Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإشاعات شريكة الطلبة المصريين في عامهم الدراسي

مجلس الوزراء ينفي ما جرى تداوله على منصات التواصل الاجتماعي من تقسيم أيام حضور الطلاب

التواصل الاجتماعي يرفع وتيرة الإشاعات بشأن حضور الطلبة في مدارس مصر  (أ ف ب)

في العام الـ21 من الألفية الثالثة، يستعد أولياء الأمور للعام الدراسي الجديد لا بالقلم والمسطرة والزي المدرسي الجديد فقط، ولا حتى بـاللوح الرقمي (التابلت) والكمبيوتر الشخصي والهاتف المحمول، وما يرد عليه من تحديث للواجبات وتعميم للقرارات فقط، ولكن الاستعداد يكون بترسانة الـ"غروبات" الافتراضية حيث الخبر والخبر المضاد، والرأي والرأي المخالف، والموقف والموقف المناقض، والهبد الكثير والرزع الوفير، والمطالبة بإنهاء العام الدراسي قبل أن يبدأ، وإلغاء الامتحانات قبل أن تُعقَد، وتقصير اليوم المدرسي الطويل، وتطويل اليوم القصير.

عام ملغوم كغيره

انطلق عام مدرسي جديد في مصر. وعلى الرغم من أجوائه الملغومة كغيره، وتفاصيله المتشابكة ومتاريسه المنصوبة، فإن سكوناً ما يحيط بنقطة البداية وهدوءاً من نوع غريب يكتنف المنظومة. رياح تحديث نظام تعليمي تجمد على مدى ما يزيد على أربعة عقود، هي طيلة حكم الرئيس الأسبق مبارك، وبعدها بضع سنوات من التخبط والترنح وشطب المنصوص عليه وسن الجديد من دون سند لأسباب سياسية بحتة، ما زالت تهب بكل قوة وضراوة في مثل هذا الوقت من كل عام على مدى أربع سنوات مضت هي عمر وزير التربية والتعليم والتعليم الفني طارق شوقي في هذا المنصب.

منصب الوزير هذه المرة لم يكن كالمرات السابقة، إذ أوكل لشوقي مهمة تعديل وتحديث وتغيير نظام التعليم المدرسي في مصر من ألفه إلى يائه على مراحل ولكن جميعها متوازٍ ومتزامن. وحيث إن الطبيعة البشرية تهاب التغيير ولو كان مطلوباً، وتخشى التطوير ولو كان مرغوباً، فقد تحولت بداية كل عام دراسي جديد إلى حرب باردة تستوجب الاستنفار، ومتاريس منصوبة تستلزم مكاتب وهيئات وأفراداً مهمتها نفي المنشور وتفنيد المتداول وتوضيح الحقائق.

تعايش وتواؤم

حقائق بداية العام الدراسي هذه المرة تتراوح بين تعايش مع كيان الوباء الفيروسي الفارض نفسه، وتواؤم مع مجموعات عنكبوتية اتبعت نظرية النشوء والارتقاء، فتحولت من "غروبات" فردية على "واتساب" و"فيسبوك" إلى كيانات تتصور أنها قوى ضاربة في عوالم التربية وملفات التعليم، بالإضافة إلى المهمة الرئيسة الأصلية المنسية ألا وهي بدء عام دراسي جديد لشعب جرار قوامه 21 مليون طالب وطالبة.

شعب الطلاب الجرار

الـ21 مليون طالب وطالبة في مرحلة التعليم ما قبل الجامعي مقسمون على 48 ألفاً و580 مدرسة حكومية (بالإضافة إلى 9169 مدرسة خاصة) فيها نحو 45 ألف قاعة درس. هذه الأعداد الجرارة زادت ونمت وتضخمت بسرعة رهيبة لا تناسب إمكانات الدولة أو احتياجات سوق العمل أو قدرات الأهل، فأصبحت النتيجة شكوى مزمنة من كثافة الفصول المرتفعة وتدني جودة التعليم وقلة عدد المدارس. في الوقت نفسه، تستمر عمليتا ضخ المزيد من الأطفال من دون هوادة، ومعها التسرب من المدارس من دون أمل في عودة قريبة.

قريباً يصل عدد طلاب مراحل التعليم المدرسي في مصر إلى نحو 26 مليوناً ونصف المليون طالب وطالبة، في حال استمرت الزيادة السنوية الحالية على حالها (بين 700 و800 ألف طالب إضافي سنوياً). هذه الأعداد المهيبة، حين تبدأ عامها الدراسي الجديد اليوم، لا تبدأ سنة جديدة عادية في مشكلاتها من حيث الكثافة وجودة التعليم وماهية التطوير فقط، لكن البداية جاءت نافية.

نفي التقسيم والتعيين والتأجيل

فبعد ساعات من الإشاعات المكثفة، وتداول الأخبار المجهولة المصدر والمعاد تدويرها من دون تقصٍّ وتحقق، نفى المركز الإعلامي لمجلس الوزراء ما جرى تداوله على منصات التواصل الاجتماعي من تقسيم أيام حضور الطلاب خلال العام الدراسي الجديد والمتزامن والموجة الرابعة لفيروس كورونا.

نفي التقسيم صاحبه نفي التعيين. فقد تداول المعلمون والمعلمات خبراً يتم تداوله كل بضعة أشهر مفاده أنه سيتم تعيين 50 ألف معلم قبل بدء العام الدراسي، وهو ما نفاه الوزير طارق شوقي جملة وتفصيلاً، لا سيما أنه لا توجد أي تعيينات في الجهاز الإداري للدولة بالكامل.

ومع نفي التقسيم والتعيين، جاء كذلك نفي التأجيل. فقد تداول أولياء الأمور بغزارة إشاعة باتت كلاسيكية مفادها أن الوزارة قررت تأجيل العام الدراسي لحين إتمام حصول جميع أفراد المنظومة التعليمية على اللقاح المضاد لـ"كوفيد-19".

لغط اللقاح

يشار إلى أن كماً كبيراً من اللغط دائر بين الأطراف الضالعة في العملية التعليمية في شأن تلقي اللقاح المضاد لكورونا. فبين مؤكد بأن كل أعضاء العملية التعليمية من معلمين وإداريين مطالبون بتلقي اللقاح قبل بدء العام الدراسي، ومرجحين أن المطالبة ليست إجبارية، ومنوهين بأن الطلاب سيجري تطعيمهم، وهو ما أدى إلى الكثير من القيل والقال بين جموع أهالي رافضة تطعيم الأبناء وأخرى متسائلة عن نوع التطعيم ومواعيده، أصدرت وزارة التربية والتعليم بياناً قبل أيام جاء فيه أن نسبة العاملين في المديريات التعليمية الذين حصلوا على جرعتي اللقاح 17 في المئة، وأن نسبة من حصلوا على جرعة واحدة 31 في المئة، وأن عدد المسجلين للحصول على التطعيم 54 في المئة، وجارٍ تسجيل أربعة في المئة إضافية. وجاء في البيان أن الوزارة طالبت الجميع، سواء في المدارس الحكومية أو الخاصة، بالإسراع في التسجيل للحصول على اللقاح، مؤكدة أنه لن يسمح للعاملين بدخول مقر العمل إلا بعد تلقي اللقاح وأن انتظام العام الدراسي الجديد يتوقف على نسبة تلقي المعلمين اللقاح!

إلا أن العام الدراسي الجديد بدأ اليوم بينما نسبة المعلمين التي تلقت اللقاح على حالها، وهو ما تسبب في مزيد من اللغط حول تصريحات سابقة لوزيرة الصحة والسكان هالة زايد في شأن خضوع الطلاب للتطعيم. فقد ناشدت زايد جميع العاملين في المنظومة التعليمية وطلاب الجامعات التوجه إلى مراكز الشباب والسيارات المتنقلة لتلقي اللقاح المضاد لكورونا قبل بداية العام الدراسي الجديد، مشيرة إلى أن الوزارة وصلتها "كميات كبيرة جداً" من اللقاح أخيراً، منوهة بأن استخدام لقاح "فايزر" في الفئة العمرية من 16 إلى 18 سنة يقتصر فقط على من تلقى رسالة بموعد التطعيم. كما ذكرت زايد أنه "من الوارد جداً" أن يتم تطعيم طلاب الثانوية العامة من سن 18 سنة في الفترة المقبلة في ظل وجود توجه لتحصين هذه الفئة العمرية.

يشار إلى أن آلاف العبوات من اللقاحات المضادة لكورونا غير المستخدمة وُجِدت أمس إلى جوار ترعة في محافظة المنيا (جنوب مصر). وتحاول جهات التحقيق الكشف عن الحادثة البالغة الغرابة.

عام بلا غرابة

عام دراسي جديد بلا غرابة هو بلا روح. وفي كنف الوباء، ولغط اللقاح، وهوجة الإشاعات نشرت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني قائمة بمصروفات المدارس الحكومية حقناً للقيل والقال في مثل هذا الوقت من كل عام، حيث الفجوة بين الواقع والمأمول تكون عادة كبيرة.

وبحسب القرار الوزاري رقم 119 لعام 2021، فقد تحددت مصروفات المدارس الحكومية كالتالي: رياض الأطفال والصفوف الابتدائية من الأول حتى الرابع 305 جنيهات مصرية (نحو 20 دولاراً أميركياً)، والصفان الرابع والخامس الابتدائي وصفوف المرحلة الإعدادية 205 جنيهات (13 دولاراً)، والصف الأول الثانوي 520 جنيهاً (33 دولاراً)، والصفان الأول والثاني الثانوي 505 جنيهات (32 دولاراً).

كما أعلنت الوزارة أن نسب الزيادة السنوية المقررة في المدارس الخاصة والدولية لا زيادة فيها.

قوائم وتبرعات

وعلى الرغم من حث الوزارة أولياء الأمور على التقدم بشكوى رسمية ضد أي إدارة مدرسة تفرض رسوماً أو زيادات إضافية غير منصوص عليها، فإن بنود "تبرعات الإنشاءات" و"مساعدات الكحول والكمامات والمطهرات" و"مساندات عينية" و"هبات مادية" وغيرها مستمرة على قدم وساق ولكن بقدر أكبر من الخفاء والسرية.

سرية محتويات قوائم المستلزمات لم تعد مطلوبة. فالقائمة الموزعة ورقياً أو المرسلة إلكترونياً من إدارة المدرسة إلى ولي الأمر رأساً، أو بالأحرى صوب حسابه البنكي ما زالت تثير العجب والدهشة لكن أحداً لا يتخذ خطوة فعلية للتعامل مع محتوياتها العجيبة الغريبة المريبة.

كميات هائلة من أطقم ألوان الشمع والخشب والماء، وأنواع محلية وأخرى أجنبية للصلصال ونماذج الحيوانات البلاستيكية المصغرة، أطنان من المحارم الورقية والأكياس البلاستيكية، وأنواع الصابون المختلفة، ومعاطف بيضاء للمعمل، وسبورة بيضاء للاستخدام الشخصي وسوداء للعام، وطباشير للسبورات العادية، وأقلام للسبورات الحديثة، وعلب كاملة من الكمامات والقفازات والمطهرات للأيدي والأسطح، وزيوت مخصوصة لوضعها على شعر الصغار للوقاية من انتقال حشرات الرأس من رأس إلى آخر!

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قائمة الممنوعات

قائمة أخرى، لكنها رسمية، تم تعميمها بين المدارس المصرية قبل بدء العام الدراسي تحوي الممنوعات. تتراوح هذه الممنوعات بين استخدام الهاتف المحمول في حرم المدرسة من قبل المعلم أو الطالب، والتدخين، وتدريس مناهج غير مقررة، والحديث في قضايا سياسية أو حزبية، والدعاية للدروس الخصوصية على جدران المدارس وغيرها.

يشار إلى أن جماعة الإخوان المسلمين المحظورة حالياً أسست العديد من المدارس في مصر على مدى العقود القليلة الماضية. وبموجب أحكام قضائية في السنوات القليلة الماضية، أصبحت هذه المدارس تدار من قبل وزارة التربية والتعليم وسميت بـ"مدارس 30 يونيو"، في إشارة إلى الأحداث الشعبية التي وقعت في عام 2013 وأدت إلى خلع الإخوان من حكم البلاد. ومعروف أن هذه المدارس أسهمت بقدر كبير في زرع ورعاية وتوسيع نطاق فكر الجماعة بين الأجيال المختلفة، بمن فيها قطاعات من المعلمين والمعلمات، ضمن مشروع الجماعة لهندسة المجتمع فكرياً.

ومن هندسة المجتمع فكرياً عبر المدارس، إلى التكسب من المنظومة التعليمية عبر تجريف المدارس أيضاً، تبدأ وزارة التربية والتعليم عاماً دراسياً جديداً ومواجهة منظومة الدروس الخصوصية ضمن عتاد الحرب التعليمية. المنظومة الموازية لنظام التعليم التي ظهرت في السبعينيات، ونمت وتوسعت في الثمانينيات والتسعينيات، وتمكنت وتوحشت وتوغلت حتى الوقت الراهن باتت قائمة بذاتها، وأول من يدافع عنها هم المتضررون أنفسهم.

دروس خصوصية في السراديب

حملة عاتية شهدتها محافظة كفر الشيخ خلال الأيام القليلة الماضية لإغلاق مراكز الدروس الخصوصية وبعضها في سراديب وأسفل عمارات سكنية وكأنها ملاجئ لميليشيات سرية شهدت في الوقت نفسه دفاعاً مريراً، لا من أصحاب المراكز أو المعلمين المنتفعين منها، بل من أولياء الأمور أنفسهم الشاكين الباكين ليلاً ونهاراً من ضعف المنظومة التعليمية وغلاء الدروس الخصوصية.

الوزير طارق شوقي الذي طالما تحدث عن منظومة تطوير التعليم وتحويل جوانب منها إلى المنصات الإلكترونية وعلى رأسها بنك المعرفة المصري، في محاولات حثيثة لتعديل معتنق التعليم من الحفظ والصم والتلقين إلى البحث والفهم والتفكير، قال معلقاً على الحملة ودفاعات الأهالي عن مراكز الدروس الخصوصية، "البعض يلومون الوزارة ويسألون عن تطوير التعليم وكأننا نحن (الوزارة) من نرسل أبناءهم للدروس الخصوصية". وأكد شوقي أن الطلاب يذهبون إلى الدروس الخصوصية بمحض إرادتهم وتشجيع ذويهم، على الرغم من أن ما يوفره نظام التعليم المصري في ضوء التطوير الحادث يفوق ما تقدمه الدروس الخصوصية.

أسطورة الجغرافيا

يوم أمس خلت جدران المدارس من إعلانات عن "أسطورة الجغرافيا" و"ملك الاقتصاد" و"سيبويه اللغة العربية" و"خالد عبد المعز اسم صنعه التاريخ ليدرس التاريخ" و"جابر بن حيان الكيمياء مستر عبد المعبود" وغيرها. لكن مواقع الإنترنت الإعلانية وصفحات "فيسبوك" وحسابات "تويتر" و"إنستغرام" وقنوات "يوتيوب" وغيرها عامرة بكل ما لا يلذ أو يطيب من صنوف إعلانات الدروس الخصوصية.

"غروبات الماميز"

خصوصية العام الدراسي الجديد في مصر لا تخلو أبداً من طرافة. فقبل ساعات بدأ العام الدراسي الجديد. وبينما العام الدراسي يبدأ، والسلام الوطني يُعزف، وطلاء الجدران وسيراميك الحمامات لم تجف بعد إذ بـ"غروبات الماميز" تشمر عن أكمامها وتسن أسنانها وتدق بأناملها على الشاشات، معلنة رفض هذا المنهج ومطالبة بتغيير مواعيد اليوم الدراسي ومعترضة على "مس شيماء" معلمة الكيمياء، ومستسفرة باستياء عن موعد تسليم كتب الفيزياء، ومنددة باستعلاء بما صرح به المسؤولون من أنه لا تأجيل للعام الدراسي إلا في حال جد جديد خطير في شأن كورونا.

وفي المقابل، قال وزير التربية والتعليم، طارق شوقي، قبل أيام أثناء اجتماع مع المجلس الأعلى للأمناء والآباء والمعلمين، إن المجلس هو الممثل الشرعي لآراء أولياء الأمور والمعلمين. يشار إلى أن العديد من "غروبات الماميز" بالإضافة إلى "غروبات المعلمين" ويقدر عددها ببضعة آلاف بينها وبين الوزارة "ما صنع الحداد". فالشكوى والتنظير ورفض التطوير وانتقاد التحديث والمطالبة والتنديد بكل ما يصدر عن الوزارة من قرارات وإجراءات سمة العديد من هذه "الغروبات"، بالإضافة إلى كونها أحد المصادر الرئيسة اليومية للأخبار المفبركة سواء بالابتكار أو إعادة النشر والمشاركة.

الداء والدواء

واتباعاً لمبدأ "داوها بالتي كانت هي الداء"، بادرت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني بتخصيص برنامج عنوانه "غروب الماميز" على قناة "مدرستنا" التي أطلقتها الوزارة منصة تعليمية وتربوية. هدف البرنامج المعلن هو تقديم النصيحة التعليمية والتربوية للأمهات والآباء، واستضافة المناقشات التي تصب في مصلحة الأبناء والبنات بعيداً عن الإشاعات والأكاذيب والقيل والقال.

صباح اليوم، قالت "غروبات الماميز" إنه تم إلغاء طابور الصباح، فتم النفي الآني. ثم ورد على "الغروبات" ذاتها أن اليوم الدراسي سينتهي في الساعة الـ11 صباحاً، وعاودت الوزارة النفي، ولكن بعد ذلك رجح المعلقون أن الخبر على الأرجح كاذب بمناسبة العام الدراسي الجديد.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات