Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نقص العمال البريطانيين يدفع إلى تخفيض نسبة إنتاج المحاصيل الزراعية

المزارعون يضطرون إلى تقليص المحاصيل العام المقبل بعد تلف محاصيل التوت الأزرق والطماطم وزهرة النرجس في الحقول

ذكر المزارعون أنه لم يبق أمامهم خيار سوى التخلص من ملايين الأرطال من المحصول (غيتي)

اضطر المزارعون في بريطانيا إلى تقليص إنتاجهم من المحاصيل الزراعية للعام المقبل إثر النقص الهائل في اليد العاملة الذي تسبب في التخلص من كميات غير مسبوقة من الطعام ورميها في مكبات النفايات.

وتأتي أزمة الإمدادات الغذائية في وقت تتعرض فيه واردات المحاصيل الأوروبية لضغوط متزايدة عقب تطبيق سلسلة من إجراءات المراقبة والتفتيش على الحدود والتي أرجئ تطبيقها مراراً بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ووجهت دعوات للمتسوقين تطالبهم بالاستعداد للتعامل مع مستويات أكبر من نقص الغذاء وتضخم هائل في أسعار المواد الغذائية جراء انخفاض مستويات الإنتاج في المملكة المتحدة واستيراد المزيد من البضائع، الأمر الذي سيزيد من البصمة الكربونية للبلاد.

وفاقم النقص الشديد في اليد العاملة من المشكلات التي يعاني منها المزارعون البريطانيون الذين يواجهون تكاليف باهظة للشحن والطاقة والأسمدة في حين تكافح متاجر السوبر ماركت لإبقاء الأسعار منخفضة وتنافس للحصول على حصتها من السوق مع متاجر البيع بأسعار مخفضة.

وذكر المزارعون أنه لم يبق أمامهم خيار سوى التخلص من ملايين الأرطال من المحصول بما في ذلك التوت الأزرق والتوت البري والتفاح والخضروات المورقة والطماطم والأزهار.

وأفاد أحد المزارعين البريطانيين الذي يزرع الخضروات المورقة أن زهاء مليون استرليني من الخضروات المورقة عالية الجودة، أي ثلث المحصول السنوي، استخدم لإنتاج "سماد باهظ الثمن" بسبب الشح في اليد العاملة لدى مصانع تجهيز المواد الغذائية.

ولكن وطأة الأزمة كانت أشد على شركات تجهيز المواد الغذائية بسبب النقص في عدد اليد العاملة إذ إنها وفقاً لأنظمة الهجرة الصادرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تعتبر غير مؤهلة لتوظيف عمالة بتأشيرات عمل موسمية وإحلالهم محل العمال الذين غادروا المملكة المتحدة.

وحذر قادة قطاع المواد الغذائية من أن الأوضاع ستزداد سوءاً لا محالة ما لم تمدد الحكومة على وجه السرعة البرنامج التجريبي للتأشيرات الذي يسمح باستقدام 30,000 عامل مؤقت هذا العام. وناشد اتحاد المزارعين الوطني الوزراء السماح باستقدام 50,000 عامل أجنبي آخر على الأقل لجني المحصول وعشرات آلاف آخرين لتجهيزه.

وأوضح اتحاد المزارعين الوطني أن اتخاذ هذه الإجراءات الآن أضحى أمراً مطلوباً لأن المزارعين يفكرون في الوقت الراهن في المحاصيل الزراعية التي سيزرعونها العام المقبل ولا يمكنهم تحمل رؤية محاصيلهم الزراعية تهدر.

وتشير التقديرات إلى أن قطاع المواد الغذائية برمته في حاجة الآن إلى نصف مليون عامل إضافي لزراعة المحاصيل وجنيها وتعبئتها وتجهيزها وتوصيلها إلى محلات التجزئة والمطاعم والمنازل.

وأشارت نتائج دراسة استقصائية أجراها اتحاد المزارعين الوطنيين أن عدد العمال لدى مزارعي الفواكه والخضروات كان أقل بنسبة 34 في المئة من العدد المطلوب في أوج موسم الحصاد الذي يحل في شهري يوليو وأغسطس.

ووفقاً لأحد المؤشرات الذي يبعث مخاوف بشأن عام 2022، قررت إحدى كبرى شركات توريد أزهار النرجس في بريطانيا التخلص من 300 طن من البصيلات ورميها في مكب النفايات خشية عدم توفر اليد العاملة لقطف أزهار النرجس في فصل الربيع.

وفي حين ادعى الوزراء أن قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي سيمنح البلاد فرصة للانتقال إلى "اقتصاد مبني على المهارات العالية وارتفاع الأجور"، يشير مزارعو الخضروات إلى أن هذه الرؤية لا تزال بعيدة المنال على قطاع البستنة.

ويعد استخدام الروبوتات لقطف الفواكه أقل فعالية وأكثر كلفة من البشر وحتى لو استثمر فيه استثمارات كبيرة، فمن المرجح أن يستغرق إثبات نجاعته كبديل مجدٍ زهاء خمس إلى سبع سنوات، وفقاً للمزارع علي كابر الذي يزرع التفاح ويترأس مجلس إدارة اتحاد المزارعين الوطنيين. وفي غضون ذلك، يخشى أن يتوقف عدد كبير من الشركات الزراعية عن مزاولة أنشطته.

وقالت السيدة كابر التي تزرع تفاحاً وجنجل في مزارع ستوكس بمقاطعة كنت: "تفيد التقارير أن الشركات تعاني من شح في اليد العاملة يتراوح بين 40 في المئة و50 في المئة. فعندما تكون النسبة 15 في المئة، سنشمر جميعاً عن سواعدنا ونبذل جهود أكبر ولكن عندما تصل نسبة الشح إلى 40 في المئة، فليس بوسعك عمل أي شيء سوى أن تترك الخضروات تتلف في الحقول. فليس أمامك أي خيار آخر".

"لقد وصلت كميات الغذاء المهدور إلى نسبة غير مسبوقة.

"كما أن ربع ما تنتجه البلاد من محصول زهرة النرجس تعرض للتلف هذا العام لأننا لم نتمكن من جني المحصول. وأعرف شخصاً يملك مزرعة كبيرة متخصصة في زراعة زهرة النرجس، ومن المفترض أن يستعد لزراعة البذور لشهري يناير وفبراير، ولكنه اضطر إلى إتلاف 300 طن من البصيلات ورميها في مكب النفايات وذلك تجنباً لخوض مجازفة زراعتها ثم عدم التمكن من جنيها".

"وهذا ما يحدث حالياً في قطاع الأغذية نتيجةً لانعدام الثقة الكاملة. ولا نعرف كيف سنتمكن من توفير يد عاملة العام المقبل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى المزارعون أن الحكومة أساءت التعامل مع مخاطر الانتقال إلى مرحلة ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي وتسببت في ضرر طويل الأمد على قطاع الإمدادات الغذائية في المملكة المتحدة، لا سيما وأن بعض شركات الإنتاج قررت بالفعل وقف نشاطها التجاري.

وتشير التوقعات إلى أن أزمة الشح في اليد العاملة ستزداد حدتها عندما يتراجع عدد العمال الأوروبيين النظاميين في المملكة المتحدة مما يؤدي إلى مزيد من الاستنزاف للأيدي العاملة الشحيحة أصلاً.

وتشير تقديرات اتحاد المزارعين البريطانيين إلى أن زهاء نصف العمالة غير البريطانية التي تحمل إقامة نظامية قررت عدم البقاء والعمل في المملكة المتحدة. وأحد الأسباب يعود إلى قرار وزارة الداخلية البريطانية بمطالبة العمال بإرفاق جوازات سفرهم أو بطاقات العمل مع طلب الحصول على التأشيرة، الأمر الذي جعل عدداً كبيراً من العمالة المؤقتة تبدي عدم استعدادها لذلك.

وقال نيك أوتويل، مدير المزرعة في شركة "أل. دجى بتس"، إحدى كبرى الشركات البريطانية المتخصصة في زراعة الخضروات المورقة، أنه سوف يضطر إلى تخفيض الإنتاج بنسبة 10 في المئة السنة المقبلة- بحسب تقديره.

تعبئ الشركة نصف منتجاتها في أكياس وتضع العلامة التجارية عليها وتبيعها لمحلات التجزئة مثل متاجر الوجبات السريعة وقد نجحت في ذلك لأنها تستطيع الاستفادة من اليد العاملة المؤقتة التي تغطي 40 في المئة من المهام الزراعية، في حين ترسل الشركة النصف الآخر من الخضروات إلى مصنع تعبئة كبير لغسلها وتقطيعها وإعدادها للمتاجر الكبرى مثل "تيسكو" و"الدي" و"ماكدونالدز".

وأوضح نيك أوتويل قائلاً: "لقد أصبحت سلسلة الإمدادات معطلة بالكامل وبحالة سيئة جداً.

"لا يمكن للشركة الاستفادة من برنامج العمالة الموسمية لأن المصنع يعمل على مدار العام وتتضمن مهامه غسل الخضروات وتقطيعها واستيرادها من الأماكن المتاحة لها طوال العام.

"إن عمل الشركة ليس ذا طبيعة موسمية مثلنا، لذلك لا تستطيع الاستفادة من التأشيرات بل تعتمد على العمالة الدائمة فقط".

توقفت الشركة في منتصف يوليو عن تلبية طلبات متاجر السوبر ماركت بسبب نقص اليد العاملة. كما أن الشركة اشترت 70 في المئة من النسبة التي تنبأ بها نيك أوتويل. "ولم تشتر معظم ملايين الأرطال من الخضروات التي استخدمت لصناعة سماد أخضر باهظ الثمن".

وتخوض شركة "أل. دجى بتس" حالياً مناقشات مع شركة تعبئة بشأن آليات تحسين هذا الوضع العام المقبل، ولكن نيك أوتويل يقول، إن المناقشات لا تدعو إلى التفاؤل.

وأضاف: "في الوقت الراهن، لا أرى أي أمل في تحسن الوضع، وكل ما أشعر به هو أن الوضع سيزداد سوءاً ووبالاً بالنسبة للشركة. فالسبيل الوحيد للحصول على اليد العاملة هو من خلال العمالة المهاجرة التي تملك إقامة ما قبل تسوية الوضع أو إقامة تسوية الوضع.

"يمثل ذلك عدداً محدوداً سينخفض سنوياً لأن نسبة معينة من هؤلاء العمال لن يعودوا إلى المملكة المتحدة، ولا يمكن إحلال عمالة بديلة".

وقال نيك أوتويل تحاول شركات تجهيز الأطعمة "بجنون" إيجاد سبل للأتمتة وتستثمر الملايين في هذا المجال، ولكن الأوضاع والتغيرات الاجتماعية تسير بخطى أكثر تسارعاً من تقنية الأتمتة".

© The Independent

اقرأ المزيد