Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تصريحات بايدن تعيد فوضى "الصفقة الأسترالية" إلى الواجهة

حاول الرئيس الأميركي رأب الصدع مع فرنسا لكنه أوقع إدارته وكانبرا في حرج

الرئيسان الأميركي والفرنسي يحاولان تجاوز أزمة الغواصات (أ.ب)

تصدرت التصريحات "التصالحية" لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنظيره الأميركي جو بايدن، أمس الجمعة، إذ وجد الأخير في الاجتماع الذي عقد على هامش قمة مجموعة العشرين في إيطاليا، فرصة لرأب الصدع الذي أصاب العلاقات بين واشنطن وباريس، بعد صفقة الغواصات النووية بين الولايات المتحدة وأستراليا، وما تلاها من خطاب فرنسي اتسم بالحدة والتصعيد.

تأكيدات بايدن الهادفة إلى إصلاح العلاقات بين البلدين قوبلت بخطاب هادئ ابتعد عن لهجة التصعيد التي برزت بعيد إعلان صفقة الغواصات في سبتمبر (أيلول) الماضي، إذ قال الرئيس الفرنسي إن البلدين يجب أن ينظرا إلى المستقبل، مشيداً بما وصفه بـ"القرارات الملموسة" التي اتخذتها الإدارة الأميركية بعد اندلاع أزمة الغواصات، لإعادة الثقة بين فرنسا والولايات المتحدة.

"دبلوماسية غير كفؤة"

لكن وفيما يحاول سيد البيت الأبيض ترميم العلاقة مع باريس، سعياً للوفاء بأحد أبرز تعهدات سياسته الخارجية المتمثلة في استعادة تحالفات الولايات المتحدة، وضمان جبهة موحدة ضد الصين الصاعدة، قال مراقبون إن بايدن "رمى أستراليا تحت عجلات الباص"، حين ألقى اللوم ضمناً على الحكومة الأسترالية، بقوله، إنه لم يكن يعلم بأن كانبرا لم تنسق مع باريس بشأن صفقة الغواصات.

السيناتور الأسترالي المستقل، ريكس باتركس، اعتبر تصريح بايدن إشارة إلى دبلوماسية رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون "غير الكفؤة"، وذهب أبعد من ذلك، حين شكك بجدوى شراء الغواصات الأميركية، مستشهداً بتقرير لصحيفة "نيويورك تايمز"، يكشف على حد وصفه عن "الفجوة الهائلة بين الغواصات النووية والواقع"، مشيراً إلى تكلفة الصفقة الهائلة التي من المحتمل أن يتكبدها الأمن القومي للبلاد، جراء ما يصفه بـ"الاحتيال السياسي".

"تصرف أحمق"

علاوة على ذلك، جذب الرئيس الأميركي الحرج إلى إدارته، بقوله إن أسلوب تعاملها مع موضوع الصفقة كان "أحمق"، وإن الانطباع الذي كان لديه هو أن فرنسا أحيطت علماً بالفعل بأن صفقتها مع أستراليا لن تتم، مؤكداً أن الولايات المتحدة ليس لها حليف أقدم ولا أكثر ولاءً من فرنسا، وأنه لا يوجد مكان في العالم لا تستطيع الولايات المتحدة التعاون فيه مع فرنسا.

وأضاف بايدن في أول اجتماع مباشر مع الرئيس الفرنسي منذ اندلاع الأزمة الدبلوماسية في الشهر الماضي، "أعتقد أن ما حدث هو، وبتعبير إنجليزي، ما فعلناه كان حماقة... لم يكن مقترناً بقدر كبير من اللياقة... كان لديَّ انطباع بأن أشياء معينة حدثت وهي لم تحدث... لكنني أريد أن أقولها صراحة... فرنسا شريك موضع تقدير كبير للغاية... وهي قوة في حد ذاتها".

فرنسا تتطلع بتحفظ

وفيما أكثر الرئيس الأميركي من بادرات المودة تجاه نظيره الفرنسي، في محاولة لتجاوز الخلاف الناجم عن قضية الغواصات الأسترالية، قالت وكالة الأنباء الفرنسية إن ماكرون كان أكثر تحفظاً. وأضافت بأن "بايدن لم يأل جهداً حيال ماكرون الذي استقبله في فيلا بونابرت، مقر السفارة الفرنسية في الفاتيكان، مع مصافحات متكررة، وابتسامات عريضة، وتشديد على مودته الكبيرة لفرنسا بوصفها أقدم حليف للولايات المتحدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال ماكرون عقب اللقاء الذي استمر ساعة ونصف الساعة تقريباً إنه كان مفيداً في استعادة الثقة بين البلدين الحليفين، كما شهد "التزاماً أميركياً قوياً" بشأن مسألة الدفاع الأوروبي، ولفت الرئيس الفرنسي إلى "قرارات ملموسة للغاية أتت لتدعم تحركات ومبادرات مشتركة نقوم بها في مجالات مختلفة".

وعن الشراكة الدفاعية بين الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة، قال ماكرون "أوضحنا ما ينبغي توضيحه" بشأن هذا التحالف في المحيطين الهادي والهندي الذي كلف فرنسا عقداً ضخماً لبيع أستراليا غواصات متطورة. وأضاف "ينبغي الآن التطلع إلى المستقبل" الذي يشتمل على قرارات مشتركة ملموسة تدعم التحركات والمبادرات المشتركة حول المناخ والدفاع والابتكار، مؤكداً في الوقت نفسه ضرورة أن يوفر البلدان "توضيحات ضرورية حول السيادة والدفاع الأوروبيين".

شراكات وحوار استراتيجي

ومن المقرر أن تنخرط فرنسا والولايات المتحدة في "شراكة ثنائية حول الطاقة النظيفة" بحلول نهاية هذا العام، وفق ما جاء في بيان مشترك بعد لقاء الرئيسين. وذكر البيان بأن البلدين يرغبان في تعزيز تعاونهما في مسائل الفضاء.

وفيما يتعلق برغبة فرنسا بناء منظومة دفاعية أوروبية وهو ما أبدت حياله واشنطن فتوراً كونها تقود حلف شمال الأطلسي "الناتو"، أكد البيان المشترك بأن "الولايات المتحدة تدرك أهمية وجود دفاع أوروبي أقوى يكون مكملاً لحلف شمال الأطلسي"، وأشار إلى رغبة بايدن وماكرون في إطلاق "حوار استراتيجي حول التجارة العسكرية"، ولا سيما بشأن تصاريح التصدير.

واستجابة لجهود باريس في الحصول على دعم أكبر لعمليات التدخل العسكري الهادفة إلى مكافحة الجهاديين في منطقة الساحل الأفريقي، أكدت واشنطن أنها "خصصت موارد إضافية لمنطقة الساحل لدعم جهود مكافحة الإرهاب التي تقودها فرنسا ودول أوروبية أخرى"، وهو ما دفع ماكرون إلى الإشادة بأول الإجراءات الملموسة التي اعتمدتها الولايات المتحدة على الأرض.

توتر العلاقات

وشهدت العلاقات الأميركية – الفرنسية توتراً خلال الشهر الماضي، بعدما أعلنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا عن شراكة جديدة تتضمن تقديم المساعدة لمساعدة أستراليا في تطوير غواصات تعمل بالطاقة النووية، وهي صفقة تقول فرنسا إنها أبرمت من دون علمها، مما عرض للخطر عقداً قائماً بقيمة المليارات لتزويد أستراليا بغواصات تعمل بالديزل.

وفوجئت واشنطن برد فعل فرنسا الغاضب بعد الإعلان في سبتمبر الماضي عن التحالف الجديد الذي أطلق عليه اسم "أوكوس" بين الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا في منطقة المحيطين الهندي والهادي. في المقابل، شعرت باريس بخيبة أمل كبيرة من النتيجة الأولى لهذه الشراكة المتمثلة في تخلي أستراليا عن عقد ضخم لشراء غواصات فرنسية، وندد وزير الخارجية الفرنسي بعدم مشاورة بلاده.

وقبل اجتماعه الأول مع ماكرون في أعقاب الأزمة الدبلوماسية، التقى بايدن الساعي إلى تعزيز تحالفات الولايات المتحدة مع أوروبا رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي. وخلال اللقاء، شددا على ضرورة "تطوير الدفاع الأوروبي"، وفق ما أعلنته الحكومة الإيطالية. وتأتي هذه اللقاءات عشية قمة مجموعة العشرين يومي السبت والأحد في روما برئاسة إيطاليا.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير