Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دعوة سعيد التونسيين للإسهام في الموازنات المالية تذكرهم بتجارب قديمة

لم ينس المواطنون بعد صناديق التبرع التي أطلقتها حكومات سابقة

الرئيس التونسي قيس سعيد (أ ف ب)

أثارت دعوة رئيس الجمهورية قيس سعيد الموجهة إلى "التونسيين في الداخل والخارج للإسهام في إيجاد التوازنات المالية المطلوبة'' حيرة واستنكاراً لدى من رأوا أنها توقظ فيهم ذكرى سيئة حول عمليات التبرع "الإجباري"، فيما رأى آخرون أنها الطريقة الوحيدة المتاحة اليوم من أجل الحفاظ على السيادة الوطنية. 

وشدد سعيد في دعوته على أن الموارد المالية التي سيتم تجميعها ستكون تحت الرقابة المباشرة لرئاستي الجمهورية والحكومة حتى لا يُصرف أي مليم إلا في ما رُصد له.

وأعرب رئيس الجمهورية، في افتتاح أشغال المجلس الوزاري، الخميس الماضي، عن ثقته في "قدرة بلادنا على تجاوز الأزمة التي تمر بها، وإيجاد التوازنات المالية المنشودة بفضل العمل الدؤوب وتشريك كل المواطنين والمواطنات في داخل تونس وخارجها".

الذاكرة الجماعية 

يعتقد الناشط السياسي طارق الكحلاوي أنه "لو أن ذاكرتنا الجماعية لا تحتوي على مثل هذه التجارب منذ عهد زين العابدين بن علي المتمثلة في صناديق التبرع، والاقتطاع من الأجور الذي برز بعد الثورة، لكان الأمر عادياً"، مفسراً "هناك عديد من التجارب في بلدان عاشت أزمات مالية، اعتمدت على مشاركة المواطنين في إنقاذ التوازنات المالية". 

ويشير إلى أن الهدف هو "تفادي المديونية التي أثقلت كاهل تونس والتونسيين"، قائلاً إن "الدين الثنائي أو المساعدات من قبل دول صديقة يمكن أن يراه البعض موقفاً سياسياً، بالتالي يجب اللجوء إلى طرق أخرى تضمن الاستقلالية وموارد مالية لخزينة الدولة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتقد الكحلاوي أنه "كان على سعيد مصارحة الشعب منذ البداية بهذا الاقتراح، ليس بعد ثلاثة أشهر من إجراءات 25 يوليو (تموز)". 

وقال إن هذه الطريقة ستكون أنجع إذا تم اعتماد الضريبة على الثروة. 

أما فوزي الدعاس، عضو الحملة التفسيرية لرئيس الجمهورية، فيقول في تصريح خاص، إن "الرئيس لجأ إلى هذه الطريقة من أجل المحافظة على سيادة تونس وإشراك المواطنين في إنقاذ الاقتصاد"، مشيراً إلى أن "الرئاسة ستوضح لاحقاً كيفية تنفيذ هذا الاقتراح أو الدعوة". 

الثقة تضاهي العدل 

يقول الصحافي مراد علالة "قد تكون ذاكرة الشعوب قصيرة، لكن ليس لدرجة أن ينسى التونسيون على سبيل المثال الصناديق وعمليات التبرع العديدة التي جرت عبر التاريخ بمبادرة من حكام تونس القدامى والجدد"، مضيفاً في افتتاحية له "لكن هذه المرة قد يقول البعض إن الثقة عادت بين الحاكم والمحكوم، والثقة تضاهي العدل في كونها أيضاً أساس العمران". 

ويتساءل علالة عن "قدرة المواطنين والمواطنات على التبرع في هذه الظروف الاقتصادية العسيرة، وقدرة هذه التبرعات مهما كبر حجمها على الإيفاء بحاجيات الوطن وتوازناته المالية التي كانت تتأتى من القروض الهائلة ومداخيل جبائية وعائدات بعض القطاعات المنتجة الطبيعية والصناعية؟".

المزاج الشعبي 

وأضاف علالة "المطلوب اليوم ليس استنساخ الحلول القديمة… ولا يمكن اعتبار مجاراة المزاج الشعبي ونتائج استطلاعات الرأي الظرفية مقياساً أو فرضيات واقعية نبني عليها المستقبل باعتماد منطق التجريب ومنهج الصواب والخطأ، والوقوع بالتالي في فخاخ الشعبوية التي هي وهن الديمقراطية"، قائلاً إن "إدارة الدول تبنى على البرامج الواضحة المضبوطة بالجداول الزمنية والأهداف الآنية والمستقبلية". 

من جهة أخرى، يفسر أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية رضا شكندالي دعوة سعيد بـ"الصعوبات التي تجدها الحكومة في تعبئة الموارد الخارجية"، قائلاً إن "الدولة التونسية ليس لديها أي ضمان من الخارج لتحقيق هذا الأمر، بخاصة أن الولايات المتحدة غير موافقة على إجراءات 25 يوليو، وتطالب سعيد بتحديد سقف زمني للإجراءات الاستثنائية والعودة إلى ما تراه المسار الديمقراطي، أي عودة البرلمان إلى النشاط".

وتعيش تونس مأزقاً مالياً حاداً ينذر بانفجار اجتماعي، إذ لم يتبق على نهاية هذا العام سوى عدة أسابيع، فيما لا يعرف كيف يمكن تأمين الموارد المالية المنقوصة بقيمة 3 مليارات دولار لصرف الأجور والنفقات. 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير