوجية للشمس حديثاً معاصراً، فقد كان الرئيس الأميركي ليندن جونسون هو أول من أشار إليه في منتصف ستينيات القرن المنصرم، إذ حذر التقرير المرجعي الصادر عام 1965 تحت عنوان "استعادة جودة بيئتنا" الذي أعدته اللجنة الاستشارية العلمية التابعة للرئيس جونسون نفسه، من الآثار الضارة  لانبعاثات الوقود الأحفوري، وأشارت أيضاً إلى "تعمد إحداث تغيرات مناخية تعويضية"، بما في ذلك "رفع وضاءة أو انعكاسية الأرض"، ووصل الأمر أن اقترح إدوارد تيلر وآخرون عام 1997، إجراء بحث عن الجسيمات العاكسة ونشرها، والحد من الإشعاعات الشمسية القادمة، بالتالي إلغاء آثار حرق الوقود الأحفوري.

عن أبحاث الهندسة الجيولوجية الشمسية

لا تعالج الهندسة الجيولوجية الشمسية السبب الكامن وراء تغير المناخ الذي يحركه الإنسان، أي انبعاثات الكربون، ومع ذلك يجادل  بعض العلماء بأنه يمكن أن يكون أداة رخيصة ومهمة في مجموعة  أدوات تغير المناخ الخاصة بنا، إذا تمكنا فقط من البحث عنها بشكل أكثر شمولاً.

في هذا الإطار يقول، غيرنوت واغنر، خبير اقتصاد المناخ في جامعة  نيويورك الذي أمضى عقوداً عدة في البحث في الهندسة الجيولوجية: "إنه ليس بديلاً لخفض الانبعاثات، ومع ذلك يجب أن نجري المحادثات بشأن هذا السبيل الآن، بل ويجب أن نجري الأبحاث اللازمة كذلك".

لم تقصر الجهات العلمية في السعي لمكافحة التغيرات المناخية عبر تعميق البحث العلمي في هذا السياق، ولهذا طالبت أكاديمية العلوم الوطنية في بريطانيا، من الولايات المتحدة أن تنشئ برنامجاً بحثياً  يتكلف ملايين الدولارات حول الهندسة الجيولوجية الشمسية.

صحيفة "الغارديان" البريطانية من جهتها أوصت في تقرير لها  خلال شهر مارس (آذار) المنصرم بتمويل قدره 100 مليون دولار، يمكن أن ترتفع إلى 200 مليون دولار على مدى خمس سنوات، لفهم أفضل لجدوى التدخلات لتعتيم الشمس، وخطر العواقب الضارة   غير المقصودة، وكيف يمكن إدارة هذه التكنولوجيا بطريقة أخلاقية.

ولعله من المؤكد أن تجارب علمية جرت بالفعل في هذا الإطار، فقبل أربعة أعوام وبالتحديد في مارس من عام 2017، أرسل فريق من العلماء الأميركيين حقناً من الجسيمات الجوية الصغيرة إلى طبقة الستراتوسفيرعلى بعد 20 كيلومتراً من سطح الكرة الأرضية لتقييم جدواها في مكافحة الاحتباس الحراري عبر محاكاة آمنة لتأثير التبريد الجوي لثوران بركاني كبير.

كانت التجربة وليدة عمل علمي كبير مولته جامعة هارفارد الأميركية العريقة، بلغت تكلفته 20 مليون دولار، واعتبر مقدمة لإتمام عمليتي نثر لجسيمات جوية بحلول عام 2022، وفيها سوف ينثر العلماء الماء في طبقة الستراتوسفير في العملية الأولى، وجزيئات كربونات الكالسيوم في العملية الثانية، وقد تنشر في المستقبل جزيئات أوكسيد الألومنيوم، أو حتى جزيئات الألماس.

ماذا عن أهم المشروعات التي يمكن أن تستخدم فيها هندسة جيولوجيا  الشمس لتغيير أوضاع الكرة الأرضية مناخياً؟

التعلم من تجارب الثورات البركانية  

يتساءل قارئ هذه السطور، كيف يمكن للبراكين التي تقذف حمماً من النار، أن تكون طريقاً للهندسة الجيولوجية الشمسية لتخفيض درجة حرارة الكرة الأرضية؟

بالفعل يبدو المشهد مثيراً للجدل، غير أن ما حدث عام 1991 كان نقطة انطلاق في مسيرة تلك الهندسة المثيرة للعجب، فقد وقع ثاني أكبر ثوران بركاني في القرن عندما ثار بركان جبل "بيناتوبو" في الفيليبين، وقد أدى ثورانه إلى إطلاق أطنان من الرماد والغاز صوب الغلاف الجوي، وقد تحركت لمسافات بعيدة ما أسفر عن تبريد الأرض  بنحو نصف درجة مئوية في الأشهر التالية، الأمر الذي أثار دهشة العلماء في حينه.

ومع تفسير الواقعة يمكن معرفة السبب في ذلك، إذ عكست جزيئات صغيرة في الهواء تسمى "الهباء الجوي"، جراء ثوران البركان مزيداً  من أشعة الشمس إلى الفضاء مقارنة مع الظروف العادية.

نجم عن ذلك انخفاض ظاهرة الاحتباس الحراري، لذا يرى العلماء أن هناك إمكانية لتقليد هذا الأمر بشكل مصطنع عن طريق حقن  جزيئات الهباء الجوي في طبقة الستراتوسفير، بمعنى إدخال رذاذ  الكبريت في الستراتوسفير على بعد ما بين 15 و50 كيلومتراً فوق سطح الأرض.

لم تعد البراكين إذاً فقط مفيدة على صعيد إعادة تسميد التربة بما تحمله من معادن ثرية وغنية غير مستهلكة تخرج من باطن الأرض، بل ها هي تلهم الإنسان ببعض الأفكار في سياق محاربته لأزمة التغير المناخي.

هل كان ثوران بركان الفيليبين مدعاة للتفكير في طريقة مشابهة للتخلص من ظاهرة الاحتباس الحراري من غير اللجوء إلى  البراكين المخيفة والمزعجة؟

بيل غيتس والطريق عبر غبار الطباشير

بكل تأكيد ألهمت تجربة البركان الفيليبيني عديداً من العلماء أفكاراً مختلفة في سياق المواجهة مع الطبيعة الغاضبة، أما رجال الأعمال الكبار حول العالم وفي مقدمهم بيل غيتس، فقد مولوا بدايات هذا العام  مشروعاً لاكتشاف مدى إمكانية السيطرة على الاحتباس الحراري.

فكرة بيل غيتس تتمحور حول إطلاق بالون كبير في السماء لتعتيم الشمس، بالقرب من مدينة كيرونا في القطب الشمالي، حسبما أفادت  صحيفة "التايمز".

ذهب غيتس رجل البرمجيات الأشهر إلى أن هذه التجربة هي الأولى من نوعها، التي ستضحى محاولة استكشافية في الطريق إلى معرفة ما إذا كان يمكن السيطرة على الاحترار المناخي من خلال تعتيم الشمس.

الفكرة ببساطة تتمثل في ارتفاع البالون إلى 12 ميلاً، وبعد انطلاقه، ستسقط جزيئات كربونات الكالسيوم (غبار الطباشير) بشكل أساسي  لمعرفة ما إذا كان إطلاقها في الستراتوسفير يمكن أن يؤدي إلى انعكاس جزء من طاقة الشمس وانخفاض درجات حرارة الكرة الأرضية.

تفاصيل الفكرة تتمثل في رفع منطاد حربي تجريبي نحو 600 كيلوغرام من الأدوات العلمية إلى طبقة الستراتوسفير، وإذا سارت الرحلة على ما يرام، ستسقط الرحلة تدريجياً كيلوغراماً من الغبار لتكوين عمود بطول بضعة كيلومترات، وهو أصغر بكثير من أن يكون له تأثير على كثافة الشمس، ولاحقاً سيتم جمع قراءات حول كيفية تصرف جزيئات الغبار وكيفية تفاعلها كيميائياً مع الهواء، وسيتم إدارج البيانات في النماذج للتنبؤ بما سينتج إذا تم إجراء الهندسة الجيولوجية على نطاق واسع.

على أن فكرة غيتس لا يزال ينقصها الكثير غير المفهوم تقنياً، وإن كان لدى العلماء فقط النماذج التي قدمت لهم معلومات محدودة حول ما سيحدث إذا تم تنفيذ هذه التقنية على نطاق واسع.

وعلى المستوى العالمي، سيكون صعب للغاية تنفيذ هذه التقنية إذا لم توافق جميع البلاد على المشاركة في التجربة وعلى المستوى  السياسي، فهناك جوانب كثيرة لهذه التقنية تحتاج إلى المناقشة، بما في ذلك البلدان التي يمكن أن ترى في الأمر تأثيرات ضارة من حقن الهباء الجوي، والبلدان التي لا توافق على استخدام هذه التقنية في الستراتوسفير فوقها.

ثم يبقى الأمر في كل الأحوال حلاً مؤقتاً جزئياً ومرحلياً، ذلك أنه مع  توقف نشر الغبار الطباشيري، أو حقن الهباء الجوي كما يطلق عليه  البعض، يمكن أن تعود درجات الحرارة العالمية إلى ما كانت عليه  وتتسبب في حدوث ارتباك جماعي في مناخ الكوكب مرة أخرى... هل من وسائل مغايرة لطروحات السيد غيتس؟

حين تتحول المياه إلى مرايا عاكسة

أبسط المعلومات الجغرافية تخبرنا بأن اليابس حول الكرة الأرضية لا يزيد على 21 في المئة، بينما المياه تغطي نحو 79 في المئة من سطح الأرض، واليوم تبدو رهانات البشرية على استثمار مياه المسكونة واسعة وعريضة، بعضها يسعى إلى سكنى المياه، وإقامة مستوطنات مائية عليها، فيما أفكار أخرى ترى أن حل مشكلة الجوع تنطلق من استغلال المياه، والبعض الثالث يرى أن أزمة الطاقة العالمية يمكن أن تحل من خلال المياه.

على أن الطرح الأحدث لاستخدامات مياه البحار والمحيطات بات يتمثل في محاولة تغيير مناخ الكرة الأرضية عبر تقليل حرارة الكون من خلال تسخير المياه... كيف وهل الأمر عقلاني أول الكلام؟

في تقرير أخير لوكالة الإعلام الألمانية، دويتشه فيله، نقرأ عن مشروع يكاد يكون ضرباً من ضروب الخيال، يطلق عليه "الرغوات الصناعية"، في عملية أطلق عليها "الرغوة المحيطية أو الفقاعات الدقيقية".

القصة تبدأ من عند حقيقة علمية مفادها أن المحيطات تغطي 70 في المئة من مساحة الكرة الأرضية، بيد أن الماء الذي غالباً ما يكون داكناً بسبب أعماق المحيطات الكبيرة لا يعكس سوى قليل من أشعة الشمس، ويمتص ويخزن كثيراً من حرارة الشمس.

هنا يرى العلماء أنه كلما تم تخفيف سطح المحيطات، قل ارتفاع درجة الحرارة على السطح في عملية تعرف باسم "تأثير الوضاءة"،  أي القدرة الكبيرة على عكس أشعة الشمس.

أحد أهم العلماء المؤيدين والمروجين لهذا التطبيق، كوري غابرييل،  عالم المناخ من جامعة كاليفورنيا الذي يقول إن "فكرة وجود فقاعات صغيرة على أسطح المحيطات من شأنها صنع رغوة تعكس أشعة الشمس ونشرها في مواقع استراتيجية لإحداث نتائج مناخية معينة".

هل هذا الطرح قابل للنجاح بالفعل، وللاستخدام العملي لتبريد الأرض الملتهبة؟

من الناحية النظرية، بمقدور هذه الرغوات عكس أشعة الشمس بمدى 10 مرات أكثر من أسطح المياه الداكنة وفي حالة وجود كميات كبيرة  من هذه الرغوات قد يمكن تبريد الأرض بمقدار نصف درجة مئوية، فيما اقترح بعض العلماء أنه يمكن تحريك الرغوة بمساعدة سفن للعون في نشر هذه الرغوات في مناطق مختلفة من المحيط.

وعلى الرغم من تلك الآراء الداعمة والمؤيدة، إلا أن تلك الأداة من أدوات الهندسة الجيولوجية الشمسية، لا يزال يكتنفها كثير من الغموض، وتحتاج إلى تأكيدات على نجاعتها، والأهم الجواب عن التساؤل: إلى أي مدى يمكن أن تؤثر سلباً على الحياة البحرية والكائنات القائمة من ملايين السنين في عرض البحر؟

الأبيض زرع وضرع... حجر وبشر

يقولون دوماً إن اللون الأخضر هو رمز للخير والنماء والسلام، فيما اللون الأبيض هو علامة على النقاء والبهاء، وقد عمدت الشعوب التي تسكن المناطق الساخنة حول الكرة الأرضية، لا سيما في القارة الأفريقية على ارتداء الملابس البيضاء، وذلك انطلاقاً من كون اللون الأبيض يمتلك خصائص فيزيائية تعكس أشعة الشمس ولا تمتصها  كما الحال في الألوان الداكنة وبخاصة اللون الأسود... هل يمكن الاستعانة بمثل هذه التقنية في محاربة تغير المناخ الضار؟

هناك تجربة جرت في مدينة نيويورك عام 2009 حين تم طلاء أكثر من مليون متر مربع من مساحة الأسطح في المدينة باللون الأبيض، الأمر الذي أدى إلى انخفاض درجة الحرارة، درجة واحدة، وهو ما أكدته، سونيا سينفيراني، عالمة المناخ في معهد زيورخ للتكنولوجيا  في سويسرا.

من هذه الطريقة الطبيعية لتقليل تسخين الجو، يمكن للإنسان استلهام الحل في تبريد الأرض من طريق طلاء المنازل والأسطح باللون الأبيض لتعكس أشعة الشمس، إذ إن السقف الأبيض يكون أبرد بحوالى 30 في المئة عن السقف داكن اللون. وقد تبدو هذه الفكرة بسيطة ورخيصة  في الوقت نفسه لكن شريطة أن يتم تبني هذه الاستراتيجية في أنحاء العالم من أفريقيا إلى منطقة الشرق الأوسط وحتى المناطق الأوروبية، للحفاظ على خفض درجات الحرارة.

ولعل المثير في مشهد اللون الأبيض هو أن أسطح نيويورك البيضاء وشوراعها، لم تخفض درجة الحرارة فحسب في المدينة الأميركية الصارخة، وإنما وفرت أيضاً الطاقة، إذ ساعدت على تقليل استخدام أجهزة التكييف. ويقدر العلماء أنه إذا تم طلاء الأسطح والأرصفة في جميع أنحاء العالم باللون الأبيض فقد يمكن أن يقلل ذلك نسبة  انبعاثات تتساوى بما تصدره 700 محطة طاقة متوسطة الحجم تعمل بالفحم.

حديث اللون الأبيض لا يتوقف عند حدود الأرض، بل يمتد كذلك إلى  فوق، حيث السحاب والأحاديث جارية حول تبييض السحب فوق البحار عن طريق رش الملح في الغلاف الجوي، وهي تقنية تسعى إلى إبطاء ارتفاع درجة حرارة المحيطات. فكلما كانت الغيوم والسحب أكثر بياضاً، فهي تعكس أشعة الشمس والحرارة، ما يحد من ارتفاع درجة حرارة المياه الواقعة تحتها.

هل حل اللون الأبيض جامع مانع، شاف واف لأدران الكرة الأرضية؟

هنا أيضاً لا يزال البحث في المهد، على الرغم من أن التجربة  الأولى قد أجريت بالفعل محلياً في عام 2020 في أستراليا، وهناك أيضاً العشرات من مسارات الهندسة الجيولوجية للشمس، تلك التي غالباً ما يتم تقديمها على أنها بعيدة المنال وغير واقعية، وبعضها قد يكون خيالياً، مثل تركيب المرايا في الفضاء، أو حتى تغيير مسار الأرض... ما الذي يتبقى في هذا الحديث؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الأضرار والمخاوف من هندسة الشمس

على الرغم من الأفكار التي تبدو براقة للهندسة الجيولوجية للشمس،  إلا أن هناك كثيراً جدا من التعاطي معها، إذ يبدو مشهد تفاعل مع أجزاء غامضة من الطبيعة، واللعب في هذه المنطقة قد يحمل وبالاً، عوضاً عن أن يقدم يد العون للبشرية.

يصف بعض العلماء نطاق هذا الفرع من العلوم بأنه خيار "الخطوة الأخيرة" الذي يجب أن يعتمد فقط في حالات الطوارئ الكوكبية. ويشدد آخرون على أنه لا ينبغي النظر إليه إلا على أنه مكمل محتمل لعمليات التقليص الخطيرة للانبعاثات والتدخلات الأخرى، بما في ذلك التكيف وإزالة الكربون، اللتان تتبع كل منهما طرقاً مختلفة في معالجة  مخاطر المناخ.

من بين أصوات العلماء الذين ينذرون ويحذرون من مخاطر الهندسة الجيولوجية للشمس، يأتي الأستاذ في جامعة هارفارد، فرانك كوتش،   الذي يرى أن فكرة اللجوء إلى الهندسة الجيولوجية للشمس على  نطاق واسع فكرة مخيفة، وأنها استراتيجية ستستخدم فقط إذا أصبحت  أجزاء كبيرة من الأرض حارة جداً، ولا يمكن العيش فيها.

بعض الأفكار التي طرحناها من وجهة نظر علماء ثقات كارثية،  فعلى سبيل المثال يرى السير ديفيد كينغ، كبير المستشارين العلميين السابق لحكومة المملكة المتحدة الذي يدير الآن مركزاً في جامعة  كامبريدج، أنه يجب أن تتوقف هذه التقنية، ويضيف، "إن تعتيم الشمس يمكن أن تكون له آثار كارثية على أنظمة الطقس".

والشاهد أن هناك جانب أخلاقي مثير للانتباه في مثل هذه الطروحات، وأسئلة مفتوحة تغطي العلوم والحوكمة والأخلاق، منها ما هي أفضل  تلك التقنيات؟ من الذي يضمن أن لا تتحول من أدوات للخير إلى  طرائق للشر والتلاعب بالطبيعة ضمن إطار الحروب الأيكولوجية، ومن هي الدول الأكثر تضرراً، وكيف يمكن ضمان عدالة حماية الأرض، فلا يجور الأغنياء في حمايتهم لبلدانهم على حقوق الفقراء؟؟.

ثم تبقى هناك إشكالية الأكلاف الاقتصادية ومن سيتحمل فاتورة تلك المشروعات، أما الأكثر هولاً فموصول بمن سيتحمل تكاليف الإصلاح إن أخفقت تلك المشروعات، وقد يتعذر هذا الإصلاح ما يعني الاقتراب الحثيث من نهاية عمر الكوكب الأزرق.

وفي الخلاصة، قديماً قالوا إن "درهم وقاية خير من قنطار علاج"، فتجنب الإضرار بالأرض أفضل بمراحل من مشاغبة الطبيعة ومحاولة السيطرة عليها، غير أنه لا توجد كما أسلفنا إرادة حقيقية لتجنيب الأرض الهاوية المناخية، فالجميع منشغل في صراع قطبي، فيما أمنا الأرض باتت على شفا الاحتراق... ما لا ينفع ولا يشفع معه أفكار الهندسة الجيولوجية الشمسية أو غيرها من الأفكار المناخية التقدمية.

المزيد من بيئة